وكتب ألون بينكس في مقدمة مذكرته في وسيلة الإعلام العبرية هذه وقال: "دعونا نضع هذه الحقيقة في الاعتبار منذ البداية، وهي أن نتنياهو لن يستقيل، وهو لا يفكر في الاستقالة، ولا يهتم بالمفاهيم الأساسية مثل النظافة والأماكن العامة والأخلاق والمساءلة والمواعدة ليس لها أي إيمان عنده على الإطلاق".
ورغم أن إعلان هذه الحقائق لا يفاجئ أحداً، إلا أنه لا بدّ من القول إنه بالإضافة إليها، لا يملك ضميراً أخلاقياً ولا يملك بوصلة أخلاقية (إطار)، فقد عانى من جنون العظمة وبالتالي استعبد الحكومة الإسرائيلية.
وفي السنوات التي سبقت الـ 7 من أكتوبر/تشرين الأول، عندما كان رئيساً للوزراء، كان قد بنى أسطورة بنيامين نتنياهو السياسي العظيم على الساحة الدولية، فضلاً عن كونه إمبراطوراً للمناورات الدبلوماسية، ولكن دعونا نثبت بطلان هذه الخرافات هنا.
خلال هذه السنوات، ارتكب نتنياهو سبعة أخطاء كبيرة، تعتبر أيضاً أخطاء جوهرية ومركزية، ويمكن اعتبار كل منها بمثابة عقوبة سياسية مفصلة بحقه.
1. إيران: وصف الكاتب خطأ نتنياهو الأول (والأكبر) في التعامل مع إيران، والذي أدى إلى تقييد حياة نتنياهو السياسية تمامًا، وهو انتقادات نتنياهو للاتفاق النووي، بما في ذلك خطابه أمام الكونجرس دون إذن من الرئيس، وما فعله الرئيس أوباما، جعل القضية النووية الإيرانية قضية إسرائيلية، في حين أن تشجيعه وإقناعه لـ"ترامب" بالانسحاب من الاتفاق في عام 2018 كان أيضًا بمثابة سوء تقدير كبير.
2. العراق: من وجهة نظر المؤلف، يعتبر العراق ثاني أكبر خطأ لنتنياهو، ففي عام 2002، وفي جلسة استماع في مجلس النواب الأمريكي، نصح بنيامين نتنياهو الولايات المتحدة بمهاجمة العراق لأن مثل هذه الخطوة يمكن أن يكون لها تداعيات على جميع الأطراف، كما أدى استقرار الشرق الأوسط وإرساء الديمقراطية فيه إلى إضعاف الكيان الإيراني، لكن النتيجة كانت تشكيل تنظيم "داعش"، والخسائر الفادحة للولايات المتحدة وتعزيز نفوذ إيران في العراق.
3. حماس: السبب الرئيسي والجذري للفشل الكارثي الذي حدث قبل شهرين هو أن نتنياهو كانت لديه هذه الفرضية في ذهنه بأن تعزيز حماس سيؤدي إلى إضعاف منظمة السلطة الفلسطينية وسيمنع تشكيلها، وظن أنه بذلك سيتمكن الفلسطينيون من إدارة قطاع غزة وسيكون بمقدوره قمعهم متى أراد، لأن غزة محاصرة ومنظمة السلطة الفلسطينية ضعيفة بشكل عام، والعالم لن يفعل ذلك ولن يعير هذه القضايا أي اهتمام، ولكن ظنّه ذهب أدراج الرياح بعد الصمود التاريخي للمقاومة في غزة وقيامهم بطوفان الأقصى في الـ7 من أكتوبر الماضي.
4. المملكة العربية السعودية: منذ البداية، خلق نتنياهو شرق أوسط افتراضي موازٍ لنفسه، شرق أوسط كان يدار تحت قيادة تحالف سني إسرائيلي ضد إيران، وكان لديه وهم بأن اتفاقيات إبراهيم يمكن أن تعزز قوته للاستمرار في هذا النهج، لكن النتيجة كانت تجديد العلاقات بين السعودية وإيران، وهو ما تم بوساطة صينية، واقتربت الإمارات العربية المتحدة من إيران، ولم يعد هناك أخبار عن ذلك التحالف ضد إيران.
وحسب الكاتب فإن الخطأ الأكبر لنتنياهو في هذا القسم هو أنه ظن أنه يستطيع التسوية مع العالم العربي بتجاهل القضية الفلسطينية، ورغم أن أفكار نتنياهو هذه كانت في إطار مشروع تاريخي، إلا أنها كانت بعيدة كل البعد عن الواقعية السياسية، وتفتقر إلى الواقعية، فمن الناحية السياسية، كان يعتقد أن الفلسطينيين لم يكونوا قط المحور الرئيسي للصراع الإسرائيلي العربي، ومرة أخرى أدى ذلك إلى أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
5. إدارة العلاقات مع الولايات المتحدة: إن الولايات المتحدة هي الحليف والداعم الرئيسي لأمن "إسرائيل" والداعم الاستراتيجي لها، ولا تنتهي القضية فقط بالمساعدات العسكرية السخية البالغة 150 مليار دولار، بل أنشأت الولايات المتحدة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والتي تعتبر المظلة الدبلوماسية الرئيسية لـ"إسرائيل".
ولكن منذ وصول نتنياهو إلى السلطة في عام 1996، قام بإضعاف هذه العلاقات تدريجياً وجعل "إسرائيل" واحدة من القضايا المتنازع عليها في السياسة الأمريكية.
لقد تحالف عمدا مع الجمهوريين واصطف ضد الرؤساء الديمقراطيين مثل كلينتون وأوباما، وأقام علاقات واسعة مع ترامب، ونتيجة لذلك رأى ابتعاد الديمقراطيين عن "إسرائيل" وكراهية الشباب الأمريكيين لـ"إسرائيل"، بل إن كثيرين منهم من اليهود الذين يعيشون في الولايات المتحدة، فصلوا أنفسهم عن "إسرائيل".
6. روسيا: يوم الجمعة الماضي، في اجتماع مجلس الأمن الدولي، وبعد طلب الأمين العام للأمم المتحدة وقف إطلاق النار في غزة، أعلن نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة أن "إسرائيل" ارتكبت جرائم حرب واستراتيجيات الحرب التي اعتمدتها تعتبر أمراً غير إنساني.
بوتين، الذي تفاخر به نتنياهو في ملصقاته الانتخابية عام 2019 واعتبره حليفه مرات عديدة، اليوم يقف تماما إلى جانب حماس، وعلاقاته مع إيران أقرب بكثير من "إسرائيل"، وحتى من وجهة نظر الولايات المتحدة، فهو أكثر قرباً من محور المقاومة.
7. الصين: قبل شهرين من بدء الحرب، وفي ذروة الانقلاب القضائي، أبلغ نتنياهو الشعب أنه تلقى دعوة كريمة من رئيس الصين للقيام بزيارة رسمية إلى بكين، لكن بعد ساعات قليلة أبلغ مصدر مطلع وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذه التصريحات كانت مجرد نوع من المناورة السياسية لدى الولايات المتحدة حتى يتمكن نتنياهو من إخبار الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي رفض دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى البيت الأبيض، وقال إن لديه خيارات أخرى، لكن الرحلة لم تتم قط، في حين أدانت الصين "إسرائيل" مرارًا وتكرارًا بسبب تصرفاتها منذ حادثة الـ 7 من أكتوبر، مع الحفاظ على علاقات جيدة مع إيران.