يظهر بوضوح في ضوء المعطيات والتقديرات الأردنية، الموقف المصري، الذي يتعلق بإعادة فتح المعابر الجنوبية بالتنسيق مع الأردن، بشكل غامض ومرتبك، وفي هذا السياق، تبدو القاهرة غير متجاوبة مع دعوات عمان، وتظل غير ملتزمة بالتفاعل مع الضغوط والنداءات الإنسانية التي توجهها لها عدة جهات، بهدف زيادة حجم المساعدات التي يمكن أن تدخل عبر معبر رفح.
تعقيدات وعراقيل كبيرة
أفاد دبلوماسيون كويتيون، نقلا عن وزارة الخارجية المصرية، مؤخرًا، بأن الأفراد الذين يعانون من بطء وتعقيدات في ترتيبات معبر رفح لإدخال المساعدات يمكنهم النظر في البحث عن معابر أخرى لتسهيل إدخال مساعداتهم، وقد أبدى أحد المسؤولين الكبار في الحكومة ردًا على ذلك لجهات كويتية قائلًا: "ابحثوا عن معبر آخر"، وعلى ما يبدو، اشتكت وزارة الخارجية التركية أيضًا من طريقة التعامل مع الإصرار التركي على إدخال المساعدات والفرق والأطقم الطبية من قِبل وزارة الخارجية والسلطات المصرية.
وطلبت وزارة الخارجية المصرية في مراسلات متعددة من عدة أطراف، بمن فيهم الكويت وتركيا، العودة إلى التنسيق مع الجانب الإسرائيلي، نظرًا لأن الإدارة الأمريكية تطلع وتشترط الموافقة المسبقة على إدخال أي مساعدات، ويظهر من المعلومات المتداولة أن مصر لا تظهر تحمساً تجاه المشروع الذي قدمه الجانب الأردني، وهو إقامة ممر شامل لتوصيل المساعدات الغذائية والصحية، وخاصة إلى سكان قطاع غزة في المناطق الجنوبية على الأقل، ويتناسب هذا الممر مع مبادرة منظمات دولية متخصصة، مثل برنامج الغذاء الدولي واليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية، والتي تمت في قمة أممية في عمّان برعاية العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
وأعرب الملك الأردني في العديد من الاجتماعات عن استعداد بلاده لفتح معابر جديدة من الجانب الإسرائيلي، وذلك بالتنسيق مع الأمريكيين، بهدف إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة، وعلى الرغم من ذلك، لم تعلن الحكومة الأردنية رسميا عن وجهتها المحددة في هذا السياق، وتظل مفاوضاتها ومشاوراتها سرية، ويتمثل الممر المقترح من الأردن في تسيير شاحنات برية من منطقة الأغوار الوسطى في الأردن باتجاه جنوب قطاع غزة، ويتضمن فتح معبر "كرم أبو سالم"، ولكن بجهود وتنسيق من قبل الأردن.
مصر لا تتجرأ على اتخاذ القرار
من المرجح أن يكون المستشار الأمني القومي الأمريكي، جيك سوليفان، قد ناقش قضية إعادة فتح المعابر الجنوبية لقطاع غزة خلال زيارته الأخيرة لتل أبيب، وتمت مناقشة هذا الأمر مع الحكومة الإسرائيلية وربما مع حكومة السلطة الوطنية الفلسطينية، ورغم أن هناك تقارير إعلامية تشير إلى أن سوليفان قد ناقش هذا الأمر مع السلطات الإسرائيلية، إلا أن نتائج هذه المناقشات لم تظهر بشكل واضح أو مفصل، وتواصلت عمان في هذا السياق بالضغط من أجل تخفيف معاناة سكان قطاع غزة وتكثيف المساعدات الإنسانية، وخاصة الصحية والغذائية، في ظل تقارير دولية تشير إلى تفاقم الوضع الإنساني وانخفاض مستوى المعيشة في القطاع.
وفي تصريحاته، أكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن التأخير في عملية إخراج العالقين من قطاع غزة يعتمد على الاتفاقيات التي يمكن تحقيقها مع حركة حماس والجانب الإسرائيلي، بالتعاون مع السفير الأمريكي ديفيد ساترفيلد، وأوضح شكري أن "إسرائيل" هي الجهة التي تقوم بتحديد هويات الأفراد الذين يُسمح لهم بالمرور عبر معبر رفح، وأن العملية تعتمد على تقديم "إسرائيل" قوائم بأسماء الأفراد المسموح لهم بالخروج، وفيما يتعلق بالحفاظ على معبر رفح، أكد شكري أن هذا الهدف يأتي لضمان استمرارية عمل المعبر وليس لتأثيره على تدفق المساعدات الإنسانية، وأشار إلى أن معبر رفح تعرض لهجمات جوية وتصليحه يعرض المسؤولين للهجوم مرة أخرى، ما يؤكد على الحاجة إلى حوار لتسهيل عملية إدخال المساعدات بطريقة آمنة.
ويُشار إلى أن تصريحات شكري أثارت جدلاً واسعًا، حيث لفتت إلى أن التأخير يعود إلى بُطء الإجراءات الإسرائيلية في تحديد أسماء الأجانب، وهو ما نفاه السفير الرسمي لوزارة الخارجية المصرية، أحمد أبوزيد، الذي أكد أن الادعاء غير صحيح وأن المصريين لا يتأثرون بهذه الإجراءات، وفي سياق تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري والجدل الناشئ عنها، نفى مصطفى بكري، الكاتب الصحفي، مزاعم التأخير التي تم تداولها حول مغادرة العالقين من قطاع غزة عبر معبر رفح، وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبوزيد، أن ما تم ترويجه لا يعكس الإجابة الحقيقية على سؤال الوزير حول تأخير خروج الأجانب، مُلحِظًا أن السائل لم يستفسر عن أوضاع المصريين.
وتوضيح المتحدث الرسمي أثار استياء بين بعض الأفراد الذين اعتبروا أن هذا التصريح قد زعزع مبدأ السيادة المصرية، وختامًا، شدد بعض الأفراد على أهمية تعزيز الدعم لفلسطين والوقوف بقوة في مواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة، وإغلاق معبر رفح أثر بشكل كبير على حياة سكان قطاع غزة، حيث أدى إلى عدم توافر الخدمات الطبية اللازمة داخل القطاع وتأجيل الفرص الأكاديمية والعمل في الخارج أو حتى في الضفة الغربية، كما تسبب إغلاق المعبر في أضرار جسيمة على الاقتصاد والأعمال، ما زاد من تفرق الأسر بين الطرفين الفلسطينيين، ما يعزز الشعور بالاختناق والعزلة في القطاع، ويعزز إحساس السكان بفقدان الفرص الحقيقية للخروج حتى في حالات الطوارئ.