عبد الساتر لاسلام تايمز: اللقاء الايراني- السعودي بين المصلحة والحاجة هل يصل الى غايته؟

وسيتوسع عدد الحضور، بعدما استكملت كل القضايا اللوجستية لإجراء هذا اللقاء الثاني وسيكون هناك عدد من الشخصيات الاضافية، ولن يقتصر على الجانب الاول من الشخصيات التي كانت مجتمعه في اللقاء الاول.

وأشار في مقابلة خاصة مع وكالة اسلام تايمز بأن السعودية لديها الكثير من المطالب في هذا الاطار وسبق لها وأن أرسلت موفدين من تحت الطاولة. ولديها مأزومية كبرى ومأزق كبير في اليمن، وهي تتطلع الى أن يكون لإيران دور في وقف استهداف العمق السعودي من قبل الجيش اليمني، وانصار الله واللجان والمقاومة اليمنية. وسبق لإيران أن أعلنت موقفاً واضحاً بهذا الاطار ورفض الطلب.

وهنا نص المقابلة: 

اسلام تايمز: ما حقيقة المحادثات بين إيران والسعودية في العراق حيث تناقلت وسائل إعلامية عالمية هذا الخبر بأن مدير المخابرات السعودي التقى مع شخصية أمنية ايرانية في بغداد ؟ 

فيصل عبد الساتر: الأخبار التي تحدثت عن لقاء بين مدير الاستخبارات السعودية وشخصيات امنية سعودية في العاصمة العراقية بغداد في التاسع من نيسان هي صحيحة، وان هذا الأمر سوف يتكرر أيضاً واعتقد انه اليوم الخميس لقاء آخر ، لم يعلن عنه بشكل واضح لكن معلوماتي تقول انه هناك شي في هذا الاطار وان التحضيرات بدأت بالفعل، بعدما استكملت كل القضايا اللوجستية لإجراء هذا اللقاء الثاني.

طبعاً فإن السعودية تسعى الى ان يكون هذا اللقاء خارج الاعلام ، ولكن الواضح ان المصلحة العراقية ربما ارتأت أن يكون هناك  اعلان عن هذا الامر فسربت هذا الخبر، وبدورهم الايرانيون لم يتبنوا حتى هذه اللحظة مثل هذا اللقاء أو مثل هذه المحادثات التي جرت، باعتبار أن هذا الأمر يخص السعوديين والعراقيين. لكن بكل صراحة أقول بأن لقاء اليوم سوف يحصل وربما يتوسع عدد الحضور وسيكون هناك عدد من الشخصيات الاضافية، ولن يقتصر على الجانب الأول من الشخصيات التي كانت مجتمعه في اللقاء الاول .

اسلام تايمز: ماسبب توقيت هذا اللقاء بهذه الفترة الزمنية ولماذا لم يعلن عنه من الطرفين؟

فيصل عبد الساتر: الكل يتساءل لماذا الآن وفي هذا الظرف ولماذا لم يتم الاعلان عن هكذا أمر. طبعاً في موضوع العلاقات السياسية دائماً هناك حاجة ومصلحة. فمنهم من ينطلق من حاجة، ومنهم من ينطلق في مصلحة، وعادة الامور في خواتيمها وحتى الذين لهم حاجه مع دول اخرى فإن المصلحة تكون العنوان الختامي لأي محادثات ،خصوصاً وان العلاقات بين السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية شابها الكثير من محطات التوتر على مدار سنوات طويلة.

وأيضاً هي الان في حالة قطيعة كاملة على المستوى الدبلوماسي وفي هي حالة مواجهة وتصعيد على كل المستويات، لاسيما في المستوى الإعلامي والحملات الإعلامية التي يشنها الإعلام السعودي على خلفية أنه لا يريد ان يكون لإيران دور وتأثير، وأن يعود هذا المجتمع الدولي والولايات المتحدة الامريكية الى مندرجات الاتفاق النووي مع ايران الذي وقّع في العام 2015. كل هذا كان بتحريض سعودي على مدار سنوات طويلة وربما كلف الخزينة السعودية مليارات الدولارات.

 اسلام تايمز: ماهي الحاجة التي تريدها  السعودية وماهي مصلحة الجمهورية الاسلامية من هذا اللقاء؟

فيصل عبد الساتر: إيران تنطلق في مثل هذا الامر في العلاقات مع السعودية وترتيب العلاقات بينهما، من انها ممكن ان هذا الامر قد ينعكس إيجاباً على الكثير من الاوضاع في المنطقة، وايضاً بما يعيد الحالة الطبيعية بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم، فهذا يعطي ايران المزيد من القوة والمناعة في مواجهه المشاريع الصهيونية والأمريكية في المنطقة، بعد ان تكون قد رممت كل ما له علاقة بدول الجوار، واقصد هنا الدول المتشاطئة معها ومنها مجموعة الدول العربية التي تسمى بمجموعة مجلس التعاون الخليجي.

