0
الأربعاء 13 كانون الأول 2023 ساعة 12:13

في منتصف الطريق إلى رؤية 2030 ماهي التحديات التي تعترض طريق السعودية ؟

في منتصف الطريق إلى رؤية 2030 ماهي التحديات التي تعترض طريق السعودية ؟
و تشير التوقعات الأولية إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.03٪ في نهاية عام 2023، مع توقعات لتسارع اقتصاد المملكة إلى 4.4٪ في العام المقبل. ويتوقع أن يصل الدين العام لحوالي 1.024 تريليون ريال بنهاية 2023، ما يمثل 24.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن يرتفع الدين في عام 2024 إلى مستوى 1.103 تريليون ريال، بنسبة 25.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

ميزانية 2024 من وجهة نظر ولي العهد السعودي

أكد ولي عهد المملكة العربية السعودية، الأمير محمد بن سلمان، أن ميزانية المملكة لعام 2024 تتجه نحو تعزيز النمو في القطاع الاقتصادي غير النفطي. يُبرز هذا الالتزام من خلال زيادة الإنفاق على تطوير البنية التحتية وتعزيز القطاعات الصناعية والخدمات المحلية، مما يعكس التفاني في تعزيز التنوع الاقتصادي.

وفي سياق جهود السعودية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، يُوضح الأمير محمد بن سلمان أن الحكومة تسعى أيضًا إلى تعزيز احتياطياتها وضمان مستويات مستدامة من الدين العام. هذا الإعلان يظهر التفاني في تحقيق استدامة النمو وزيادة القدرة على التكيف مع التحولات الاقتصادية العالمية.

قراءة في ميزانية السعودية لعام 2024

ارتفعت تقديرات ميزانية السعودية 2024 مقارنة بعام 2023، إذ من المتوقع أن تبلغ الإيرادات وفقاً لبيان وزارة المالية نحو 1.17 تريليون ريال مقارنة بنحو 1.13 تريليون ريال في 2023، لكنها ما زالت منخفضة عن إيرادات العام المالي 2022.

أما النفقات، فتوقعت الوزارة أن تبلغ 1.25 تريليون ريال عام 2024، مقابل 1.16 تريليون ريال المسجلة في 2022، ما قد يتسبب في تسجيل عجز موازنة لعام 2024 قدره 79 مليار ريال، ما يمثل نحو 1.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي

وتتوقع الحكومة أيضًا أن تشهد الميزانية عجزًا في الفترة من 2024 إلى 2026 بدلاً من تحقيق فائض، كما كان متوقعًا في السابق، ويُعزى ذلك إلى حد كبير إلى زيادة الإنفاق. ويتوقف هذا العجز الضئيل على تطورات سوق النفط العالمية – حيث إن انخفاض عائدات النفط قد يؤدي إلى زيادة العجز، في حين أن ارتفاع عائدات النفط سيؤدي على الأرجح إلى تحقيق فائض – وكذلك على قدرة الحكومة على تقليل الفجوة بين الإنفاق والميزانية خلافًا لما حدث في العامين الماضيين. وتتوقع السعودية أن تشهد الفترة بين 2024-2026 زيادة الإنفاق بنسبة 2.6 % فقط سنويًا في المتوسط، وهي رؤية متفائلة بالنظر إلى تجربة العامين الماضيين.

من جهة أخرى أسهم قرار المملكة بتمديد الخفض الإضافي لإنتاجها من النفط حتى نهاية عام 2023 بأثر جلي في أداء الاقتصاد السعودي، إذ قالت هيئة الإحصاء العامة إن الناتج المحلي الإجمالي السعودي انكمش بنسبة 4.5 في المئة على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2023، وهذا هو أكبر انكماش منذ جائحة كورونا. وكانت قد مددت السعودية فترة خفض إنتاجها من النفط إلى نحو تسعة ملايين برميل يومياً حتى شهر مارس آذار من العام المقبل، والتي قد بدأتها في يونيو حزيران 2023.

استراتيجية السعودية من خلال رؤية 2030

تعكس ميزانية المملكة العربية السعودية لعام 2024 رؤية طموحة تهدف إلى تعزيز النمو في القطاع الاقتصادي غير النفطي، حيث تُشير التوجيهات الرسمية إلى استمرار تنويع الاقتصاد والابتعاد عن الاعتماد الكلي على النفط. يُتوقع أن يصل الإنفاق إلى مجموعة من القطاعات الحيوية، بهدف تعزيز الاستدامة وتحقيق نمو اقتصادي مستدام. ظهرت أهمية الأنشطة غير النفطية ودورها في دعم الاقتصاد السعودي بوضوح خلال عام 2023 تحديداً مع بدء خفض انتاج النفط، ولفتت هيئة الإحصاء السعودية إلى أن تعثر الاقتصاد في الربع الثالث كان من الممكن أن يكون أكبر لولا نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 3.6 في المئة.

التحديات التي تواجهها رؤية 2030

من أبرز التحديات التي تواجهها رؤية 2030 السعودية تنطوي في - مستوى الثقة في الرؤية والذي يتأثر بأوجه عدم اليقين الإقليمية الناتجة عن الصراعات المعقدة في المنطقة. فيما شدد خبراء اقتصاديون على وجوب دعم الاصلاح حيث أن - دعم الإصلاح شيء، ومعايشة الإصلاح شيء آخر، لذلك، سيكون التحدي الأكبر في تحويل الرؤية إلى برامج عملية وفق جداول زمنية وأولويات محددة وأهداف كلية بمعدلات واقعية قابلة للتنفيذ، السعودية لديها ما يكفي من النخب المتعددة، التي تستطيع تحويل الرؤية إلى واقع ملموس، مما يعني أن ملكية الرؤية يجب أن تكون سعودية مائة في المائة، لضمان نجاحها في البيئة السعودية السياسية والاجتماعية.

من جهة أخرى يعتبرمن أهم أهداف "رؤية السعودية 2030" هو الحفاظ على البيئة وتنميتها المستدامة. يمكن التغلب على هذا التحدي من خلال التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة وتطوير تقنيات الحفاظ على البيئة، وتشجيع الزراعة الحضرية وإدارة المياه بشكل فعال.

ويمكن القول أن التحدي الأهم الذي يواجه الاقتصاد السعودي في تنفيذ خطط رؤية 2030 والذي يمكن استنتاجه من ميزانية السعودية لعام 2024 هو تخفيض أسعار النفط في ظل الإنفاق الكبير على المشاريع العملاقة مايبرز تساؤلات عدة عن مدى قدرة المملكة على تحقيق التوازن المالي و الاقتصادي في ظل وضعها لخطط و مشاريع ضخمة . حيث أن تزامن الإنفاق الكبير على المشاريع الضخمة مع انخفاض أسعار النفط وتقليل الإنتاج السعودي، قد دفع الحكومة للتمسك بتخفيض إنتاجها بمليون برميل يوميًا على مدى الشهرين المقبلين. هذا يعكس الحاجة المستمرة للسعودية لتحقيق توازن في ميزانيتها وتنويع مصادر إيراداتها.

وينبغي وضع هذه المخاطر في الاعتبار الآن. تتمتع السعودية بوضع مالي قوي، ودين عام منخفض، وقدرة كبيرة على الاقتراض وأصول مالية ضخمة في القطاع العام. ومع ذلك، فإن العجز المالي الذي استمر أغلب السنوات العشر الماضية أدى إلى انخفاض ودائع الحكومة لدى البنك المركزي، وهي مصدر رئيسي للتأمين ضد المخاطر المالية. وتُظهر التجارب السابقة، كان آخرها في عامي 2014 و2020، أن الانخفاض الكبير في أسعار النفط سيؤدي إلى تدهور كبير وسريع في الميزان المالي، سيتعين تمويله عن طريق الاقتراض المحلي أو الدولي.

مشاريع بميزانيات ضخمة

تعد مشاريع رؤية 2030 الضخمة أحد العوامل الرئيسية وراءالتحول الملحوظ في ميزانية السعودية في السنوات الأخيرة، حيث زادت هذه المشاريع الطموحة من الإنفاق الحكومي، مما يدفع الحكومة السعودية للنظر في وسائل جديدة لتمويل هذا العجز، سواءً عبر فرض الضرائب أو إصدار الديون أو بيع حصص في الشركات الحكومية.

وتشمل هذه المشاريع :

مشروع قمم السعودية:

يُعَدُّ “قمم السودة” من أبرز المشاريع، فهو يتمتع ببيئة استثنائية على ارتفاع 3015 مترًا. يهدف المشروع إلى استقبال مليوني زائر سنويًا بحلول 2033، ويضم فنادق فاخرة ووحدات سكنية ومساحات تجارية.

مشروع نيوم:

بقيمة 500 مليار دولار، “نيوم” هو مدينة مستدامة على مساحة 26,500 كم²، تضم مشاريع مبتكرة مثل “أوكساجون” و”تروجينا”، وتهدف إلى استقطاب مليون زائر سنويًا بحلول 2030.

مشروع البحر الأحمر:

يقع على شواطئ البحر الأحمر ويمزج بين الفخامة والاستدامة، يستهدف مشروع البحر الأحمر تطوير 22 جزيرة واستقطاب مليون زائر سنويًا بحلول عام 2030.

مشروع أمالا:

ينشأ على سواحل البحر الأحمر ويمتد على مساحة 4000 كم²، حيث تهدف المرحلة الأولى إلى توفير أكثر من 1300 غرفة فندقية في 8 منتجعات.

القدية:

مشروع يهدف إلى تحويل مسارات المليارات الصادرة سنويًا إلى محطات سياحية داخلية، ويمتد على مساحة تزيد عن 376 كم².

الدرعية:

مشروع ضخم يجسّد استدامة المعالم التراثية ويتضمن أكثر من 26 معلمًا ثقافيًا يعود تاريخها لأكثر من 300 عام، ويُصنَّف ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.

ختام القول، إنَّ هذه المشاريع الطموحة، رغم توقعاتها الكبيرة لتحقيق التنمية، إلا أنها تُمثِّل تحديات مالية كبيرة نتيجة للإنفاق الضخم الذي تتطلبه، والذي يزيد الضغط على الموارد المالية العامة و يؤثر سلبياً على الميزانية العامة للبلاد حيث أن عدم الفصل بين إيرادات النفط والإنفاق الحكومي يعني أن المخاطر المالية آخذة في الارتفاع، رغم أنها لا تزال محدودة، وأن خطط الإنفاق الخاصة بالحكومة وصندوق الاستثمارات العامة معرضة للخطر في حالة انخفاض أسعار النفط بشكل أكبر.

لتضليل هذه التحديات، يتطلب مشروع "رؤية السعودية 2030" جهودا متواصلة من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بالإضافة إلى استثمارات كبيرة في التطوير البنيوي والتعليم والتدريب المهني والأبحاث والابتكار.
رقم : 1102375
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم