وتأتي هذه التطورات بعد تصريحات رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الذي أعلن دعمه لفكرة حل الدولتين في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وعلى الرغم من ذلك، رفضت السفيرة الإسرائيلية هذا الاقتراح بشكل قاطع، معتبرة أن "إسرائيل" لن تقبل بفكرة حل يتضمن وجود دولتين، وقال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كامرون: إن "إسرائيل" لديها حق الدفاع عن نفسها، ولكن للفلسطينيين حق الوجود، وتسببت تلك التصريحات من السفيرة الإسرائيلية في استياء كبير في المجتمع البريطاني، الذي طالب بالتنديد بها وبطلب استقالتها، وقام الآلاف من المواطنين بتوقيع عريضة تطالب بطردها فورًا من الأراضي البريطانية، حيث تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف توفير فرصة للجميع للتوقيع، مع التأكيد على ضرورة إقالتها.
تصريحات مثيرة للجدل
في اليومين الماضيين فقط، استُشهد عشرات المواطنين، بينهم أطفال ونساء، وأصيب آخرون بجروح جراء القصف المتواصل الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وتم تدمير عشرات المنازل والبنايات والشقق السكنية، إلى جانب الممتلكات العامة والخاصة في هذا القصف الذي شمل البر والبحر والجو، ومن بين الأحداث المأساوية، قصفت طائرات الاحتلال منزلين يعودان لعائلتي النجار وخضر في شارع غزة القديم، شمال قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد 14 مواطنًا على الأقل وإصابة آخرين بجروح، في جباليا، تسبب القصف في استشهاد وإصابة العديد من المدنيين، بينهم أطفال، وما زال الكثير عالقين تحت الأنقاض.
وتجمع مئات المؤيدين لفلسطين أمام منزل السفيرة الإسرائيلية في بريطانيا، تزيبي هوتوفلي، حاملين الأعلام الفلسطينية، مطالبين بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة وتحرير الأراضي الفلسطينية، وأفادت قناة "آي تي في" التلفزيونية بأن المتظاهرين طالبوا "إسرائيل" بالتوقف الفوري عن إطلاق النار و"إنهاء الاستعمار" في الأراضي الفلسطينية، كما أظهرت السيارات التي مرت أمام منزل السفيرة دعمها للمتظاهرين من خلال إطلاق زماميرها، ومن المتوقع تنظيم نحو 60 احتجاجًا داعمًا لفلسطين في مختلف أنحاء بريطانيا.
وفي وقت سابق، رفضت السفيرة الإسرائيلية في لندن فكرة إقامة دولة فلسطينية في غزة، حيث صرحت بأنه بعد انتهاء القتال في قطاع غزة، لن يكون للفلسطينيين دولتهم الخاصة، لأنهم لم يرغبوا أبدًا بدولة إلى جانب "إسرائيل" حسب زعمها، ومن جهته، عارض رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك هذه التصريحات، حيث أكد في حديث لقناة "سكاي نيوز" أن موقف بريطانيا الواضح والثابت هو أن حل الدولتين هو الخيار الصحيح في هذا الوضع، وأشار إلى أنه لا يرغب أحد في استمرار هذا الصراع لفترة أطول من اللازم، وأكد مجددًا حق "إسرائيل" في الدفاع عن النفس، مع التأكيد على ضرورة اتخاذ جميع التدابير الضرورية لتجنب سقوط المزيد من الضحايا المدنيين.
ورفضت السفيرة الإسرائيلية في لندن، تسيبي حوتوفلي، بشدة أي حل يتضمن إقامة دولة فلسطينية، وعند سؤالها حول إمكانية إقامة دولة فلسطينية، ردت حوتوفلي بشكل قاطع قائلة: "قطعًا لا"، وأضافت: "إسرائيل تعرف ذلك اليوم، وعلى العالم أن يعرف ذلك الآن، السبب في فشل اتفاقات أوسلو هو أن الفلسطينيين لم يرغبوا قط في أن تكون هناك دولة إلى جانب إسرائيل"، وفي مقابلة بثتها قناة "سكاي نيوز" البريطانية، وتابعت حوتوفلي: "يريدون أن تكون لهم دولة من النهر إلى البحر، من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط"، وعبّرت عن استغرابها من تمسّك البعض بفكرة حل الدولتين، متسائلة: "لماذا أنتم مهووسون بصيغة حلّ الدولتين التي خلقت هؤلاء الأشخاص المتطرّفين على الجانب الآخر"، في استجابة لطلب التعليق على تصريحات السفيرة الإسرائيلية، أعرب رئيس الحكومة البريطانية، ريشي سوناك، عن عدم موافقته على تلك التصريحات، وقد أكد سوناك على موقف المملكة المتحدة المؤيد لحل الدولتين.
شعوب العالم بجانب فلسطين
يُشير تصاعد الضغط العالمي إلى مظاهر متعددة، بدءًا من التنظيم الواسع لمسيرات ووقفات تضامنية مع الشعب الفلسطيني حول العالم، وصولًا إلى الانتقادات المتزايدة لدور الولايات المتحدة ودعمها لـ"إسرائيل"، تظهر هذه المظاهر في مظاهرات شعبية واحتجاجات تطالب بوقف الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، يُلاحظ أيضًا تصاعد الغضب من دعم السياسة الإسرائيلية غير المشروط من قبل الحكومة الأمريكية، وخاصة بعد اندلاع الصراع في قطاع غزة، ومن الجدير بالذكر أن هناك زيادة في عدد الشهداء والجرحى بشكل كبير في غزة، ما يجسِّد استخدام القوة الزائدة والأسلحة المحظورة دوليًا، ما يعد انتهاكًا للقوانين الدولية وحقوق الإنسان، هذا يُشكل محط انتقادات واسعة، ويبرز التحديات التي تواجه الجهود الدولية لحماية المدنيين في المناطق المتضررة.
ومن جهة أخرى، يُلاحظ تنامي المواقف الدولية المستنكرة للعدوان على غزة، حيث تعبر بعض الدول عن استنكارها الشديد وتندد بالاعتداءات على الفلسطينيين، بعض الدول قد اتخذت إجراءات منها قطع العلاقات مع "إسرائيل" وسحب سفرائها، وتسعى العديد من الشخصيات السياسية والمنظمات إلى محاسبة "إسرائيل" على انتهاكاتها الواضحة للقوانين الدولية، ومن الناحية الاقتصادية، يعكس تقرير من "فاينانشال تايمز" تأثير الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث يشير إلى تدهور كبير في الاقتصاد، مع تراجع شركاته على حافة الانهيار وانخفاض الاستثمارات الأجنبية وفقدان الثقة في الاقتصاد.
المؤشرات المتعلقة بتصاعد الضغط العالمي تظهر بوضوح:
مسيرات الدعم العالمي: تنظيم مظاهرات ووقفات تضامنية حول العالم يُظهر وحدة الشعوب في رفض سياسات الاحتلال الإسرائيلي ودعم الفلسطينيين.
الانتقادات الدولية والقطع الدبلوماسي: ردود فعل حادة من قادة دول ورفض لسياسات الاحتلال، ما أدى إلى اتخاذ بعض الدول لإجراءات مثل قطع العلاقات وسحب السفراء.
التأثير الاقتصادي: تدهور الوضع الاقتصادي في "إسرائيل" نتيجة لتأثير الحرب، مع انخفاض الثقة وتراجع الاستثمارات الأجنبية وتأثير ذلك على الشركات.
تحركات الجالية اليهودية: انضمام فئة من الجالية اليهودية إلى الانتقادات لسياسات اليمين المتطرف، ومشاركتهم في مسيرات احتجاجية، ما يعكس تحولًا في الآراء الداخلية.
حملات المقاطعة الاقتصادية: اتخاذ إجراءات اقتصادية من خلال حملات المقاطعة لشركات تدعم الاحتلال، ما يضع ضغطًا على الشركات والمؤسسات.
ضغط عوائل الأسرى: استخدام عوائل الأسرى للمطالبة بحقوق ذويهم وللضغط على القرار الإسرائيلي، ما يؤكد على ضرورة إنهاء الاحتجازات غير القانونية.
تأثير الرياضة: تحول الملاعب إلى ساحات تعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني رغم العقوبات، ما يفضح تضاعف المعايير في التعامل مع القضايا الدولية، وهذه المؤشرات تعكس تغيرات ملموسة في الرأي العام الدولي وتزايد الدعم للقضية الفلسطينية ورفض سياسات الاحتلال.
في النهاية، يظهر تأثير الأوضاع الحالية على الكتل الانتخابية والسياسيين في العالم، حيث تراجعت شعبية الرئيس الأمريكي جو بايدن على سبيل المثال وأكد المسلمون في أمريكا عدم نيتهم التصويت لصالحه، وهو ما يشير إلى مستقبل تغيير في ديناميات السياسة الداخلية في بعض الدول، الشيء الذي يظهر في تأثير مواقف الهيئات الدولية والحكومات، وتلك المؤشرات تشير إلى تغير كبير في آفاق الدعم الدولي للفلسطينيين، وتعزز الحاجة إلى استغلال هذا الزخم لوقف العدوان وزيادة التفاعل الإنساني ورفع الحصار عن قطاع غزة.