واضافت الهيئة ان كل الذين اعتقلوا أو أعدموا لم يُعهد عنهم قط أنهم رفعوا سلاحاً في وجه السلطة الفلسطينية أو مؤسساتها؛ بل سلاحهم موجَّه في نحرعدو المسلمين المحتل لأرضهم المنتهك لحرماتهم؛ وهذه الأجهزة بذلك تنوب عن الاحتلال الصهيوني الذي كان يقوم بهذه المهام فيما مضى من الأيام.
وبين علماء الهيئة جملة من الحقائق الشرعية التي لا بد من الإحاطة بها وهي:
أولاً: إن من أهم الواجبات الشرعية على الفصائل الفلسطينية الحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني في مقاومة عدوان الاحتلال الصهيوني المستمر، وإن أهم واجب شرعي على أي سلطة أن ترعى مصالح الشعب وفق مقاصد الشرع فإن كان عملها ضد مصالح الناس وبما يخالف مقاصد الشرع فلا شرعية لها، والواجب على الفصائل والجهات والعائلات الفلسطينية نبذ الأجهزة الأمنية التي تصر على التنسيق مع الاحتلال والتجسس لصالحه والنيابة عنه لتحقيق أهدافه ورفع الغطاء عنها وعن منسوبيها.
ثانياً: إن ما تقوم به هذه الأجهزة إنما يجتمع فيه أمران كلاهما محرَّم، وهما العدوان المباشر على الشعب الفلسطيني المسلم بعامة ومجاهديه خاصة، في دمائهم وأعراضهم وأموالهم، ثم موالاة العدو الصهيوني وتمكينه من رقاب المجاهدين، وحفظ أمنه وحمايته بمنع أي بادرة مقاومة له، والتجسس لصالحه، بما ينتج عنه الفتُّ في عضد المجاهدين وتقوية أعدائهم، وقد قال ربنا { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} (سورة المائدة : الآيتان: 51-52)
ثالثاً: يؤكد العلماء حق المجاهدين الشرعي في الدفع عن أنفسهم ورد الصيال عنهم، ويرتقي ذلك في قول جمهور العلماء إلى الوجوب، دون نظر إلى شخص الصائل أو جنسيته أو دينه، لا سيما إذا كان هذا الصيال يأتي في سياق خدمة العدو وتمكينه والقضاء على الجهاد والمجاهدين. فقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قُتِل دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ) (أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والترمذي في جامعه وأحمد في مسنده) وَقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَشَارَ بِحَدِيدَةٍ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - يُرِيدُ قَتْلَهُ - فَقَدْ وَجَبَ دَمُهُ) (أخرجه أحمد في مسنده 6/ 266)
رابعاً: وأما العاملون في هذه الأجهزة الأمنية التي تلاحق المجاهدين وتضيِّق عليهم؛ فإنه يحرم عليهم الاستمرار في هذا العمل الأثيم، لأن الله تعالى قال { وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (سورة المائدة: الآية 2) ويجب عليهم ترك هذا العمل، فمن تاب تاب الله عليه، بل عليهم أن ينضموا بسلاحهم إلى إخوانهم لمقاتلة أعدائهم ومن تعاون معهم، والحسنات يذهبن السيئات.