واثار خبر اللقاء ردود أفعال منددة على مستويات عدة شعبية وسياسية ليبية حيث أعلن "حزب العدالة والبناء" في ليبيا استنكاره لما نقلته وسائل إعلام "إسرائيلية"، عن لقاء المنقوش بكوهين مطالبا في بيان له "رئيس الحكومة بإقالة وزيرة الخارجية فوراً من منصبها، لإقدامها على هذا اللقاء المشبوه"، مؤكداً أنّ "هذه الخطوة المسيئة لمشاعر جميع الليبيين تقتضي إيضاحاً وافياً في وسائل الإعلام".
فيما طالب "حزب التغيير" الليبي، الحكومة بتحديد موقفها أمام الليبيين من هذه الخطوة غير المقبولة، كما طالبها باتخاذ الإجراءات المناسبة وتقديم الاعتذار للشعب الليبي مشددا على رفضه القاطع لأي علاقات مع الكيان الصهيوني وتحت أي ذريعة كانت.
وفي السياق نفسه، أكّد الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا وأحد أبرز اللاعبين السياسيين في البلاد، خالد المشري، تعليقاً على الأنباء عن لقاء بين كوهين والمنقوش، أنّ "هذه الحكومة يجب إسقاطها".
وأضاف المشري إنّ "هذه الحكومة قد تجاوزت كلّ الخطوط الممنوعة والمحظورة الدينية والوطنية والقانونية".
ودعا أيضا عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا سعد بن شرادة رئيسي المجلس الرئاسي والحكومة إلى إحالة الوزيرة المنقوش إلى القضاء.
من جانبها، أدانت فصائل فلسطينية، اللقاء "التطبيعي" الذي جمع المنقوش مع كوهين، في إيطاليا الأسبوع الماضي.
واعتبرت الفصائل (حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) في بيانات منفصلة أن مثل هذه اللقاءات تمثّل ضوءا أخضر للاحتلال الإسرائيلي للاستمرار بسياساته وجرائمه ضد الفلسطينيين والمقدسات.
أما على المستوى الرسمي في ليبيا أمر رئيس "حكومة الوحدة الوطنية" الليبية في طرابلس "عبد الحميد الدبيبة" بإيقاف وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش احتياطياً، وإحالتها للتحقيق بعد أن قام بإقالتها.
في حين أن المجلس الرئاسي الليبي، الذي يمثل محافظاتها الثلاث، قال إن تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" غير قانوني.
واتهم مكتبُ رئيس البرلمان الوزيرة بالخيانة الكبرى، وقال البرلمان إنه سيعقد جلسات استماع لمناقشة موضوع الاجتماع. وطلب المجلس الرئاسي الذي يتخذ من طرابلس مقرا له من الدبيبة توضيحات بشأن هذا الموضوع، كما أدانه المجلس الأعلى للدولة، وهو هيئة سياسية أخرى مهمة.
وقد أثار الاجتماع هذا الجدل الكبير لأن ليبيا لا تعترف رسميا ب "إسرائيل" ، ويوجد دعم شعبي واسع النطاق عبر الأحزاب السياسية الليبية المختلفة للقضية الفلسطينية،
حيث شكّل الإعلان "الإسرائيلي" عن إجراء المحادثات مفاجأة كبيرة نظرا لعدم وجود مؤشرات على مثل هذا التقارب مع ليبيا الخصم القوي ومؤيد النضال الفلسطيني وخصوصا في ظل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي والذي كان مؤيداً قوياً للقضية الفلسطينية والذي طرد الاف اليهود من ليبيا .
وفي رد على خبر الاجتماع صرح المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية الليبية بأن الوزيرة المنقوش رفضت الاجتماع مع ممثلين عن "إسرائيل"، وإن ما حدث كان "لقاء عرضيا غير مُجهز له خلال اجتماع في وزارة الخارجية الإيطالية".
وجاء في بيان أيضا أن الحوار لم يتضمن "أي مناقشات أو اتفاقات أو مشاورات"، وأن الوزارة "تجدد رفضها الكامل والمطلق للتطبيع" مع "إسرائيل" ليأتي تصريح مضاد لمسؤول إسرائيلي يدحض رواية المنقوش حيث قال إن "الاجتماع نسق على أعلى المستويات في ليبيا، واستمر قرابة الساعتين" وأضاف المسؤول إن رئيس الوزراء الليبي يرى في "إسرائيل" جسرا محتملا للغرب والإدارة الأمريكية.
من جهته فقد صرّح وزير خارجية الكيان الصهيوني "إيلي كوهين" بأنه التقى نجلاء المنقوش صدفة الأسبوع الماضي على هامش قمة في روما، وناقشا "الإمكانات الكبيرة للعلاقات بين البلدين" مضيفا إنهما تحدثا عن المساعدات الإسرائيلية في القضايا الإنسانية والزراعة وإدارة المياه وأهمية الحفاظ على التراث "اليهودي" في ليبيا، بما في ذلك تجديد المعابد والمقابر اليهودية، ووصف "كوهين"، لقاءه مع نجلاء المنقوش بأنه خطوة تاريخية أولى، على طريق إقامة علاقات.
في حين انتقد مسؤولون في حكومة الكيان الصهيوني، وزعماء معارضة بشدة إعلان وزير الخارجية "إيلي كوهين" عن لقائه بوزيرة الخارجية الليبية الأسبوع الماضي، بعد أن أثار الإعلان احتجاجات في ليبيا أدت إلى إقالة الوزيرة.
على الرغم من ازدحام التصريحات على مختلف المستويات والفئات حول هذا التصريح وما رافقها من إدانة و تنديد وغضب واستنكار ومطالبات بإقالة وزيرة الخارجية وغيرها وقيام وزيرة الخارجية بالتأكيد على أن الاجتماع حدث بمحض الصدفة دون أي اتفاق تبقى هناك إشارات استفهام كثيرة حول حقيقة هذا الاجتماع كيف تم وهل سبقه تنسيق وتخطيط واتفاق كما أٌشيع في بعض الوسائل الإعلامية " الإسرائيلية" ويبقى السؤال ما الهدف من وراء تسريب حصول هذا الاجتماع من قبل كيان الاحتلال الصهيوني رغم معرفته التامة والكاملة بعداء الشعب الليبي الصريح والعلني له ومن أن مثل هكذا خبر سيثير غضب فئات واسعة ومختلفة من الليبيين كما أن أي اتفاق بين "إسرائيل" وليبيا لن يكون سهلا بسبب الانقسام السياسي الموجود في البلاد عقب الإطاحة بالرئيس الليبي معمر القذافي قبل 12 عاما.
والسؤال هنا هل من الممكن أن تكون هذه الحركة من قبل "الاسرائيلي" بمثابة جس نبض حول إمكانية تغيير الموقف الليبي من إقامة علاقات مع كيان الاحتلال الصهيوني تزامنا مع سعي "إسرائيل" الحثيث إلى تطبيع علاقاتها مع الدول العربية بعد توقيع الاتفاقات التي عرفت باتفاقات "آبراهام" عام 2020 والتي تهدف إلى إقناع الدول المعادية لـ "إسرائيل" بالاعتراف بسيادتها وإقامة علاقات دبلوماسية معها ، وقد تمكنت "إسرائيل" من ذلك مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، حتى الآن.