ودعا القرار ببساطة إلى اتخاذ إجراءات "لوقف الأعمال العدائية" وتم إقراره يوم الجمعة بأغلبية 13 صوتا مقابل عدم وجود أي صوت ضده، مع امتناع الولايات المتحدة وروسيا عن التصويت، كما دعا القرار جميع الأطراف إلى تسهيل وتمكين التسليم الفوري والآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية للفلسطينيين.
وقد تمت الموافقة على هذا القرار بعد عدة تأجيلات وبعد مفاوضات صعبة خلف أبواب مغلقة بهدف الحصول على موافقة واشنطن على عدم النقض عليه، لأن القرار السابق استخدمت الولايات المتحدة حق النقض عليه الأسبوع الماضي، وفي حين أن قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ملزمة قانونًا، أفاد مراسل الجزيرة آلان فيشر بأنه من المرجح أن تتجاهل "إسرائيل" القرار.
ردود فعل سلبية على "القرار غير المكتمل"
وأعلنت السلطات الصحية في غزة أنه منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول، قُتل أكثر من 20 ألف شخص، حوالي 70 بالمئة منهم أطفال ونساء، في الهجمات البرية والجوية والبحرية الإسرائيلية على قطاع غزة، وبينما رحب كبار مسؤولي الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية بالدعوة إلى تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية لغزة في قرار مجلس الأمن، وقالوا إن القرار يستند إلى تهجير سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة والخطر الوشيك للمجاعة وانتشار الأمراض، لم يكن كافياً ولا مناسبا، وأن وقف الأزمة في غزة يتطلب حلاً أكثر جدية.
ورحب تيدروس أدهانوم غيبريسوس، رئيس منظمة الصحة العالمية، بقرار مجلس الأمن الأخير، لكنه وصف الوقف الفوري لإطلاق النار بأنه أكثر ضرورة، وهي مسألة لم يتم ذكرها في قرار مجلس الأمن الأخير، كما أعلن "سكوت بول" من معهد أوكسفام الأمريكي في مقابلة أن هذا القرار لا يمكن أن يوقف الأزمة في غزة ويكاد يكون عديم الفائدة.
وقالت أغنيس كالامارد، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، إن جميع الجهود المبذولة لمعالجة "الكارثة الإنسانية غير المسبوقة" في غزة يجب أن تكون موضع ترحيب، لكن "وقف إطلاق النار الفوري" أكثر ضرورة بكثير، وقال إن القرار "أضعف بشكل كبير" و"غير كاف"، ومن العار أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض لإضعاف القرار، وتمت إزالة الحاجة إلى وقف إطلاق النار بناء على طلب الولايات المتحدة.
كما يرى "تامر قرموط"، أستاذ السياسة العامة المساعد في معهد الدوحة، أن القرار الأخير لمجلس الأمن أظهر أن الأمم المتحدة عاجزة وغير مجدية لحل مشكلة الحرب، وقال "عندما تشكلت الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، كان من المفترض أن تستخدم لمنع صراعات مماثلة مثل تلك التي تحدث في غزة"، لكن الأمم المتحدة أصبحت الآن منظمة سياسية تسيطر عليها الدول القوية، وخاصة تلك التي تتمتع بحق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولذلك، هناك عمل سياسي في سياسة وتفاصيل عمل الأمم المتحدة، وأضاف: "لا أعتقد أن هذه الحرب يمكن حلها عبر قنوات الأمم المتحدة.. الأمم المتحدة أصبحت ضعيفة ومهمشة وأصبحت مسيسة إلى حد كبير، وحتى إنجاز مهمتها أصبح موضع شك".
كما يرى أردي إمسيس، الأستاذ المساعد في القانون الدولي بجامعة كوينز في كندا، أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فشل مرة أخرى في تحمل مسؤوليته في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين بسبب تصرفات أحد أعضائه، الولايات المتحدة، التي تدعم "إسرائيل".
لماذا لم توفق الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في غزة؟
إن فشل الأمم المتحدة في فرض وقف إطلاق النار في غزة يظهر كيف يمكن لسياسات القوة أن تقوض مبادئ النظام الدولي القائم على القواعد، ورغم أن الجمعية العامة للأمم المتحدة نجحت في تمرير قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار واتخاذ تدابير إنسانية لحماية أرواح المدنيين في غزة، فإن العالم يشهد نظاماً مسدوداً في مجلس الأمن، وتعرقله القوى العظمى ومصالحها الجيوسياسية، ووفقاً للإحصاءات، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرارات تنتقد "إسرائيل" واحتلالها، منذ قيام النظام الإسرائيلي، 46 مرة - أكثر من أي دولة أخرى.
والحقيقة المؤسفة هي أنه من دون إصلاحات جادة لنظام الأمم المتحدة، مثل إنهاء حق النقض وإضفاء الطابع الديمقراطي الكامل على الأمم المتحدة، فإن الوضع الراهن وعجز الأمم المتحدة سوف يظل قائما، وسوف تظل المنظمة غير قادرة على إنهاء الصراعات الدولية في المستقبل.