اللافت في العملية الجريئة للقوات المسلحة اليمنية، انها لم تأت على حين غرة، بل سبقها تهديد واضح وصريح من قائد حركة انصارالله، اي ان الكيان الاسرائيلي وامريكا والغرب وداعميه من الانظمة العربية، كانوا يتوقعون هذا الامر، واللافت اكثر ان العملية العسكرية تمت في الوقت الذي تتكدس في المنطقة اساطيل امريكية وبريطانية وفرنسية وتلك العائدة للدول العربية التي مازالت في حالة حرب مع الشعب اليمني، الامر الذي يكشف عن تقدم كبير في قدرات القوات المسلحة اليمنية، في جميع النواحي التسليحية والاستخباراتية.
العملية الذكية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية يوم امس الاحد، في الاستيلاء على السفينة التي تحمل اسم "غالاكسي ليدر" لمالكها رجل الاعمال الاسرائيلي رامي اغنر ، حملت العديد من الرسائل، في مقدمتها ان الشعب الفلسطيني المظلوم في غزة ليس وحيدا، وان له اخوة لن يترددوا لحظة واحدة في الوقوف الى جانبهم، مهما بلغت التكاليف، حتى يتوقف العدوان الاسرائيلي الامريكي على غزة . كما ان العملية جاءت لتؤكد ان "اسرائيل" لا يمكنها ان تواصل عربدتها وتفتك باطفال غزة ونسائها، وتستهر وتنتهك القانون الدولي اتكالا على الدعم الامريكي والغربي، فالتواجد العسكري الامريكي والغربي، لن يمنع محور المقاومة، من تدفيع الكيان الاسرائيلي ثمن عربدته.
ان على الكيان الاسرائيلي، ان يدرك قبل فوات الاوان، ان كل العرب ليسوا الانظمة التي طبعت معه ورفعت علمه المزيف في العواصم التي تحكمها تلك الانظمة، فهناك عرب لن تجرؤ ان ترفع علمها على سفينة يمكن ان تمر بالقرب من سواحلهم، كعرب اليمن وقيادتهم الشجاعة، فـ"اسرائيل" التي تستأسد على اطفال ونساء غزة المحاصرين، تعتمد في حركتها في البحر الأحمر وباب المندب، على التهريب والتمويه، ولم تجرؤ على أن ترفع علمها على سفنها، بل وتغلق أجهزة التعارف في البحر الأحمر، خوفا من رجال اليمن.
الامر المهم ، الذي يجعل كل انسان حر في العالم، يقف اجلالا للشعب اليمني والقوات المسلحة اليمنية وحركة انصارالله وقائدها الشجاع السيد الحوثي، وان يرفع القبعة احتراما لهم، هو ان امريكا التي جاءت الى المنطقة بكل ثقلها العسكري، لتمنع اي طرف في المنطقة، يمكن ان يفكر في الوقوف في وجه الوحش الاسرائيلي الذي ينهش بلحم اهالي غزة منذ 44 يوما، ارسلت رسائل تهديد وترغيب الى حركة انصار الله، لمنعها من تقديم الدعم لغزة، عبر التهديد المباشر بعودة الحرب مع "التحالف العربي"!!، وإعاقة الاتفاق معه، بعد أن كان وشيكاً، وإعاقة المساعدات الإنسانية، الا ان القيادة اليمنية لم تكترث بكل خطوات الضغط والتهديد الأميركية، ولم تؤثر في موقفها المبدئي الصادق، النابع من منطلقات إيمانية وإنسانية وأخلاقية.
السيد عبدالملك الحوثي كان صريحا وواضحا في خطابه الذي القاه يوم الثلاثاء الماضي بمناسبة يوم الشهيد حيث قال: "عندما قال الأميركيون لنا إنهم وجهوا دول المنطقة ألا تكون لها أي ردة فعل تجاه فلسطين، قلنا لا تحسبونا معها، لسنا من يخضع لأوامركم".
عالم اليوم يعيش حالة غير مسبوقة من ازدواجية المعايير، فمن جانب نرى امريكا والغرب يدعمون كيانا محتلا عنصريا ارهابيا اجراميا، بالسلاح والمال والاستخبارات والاعلام، تحت ذريعة الدفاع عن النفس، وهي ذريعة تسببت باستشهاد 13 فلسطيني منهم اكثر من 5500 طفل واكثر من 4000 امراة، بينما يمنع ويسجن ويطارد كل انسان حر يقف مع مظلومية اهالي غزة حتى بالكلمة، هذه الازدواجية تفرض على كل انسان حر في العالم ان يتحرك لنصرة المظلومين، بعد فشل كل المؤتمرات والاجتماعات والقمم الاسلامية والعربية، والامم المتحدة ومجلس الامن عن وقف الابادة الجماعية التي ينفذها الكيان الاسرائيلي ضد العزل المحاصرين في غزة، وهذه الحقيقة المرة، هي التي دفعت اليمن ان يدخل الحرب رسميا الى جانب غزة، واستخدم جانبا من امكانياته في سلاحي الصواريخ والمسيرات لدك مناطق مختلفة من فلسطين المحتلة، وان " ما يصرح به الكيان الإسرائيلي من اختطاف سفينة اسرائيلية من قبل اليمن هي مزاعم غير صحيحة كوننا في حالة حرب معلنة:، كما قال عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن محمد علي الحوثي.
ان ما قامت به البحرية اليمنية سيجعل المعتدين يعيدون حساباتهم من الان فصاعدا، ف80% من تجارة الكيان الاسرائيلي مع العالم تأتي عبر البحر، وجانب كبير منها يأتي عبر البحر الاحمر، الذي تمرّ عبره أكثر من 10% من التجارة العالمية سنويًا، والذي سيغلق على الكيان الاسرائيلي ، بأمر من القيادة اليمنية، الامر الذي سيوجه ضربة قاسية للاقتصاد "الاسرائيلي" الذي بات يترنح على وقع العدوان على غزة.
كان واضحا ان الضربة التي وجهها اليمن، عبر الاستيلاء على سفينة تابعة للكيان الاسرائيلي، وتهديده بالاستيلاء على كل سفينة اسرائيلية او ترفع علم الكيان او ترتبط به بشكل او بآخر، كانت ضربة موجعة جدا، فرئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اعرب في بيان لمكتبه عن تعرض حكومته لضربة كبيرة من حكومة صنعاء، بينما وصف المتحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي، أنّ احتجاز السفينة "يعد حدثا خطيرا للغاية".
ستثبت الايام القادمة، ان يوم 19 تشرين الثاني / نوفمبر، سيشكل انعطافة في سير الحرب الدائرة في غزة، وعلى مشغلي الوحش الاسرائيلي، من الامريكيين والغربيين، ان يعيدوا حساباتهم، اذا كانوا حريصين فعلا على عدم اتساع الصراع، وعليهم ان يلجموا وحشهم ليكف أذاه عن اطفال ونساء غزة، وإلا فان البحر الاحمر سيُغلق امام سفن الكيان الاسرائيلي بأمر من السيد الحوثي، وما سفينة "غالاكسي ليدر"، الا تمرين اولي.