الاستبيان تم إجراؤه من قبل معهد "لازار" للأبحاث الخاصة وشمل عينة عشوائية تتألف من 505 إسرائيليين، وكان هناك هامش خطأ بلغ 4.3 في المئة، ونشرت نتائج هذا الاستبيان في صحيفة "معاريف" العبرية مؤخرا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه "بعد الزيارة التاريخية لوزير السياحة حاييم كاتس إلى المملكة العربية السعودية، وزيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، والإعلان الرسمي الأمريكي عن إعفاء الإسرائيليين من تأشيرة، تشهد الخارطة السياسية تغييرًا جديدًا.
ومع ذلك، يبقى نتنياهو على موقع هش من الناحية السياسية، حيث من المتوقع أن يواجه صعوبة في تشكيل حكومة إذا تمت الانتخابات اليوم، نظرًا لتراجع مكانة الأحزاب التي تشكل حكومته. ورغم أن شعبية حزبه "الليكود" قد تحسنت قليلاً مؤخرًا، فإن تراجعًا طفيفًا في الأسابيع السابقة قد يجعل من الصعب عليه تشكيل حكومة جديدة.
شعبيّة سياسيّة متراجعة
شهدت شعبية حكومة نتنياهو تراجعًا كبيرًا بعد طرح حزمة قوانين التعديلات القضائية المثيرة للجدل، تُعتبر هذه التعديلات مصدرًا للجدل الكبير، حيث تروج الحكومة لها كوسيلة لتحقيق التوازن بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، بينما ترى المعارضة أن هذه التعديلات تهدف إلى تقويض استقلالية القضاء وتحويل الكيان إلى نظام ديكتاتوري.
ووفقًا لنتائج الاستطلاع، يُتوقع أن يتساوى حزب "الليكود" الحاكم مع حزب "الوحدة الوطنية"، الذي يقوده وزير الدفاع السابق بيني غانتس، بحصول كل منهما على 28 مقعدًا من أصل 120 مقعدًا في الكنيست، ويرجى ملاحظة أنه لا توجد مؤشرات على إجراء انتخابات قريبة في" إسرائيل" رغم هذه النتائج.
وفي الأسابيع السابقة، أظهرت استطلاعات أجرتها "معاريف" تقدمًا متوقعًا لحزب "الوحدة الوطنية" على حزب "الليكود" في حال إجراء انتخابات في ذلك الوقت، حيث من المتوقع أن يحصل "الوحدة الوطنية" على 31 مقعدًا مقابل 26 مقعدًا لحزب "الليكود".
وعلى الجانب الآخر، شهد حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، الذي يتزعمه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، تراجعًا حيث حصل في الاستطلاع الأخير على 4 مقاعد فقط، بالمقارنة مع 6 مقاعد يحتلها حاليًا.
وإضافة إلى ذلك، من المتوقع أيضًا أن يشهد حزب "هناك مستقبل" الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق يائير لابيد تراجعًا إلى 17 مقعدًا في حال إجراء الانتخابات، بالمقارنة مع الـ 24 مقعدًا الذين يحتلهم حاليًا.
ويُذكر أن حزب "الليكود" حصل على 32 مقعدًا في الانتخابات التي جرت في نهاية عام 2022، فيما حصل حزب "الوحدة الوطنية" على 12 مقعدًا في تلك الانتخابات، وبناءً على هذه التوقعات، يبدو أن حزب "الوحدة الوطنية" يتقدم على حساب حزب "الليكود" وحزب "هناك مستقبل"، فيما تحتفظ باقي الأحزاب بمكانتها الحالية في الكنيست.
وعلى الرغم من تحسن مكانة حزب "الليكود" ورئيس الوزراء نتنياهو، إلا أن نتائج استطلاع "معاريف" تشير إلى أنه إذا ما جرت الانتخابات اليوم، سيحصل معسكر الأحزاب المعارضة على 66 مقعدًا في الكنيست مقابل 54 مقعدًا لمعسكر نتنياهو.