هذا من مصلحة إيران بالتأكيد ومن مصلحة الدول هذه أيضا أن لا تكون العلاقه مع ايران الجارة الاكبر لهم في المنطقة والأكثر قوة وقدرة متوترة، لكن بلا شك أن جميع المراقبين يعلمون بأن ايران عندما انتصرت في ثورتها عام 1979 شُنت عليها حرب ظالمة من قبل النظام العراقي آنذاك بقيادة صدام حسين، وكل هذه الدول ساهمت في الحرب عام 1980.وكل الوثائق كشفت عن أن هذه الدول كانت منخرطة في دعم الحرب التي شنها صدام حسين ضد الجمهورية الإسلامية.

ثم بعد ذلك مرت هذه العلاقات بكثير من محطات التوتير ومحطات المواجهة على اكثر من مستوى، إلا أن الجمهورية الإسلامية كانت دائماً تتجاوز هذا الامر ،حتى لا يكون هناك صدام مباشر وطالما دعت الى مد اليد وفتح القلوب والعقول كالحوارات المتواصلة، ودعوات انضمام الى معاهدات السلم والأمن وهذا ما أطلقه الرئيس روحاني بإتفاق هرمز للسلام والامن في المنطقة. إلا أن الردود كانت دائماً من السعودية تحديداً، كانت ردوداً متشنجة ورافضة وأن ايران تتدخل في شؤوننا، وقامت باتهام ايران بأن لها عملاء وميليشيات تزرع ما يخرب أمن هذه الدول، وهذا غير صحيح وهذه اتهامات ليس لها صلة بالواقع.

اسلام تايمز: لو حصل بالمستقبل لقاء سياسي عالي المستوى بين الجمهورية الإسلامية والسعودية هل سيساهم هذا اللقاء في تغيير الواقع السياسي والأمني في المنطقةخصوصاً على الجبهة اليمنية؟ 

فيصل عبد الساتر: باعتبار أن المشكلة بين السعودية واليمن هي مشكلات تاريخية قبل انتصار الثورة الاسلامية، وقبل أن يكون هنالك حركة أنصار الله في الاصل. هذه علاقات متوترة تاريخياً، لطالما كان هناك حروب کالحروب الستة التي شنها علي عبدالله الصالح على حركة انصار الله قبل أن يعرف اسمها، ولم يكن لإيران أي دور ولا أية علاقة، ولم تكن على علاقة مع أي من طرف من الأطراف، وكانت السعودية تقف الى جانب علي عبدالله الصالح ضد حركة انصار الله اليمنية .

اذاً كل الاتهامات السعودية لإيران مبينة على خلفيات إثارات مذهبية وإثارات مبنية على تعزيز الشعور القومي (العرب والفرس) وأخرى بعنوان (السني والشيعي) . إيران فقط تعنون سياساتها على انها جمهورية اسلامية، لا فرق عندها بين السنه والشيعه ولا فرق بين عربي وعجمي. عنوانها الاساسي مواجهة أمريكا وأن اسرائيل شر مطلق وتقف الى جانب القضية الفلسطينية. 

السعودية لديها الكثيرمن المطالب في هذا الاطار سبق لها وأن أرسلت موفدين من تحت الطاولة. ولديها مأزومية كبرى ومأزق كبير في اليمن، وهي تتطلع الى أن يكون لإيران دور في مثل هذا الامر على الاقل وقف استهداف العمق السعودي من قبل الجيش اليمني، وانصار الله واللجان والمقاومة اليمنية. وسبق لإيران أن أعلنت موقفاً واضحاً بهذا الاطار، كما رفضت أي طلب في المقابل فيما له علاقة بالوضع العراقي او السوري او اللبناني، وان هذا الأمر عائد الى حكومات الدول، وأن ايران تقف الى جانب هذه الدول في حقهم المشروع، فيما تتعرض له من عدوان سواء في سوريا من قبل العديد من الدول التي انخرطت في حرب ضدها ودعمت جماعات إرهابية. فهي جاءت الى سوريا بطلب رسمي من الدولة السورية، اما في لبنان فهي لم تتدخل ابداً في الشأن اللبناني، ولم يكن لها أي علاقة بالملفات اللبنانية كما توحي السعودية بأن لبنان يقع تحت التاثير النفوذ الايراني .

