وقال سماحة الخامنئي إن الجرائم الوحشية التي يرتكبها الکیان الصهيوني ضد أهل غزة فضحت الکیان وأمريكا والدول الأوروبية والحضارة والثقافة الغربیة، وأضاف إن ثقافة الغرب وحضارته هي نفس الحضارة التي عندما يستشهد خمسة آلاف طفل بقنبلة فوسفورية، يقول نظام دولة غربية ما، إن "إسرائيل" تدافع عن نفسها؛ هل هذا الدفاع عن النفس؟ هذه هي الثقافة الغربية؛ وفي هذه الحالة، فضحت الثقافة الغربية وشوهت سمعتها، وأضاف إن مآسي غزة هي خلاصة جرائم الکیان الصهيوني في فلسطين منذ 75 عاما .
وقال متسائلا: أين بنوا المستوطنات الصهيونية؟ لقد دمروا منازل ومزارع الفلسطينيين وأقاموا بدلاً منها المستوطنات الصهيونية وقتل من وقف ضد الاستيطان من امرأة أو طفل، فهم يفعلون ذلك منذ 75 عامًا، وأکد خامنئي أن طوفان الأقصى لا يمكن أن ینطفئ وهذا الوضع لن يستمر في ظل القدرة الإلهية، وأشار إلى سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه القضية الفلسطينية وقال: "إن بعض الناس في العالم يتحدثون عن آراء الجمهورية الإسلامية بشأن المنطقة ويقولون زورا أن إيران تعتقد أنه يجب رمي اليهود والصهاينة في البحر، كان بعض العرب يقول يتعين رمي اليهود في البحر، لكننا لم نقل هذا أبدا، نحن لا نرمي أحدا في البحر، إننا نقول إن الرأي هو رأي الشعب الفلسطيني والحكومة التي تشكل بأصوات الشعب الفلسطيني ، هي ستتخذ قراراتها بشأن الذين يتواجدون هناك؛ ویمکن أن تقول هذه الحكومة إن كل من جاء من بلدان أخرى يمكنهم البقاء في فلسطين".
وأضاف سماحة آية الله الخامنئي: "بعض الدول الأفريقية التي زرتها خلال فترة رئاستي كافحت وانتصرت، تمكن السكان الأصليون من هزيمة البريطانيين، لكنهم سمحوا للبريطانيين بالبقاء بناءً على مصالحهم، وأوضح المرشد أن الفلسطينيين يمكن أن يفعلوا الشيء نفسه؛ وقد يسمحون للبعض بالبقاء في ارضهم وقد يقولون للبعض الآخر يتعين عليهم المغادرة ، الفلسطينيون هم صاحب القرار، ونحن لا نعلق على هذا"، ونفى خامنئي، في كلمة له الاتهامات الموجهة ضد إيران بشأن نواياها تجاه اليهود، مضيفًا “هذه الاتهامات هي أكاذيب، رمي اليهود في البحر هو كلام قاله بعض العرب سابقا ولم تقله إيران أبدا ونحن لن نرمي أحدا في البحر".
وأوضح السید خامنئي أن إيران تعتقد أن “القرار في قضية فلسطين يعود للشعب الفلسطيني والحكومة المنتخبة من قبلهم”، مشيرًا إلى أنه “ربما يقررون أن يبقوا كل هؤلاء الذين أتوا من الدول الأخرى وربما لا القرار يعود لهم وليس لنا رأي في هذا الأمر"، بالإضافة إلى ذلك، تطرق خامنئي إلى السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، معتبرًا أن “الولايات المتحدة فشلت في تحقيق مشروعها للشرق الأوسط الجديد”. وأشار إلى أن محاولات واشنطن في القضاء على حزب الله “فشلت وقوة الحزب زادت 10 أضعاف”، وكذلك “محاولتهم للسيطرة على العراق وتسليم سورية لداعش وجبهة النصرة".
ورأى آیة الله الخامنئي أن “فلسطين كانت جزءا من مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي كان يهدف إلى محوها لمصلحة الكيان الصهيوني، لكن الولايات المتحدة لم تتمكن من تحقيق ذلك"، ولفت إلى أن “طوفان الأقصى لن ينطفئ وعليهم أن يدركوا أن الوضع لن يستمر على ما هو عليه الآن”.
وعلى سياق متصل، تطرق وزير الخارجية الإيراني، حسين أميرعبداللهيان في مقابلة مفصلة مع قناة "الجزيرة" إلى آخر تطورات قطاع غزة والهدنة القائمة، وقال إن مستقبل قطاع غزة يحدده الشعب الفلسطيني عبر إجراء استفتاء تحديد المصير للسكان الأصليين لفلسطين بكل أطيافهم وأعراقهم.
