لواء جولاني "النخبة"... جنود الجيش الإسرائيلي المنهزمون في قطاع غزة

هناك صورة غامضة ومعقدة للغاية عن لواء جولاني، ليس فقط خارج جيش الکيان الصهيوني، بل بداخله أيضًا، ومن المعروف بين جنود الکيان أن هذا اللواء لا يواجه مشاكل مثل عدم الانضباط وتوبيخ رجاله.

ويبدأ من يلتحق بهذا اللواء تدريباته على الرماية والاستهداف الدقيق، ويختتم عمله بالتدريب على كل أنواع التعذيب والعنف.

كلما يواجه الجيش الصهيوني مهمةً عسكريةً صعبةً وحساسةً، وتتطلب إصراراً وعناداً وقتالاً، أو بمعنى آخر قساوة القلب، يتوجه إلى لواء جولاني، ويقارن القادة السابقون للواء جولاني هذا اللواء بكلب روت وايلر، الذي ينبغي أن يكون مقيدًا بالسلاسل في الأيام العادية، لكنه سيكون أفضل كلب بجانبك عند الصيد.

إلا أن عظمة جولاني هُزمت وانکسرت في معركة غزة، وأعلن القائد السابق للواء جولاني التابع للكيان الصهيوني في حديث مع القناة 12، أن ربع قوات هذا اللواء قتلوا في معارك غزة، وفي وقت سابق، اعترف جنرال إسرائيلي بأن لواء جولاني خسر 72 جندياً في اليوم الأول للحرب، وهو رقم كبير جداً.

الشجاعية مقبرة جولاني

كانت الشجاعية من أكبر أحياء مدينة غزة وأكثرها اكتظاظاً بالسكان، حيث كان عدد سكانها قبل الهجوم الإسرائيلي 110 آلاف نسمة، رغم أن عدد سكانها الآن متغير بسبب استشهاد سكانها وتهجير آخرين.

تبلغ مساحة حي الشجاعية أيضًا ستة كيلومترات مربعة، وقوات الجيش الإسرائيلي، وخاصةً لواء جولاني، تكبدت خسائر فادحة في الشجاعية.

وكان معظم ضحايا لواء جولاني في حي الشجاعية بغزة، ويقع هذا الحي شرق مدينة غزة وبالقرب من حدود فلسطين المحتلة، وتبعد كيبوتس ناحال عوز الإسرائيلية عن الشجاعية أقل من كيلومتر واحد.

وتنسب المصادر التاريخية اسم الشجاعية إلى شجاع الدين عثمان الكردي، وهو محارب مشهور توفي في معركة الأيوبيين والصليبيين عام 1239، ويطلق على الجزء الجنوبي من الشجاعية اسم "التركمان"، نسبةً إلى القبائل التركمانية التي انضمت إلى صلاح الدين، خلال حملته لتحرير فلسطين من الجيش الصليبي وحلفائه في القرن الحادي عشر.

يبدو أن سكان الشجاعية تعرضوا للاستهداف والاعتداء من قبل الصهاينة عدة مرات، حتى قبل الحرب الحالية، وذلك لقربهم من الحدود الشرقية لقطاع غزة، ولذلك، فإن أهالي الشجاعية أبدوا دائماً استعداداً كبيراً للقتال ضد الصهاينة.

ووصف الصحفي الإسرائيلي حنان غرينوود، الذي دخل حي الشجاعية مع قوات لواء جولاني، هذا الحي بأنه من أقوى الأهداف التي واجهها جولاني منذ بداية الحرب، وحسب ما ذكره المراسل، فإن حي الشجاعية يشهد ازدحاماً كبيراً، ويعتبر من أقوى أحياء غزة، ولذلك، فإن خسائر جولاني في الشجاعية مرتفعة جداً.

سبب ارتفاع الخسائر البشرية في صفوف جنود الصهاينة

اعترف الجيش الإسرائيلي حتى الآن بمقتل 463 جندياً وضابطاً منذ بدء الحرب على غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وقتل 127 جندياً منذ بداية الهجوم البري على غزة، وأصيب مئات الجنود الآخرين حتى الآن.

وكانت معظم هذه الإصابات مرتبطةً بقوات لواء جولاني، وبالطبع، هذه إحصائية أعلنها واعترف بها الكيان الصهيوني رسميًا، لكن العدد الحقيقي للقتلى والجرحى في هذا الکيان أعلى بكثير مما هو معلن.

تعددت الآراء حول سبب ارتفاع خسائر الجيش الصهيوني وخاصةً لواء جولاني، وقدّر البعض بأن سبب ارتفاع خسائر الجيش الصهيوني وخاصةً لواء جولاني في المعركة الحالية في غزة، يعود إلى العوامل التالية:

معركة غزة الهجينة: معركة غزة ليست معركةً كلاسيكيةً، بل يواجه الجيش الصهيوني جيشاً فدائياً يستطيع بسهولة إرهاق الجيش الصهيوني.

استعدادات حماس: قال قائد في الجيش الإسرائيلي لشبكة سي إن إن، إن حماس أمضت الكثير من الوقت في الاستعداد للحرب، وبناء نظام أنفاق واسع النطاق، ونصب الفخاخ والدفاعات، وربما يكون هذا أحد الأسباب التي جعلت حرب 2023 في غزة أكثر دمويةً بالنسبة للجيش الإسرائيلي من عمليته البرية في عام 2014.

لقد خسر الجيش الإسرائيلي 67 جندياً فقط في الحرب التي استمرت 51 يوماً في غزة، لكن العدد الفعلي للضحايا قد يصل الآن إلى نحو ألف شخص، رغم أن الإحصائيات الرسمية تعلن أن ضحايا الجيش أقل من 500 قتيل في اليوم الثالث والسبعين للحرب.

هذا في حين أن الجيش الإسرائيلي، على عكس قوات حماس، انخرط في خلافات داخلية حول برنامج نتنياهو للإصلاح القضائي خلال العام الماضي، وحتى أن بعض ضباط القوات الجوية كانوا قد هددوا بالاستقالة والانسحاب من الخدمة العسكرية قبل الحرب.

صعوبة حرب المدن: لم يتم تشكيل الجيش الصهيوني بشكل أساسي لحرب المدن، لكنه كان دائمًا مستعدًا للحروب العابرة للحدود والحروب الخارجية، لكن عملية طوفان الأقصى صدمت الجنود الصهاينة، وأدخلتهم في معركة حرب المدن الصعبة.