وفي هذا السياق، قالت وزارة الصحة الفلسطينية: إن جيش الاحتلال الصهيوني طالب مستشفيات "كمال عدوان والإندونيسي والعودة" شمال قطاع غزة بالإخلاء من الطواقم الطبية والمرضى، موضحة أن الجيش هدد بـ"القتل والتدمير والاعتقال" على غرار ما حدث مع مستشفى الشفاء.
وكان جيش الاحتلال قد بدأ الإثنين بتهجير الفلسطينيين من 3 بلدات شمال قطاع غزة، في خطوة تبدو تطبيقا غير معلن لـ"خطة الجنرالات" التي تهدف لتفريغ شمال القطاع وفرض حصار مطبق عليه تمهيدا للاستيطان فيه.
رد فعل حماس
عقب استمرار الهجمات الوحشية التي يشنها النظام الصهيوني على المستشفيات والمراكز الصحية بغزة وتحذير جيش الاحتلال بإخلاء مستشفيات كمال عدوان الإندونيسية والعودة التي تؤوي عددا كبيرا من المرضى والنازحين والطواقم الطبية، أصدرت حركة حماس الفلسطينية بيانا أعلنت فيه أن تحذير الجيش الصهيوني بإخلاء هذه المستشفيات هو استمرار للعدوان العسكري شمال قطاع غزة، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية وفي إطار مساعي العدو الإجرامية لتنفيذ مخططات التهجير ضد الفلسطينيين.
وأضاف الشعب الفلسطيني: إن هذا التهديد الإرهابي الذي تتعرض له المستشفيات مع إخلائها وتعرضها للقصف والعدوان والاستهداف المباشر، يعني الحكم بالإعدام على آلاف المرضى والجرحى من النساء والأطفال والشيوخ، وإن هذا التهديد الإرهابي يتطلب تحركاً جدياً من الأمم المتحدة وكل المؤسسات الدولية، وعليها التحرك الفوري لمنع هذه الجريمة واتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية المراكز الطبية والمستشفيات والمرضى واللاجئين والطواقم الطبية، كما أن هذه المؤسسات ملزمة بمحاولة توفير الوقود للمعدات والمستلزمات الطبية التي تحتاجها المستشفيات والمراكز الطبية في غزة.
ويضيف هذا البيان: عدوان جيش الاحتلال على أهلنا في الشمال قطاع غزة، وخاصة في جباليا ومخيماتها، والقصف المستمر على منازل المواطنين ومراكز ومستشفيات النازحين، لا أحد يستطيع أن يكسر إرادة الشعب الفلسطيني الصابر والصامد ومقاومته الباسلة، والذي صمد وصولاً إلى موجات متتالية من العمليات الإرهابية التي يقوم بها جيش الاحتلال، دون التراجع عن موقفها.
وشددت حركة حماس على أن الشعب الفلسطيني لن يفقد حقوقه المشروعة في الحرية وتقرير المصير.
بعد عام من الحرب
في عام كامل من الهمجية والنازية الصهيونية وفي استهانة الاحتلال الصهيوني بالمجتمع الدولي تعرضت عشرات المؤسسات الصحية للأضرار، واستشهد أكثر من 986 من الكوادر الصحية وأصحاب التخصصات الطبية، واعتقل 310 على الأقل.
وفي الذكرى الأولى لاندلاع الحرب على غزة ذكر وزير الصحة الفلسطيني أن الاستهداف المستمر من قبل الاحتلال للمستشفيات والمراكز الصحية أدى إلى خروج نحو 23 مستشفى من أصل 38 مستشفى حكومياً وأهلياً عن الخدمة، بينما تعمل 15 مستشفى منها بشكل جزئي في الوقت الحالي".
وأشار إلى أن "80 مركزا صحيا من أصل 90 دمرت بالكامل بفعل الاستهداف الإسرائيلي، وخرجت عن الخدمة، فضلاً عن تدمير أكثر من 130 سيارة إسعاف"، وأوضح أن هذه الأضرار تؤثر بشكل سلبي على الخدمات الطبية، "حيث يقتل أبناؤنا وأطفالنا في الشوارع دون علاج ورعاية طبية".
