حيث أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أمس، وللمرة الأولى، إسقاط مروحية إسرائيلية متقدمة بصاروخ سام-18 المضاد للطائرات.
كما نفّذ مقاتلو هذه المجموعة 13 عملية، من بينها كمائن وتفجير ألغام واشتباكات مباشرة واستهداف سيارات بالرصاص المضاد للدروع، في الـ 24 ساعة الماضية.
وحسب بيان القسام، فإن قوات المقاومة نجحت في استهداف 26 مدرعة عسكرية للكيان الصهيوني في مدينتي الدرج والتفاح بمدينة غزة، وقتل ما لا يقل عن 15 جنديًا صهيونيًا، خلال الـ 48 ساعة الماضية.
علاوةً على ذلك، قدمت "القسام" خلال الأيام الماضية بعضاً من معداتها العسكرية الأخرى، وأعلنت عن استخدام صواريخ "RPO-A" المضادة للتحصينات، كما أكد الجيش الصهيوني اكتشاف بعض الأسلحة صينية الصنع، وخاصةً بندقية القنص الصينية المتطورة.
في هذه الأثناء، اعترف بنيامين نتنياهو مؤخراً بأن حماس تستطيع مواصلة هجماتها الصاروخية على الأراضي المحتلة لسنوات، حتى على الرغم من الحرب الأخيرة.
وكل هذه الأدلة تشير إلى ثراء الترسانة العسكرية لحماس بعد اقتراب الشهر الثالث من الحرب، وهو ما يثير الشكوك حول ادعاءات الصهاينة بشأن إمكانية إضعاف وتدمير القوة العسكرية لحماس، من خلال مواصلة العمليات البرية لعدة أشهر أخرى.
تطور مهم
أثناء التصدي للعملية العسكرية الصهيونية في غزة، وبعد أن تمكنت كتائب القسام من تدمير دبابات الميركافا، بما في ذلك أحدث نموذج لهذه الدبابة، أي الميركافا 4 وباراك، بصواريخ الياسين 105 الأصلية (نسخة مطورة من صاروخ تانديم الروسي)، وخلق تحدٍ خطيرٍ للتقدم البري للجيش الإسرائيلي، الآن مع استخدام صواريخ "سام-18" المضادة للطائرات، وصواريخ "RPO-A" المضادة للتحصينات، يمكن القول إن مرحلةً جديدةً من الحرب قد بدأت، وخاصةً أن المروحيات الإسرائيلية ستصبح هدفاً سهلاً من الآن فصاعداً.
وفي هذا السياق، أعلنت كتائب القسام، الأربعاء الماضي، استهداف مروحيتين إسرائيليتين، الأولى في منطقة السفطاوي والثانية شرق مخيم جباليا، بصاروخين من طراز سام 18.
ومن المؤكد أن هذا الحدث وإدخال كتائب القسام للسلاح الجديد المضاد للطائرات، يشكل تطوراً مهماً في الوضع القتالي وتحدياً خطيراً لجيش الاحتلال، الذي حاول حتى الآن تعويض إخفاقاته على الساحة الميدانية باستخدام التفوق الجوي المطلق.
وفي الأسبوع الماضي، اضطر الجيش الصهيوني إلى سحب لواء جولاني من ساحة المعركة، وحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن الضغط العملياتي الناجم عن وقف التقدم في غزة، دفع هذا الکيان إلى اتخاذ عدة إجراءات غير تقليدية، بما في ذلك استدعاء الطيارين المتقاعدين للقيام بعمليات جوية في غزة، وبناءً على ذلك، استدعى الجيش طيارين تتراوح أعمارهم بين 55 و60 عاماً لتولي المناصب العملياتية.
بالإضافة إلى ذلك، كشف الإعلام الإسرائيلي أن سلاح الجو الإسرائيلي طلب من طياريه العاملين التحليق لساعات أطول، لدعم المهام القتالية والاستطلاعية، ونتيجةً لذلك، لا يغادر بعض الطيارين قمرة القيادة لمدة أربع ساعات متواصلة.
كما أن الاعتماد على العمليات الجوية، دفع الکيان الإسرائيلي إلى مطالبة الولايات المتحدة بشراء مروحيات هجومية جديدة من طراز أباتشي، خلال زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى الکيان الإسرائيلي الأسبوع الماضي، حسب ما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية، لكن واشنطن عارضت هذا الطلب.
وهذا الموضوع، بالنظر إلی أن الولايات المتحدة قدمت الدعم العسكري للکيان الإسرائيلي خلال العمليات البرية بكل قوتها، وسمحت عبر الجسر الجوي بإرسال أسلحة وقنابل محظورة إلى الأراضي المحتلة، أثار تكهنات بأن مسؤولي البنتاغون يشعرون بالقلق من إسقاط مروحيات أباتشي الهجومية من قبل المقاومة، وتأثير تكرار هذا الحدث في الأيام المقبلة على سوق مبيعاتها، ولهذا السبب عارضوا إرسال المزيد من هذه الأسلحة إلى الکيان الإسرائيلي.
كابوس أباتشي: "سام 18" و"PRO-A"
لكن في هذه الأثناء، وبالإضافة إلى استخدام منظومة "سام-18"، تمكنت كتائب القسام من إيقاع العديد من القتلی والجرحى في صفوف قوات الکيان الصهيوني، باستخدام الصاروخ الروسي المضاد للتحصينات "RPO-A" في منطقة جباليا.
