0
الخميس 16 تشرين الثاني 2023 ساعة 11:09

الاعتقالات والحركات الإسلامية في الأردن.. قلق السلطة وأهداف مؤجلة

الاعتقالات والحركات الإسلامية في الأردن.. قلق السلطة وأهداف مؤجلة
لم يكن الأردن بعيداً عن تأثير الضغط الشعبي، فقد شهد مظاهرات متواصلة داعمة للفلسطينيين، ومنددة بالحرب الإسرائيلية الهمجية على القطاع، إذ يرتبط بصلات مباشرة مع الأطراف الرئيسة المعنية في هذه الحرب "كيان الاحتلال، السلطة الفلسطينية، حركة حماس"، وهو ما يلعب دورا رئيسيا في تحديد موقف الأردن، إذ تعي السلطات الأردنية حساسية الشارع إزاء مواقفها السياسية تجاه القضية الفلسطينية وموقفها من الكيان الإسرائيلي، لذا فهو يتعامل مع القضية الفلسطينية ضمن حسابات سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية وديموغرافية معقدة. 

تقوم سياسة الأردن تجاه القضية الفلسطينية على حل الدولتين، لذلك هو يدعم السلطة الفلسطينية باعتبارها أحد تجليات هذا الحل، أما كيان الاحتلال فقد وقع الأردن معه معاهدة سلام عام 1994، ورغم تعرّض العلاقة بينهما لأزمات عديدة ظلت اتفاقية "وادي عربة" وتطبيع العلاقات الأردنية مع الكيان الصهيوني ركناً أساسياً في سياسة الأردن الخارجية، وتحكم علاقته بالكيان والولايات المتحدة.

وفيما يخص حركة حماس فإن الأردن يتعامل معها باعتبارها ملفا أمنيا، وليس سياسيًا، إذ تنسّق حماس تحركاتها في الأردن مع دائرة المخابرات العامة الأردنية من خلال ممثل لها في عمّان، وتتفاوت العلاقة بين الطرفين، فهي تتحسن وتتدهور تبعا للواقع المفروض والظروف السياسية الدائرة في المنطقة، لكن العلاقة تبقى في مجملها فاترة، وقد تتوتر أحيانًا بسبب ما يقول الأردن إنها أنشطة عسكرية لحماس على أراضيه، إذ تم إخراج قيادات حماس من الأردن، وإغلاق مكاتبها في بداية عهد الملك عبد الله.

وفي أول رد فعل على أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر، دعا الأردن إلى "وقف التصعيد، وضرورة ضبط النفس وحماية المدنيين"، وأدان "الانتهاكات الإسرائيلية" في حق الشعب الفلسطيني ومقدساته الإسلامية والمسيحية، متجنباً إدانة حماس على نحو مباشر، وظل الموقف الأردني الرسمي يتحرك خلال الأيام الأولى في إطار "ضرورة وقف التصعيد" و"التأكيد على حل الدولتين"، و"التحذير من أيّ محاولات للتهجير"، من دون طلب وقف فوري لإطلاق النار في حينه، وهو ما عمل عليه الأردن ومصر وأُقر في بيان صادر عن اجتماع وزاري لجامعة الدول العربية عقد في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وذلك ردًا على دعوات إسرائيلية، دعمتها الولايات المتحدة، لترحيل الغزيين من شمال القطاع تحت عنوان فتح "ممرات آمنة للمدنيين"، 

يتراوح التعامل الأمني مع الشارع الأردني بين الاحتواء أحيانًا والخشونة أحيانًا أخرى، إلا أن الثابت في تعامل الأردن مع المظاهرات هو الحساسية السياسية، ومنبعها عاملان: الأول أن القوى المنظّمة للاحتجاج، وعلى رأسها الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن، تضمّ أطيافًا من المعارضة السياسية مثل حزب جبهة العمل الإسلامي، صاحب الحضور الأكبر، والثاني هو خروج المظاهرات عن نطاق السيطرة.

إن حزب جبهة العمل الإسلامي يتبع الإيديولوجيا الإخوانية، في رؤيته للحياة السياسية والاجتماعية، وقد شكل جبهة معارضة للسلطات الحاكمة في الأردن، إذ اعتمد مصطلح إصلاح النظام سلميًا وتدريجيًا، والدعوة إلى إصلاحات دستورية وصلت إلى صلاحيات الملك، وعلى مستوى السياسات وتفعيل القوانين، وفق قول الشيخ حمزة منصور، الأمين العام السابق لجبهة العمل الإسلامي في الأردن ورئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين سابقًا. 

