وفي هذا السياق، انتقد المكتب الإعلامي الحكومي، دور المنظمات الدَّولية العاملة في قطاع غزة، مؤكدًا أنها مُقصرة في أداء مهامها وتتعامل مع الظروف الخطيرة ببرود وبعدم اهتمام ما يُشجّع الاحتلال بالتمادي في مجازره الوحشية ضد المدنيين.
انتقاد حاد
في ظل الخنوع المشكوك من قبل المنظمات الدولية عن لعب دورها بشكل فعال في غزة أعرب المكتب الإعلامي الحكومي، في بيان صحفي عن بالغ استيائه واستهجانه من التقصير الخطير الذي يطال المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة في أداء مهامها، حيث إنها تتعامل مع الظروف الخطيرة ببرود تام وبعدم اهتمام ما شجَّع الاحتلال "الإسرائيلي" على التمادي في مجازره الوحشية ضد المدنيين والنازحين وخاصة في محافظة شمال قطاع غزة وجباليا وبيت لاهيا تحديداً.
وذكّر المكتب الإعلامي، المنظمات الدولية بدورها المنوط بها والمتمثل في تلبية الاحتياجات الإنسانية وتقديم الحماية اللازمة لشعبنا الفلسطيني وفقًا لمعايير القانون الدولي الإنساني، حيث يتعرض المدنيون إلى القتل والإبادة والتطهير العرقي والاستئصال والحرق والاختطاف والتعذيب من قبل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" دون أن يكون لهذه المنظمات دورٌ يُذكر!
وأوضح، أنه وفي الوقت الذي يفرض فيه القانون الدولي الإنساني على هذه المنظمات تقديم المساعدات الإنسانية؛ إلا أنها لم تقدّم ما يلزم من توفير الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمياه والرعاية الصحية، حيث يعيش شعبنا الفلسطيني منذ أكثر من 180 يوماً حالة مأساوية من التجويع الممنهج والواضح يمارسه جيش الاحتلال "الإسرائيلي" دون أن نسمع صوتاً للمنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة!
وأردف، "كما أن تلك المنظمات لم تبذل الحد الأدنى ولا الجهد الكافي من أجل تقديم الدعم الطبي لمساعدة المستشفيات والمرافق الصحية والطواقم الطبية على البقاء والصمود في وجه الاحتلال "الإسرائيلي" الوحشي، ولم تمدها بالمواد الأساسية والمستلزمات الطبية اللازمة لذلك؛ بل كانت تتفرج على الكارثة الإنسانية في محافظة شمال قطاع غزة تحديداً، دون أن تُحرّك ساكناً، بالإضافة إلى عجزها المُستغرب والمتمثل في عدم تقديم الدعم للطواقم الطبية في مواجهة النقص الشديد في الأدوية والمستلزمات والطعام والماء، حيث أدى تقصيرها هذا إلى تسريع انهيار المنظومة الصحية بمحافظة شمال قطاع غزة".
وأشار إلى أن المنظمات الدولية لم تنجح في الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايته، ولم يكن لها دور فعلي وعملي في مواجهة الانتهاكات ضد السكان المدنيين، وأظهرت أنها عاجزة عن تسهيل تواصل الأسر المُشتتة نتيجة حرب الإبادة وخاصة في حالات الاعتقال والتهجير حيث دورها المعدوم، فهناك أكثر من 250 مختطفاً لدى الاحتلال "الإسرائيلي" وآلاف العائلات التي أجبرها الاحتلال على التهجير القسري دون أن نسمع لها موقفاً فاعلاً وعملياً.
وفي سياق متصل، ذكر المكتب الإعلامي: "إننا ننظر بقلق بالغ تجاه الدور الضعيف والمتدهور للمنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة، والذي يحمل أوجهاً كثيرة منها تعمّد التقصير وممارسة اللامبالاة تجاه أحداث خطيرة ومجازر دموية يرتكبها الاحتلال دون أن يكون لها موقف تجاهها".
وجدد مطالبه، من كل المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة إلى الالتزام بدورها المنوط بها والقيام به على أكمل وجه، فليس مسموحاً أن تتبنى تلك المنظمات موقفاً ضعيفاً وتختبئ وقت الحاجة الماسّة إليها، وليس مقبولاً أن تقدم اعتذاراً عن القيام بواجباتها المطلوبة منها، وخاصة واجبات الحماية والإمداد والإغاثة.
هل كان لخطاب الخوف الإسرائيلي دور في تخاذل المنظمات الدولية عن لعب دورها؟
على مدى عام من الحرب استغل كُلّ من الساسة الإسرائيليين والأمريكيين على السواء ذكرى المحرقة واضطهاد اليهود، وجعلوها سلاحًا سيكولوجيًا إضافيًّا لتبرير إبادتهم في غزة، حيث تمت مقارنة أعمال حماس باستمرار بالمحرقة النازية؛ هذا الحدث خصيصاً يثير صدمة وجودية في سيكولوجيا الشعب اليهودي خاصة والغربي عامة.
فخلال زيارته إلى تل أبيب بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، بدأ الرئيس جو بايدن تصريحاته في إسرائيل قائلًا: "قامت حماس بجرائم تذكرنا بأسوأ ما تعرض له العالم من شرور تنظيم الدولة، حيث أطلقت العنان لنوع من الشر الخالص على العالم".. ثم أكد أن هذا الشر "لا يمكننا عقلنته أو تبريره.. نقطة".. وبعدها أضاف: "كان بإمكان هذه الوحشية أن تحل بأي مكان بالعالم، لكنها حلت هنا في إسرائيل، فأصبح السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، والذي كان يومًا يهوديًّا مقدسًا، أكثر يوم دموي للشعب اليهودي منذ المحرقة النازية".
لكن بايدن تعمد ألا يذكر أن معاداة السامية هذه هي نتاج غربي محض، كما أنه لم يتجرأ على الإشارة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأراضي الفلسطينية قد بدأ قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول بـ 76 عامًا.. كيف يمكن له ألا يفعل هذا؟ إذ إن عدم إظهار صهيونيته بشكل كافٍ قد يعرّض الكثير من المصالح الأمريكية إلى الخطر!
ووسط هذه المقارنات الشنيعة، يتم دفن سياق كامل عن حقيقة الاحتلال، التي دائمًا ما يتم حجبها كليًا.. فمن الواضح تمامًا أن قطع الكهرباء والوقود عن مستشفيات تقع داخل قطاع يضم 2.2 مليون نسمة، وقصفها عمدًا، هو فعل إبادة جماعية، ومع ذلك، لم يثر قتل هؤلاء الرضّع الفلسطينيين مثل الهيستيريا التي أحدثتها قصة قتل 40 طفلًا رغم زيفها.
عند النظر إلى الوصف المرعب للفلسطينيين من قبل الإدارة الأمريكية وأنصارهم في الغرب، فلا عجب أن تتخاذل المنظمات الإنسانية عن حماية ودعم الشعب الفلسطيني تلك المنظمات التي هي في الغالب نتاج غربي لتبيض صورة الغرب لا أكثر و لا أقل.