تحرك حقوقي تركي لمحاسبة المجرمين
يعتزم حقوقيون أتراك تقديم أدلة جديدة إلى المحكمة الجنائية الدولية حول ارتكاب "إسرائيل" جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
رئيس لجنة العدل بالبرلمان التركي النائب عن "حزب العدالة والتنمية" بولاية إسطنبول، جنيد يوكسل، قال إن نقابة المحامين في إسطنبول قدمت طلبا في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لمعاقبة المشتبه بهم في ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية وإبادة جماعية خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وكشف يوكسل عن أنه وممثلين لنقابة المحامين في إسطنبول، ذهبوا إلى المحكمة الدولية في لاهاي بهولندا، وتقدموا بطلب لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في ضوء الأدلة الجديدة، كما التقوا بالمدعين العامين والمسؤولين في المحكمة.
وذكر أنهم يتابعون باهتمام بالغ الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة ومراحل التقاضي في المحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف: "لقد بدأنا الآن عملية جمع أدلة جديدة، استعداداتنا مستمرة على كل الأصعدة، كما سنقدم أدلة جديدة إلى المحكمة الجنائية الدولية تثبت ارتكاب إسرائيل جرائم ضد الإنسانية، فضلا عن جرائم حرب وإبادة جماعية".
وتابع: "ستشمل الأدلة الجديدة صورا جديدة، إلى جانب نسخة من كتاب (الدليل) الذي أصدرته وكالة الأناضول، والذي يكشف بوضوح الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة ويحتوي على صور حصرية تشكل أدلة أساسية".
وأشار يوكسل إلى أن "إسرائيل ملأت أنفاق غزة بالمياه المالحة"، مؤكدا أن "هذا التصرف من شأنه أن يسبب أضرارًا جسيمة بالمدنيين والبيئة على حد سواء".
وأوضح أن "الأدلة الجديدة التي سيتم تقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية سوف تدخل في السجل القانوني الخاص بتاريخ المحكمة".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى مساء الاثنين، 19 ألفا و453 قتيلا، إضافة إلى 52 ألفا و286 جريحا معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، حسب مصادر فلسطينية وأممية.
"إسرائيل" تنتهك القانون الإنساني
البرلماني التركي أكد أن "الهجمات الإسرائيلية على غزة هي عملية إبادة جماعية وجريمة حرب، هذا أمر واضح وواضح للغاية".
وأضاف: "لقد أعلنت إسرائيل الحرب على كل الفلسطينيين، متجاهلة القيم الإنسانية".
وشدد على أن "إسرائيل، التي تواصل مهاجمة الرجال والنساء، الصغار والكبار على حد سواء، تنتهك وتدوس كل جوانب القانون الإنساني".
وأشار إلى أن "أحكام البروتوكولات الإضافية لعام 1977 لاتفاقيات جنيف، حظرت كل أشكال الهجمات الانتقامية ضد المدنيين".
ونبه إلى أن القانون الإنساني الدولي يحظر أيضا "العقاب الجماعي"، مشيرا إلى أن الهجمات التي تنفذها "إسرائيل" دون أي تمييز تدخل في نطاق "العقاب الجماعي".
وأضاف: "إسرائيل ترتكب جريمة حرب بقصف المستشفيات، فضلًا عن أن القتل العمد للمدنيين هو بحد ذاته جريمة حرب في إطار نظام روما الأساسي".
وذكر يوكسل أن مشروع القرار الذي يطالب بوقف إطلاق النار في غزة، تم قبوله بتصويت 153 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولفت إلى أن "امتناع بعض الدول عن التصويت سيكون وصمة عارٍ في تاريخها".
وأشار إلى أن "موقف تركيا والرئيس (رجب طيب أردوغان) من هذه القضية واضح وصريح، تقف تركيا ورئيسها إلى جانب المظلومين والمضطهدين، اليوم وغدا ودائما".
وتابع: "نحن في تركيا، سنتابع كل مراحل التقاضي باهتمام وعناية، وسنواصل الدفاع عن غزة رغما عمّن يصمون آذانهم عن حقيقة ما يحدث في فلسطين".
شخصيات أمريكية تشهد بارتكاب "إسرائيل" جرائم حرب
أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة كولومبيا الأمريكية جيفري ساكس قال إن "تصرفات إسرائيل في قطاع غزة جرائم حرب"، وإن القصف المستمر والحصار الدائم قد يتسببان في سقوط عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء.
وأضاف ساكس إن "إسرائيل" لا تستطيع تحقيق الأمن عن طريق الحرب، بل من خلال تسوية تضمن الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، بوصف ذلك جزءا من حل سياسي شامل وعادل.
وساكس تم اختياره مرتين ضمن قائمة مجلة التايم لأكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم، وله عدة مؤلفات كانت 3 منها الأكثر مبيعا وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، كما حاز العام الماضي على جائزة "تانغ" للتنمية المستدامة.
منطمة العفو الدولية تقر بالجرائم
وثقت منظمة العفو الدولية ارتكاب القوات الإسرائيلية هجمات غير قانونية، من بينها غارات عشوائية، تسببت في سقوط أعداد كبيرة في صفوف المدنيين، ويجب التحقيق فيها على أنها جرائم حرب.
وتحدثت المنظمة إلى ناجين وشهود عيان، وحللت صور الأقمار الاصطناعية وتحققت من الصور ومقاطع الفيديو للتحقيق في عمليات القصف الجوي التي نفذتها القوات الإسرائيلية في الفترة من 7 إلى 12 أكتوبر/تشرين الأول، والتي أدّت إلى دمار مروّع، وفي بعض الحالات، قضت على عائلات بأكملها، وتقدم المنظمة هنا تحليلًا مستفيضًا للنتائج التي توصلت إليها في خمس من هذه الهجمات غير القانونية، وفي كل من هذه الحالات، انتهكت الهجمات الإسرائيلية القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك عن طريق عدم توخي الاحتياطات الممكنة لدرء الخطر عن المدنيين أو من خلال شن هجمات عشوائية أخفقت في التمييز بين المدنيين والأهداف العسكرية، أو من خلال تنفيذ هجمات ربما كانت موجهة مباشرة ضد الأعيان المدنية.
وقالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: “لقد أظهرت القوات الإسرائيلية، في نيتها المعلنة استخدام كل الوسائل لتدمير حماس، ازدراءً صادمًا لأرواح المدنيين، لقد دمرت شارعًا تلو الآخر من المباني السكنية، ما أسفر عن مقتل المدنيين على نطاق واسع وتدمير البنية التحتية الأساسية، بينما تؤدي القيود الجديدة التي فرضتها إلى النفاد السريع للمياه والأدوية والوقود والكهرباء في غزة، وأكدت شهادات شهود العيان والناجين، مرارًا وتكرارًا، أن الهجمات الإسرائيلية قد دمرت العائلات الفلسطينية وتسببت في دمار كبير لم يترك لأقارب الناجين سوى الركام ليذكّرهم بأحبائهم”.
لم تمتثل "إسرائيل" على مدار حروبها في فلسطين للمواثيق الدولية التي تحكم الصراعات والنزاعات المسلّحة والتي نصّ عليها القانون الإنساني الدولي أو ما يُعرف باتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولات الإضافية المبرمة عام 1977، وقوانين النزاعات المسلّحة.
وخلال عدوانها الحالي على غزة المستمرّ منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تعرّضت "إسرائيل" لانتقادات شديدة باستهدافها المدنيين والمنشآت الطبية المحمية بموجب القوانين الدولية
وقالت المحامية الكندية كارولين إدغيرتون، إنّ الفقه القانوني أكد على ضرورة الموازنة بين مبادئ الضرورة العسكرية والإنسانية، مضيفة إنّ "مهاجمة المستشفيات والوحدات الطبية الأخرى محظور بموجب اتفاقية جنيف الأولى، وتمتد تلك الحماية لتشمل الجرحى والمرضى والعاملين في تلك المؤسسات وسيارات الإسعاف".
ورغم أنّها أوضحت أنّ الحماية "تنته إذا تمّ استخدام تلك المنشآت من قبل أحد أطراف الصراع في ارتكاب عمل يُضرّ بالعدو"، شدّدت على أنّه "حتى لو تم تحديد أن المؤسسة الطبية أصبحت هدفًا عسكريًا، يجب على إسرائيل أن تسأل نفسها ما إذا كانت الأضرار الجانبية المتوقعة ستكون مفرطة مقارنة بالمكسب العسكري".
وتعريف ما هو "ضار للعدو" في حد ذاته محور معركة قانونية مستمرة، ولذلك أوضحت إدغيرتون أنّ تحديد ما إذا كانت حماية المستشفى معرضة للخطر هو ممارسة قائمة على أدلة.
ما هي الأفعال التي قد تنتهك قانون جرائم الحرب؟
تحظر اتفاقيات جنيف استهداف المدنيين أو الأهداف المدنية بشكل مباشر، كما أنّ الهجوم المتعمد على الأفراد والمساعدات الإنسانية يعد جريمة حرب منفصلة إذا كان من يقدمونها من المدنيين.
ويمكن اعتبار الحصار جريمة حرب إذا استهدف مدنيين، وليس وسيلة مشروعة لتقويض القدرات العسكرية لقوة ما على غرار "حماس"، أو إذا اتضح عدم تناسبه.
وحتى إذا هاجم مقاتل أهدافًا عسكرية مشروعة، يتعيّن أن يكون الهجوم متناسبًا، أي ألا يؤدي إلى خسائر فادحة في أرواح المدنيين أو إلحاق أضرار بالممتلكات المدنية.
وأجمعت منظمات حقوقية دولية على أنّ "إسرائيل" ارتكبت انتهاكات ترقى إلى "جرائم حرب" في عدوانها على غزة.