وكتب كريستوفر تشيفيس، الباحث في مؤسسة كارنيغي، في تحليل نشرته صحيفة الغارديان: "منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أصيب العالم بالرعب من الحرب الرهيبة بين إسرائيل وغزة، لكن الحرب يمكن أن تستمر".
وتطلق قوات أنصار الله في اليمن منذ عدة أسابيع صواريخ على السفن التجارية والبحرية وباتجاه جنوب "إسرائيل"، كما استخدمت طائرات دون طيار، وتزايدت الضغوط على إدارة بايدن لوقف هذه الهجمات، ويرى المؤيدون لفكرة ضرورة القيام بعمل عسكري أمريكي لمواجهة أنصار الله أن مثل هذا العمل سيحول دون نشوب حرب أكبر، ومع ذلك، إذا ذهبت الولايات المتحدة إلى أبعد من ذلك، فقد ينتهي بها الأمر إلى حرب هي في أمس الحاجة إلى تجنبها.
وتحاول الولايات المتحدة تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا والسيطرة على شرق آسيا وبحر الصين الجنوبي، ويحدث هذا في لحظة حرجة للأمن العالمي، وستكون تأثيراتها الإقليمية والعالمية حتمية وقد تستمر لعقود من الزمن، ما يدفع الولايات المتحدة إلى العودة إلى صراعات واسعة النطاق لا يمكنها تحمل تكاليفها.
ويسيطر أنصار الله على جزء كبير من اليمن، بما في ذلك عاصمة ذلك البلد، إنهم معادون بشدة لـ"إسرائيل" والمملكة العربية السعودية وأمريكا.
وتهاجم وحدات أنصار الله السفن الإسرائيلية باستخدام طائرات دون طيار وصواريخ كروز منذ أكتوبر/تشرين الأول، وقد أسقطت البحرية الأمريكية عددًا من هذه الصواريخ والطائرات دون طيار، لكن لا يمكن توقع إمكانية اعتراض كل ما يطلقه أنصار الله.
ويشير بعض المحللين إلى أضرار محتملة، لكن الشيء المثير للقلق سيكون التكاليف الاقتصادية للشحن وأسعار النفط، ومن الصعب التنبؤ بالحجم الدقيق للضرر الاقتصادي، ولكن قد يحدث ضرر حقيقي ومن المرجح أن يزداد بمرور الوقت إذا تغيرت مسارات السفن بشكل أكبر، قبل الأزمة الأخيرة، كان 12% من التجارة العالمية و30% من نقل الحاويات يتم عبر البحر الأحمر، رأس الرجاء الصالح، وهكذا سيكون الطريق أطول بكثير وأكثر تكلفة من الناحية الاقتصادية، ولقد فرضت هجمات أنصار الله خيارا صعبا للغاية على إدارة بايدن.
إن توجيه ضربات أوسع ضد إيران سيكون بمثابة مقامرة ضخمة، وبدلاً من الردع، قد يدفع إيران إلى شن ضربة عسكرية في محاولة لحماية مصالحها وهيبتها أو لتحذير الولايات المتحدة، إذا أدى الهجوم الإيراني المضاد إلى خسائر كبيرة في صفوف القوات الأمريكية، فسوف تتعرض واشنطن لضغوط فورية للانتقام، وهذا الوضع سوف يمهد الطريق لحرب إقليمية أوسع، ما سيضر بشكل خطير بالمصالح الوطنية للولايات المتحدة.
ويسعى البيت الأبيض إلى تجنب المخاطر، ولذلك قد يقرر بايدن التسامح مع تعطيل أنصار الله لوسائل النقل التجارية على الرغم من التكاليف الاقتصادية.
إن اندلاع الحرب سيجلب أسوأ النتائج للمصالح الأمريكية، وفي الوقت نفسه الذي نُشر فيه هذا التحليل في صحيفة الغارديان، أشارت صحيفة نيويورك تايمز أيضًا في تقرير لها: لدى حكومة بايدن مخاوف بشأن استهداف مواقع الجيش اليمني، وقد تقرر أنه لم يحن الوقت بعد للقيام بمهاجمة اليمن، وتقول مصادر في الحكومة الأمريكية إن القلق من تدمير اتفاق وقف إطلاق النار بين السعودية وأنصار الله في اليمن هو أحد هذه المخاوف.
إن القلق الشديد من تحول حرب غزة إلى صراع أوسع هو سبب آخر لقلق أمريكا، لأن استهداف أنصار الله اليمنية يمكن أن يتحول بسرعة إلى صراع متبادل بين سفن البحرية الأمريكية وهذه الجماعة، بل ربما يدفع بأقدام إيران إلى أبعد من ذلك ببطء إلى الدخول في الصراع.