وفي معرض رده على سؤال ما إذا طرحت بعض الأطراف اتهامات ضد إيران بشأن استهداف القواعد الأمريكية في العراق وسوريا من قبل بعض الجماعات أو الاستيلاء على السفينة في اليمن، قال وزير الخارجية الإيراني إن هذه الجماعات هي التي تقرر بشأن عملياتها، مضيفا: لقد سمعنا من بعض الأمريكيين بأن قواعدهم بالعراق وسوريا استهدفت من قبل هذه الجماعات ونشب بينهما اشتباكات. لقد قلنا في الجواب أن أيا من هذه الجماعات لا تنشط نيابة عنا بل تقوم بهذه الإجراءات بناء على مصالح بلادها وفي إطار أمن بلادها والمنطقة والأمة العربية والإسلامية.
وأبدى عبد اللهيان عن سعادته لدخول الهدنة الإنسانية التي تم التوصل إليها بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والاحتلال الإسرائيلي حيز التنفذ، مضيفا إنه يأمل في استمرار الجهود للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وما يرتكبه "الكيان الصهيوني" من جرائم حرب بحق أهالي غزة، وأشار إلى أن جهود بلاده كان لها دور في الوصول إلى هذه الهدنة من خلال ما قدمه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من مبادرة لوقف جرائم الحرب بالتنسيق مع قادة الدول الإسلامية، والتي تمخض عنها اجتماع القمة الإسلامية والعربية، وكذلك دعوته لعقد اجتماع قادة تجمع دول البريكس الاقتصادي.
وثمّن وزير الخارجية الإيراني الجهود القطرية لإتمام هذه الهدنة، مشيرا إلى تواصله المستمر مع نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، واتصالاتهم بقادة حماس للوصول إلى مرحلة وقف "جرائم الكيان الصهيوني" واستيفاء حقوق الشعب الفلسطيني. وشدد على ضرورة التركيز لتحويل هذه الهدنة لوقف إطلاق نار دائم، لأنه في حال حصول غير ذلك، فإن المنطقة ستواجه ظروفا جديدة ومختلفة، وأنه على "الكيان الصهيوني" وأمريكا تحمل عواقبها الوخيمة، على حد تعبيره.
ولفت إلى أن بلاده تلقت خلال العشرة أيام الأخيرة رسائل من الجانب الأمريكي عبر وسطاء، مفادها بأنهم لا يتطلعون لتوسيع نطاق الحرب، بعد أن تبين لهم أن الدعم اللامحدود للاحتلال الإسرائيلي لن يكون في مصلحة السياسيين في البيت الأبيض، وأنهم سيعملون من أجل وقف الحرب والحيلولة دون تهجير الفلسطينيين. وأضاف إنه يأمل أن تكون هذه الأخبار صحيحة، وأن صدق هذه النوايا من أمريكا سيظهره مدى استعدادها لإجبار الاحتلال الإسرائيلي على الالتزام بالهدنة وتحويلها لوقف إطلاق نار مستدام.
وشدد على دعم بلاده للمقاومة الفلسطينية، مؤكدا مشروعية ذلك وتوافقه مع القانون الدولي الذي يعتبر الاحتلال "ظاهرة مشؤومة"، ويدعم مقاومته بشتى الطرق المتاحة.
وحول موقف بلاده من حل الدولتين، قال عبد اللهيان، إن طهران تدعم تشكيل دولة فلسطينية واحدة وموحدة في شتى أنحاء الأراضي التاريخية لفلسطين وعاصمتها القدس الشريف، لافتا إلى أن رؤية إيران للحل السياسي قائمة على مقترح إجراء استفتاء تحديد المصير للسكان الأصليين لفلسطين بكل أطيافهم وأعراقهم، وأكد وزير الخارجية الإيراني على أن الاحتلال الإسرائيلي فشل في تحقيق هدفه المعلن بالقضاء على حركة حماس، التي يرى أنها متجذرة ومستقرة في غزة.
وفي هذا السياق، لفت عبد اللهيان إلى أنه التقى قيادات للمقاومة أكدوا له أنه لم يتم استخدام سوى من 10 إلى 12% من إمكانياتهم وطاقاتهم في القطاع، وأن لديهم القدرة على الاستمرار في المواجهة لشهور مقبلة، وأضاف إن بلاده ترى أن مستقبل غزة سيحدده الشعب الفلسطيني ومقاومته، وإنه إذا تصورت أمريكا بأنها تستطيع أن تتخذ قرارا بشأن غزة ما بعد الحرب بدلا من الشعب الفلسطيني فهي تفكر بشكل خاطئ، كما تصورت عام 2006 بأنه يمكن القضاء على حزب الله اللبناني أو تجريده من سلاحه.