معسكر نتنياهو يضم حزبه "الليكود" إضافة إلى عدد من الأحزاب اليمينية والدينية، بما في ذلك "شاس" و"يهودوت هتوراه" و"الصهيونية الدينية" و"القوة اليهودية"، وفي الانتخابات السابقة، حصل معسكر نتنياهو على مجموع 64 مقعدًا من إجمالي مقاعد الكنيست.
ويجب الحصول على تأييد 61 عضوًا في الكنيست لتشكيل حكومة. ويُشار إلى أن رئيس الوزراء نتنياهو التقى بالرئيس الأمريكي في نيويورك خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 أيلول.
وفي السياق المتعلق، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن موافقتها على إعفاء المواطنين الإسرائيليين من تأشيرة الدخول إلى أراضيها.
وفي اليوم السابق، أعلنت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية وصول وزير السياحة الإسرائيلي، حاييم كاتس، إلى العاصمة السعودية الرياض برفقة وفد من المشاركين في مؤتمر منظمة السياحة التابعة للأمم المتحدة، ولم تصدر الرياض تعليقًا فوريًا بخصوص هذه الزيارة.
نتنياهو يخسر الشارع الإسرائيليّ
بنيامين نتنياهو هو سياسي إسرائيلي شغل منصب رئيس الوزراء في "إسرائيل" في عدة فترات، وخلال فترات إدارته شهدت الأراضي الفلسطينية والمنطقة عمومًا العديد من التطورات والأحداث المثيرة للجدل، ووجهت إليه العديد من الاتهامات والانتقادات فيما يتعلق بسياسته وأفعاله وتأثيره على الأوضاع في المنطقة، ومن بين الاتهامات التي وجهت إلى نتنياهو، اتهم بالسماح بزيادة الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما تسبب في تصاعد التوترات وانعدام الثقة بين الأطراف المعنية، وهو ما يعارض القوانين الدولية ويعتبر عائقًا لعملية السلام.
كما وجهت له انتقادات حادة بسبب عمليات عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث اتهم بالسماح بالقوة المفرطة واستخدام العنف ضد المدنيين الفلسطينيين، ما أدى إلى انتهاكات حقوق الإنسان وإلحاق الأضرار بالبنية التحتية والممتلكات الفلسطينية، وبصفة عامة، يعتبر نتنياهو شخصية سياسية مثيرة للجدل، حيث تعبّر هذه الاتهامات والانتقادات عن مواقف مختلفة بشأنه وبشأن السياسات التي تبناها خلال فترات إدارته.
بنيامين نتنياهو تم اتهامه بالعديد من السياسات والأفعال التي يُعتقد أنها تناقض مبدأ حل الدولتين وحقوق الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وواجه انتقادات حادة بسبب عدم التزامه بتقديم العدالة للضحايا الفلسطينيين وضمان حقوقهم، تلك الاتهامات جعلته موضوعًا لانتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي.
منظمات حقوق الإنسان وجهت دعوات إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضده وضد حكومته بهدف وقف تلك الممارسات وتحقيق العدالة. يُؤمن الناقدون أن تحقيق حرية واستقلالية الشعب الفلسطيني وضمان حقوقهم يتطلب التزامًا أقوى بمبدأ حل الدولتين والعمل من أجل حل سلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
بنيامين نتنياهو واجه أيضًا اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية للفلسطينيين فيما يتعلق بسياسته وممارساته السياسية، وتلك الاتهامات تشكل مصدر جدل واسع وتجعل نتنياهو موضوعًا لانتقادات دولية ومحلية من قبل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، وبنيامين نتنياهو واجه أيضًا اتهامات بالفساد والتلاعب بالقانون واستغلال منصبه لمصالحه الشخصية.
أسباب انعدام الثقة برئيس الوزراء
تراجع شعبية بنيامين نتنياهو في "إسرائيل" يمكن أن يُرتبط بعدة عوامل، أولها سياسة الاستيطان ويعتبر البعض أن سياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية تعرقل فرص التوصل إلى حل سلمي مع الفلسطينيين وتجلب انتقادات دولية، وتضع هذه السياسة الكيان الإسرائيلي تحت ضغط دولي وتهديدات بالعزل الدبلوماسي،
وتحديات أمنية وإقليمية، حيث تواجه "إسرائيل" تحديات أمنية معقدة، بما في ذلك التوترات مع المقاومة المسلحة في المنطقة والتهديدات الإقليمية.
يمكن أن يرى المستوطنون أن نتنياهو يصعد في طريقة التعامل بشكل فعال مع هذه التحديات وتحقيق الاستقرار الأمني، إضافة إلى التحديات الخارجية، يمكن أن يكون هناك ضغوط داخلية على نتنياهو من جماعات وأحزاب داخل الكيان الإسرائيلي ترى أن سياسته ليست كافية أو فعالة في حماية مصالح الكيان.
وإضافة إلى العوامل السياسية والأمنية، تلعب القضايا الاقتصادية والاجتماعية دورًا مهمًا في تراجع شعبية بنيامين نتنياهو في الكيان.
إليكم بعض النقاط المتعلقة بهذا الجانب، ويعتبر ارتفاع تكاليف المعيشة في الكيان أمرًا حساسًا للغاية، حيث يواجه الإسرائيليون تحديات كبيرة في مجالات مثل الإسكان وتكاليف التعليم والرعاية الصحية.
يُعتبر عدم توافر السكن بأسعار معقولة واحدة من أبرز القضايا التي تواجهها الشعب الإسرائيلي، ويمكن أن يؤثر البطالة وضعف الاقتصاد على تصوُّر الجمهور لأداء الحكومة والقيادة، في حالة تدهور الوضع الاقتصادي، قد تتزايد المطالبات بإجراءات اقتصادية أكثر فعالية وتوجهات جديدة.
وقد شهدت "إسرائيل" مظاهرات واحتجاجات اجتماعية تعبر عن توجهات الشعب ومطالبه، هذه الاحتجاجات يمكن أن تضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات تلبي تلك المطالب، وبعد فترة طويلة من استمرارية القيادة بنيامين نتنياهو، يمكن أن يرغب الجمهور في تغيير الوجوه القيادية وتجديد الساحة السياسية، هذا يمكن أن يعكس رغبة في إحداث تغييرات سياسية واقتصادية.
بشكل عام، تُظهر هذه القضايا الاقتصادية والاجتماعية تحديات إضافية تواجه حكومة "إسرائيل" وتسهم في تراجع شعبية نتنياهو.
ومن المعروف أن أسلوب القيادة له تأثير كبير على السياسة والمجتمع، وبنيامين نتنياهو لم يخلُ من الجدل في هذا الصدد. ويعتبر نتنياهو مسؤولًا عن زيادة الانقسام والاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي.
يُلقي البعض باللوم على أسلوبه الحاد والمثير للجدل في التعامل مع القضايا السياسية والاجتماعية، ما أدى إلى تقسيم الشعب إلى معسكرين متضاربين، وتم توجيه اتهامات لنتنياهو بالتقليل من دور المؤسسات الديمقراطية وزيادة سيطرته على السلطة، كما يُعتقد أنه قوض استقلال القضاء وقيمة المؤسسات الديمقراطية بشكل عام من خلال تدخلاته في العمل القضائي والتحقيقات.
وانتقد كثيرون نتنياهو على الصعيدين الإقليمي والدولي، ويرون أن نهجه في التعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتصاعد العنف قد أثر سلبًا على العلاقات الدولية للكيان وتسبب في توترها مع الحلفاء الرئيسيين، وانتقدت المنظمات الدولية نتنياهو بسبب التوترات الدائمة والأحداث الدموية في المنطقة، ورأوا أن سياسته قد زادت من تدهور صورة الكيان عالميًا وأنها ساهمت في تفاقم توترات الشرق الأوسط.