يصنَّف صاروخ سام-18 ضمن مجموعة الصواريخ المضادة للطائرات، ويتم إطلاق هذا الصاروخ من علی الکتف ويبلغ مداه حوالي 5000 متر، ويمكنه إصابة الأهداف الجوية القريبة بدقة، ويُعرف صاروخ "سام-18" في روسيا باسم "Igla 9"، وتصل سرعته إلى 600 متر في الثانية.
وتشير معلومات هذا الصاروخ أيضًا، إلى أن هذا النظام الصاروخي يستخدم الأشعة تحت الحمراء، لكشف البصمة الحرارية المنبعثة من محركات الطائرات، وبعد الإطلاق، يقوم الباحث بالأشعة تحت الحمراء بمسح المجال الجوي بشكل مستمر، بحثًا عن العلامة الحرارية للهدف، وعندما يستقر الباحث على الهدف، يقوم الصاروخ بتعديل مساره ليضربه مباشرةً.
إن الكشف عن استخدام صواريخ سام 18، في الوقت الذي يزعم فيه الجيش الإسرائيلي أن مرحلةً جديدةً من الحرب ستبدأ في الأيام المقبلة، ويتم فيها استخدام مروحيات أباتشي لدعم القوات البرية، يرسل إشارةً إلى أن المقاومة مستعدة مسبقاً لجولة جديدة من الحرب، وإلحاق هزيمة استراتيجية بالکيان الإسرائيلي.
ومن ناحية أخرى، فإن استخدام صواريخ سام 18 سيؤثر على العملية الجوية لنقل الجرحى الإسرائيليين في الحرب، ويتيح للمقاومة إيقاع المزيد من القتلی في صفوف الصهاينة.
ويرى محمد المقابة، الخبير العسكري والاستراتيجي الأردني، في حوار مع "الخليج أونلاين": إن إدخال منظومة "سام-18"، يعني أن "مروحيات الاحتلال ستخرج من نطاق إطلاق الصواريخ، وهذا يعني فقدان القدرة على دعم قوات المشاة، أو تنفيذ العمليات وفق الخطة".
صاروخ "PRO-A" هو نوع آخر من الصواريخ الروسية التي تطلق من علی الکتف، والتي دخلت الخدمة عام 1984، وخلال حرب أفغانستان، أطلق عليه لقب "سلاح الشيطان"، وهو يشبه صاروخ M72 LAW المضاد للدروع، والذي يستخدم لمهاجمة الخنادق واستهداف المشاة والتحصينات.
بندقية القنص M-99
لكن بالإضافة إلى إزاحة الستار عن صواريخ جديدة، حملت كتائب القسام مفاجأةً أخرى للجيش الصهيوني.
حيث أعلنت كتائب القسام، مساء السبت 30 ديسمبر، أن قناصًا من هذه الکتائب تمكن من استهداف جندي صهيوني بسلاح ثقيل من طراز "إم 99"، في منطقة "الشيخ عجلين" بمدينة غزة.
وذكر موقع "Gun Wiki"، أن سلاح M-99 تم تطويره استجابةً لطلب جيش التحرير الشعبي الصيني، وهو سلاح مضاد للمعدات مزود برصاص من العيار الثقيل 12.7×108 ملم.
وحسب هذا الموقع، يستطيع M-99 تدمير هدف على مسافة 1600 متر خلال ثانيتين، أي قبل 2.7 ثانية من وصول صوته إلى الهدف، ويبلغ طول هذه البندقية متراً ونصف المتر، ووزنها الفارغ حوالي 12 كيلو جراما.
ويعتبر هذا السلاح الصيني من أفضل وأحدث البنادق المستخدمة للقنص حول العالم، وله القدرة على تركيب مجموعة متنوعة من التلسكوبات ونظارات الرؤية الليلية، بالإضافة إلى العدسات الثابتة بقدرة تكبير 10 مرات، أو العدسات ذات القوى المتغيرة حتى 22 مرة.
إن كيفية وصول هذه الأسلحة، وخاصةً بندقية القنص الصينية، إلى أيدي فصائل المقاومة في غزة، وحتى ما هي أنواع الأسلحة الأخرى التي تمتلكها هذه الفصائل والتي لم تكشف عنها بعد، هي أسئلة تشغل الآن أذهان المسؤولين العسكريين والسياسيين الصهاينة.
لقد غيّر الجيش الصهيوني خلال الأيام الماضية مسار عملياته العسكرية، للسيطرة على الخطوط الحدودية بين غزة ومصر، المعروفة بمحور فيلادلفيا، بهدف تدمير خط الإمداد المحتمل للمقاومة، من خلال تدمير الأنفاق المحتملة بين غزة ومصر، وهو الأمر الذي يشير إلی أن الحفاظ على القدرات التسليحية للمقاومة بعد حوالي ثلاثة أشهر من الحرب، قد أربك وأزعج السلطات العسكرية والسياسية الصهيونية.
وحسب الخبراء، فإن إدخال أسلحة جديدة في خضم المعركة، يعني تکذيب الدعاية السياسية والإعلامية للکيان بشأن مسار الحرب، وحسب واصف عريقات، الخبير العسكري والاستراتيجي الفلسطيني، فإن "استخدام أنواع جديدة من الأسلحة المتطورة"، هو دليل على قدرة المقاومة الفلسطينية.