ويتحدث منصور عن وجود جهات مسؤولة وإعلامية حاولت زرع الفتنة بين الحركة الإسلامية والملك عبد الله الثاني، كون "النظام العالمي لا يسمح بنظام إسلامي في الوطن العربي"، حيث صدر قرار إغلاق مقرات الجماعة في الأردن عام 2016، بذريعة أن جماعة الإخوان المسلمين غير مرخصة، وفي عام 2020 قررت السلطات القضائية الأردنية حل جماعة "الإخوان المسلمون" التي تمثل مع جناحها السياسي حزب "جبهة العمل الإسلامي" أكبر حركات المعارضة السياسية في البلاد، لكن الناطق الرسمي باسم جماعة "الإخوان المسلمون" معاذ الخوالدة قال إن الجماعة مرخصة قانونا منذ العام 1946 وعدلت أوضاعها عام 1953.  

وقد شكلت الجماعة لعقود طويلة دعامة للنظام، لكن العلاقة مع السلطات شابها التوتر في العقد الأخير وخصوصا بعد ما سمي "الربيع العربي" الذي بدأ العام 2011، والذي تلاه انتعاش للتيار الإسلامي الذي قمع لسنوات طويلة في عدد من الدول العربية.

وفي تطورات فجائية اعتقلت السلطات الأردنية مؤخرا نحو 20 شابا أغلبهم من الحركة الإسلامية الأردنية، وأعلنت الحكومة أن تلك الاعتقالات لها خلفية أمنية وغير مرتبطة بالتظاهرات و المسيرات الاحتجاجية التي تملأ الشارع الأردني هذه الأيام، بينما انتقد حزب جبهة العمل الإسلامي التفسير الرسمي لتلك الاعتقالات، وأعلن أن نحو 15 شابا من كوادره الناشطة تم اعتقالهم وبطريقة تعسفية وبصورة تثبت بأن السلطات الأمنية تتعاكس مع اتجاه الدولة الأردنية في مواقفها بالسماح بحرية التعبير والتضامن مع الشعب الفلسطيني.

وتلمح السلطات الأردنية إلى ان النشطاء الذين تم اعتقالهم وبعضهم مهندسون وأطباء وأعضاء في نقابة الصيادلة كما قال نشطاء من التيار الاسلامي كانوا بصدد الترتيب لعمليات أمنية غير قانونية لكن نشطاء من الحزب طالبوا بالكشف عن تلك النشاطات وإبلاغ الجمهور عن أسباب تلك الاعتقالات وخلفيتها وخصوصا أنها جرت بطريقة خشنة وبعضها في حرم الجامعة الاردنية وسط العاصمة عمان وعبر اعتقالات على طريقة الكوماندوز الأمني.

وبينما مصادر حزب جبهة العمل الإسلامي ترجح أن الاعتقالات تخص الحلقة النشطة جدا في جماعة الإخوان المسلمين في تنظيم الاحتجاجات، أبقت الحكومة خلفية الاعتقالات في حالة غموض. 

وطالب التيار الإسلامي بالإفراج عن نشطائه موضحا أن الموقوفين من شباب حزب جبهة العمل الإسلامي، وهم في الأصل كانوا يخططون فقط لأداء الصلاة والتجمع في أحد مساجد منطقة الأغوار وهي المنطقة التي تعتبرها السلطات الأردنية منطقة عمليات عسكرية الآن وتحظر فيها أي نشاطات احتجاجية.

وتواصل العديد من الشخصيات الوطنية وخصوصا في أطياف المعارضة والملتقى الشعبي لدعم المقاومة الفلسطينية مع رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي من أجل تأمين الإفراج عن الموقوفين أو معرفة تلك الخلفية الأمنية التي أدت لاعتقالهم، لكن النقاشات الدائرة حول تلك التوقيفات ذهبت عمليا باتجاهات حادة إلى حد ما وخصوصا مع عدم تقدم الحكومة بسردية واضحة لأسباب تلك الاعتقالات وأيضا مع وجود عدة موقوفين تقول السلطات إنهم ينتمون لحركة حماس وتطالب الحركة بالإفراج عنهم حتى قبل أحداث 7 أكتوبر.

فهل هناك ما يقلق حقاً من اصطفاف الحركات الإخوانية إلى جانب فلسطين، أم إن الاحتجاجات والمظاهرات الداعمة لغزة مطية للولوج إلى مآرب أخرى؟
رقم : 1096070
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم