أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي أنه لا حساسية إيرانية من مشروع طريق التنمية الذي يصل آسيا بأوروبا، والذي يمتد على طول 1200 كلم، حيث من المقرر أن تنتهي مرحلته الأولى عام 2028 والثانية بعد عشر سنوات، على أن يكتمل عام 2050 بكلفة تبلغ 17 مليار دولار.
وفي مقابلة له مع “جاده إيران”، تحدّث العوادي عن اتفاق مقايضة النفط العراقي بالغاز الإيراني المستورد لتشغيل محطات كهرباء عراقية رئيسية، بعدما تعثر سداد الديون الإيرانية بسبب العقوبات الأميركية، مشددًا على أنّ هذه الاتفاقية لم تنتهك العقوبات الأميركية، وفي هذا السياق وصف الحصار على الجمهورية الإسلامية بغير العادل.
ونفى المتحدث باسم الحكومة العراقية أن تكون واشنطن قد رفضت حتى الآن زيارتها من قبل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أو أن تكون قد أرسلت أية مطالب متعلّقة بالحشد الشعبي.
وفي المقابلة يشرح العوادي سبب العلاقة “الوثيقة” بين إيران والعراق مقارنة بدول أخرى “لم تنسجم” مع التغيير الذي حصل عقب إطاحة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، على حد تعبيره.
نص المقابلة:
جاده إيران: هل تواصلت الحكومة العراقية مع الإدارة الأميركية بشأن اتفاق مقايضة الوقود الخام العراقي بالغاز الإيراني، سواءً قبل الاتفاقية أو بعدها؟
العوادي: هذا القرار هو قرار سيادي يتعلق بالعراق، وهو لا ينتهك قرارات دولية أو اتفاقيات أو عقوبات معيّنة. العراق يستورد ما يعادل 40% من احتياجات الغاز اللازمة لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء من إيران، ولدىه استثناءات سابقة تتعلّق بشراء الغاز الإيراني، وقد تعقّدت هذه الأمور خلال المراحل الأخيرة، كما أنّ لإيران في حساباتها في مصرف TBI العراقي خلال سنوات سابقة قرابة 11 مليار يورو، دفعت الحكومة العراقية ربعها تقريباً.
الحصار المفروض على إيران غير أممي وليس عادلاً، وهذه مقايضة وليست عملية بيع بالدولار ولا جديد فيها. من هنا، فإنّ مقايضة النفط العراقي بالغاز الإيراني لا تشكّل تهديداً أمنياً أو سياسياً أو قانونيا لأي طرف أو خرق ما، ولا نتوقع أن تثير الاتفاقية حفيظة أي طرف إقليمي أو دولي.
جاده إيران: ما معنى وصفكم للعقوبات على إيران بأنها غير عادلة؟ هل يعني هذا أنّ المجال مفتوح لعدم الالتزام بالعقوبات كلياً أو جزئياً؟
العوادي: هذا الموضوع قديم وأثار مشكلات كبيرة بعد طرحه إبّان حكومة الدكتور حيدر العبادي (2014 – 2018). إجمالاً، العراق كبقية دول العالم لديه التزامات دولية في هذا الخصوص، ولا يريد أن يخلّ بالتزاماته، وإيران دولة جارة، والجوار قدر.
الحكومات والأيديولوجيات والأنظمة تأتي وتذهب، ولكن البلدان تبقى، العراق وإيران جاران، وتستمر العلاقة بين الشعبين كما كانت عبر التاريخ، وستستمرّ إلى يوم القيامة.
المسألة ليست بصورة أسود وأبيض، الالتزام أو عدم الالتزام. للعراق خصوصية يعرفها الطرفان، وقد طوّرها على شكل سياسة واتفاق بين الأطراف الثلاثة (بغداد وطهران وواشنطن) منذ عام 2018، وهو يتواصل مع الطرفين، واتفاق المقايضة صيغة من صيغ تطوير الخصوصية العراقية التي يتفهّمها كلاهما.
جاده إيران: لماذا الغموض في بعض جوانب العلاقات بين العراق وإيران؟
العوادي: لا أعتقد بوجود غموض في العلاقات بين البلدين، بل هي واضحة عند مصادر القرار العليا في العراق، ومسارها مرّ بمراحل تاريخية عدة. الانعطافة الكبيرة في العلاقات الشعبية الوثيقة بين إيران والعراق حصلت بعد الثورة الإسلامية عام 1979.
فمبقدار ما كانت حرب الثمانينيات سيّئة، فهي أسست لشيء إيجابي جداً بعد انتهائها، وكانت شخصيات سياسية عراقية كبيرة ممن قادت البلد بعد 2003 موجودة في إيران، فضلاً عن وجود جالية عراقية سابقاً وحالياً هناك، وهذا ترك آثاراً طيّبة على العلاقات الثنائية.
خلال السنوات العشرين الماضية، لم تكن ظروف العراق مستقرّة، والتغيير الذي حصل والدستور والمعادلة التي اعتمدها العراقيون جُوبها برفض كبير جداً من أطراف داخلية وإقليمية وأبعد من إقليمية.
في مثل هذه الظروف غير المستقرّة، لا يمكنك أن تلوم دولة قوية وفاعلة ومؤثرة لأنها تسعى لتحقيق مصالحها، مثلما لا يمكنك أن تلوم دولة أخرى لأنها لا تنسجم معك بالصورة الصحيحة، المهم ما تفعله أنت كبلد وقيادة.
اليوم العلاقات بين العراق وإيران جيّدة، وتسير بالاتجاه الصحيح، ونحتاج إلى التواصل وتكثيف التشاور والتفاهم. معروف عن القيادة الإيرانية أنها متفهّمة، وبلدها أصبح ركيزة أساسية في المنطقة، لذا لا يوجد شيء لا يمكن التفاهم عليه أو تبادل وجهات النظر بشأنه.
جاده إيران: تقارير صحفية قالت إنّ حكومتكم تساعد إيران على تعزيز نفوذها في العراق، وأشارت إلى تغيير قادة أجهزة أمنية مهمة بآخرين مقرّبين من أحزاب حليفة لطهران، ما ردكم؟
العوادي: لا نردّ على تقارير صحفية تمثّل وجهة نظر ناشريها. العراق دولة ذات سيادة، والحكومة تتخذ قراراتها وفقاً للمصلحة والسيادة العراقية. رئيس مجلس الوزراء لديه معطيات خاصة في تعيين رجال الأمن وهذه القضية حسّاسة.
التعيينات الأخيرة خضعت للأصول والقواعد، وهي تمثّل استقلالية الحكومة العراقية وفهمها، وهذه التعيينات غير مرتبطة بأي طرف خارجي مطلقاً.
جاده إيران: هل يمكن تقديم تفاصيل إضافية عن طريق التنمية؟ إيران اعتبرته منافساً لخط جنوب شمال الممتد من ميناء بندر عباس إلى مدينة سان بطرسبرغ الروسية.
باسم العوادي: لم ينعكس لدينا كحكومة رسمياً أنّ إيران تحسّست من طريق التنمية. نعم قرأنا تقارير صحفية تشير لما ورد في سؤالكم، وكذلك تقارير تفيد بانزعاج مؤسسات مصرية من الطريق الذي لم يُنَفَّذ بعد، لأنها تعتقد أو أخبرتها أطراف معينة بأنه يشكّل تهديداً لقناة السويس.
وأيضاً قال البعض إنّ دول الخليج، كالإمارات التي أصبحت قوة إقليمية ودولية في بناء الموانئ والاستثمار، منزعجة كذلك. قرأنا الكثير من هذه التقارير الصحفية، لكن هل الصورة هكذا في الواقع؟
بكل تأكيد إذا بقينا ندور في فلك أنّ كل دولة لديها مشروع ولا يجب أن يُمّس من قبل الآخرين، فلن نتعاون كمنطقة، ولن نتكامل ولن نتجاوز التحدّيات. الاتحاد الأوروبي بدأ بفكرة صغيرة جداً في مطلع السبعينيات اسمها السوق المشتركة، قبل أن تتحول لوحدة أوروبية عامة، وعملة وحدودًا مفتوحة، واتحادًا وحلفًا عسكريًا.
نحن في منطقة غرب آسيا يجب أن نستفيد من هذه التجارب العالمية. لدينا دول كبرى كالعراق وإيران وتركيا والسعودية، إضافة لمنظومة الخليج، مثل قطر والبحرين والإمارات، بثرواتها المالية. الناتج المحلّي لهذه الدول عملاق، ويفوق الناتج المحلّي لدول أو أقاليم كبرى.
هذا يفرض علينا أن نتعاون ونتكامل في غرب آسيا، وأن نتّجه للحوار والتفاهم والشراكات المستدامة والمصالح الحقيقية، وبالتالي نحوّل المشاريع من مشاريع ضيّقة إلى مشاريع نشترك كلّنا فيها، مثل طريق التنمية الذي لم نقل إنه مشروعنا الخاص، بل إنّ مشاريعنا هدفها التعاون والنهوض بالمنطقة، وليس الاستقواء على الآخرين.
لا ضير من أن تُكمل إيران طريق جنوب ـ شمال، لأنه حتماً سينعكس إيجابيًا مع مرور الزمن على كل المنطقة، ولا ضير في أن يكمل العراق طريق التنمية، لأنه أيضاً سينعكس مستقبلاً بالإيجاب على كل المنطقة. وهكذا بالنسبة لبقية المشاريع الكبرى للدول الإقليمية، فالظروف الجيوسياسية تتغيّر، وكلّما كان هناك أكثر من طريق ومشروع للربط بين الشرق والغرب، كلّما كانت الفرص المتاحة أمام دول المنطقة أفضل في تفعيل الطريق البديل عند حصول أي تطورات مفاجئة.
جاده إيران: هل أخبرتم إيران برأيكم هذا؟
العوادي: إيران ليست بعيدة عن التفكير العراقي، بمعنى أنّ التواصل مستمر، والسفارة الإيرانية في بغداد لديها حراك وعلاقات اجتماعية وسياسية وثقافية، وبالتالي وجهات النظر العراقية بمختلف المجالات ليست بعيدة جداً عن الجانب الإيراني.
جاده إيران: ذكرتَ التعاون بين دول غرب آسيا. هذه رؤية سياسية واقتصادية انطلقت من إيران، ولأوّل مرة نسمع حكومة عراقية تؤيد هذه الفكرة. هل هذا توافق جديد بين البلدين؟ إن كان كذلك ما أسبابه؟
العوادي: في العراق سابقاً، على المستوى القومي العربي، كنّا نسمّيها منطقة المشرق العربي الممتد من فلسطين إلى اليمن، وكان القوميون العرب يستثنون إيران وتركيا.
واقعاً، الرؤية السياسية العراقية منذ تشكيل الدولة عام 1921 تعرف أنّ هناك ثلاث دول مهمة، هي تركيا وإيران والعراق. هذا مثلث قوميات يضم في منتصف دائرته الكرد أيضاً، وهذه الأمم الثلاثة كانت امبراطوريات كبيرة تبادلت التأثير السياسي والاقتصادي.
فبغداد كانت عاصمة الإمبراطورية الإسلامية والعربية، ثم تحوّلنا إلى الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية الصفوية. لا يمكن أن نتحدث إلا في نطاق يجمع مصالح هذه الدول الثلاثة. غرب آسيا هي الدائرة الصحيحة، ولا بدّ أن نذهب باتجاه غرب آسيا كمنطقة مؤثرة ومتأثرة. من المؤكد أنّ هذا لن يخلَّ بعمقنا العربي، ولا ارتباطنا وتأثّرنا وتأثيرنا ضمن إطار العمل العربي المشترك على المستوى الثنائي، أو من خلال الجامعة العربية.
جاده إيران: هل إنشاء حلف عسكري يدخل ضمن هذا المشروع؟
العوادي: كلّما ذهبنا باتجاه الاستقرار والتكامل والتفاهم، كلّما نكون أقدر على حماية وصيانة المنطقة بأنفسنا.
لاحظ المساحة الكبيرة من التفاؤل التي انطلقت بعد توقيع الاتفاق بين إيران والسعودية، والتي عبُرّ عنها في كلمات ألقاها 23 زعيمًا عربيًا في القمة العربية الأخيرة، فضلاً عن كلمات الضيوف، وهي حالة نادرة تحصل لأول مرة.
تزايُدُ التقارب والتفاهم، وتقديم الاقتصاد على الأمن، وكذلك تقديم الشراكات المستدامة والمشاريع الكبيرة المشتركة، سينعكس إيجاباً بكل تأكيد. برأيي لا يوجد ترابط بين دول الاتحاد الأوروبي مثل الترابط الموجود بين دولنا منذ صدر الإسلام، بما في ذلك تداخل الأصول العرقية وتوزّعها في دولنا.
لماذا سبقنا الآخرون؟ لم تحصل بيننا حربان عالميتان، ولم يسقط منّا 50 مليون قتيل، وليس لدينا قنابل نووية يهدد أحدنا الآخر بها، بل إنّ ديننا واحد، وثقافتنا مشتركة، وأصولنا مختلطة.
أعود لسؤالكم عن إمكانية التحوّل إلى حلف عسكري ضمن غرب آسيا. لا يمكن تقديم التحالف العسكري حالياً في ظل عدم وجود تحالفات اقتصادية واستثمارية، ولا حتى ترابط جماعي في بطولة رياضية أو مهرجان سينمائي وفني يجمعنا. تحقُّقُ هذه الأمور سيؤدي تدريجيًا وبالضرورة، وبعد 10 أو 15 سنة، إلى تحالفات عسكرية قادرة على تأمين المنطقة من دون الحاجة إلى الأجانب.
جاده إيران: وماذا سيكون موقف الولايات المتحدة إزاء انخراط العراق في هذا المشروع؟ أليس التوازن في العلاقات يحتّم تأمين مصالحها؟ بما في ذلك إصرارها على تواجد قواتها في المنطقة؟
باسم العوادي: مبدأ السياسية الخارجية لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني يتلخّص بالتوازن وتقديم العامل الاقتصادي على العامل الأمني والعسكري.
أنت سألت عن تحالف عسكري لدول غرب أسيا كلّها، وأنا أجبت إنّ التحالفات العسكرية هي وليدة الثقة والترابط والتفاهم وتشبيك المصالح والشعور بالأمن، أو التخوّف من عدو خارجي واحد محدد، وبالتالي العراق جزءٌ من كل. لا يوقّع العراق تحالفات عسكرية على أساس المحاور، مع أو ضد، في المنطقة، لكنه لن يتغيّب مستقبلاً في ما لو اتفقت كل بلدان المنطقة على مشاريع مشتركة عامة بينهم.
الحكومة تسعى بكل تأكيد إلى أن تكون العلاقة بين العراق والولايات المتحدة وإيران مستقرة، وأن لا ينعكس الخلاف وسوء التفاهم بينهما على بلدنا، وأن لا يُستخدم كأداة في الصراع، كما أنّ هذا سيضرّ بهما ويخلخل المنطقة.
إيران شقيقة وجار، وبيننا علاقات حضارة وتاريخ ودينٍ وجوار، فلو كان العراق مريضاً فماذا ستستفيد منه إيران؟ تبادلاتنا التجارية معها تفوق عشرة مليارات دولار، ناهيك عن السياحة الدينية والطبية وعشرات آلاف الطلبة العراقيين الذين يدرسون في الجامعات الإيرانية. كلّ هذا لأنّ العراق متعافي ومتوازن. وعلى فرضٍ كان العراق غير متوازنٍ وضعيفًا ومنهارًا، فإنه سيتحوّل إلى عالة على إيران والمنطقة، ولا يستطيع تقديم أي مساعدة. في الختام، العراق المتعافي والقوي يصب في مصلحة الولايات المتحدة وإيران وعموم المنطقة.
جاده إيران: الحكومة أعلنت اتخاذ إجراءات لمنع تهريب العملة الصعبة إلى الخارج، ومع ذلك منعت واشنطن مؤخراً 14 مصرفاً عراقياً من الوصول إلى الدولار، ويقال إنّ إجراءات مماثلة مقبلة وقد تطال مصارف حكومية، لماذا؟
العوادي: البنوك الأربعة عشر لم تُغلق ولم يتم وضعها في اللائحة السوداء، ولم تُحظر أموالها وأرصدتها وفروعها، بل هي مستمرّة بالعمل، ومسؤولوها سواءً من التجّار أو ممن يرتبط بهم من السياسيين يتحرّكون بحرية.
كل ما حصل هو أنّ الولايات المتحدة طلبت من هذه البنوك عدم التعامل بالدولار. عدا ذلك، فهذه المصارف يمكنها استخدام كل العملات، بما فيها اليورو والينّ وغيرها.
وحسب إحصاءات البنك المركزي، وكذلك الطرف الأميركي، فإنّ مجموع تعاملات هذه البنوك بالدولار عبر نافذة العملة لا يتجاوز 8%، وهي بحدود 16 مليون دولار يومياً، وهذه ليست نسبة كبيرة. هذا الموضوع لا يهدد الاقتصاد أو السيادة العراقية، وحالياً يوجد نقاش مستمر بين العراق والولايات المتحدة بشأن تذليل العقبات.
جاده إيران: وماذا عن تسديد ديون الغاز والكهرباء لإيران؟
العوادي: الحكومة السابقة لم تسدد لإيران خلال ولايتها التي استمرت لسنتين سوى 650 مليون دولار تقريباً. أما حكومتنا فسددت فقط خلال الفترة بين شباط/ فبراير – حزيران/ يونيو بحدود مليارين ونصف مليار يورو.
جاء هذا من خلال التفاهم العراقي مع الولايات المتحدة، وهناك حديث آخر في الوقت الحالي حتى يستطيع العراق إطلاق أموال أكثر، خاصة بما يتعلّق بمشتريات الغاز والكهرباء من إيران.
ظروف إيران تزداد قسوة نتيجة الحصار، ونحن نتفهّم ذلك، وحوارنا مع الأميركيين قائم ومستمر في كل القضايا، سواءً المتعلقة بالدولار أو بمنع إطلاق المستحقات الإيرانية، بما يضمن سيادة واستقلال العراق الداخلي والخارجي.
جاده إيران: لماذا لم يزر محمد شياع السوداني الولايات المتحدة حتى الآن؟
العوادي: رئيس الوزراء يريد أن تكون هذه الزيارة ذات منفعة وفيها رسالة كبيرة. الزيارة من أجل الزيارة أو من أجل التقاط الصور التذكارية مع القادة الأميركيين أو بما يشبه السياحة، لا تحل مشكلة ولا تقدّم شيئاً.
كل زيارات رئيس الوزراء الخارجية كان مخططًا لها بعناية ودقة، وسبقها أمور وتهيئة لاتفاقات اقتصادية وأمنية وتفاهمات معيّنة وتبادل رسائل، ثم تأتي الزيارة متوّجة لمسيرة معيّنة، بحيث تكون حدثًا مؤثرًا ينتج عنه شيء، بما في ذلك أصغر زيارات رئيس الوزراء، ناهيك عن أن تكون زيارة مهمة.
لدينا موضوعات كثيرة مطروحة على طاولة النقاش بين الوفود التفاوضية، بدءًا من وفدنا التفاوضي الأول في واشنطن بعد أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار في شباط/ فبراير الماضي والبيان المشترك الذي صدر وتضمّن مجموعة نقاط مهمة.
أما الحديث المطروح هنا وهناك بأنّ الأميركيين غير راضين (عن الزيارة) فهو غير صحيح.
الرئيس السوداني يؤمن بأنّ العراق ليس بالقليل، ومكانة رئيس حكومته مرموقة ومعروفة بين الأمم والشعوب، وبأنه عندما يزور أي دولة أو يلتقي بأي زعيم، يجب أن تكون المواضيع المطروحة للنقاش متوافقًا عليها، وفيها نتائج وحلول تصب في صالح البلدين. عندما تتحقق هذه الصورة تكون الزيارة سهلة.
جاده إيران: هل طلبت واشنطن شيئاً محدداً بخصوص الحشد الشعبي؟
العوادي: لم يصل إلى مسامعي شيء كهذا، ولا أعتقد بأنّ هناك دولة تمتلك الحق بأن تطلب شيئاً بخصوص الحشد الشعبي الذي هو مؤسسة وطنية عراقية.
أما وجود قضايا تُطرح هنا وهناك، مثل أين نحتاج لتواجد الحشد الشعبي وأين توضع معسكراته وغيرها، فهذا شأن عراقي يُناقش داخلياً، سواءً بين الحشد والقائد العام للقوات المسلّحة، أو ضمن “الإطار التنسيقي”، باعتبار أنّ الحكومة انثبقت عنه. وهي، أي الحكومة، لا تقبل بتدخّل أي أطراف خارجية، لأنها المعنية بالوضع الأمني في العراق.
لا يمكن أن تأتي دولة وتقول للحكومة العراقية أريد تطبيق هذا الشيء على الحشد الشعبي. هذا الموضوع غير مطروح.
جاده إيران: خلال زيارته الأخيرة لسوريا، قال السوداني إنّ استعادة النظام السوري للسيطرة على كامل الأراضي السورية هو أمر مهم للأمن القومي العراقي. هل يعني هذا رفضاً لقوّات سوريا الديمقراطية “قسد” المدعومة أميركياً والحاكمة لمناطق سوريّة محاذية للحدود العراقية؟
العوادي: رئيس الوزراء كان يتكلم بصورة أعم وأشمل من ذلك. في الدائرة العامة يقصد أن تكون كل مناطق سوريا تحت سلطة القانون السوري.
القضية الثانية هي أنّ الخطر الأكبر الذي يهمّنا في العراق هو الجماعات الإرهابية المنفلتة، فإذا كانت هناك مناطق سورية لا زالت تحت سيطرة الجماعة سين أو صاد، فإنّ العراق يتحسّس ويعتبر هذا خطراً حتى لو كانت هذه المنطقة بعيدة عن حدوده. وبكل تأكيد هذا الشأن يمثل الحكومة السورية وقناعتها.
جاده إيران: هل تقصدون هنا “جيش الفتح” المدعوم من تركيا والذي يضم “جبهة النصرة”؟
باسم العوادي: لا أحدد المجموعات ولا أذكر الأسماء. القضية معقّدة وفيها تقاطعات، ونحن نتحدّث بالعنوان العريض. نتمنّى ونساعد ونعمل مع سوريا لكي تمتد سيطرة السلطة والنظام والقانون السوري على كل الأراضي السورية.
جاده إيران: ما الذي دار في حديث الرئيسين محمد شياع السوداني وبشار الأسد خلال اللقاء؟
العوادي: جرى حديث سياسي واقتصادي مهم جداً عن العلاقة بين البلدين، وما الذي يستطيع أن يقدمه العراق إلى سوريا حتى تقف على قدميها شيئاً فشيئاً. رئيس الوزراء كان يستمع إلى أفكار الرئيس الأسد في هذا الجانب.
جاده إيران: هل توصّلت الحكومة العراقية إلى معلومات عن الباحثة الإسرائيلية الروسية إليزابيث تسوركوف وما حقيقة وجود شخص إيراني معتقل في العراق بتهمة المشاركة في اختطافها؟
باسم العوادي: القضيّتان خارج نطاق التصريحات الإعلامية.