وأضاف البرش إن تدمير المستشفيات والمراكز الصحية تسبب بانتشار أوبئة أصابت غالبية أهالي القطاع، وخاصة النازحين في المخيمات بمناطق الجنوب، وأشار إلى أن الأوبئة المنتشرة في قطاع غزة تشمل شلل الأطفال والسحايا والأمراض الجلدية بمختلف مسمياتها.
وعن الموارد الطبية، قال: "هناك نقص في الموارد والمستلزمات الطبية وحتى الطواقم الصحية العاملة في قطاع غزة"، وذكر أن نزوح الأطباء القسري إلى الجنوب واعتقال الجيش الإسرائيلي آخرين فرض واقعا صعبا على مستشفيات القطاع.
وتابع: "الجرحى في قطاع غزة يحتاجون إلى عمليات تأهيل وزراعة أطراف لم تنجز بسبب الإمكانيات المحدودة".
ومن أبرز المستشفيات المدمرة مستشفى الشفاء الذي تم اقتحامه أكثر من مرة من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، المشفى الذي كان رمزًا للرعاية الصحية في غزة تحول إلى خراب ودمار، حيث أتلفت الحرائق مبانيه، وأثر الدمار الشامل سلبا على البنية التحتية والخدمات الطبية في المنطقة، ومن المشافي الأخرى مستشفى أصدقاء المريض ومستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة والمستشفى الأندونيسي ومستشفى الأمل وناصر والكثير غيرها.
استراتيجية تهجير
أوامر الإخلاء المتكررة سواء للمستشفيات أو لمراكز الإيواء ما هي إلا استراتيجية تهجير واضحة تنصب في محاولات كيان الاحتلال الصهيوني دفع الفلسطينيين للهجرة والنزوح لمناطق جنوب قطاع غزة بعد عام من الصمود بالشمال وخسارتهم منازلهم وأعمالهم وحياتهم، إلا أن أهالي المنطقة يثبتون أن تهجيرهم من أرضهم أمر "بعيد المنال" وسط إصرارهم على البقاء، مرددين أنهم "لن يخرجوا من أماكن سكنهم في الشمال إلا نحو السماء".
العقل الغربي الصهيوني
ينظر العالم الغربي إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي وهو يدمر غزة وجنوب لبنان والضاحية الجنوبية ويركز بشكل خاص على استهداف البنى التحتية والمنظومة الصحية للمدن ولا يحرك ساكنا، بل يشجعها ويمدها بالأسلحة. كيف نفهم ذلك من الناحية الفكرية والفلسفية والثقافية في العقل الغربي؟
لفهم الموقف الغربي من دعم هذا الكيان النازي في ذلك، وتحليل هذا السلوك من الناحية الفكرية والفلسفية والثقافية، يمكن النظر إلى عدة عوامل مترابطة تسهم في تشكيل هذا الموقف، وهي تتداخل بين السياسة، التاريخ، الثقافة، والإدراك الغربي للأزمات في الشرق الأوسط، وهذه العوامل تشمل ما يلي بشكل خاص الموروث الاستعماري والعنصرية البنيوية التي تشكل نظرة متجذرة تقوم على الهيمنة والتحكم في "الآخر" غير الأوروبي، وخاصة العالم الإسلامي والعربي، ومن ناحية أخرى لطالما امتلك العالم الغربي تاريخا طويلا في رؤية الشرق الأوسط من خلال عدسة استشراقية، تصور المنطقة على أنها متخلفة وغير متحضرة وتحتاج إلى توجيه غربي، يمكن أن يؤدي هذا المنظور إلى نقص في التعاطف والتعامل بإنسانية والفهم لتجارب العرب والفلسطينيين.
ناهيك عن التحالفات الاستراتيجية والمصالح التي ينظر إليها الغرب على أنها الأهم ولو تمت إبادة كل المسلمين والعرب فهو أمر غير مهم بالنسبة لهم أمام مصالحهم وتحالفاتهم الاستراتيجية ويُعتبر الشرق الأوسط منطقة حيوية لأمن الطاقة العالمي، والموقع الإستراتيجي الذي زرعت فيه الدول الغربية كيان الاحتلال في المنطقة وجعلتها قوة عسكرية كبيرة شكلت ملاذاً لها للحفاظ على نفوذها في المنطقة.