وهذا كله من ضمن الحملة الاعلامية التي تشن على ايران، لكن بالنسبة للسعوديين الموضوع الاساس هو الموضوع اليمني والطلب من الايرانيين أن يوقفوا استهداف العمق السعودي وارامكو وغيرها. 

هذا الأمر أعربت عنه إيران أكثر من مرة وقالت انها لايمكن أن تطلب مثل هذا الامر من اليمنيين ولا علاقة لها أصلا بهذا الموضوع. الحرب شنتها السعودية ومعها تحالف عدوان كبير شُرعت هذه الحرب العدوانية في الامم المتحدة ومجلس الامن بعد ذلك، وكل الدول انخرطت في صفقات اسلحة لدعم هذه الحرب، وهم يعلمون انها حرب ظالمة وليس لها أي وجه من وجوه الحق، وبالتالي الان يطلبون من المعتدى عليه ان يوقف دفاعه عن النفس وهذا أمر ترفضه ايران .

وسبق لبعض الجهات ان طالبت ايضا المقاومة الاسلامية في لبنان وحزب الله من تحت الطاولة أن يكون لديهم موقف في الطلب من انصار الله والجيش اليمني في وقف الاستهداف السعودي وأيضا رفض هذا الطلب. واذا كان المقصود من هذه الاجتماعات تكرار مثل هذه الطلبات من قبل السعودية بوساطة عراقية او بمحاولة إيحاء أن هناك وساطة عراقية في هذا الإطار فضلاً عن الإستضافة، يعني ان يكون للعراق دور في تجسير الهوة بين ايران والسعودية فهذا الأمر لا أعتقد أنه يحصل من قبل الايرانيين لا من قريب ولا من بعيد ولا بأي شكل من الاشكال. فاذا كان للسعودية مأزق في اليمن فعليها أن تعلن هذا الامر بصراحة، وتوقف عدوانها وحربها لا أن تطالب بوقف معركة مأرب على سبيل المثال او تطالب بوقف الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة في استهداف العمق السعودي. 

اسلام تايمز : هل من الممكن ان يطرح الجانب السعودي نفسه كطرف من اطراف الحوار في الملف النووي الايراني؟

فيصل عبد الساتر: المسأله الثانية التي قد يطرحها السعودي في هذا الإطار، هو ما له علاقة بعودة الولايات المتحدة الى الٶتفاق النووي، وعودة هذا الاتفاق الى أن يعمل به من قبل المجتمع الدولي، وهذا يطرح مخاوف كثيرة لدى السعوديين الذين أثاروا هذه القضية أكثر من مرة وطالبوا بأن يكون لهم دور أو أن يشاركوا في هذه الإجتماعات.

واعلنت إيران رفضها هذا الأمر بصراحة، باعتبار أن الإتفاق النووي وقع بين ايران والمجموعه الدولية، وليس هناك من حاجه بأن يكون هناك مشاركة لأي دولة. هذا الملف يعني ايران مباشرة وطالما أن ايران أعلنت أن هذا البرنامج هو لأغراض سلمية والوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت في كل بياناتها هذا الامر، لذلك فعلى هذه الدول أن تعود الى هذا الاتفاق دون أن الطلب من ايران شرطاً لهذه العودة ، تارة بأن بكون هناك تنازلات عن شي ما هنا أو ربطاً بنفوذ ايران في اليمن او العراق، واخرى بأن تتنازل عن برنامجها في الصواريخ البالستية.

كل هذه الطلبات رفضت من قبل الايرانيين وبالتالي سيرفض الطلب السعودي . وإيران مستعدة لأن تجري حواراً مع هذه الدول وأكدته هذا الموضوع في أكثر من مرة. لذلك لا أعتقد أن الامور ممكن ان تذهب باتجاه أن تقبل ايران أي طلب من هذه الطلبات. 

نعم هناك مصلحة لإيران بأن تترتب العلاقات مع السعودية وأن تعود العلاقات الدبلوماسية بما له انعكاس إيجابي على كل المستويات، بما له علاقة باستقرار أسعار النفط وعدم المشاركة في الحصار الظالم على ايران والعقوبات ضدها. نعم كل هذا ممكن ان يتفاهم عليه الجانبان، لكن لا يكون ذلك على حساب حلفاء إيران أو من هم مع ايران في خندق واحد في كل هذه المواجهات.

ايران لا تبيع ولا تشتري ولا تتاجر وليس لها عملاء .