في الوقت الذي تعمّ فيه التظاهرات "تل أبيب" للمطالبة بصفقة تبادل فورية، وإطاحة حكومة نتنياهو والتوجّه إلى انتخابات مبكرة، ويشارك في التظاهرات عدد من أهالي الأسرى في قطاع غزّة.
خطر صدور مُذكرات اعتقال
في ظل احتمال أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية أوامر باعتقال مسؤولين إسرائيليين، على رأسهم نتنياهو وغالانت وهاليفي، أُصيب رئيس حكومة الاحتلال بالذعر، ما دفعه إلى طلب النجدة من حلفائه في الولايات المتحدة، من أجل منع قرار كهذا.
ورأى نتنياهو أنّ "المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ليس لها سلطة على إسرائيل"، لافتاً إلى أنّ احتمال إصدار مذكرات توقيف ضدّ قادة الجيش وقادة آخرين في "إسرائيل" بتهمة ارتكابهم جرائم حرب هو "فضيحة ذات أبعاد تاريخية"، كما نقلت عنه صحيفة "إسرائيل هيوم".
الاتصالات التي يجريها نتنياهو، ومسؤولوه بسيناتورات وأعضاء من الكونغرس في الولايات المتحدة، من أجل ممارسة ضغط على المحكمة الجنائية الدولية تشير إلى أنّ نتنياهو وحكومته يعيشون تحت تخبط كبير وضغط غير عادي بشأن احتمال صدور مذكرة اعتقال بحقه، وبحق إسرائيليين آخرين، من قِبل المحكمة في لاهاي.
ضغوطات أمريكية
شكلت الضغوطات الأمريكية على نتنياهو وحكومته نقطة عطف في مسار الحرب حيث إن المنطقة على صفيح جيوسياسي ساخن، يمكن أن ينفجر في أي لحظة، والانفجار المحتمل لن يصبّ في مصلحة الغرب، الذي يحاول إطفاء نارٍ هنا ونارٍ هناك، وليس الرد الإيراني الأخير سوى إثبات، ليس فقط على ذلك، بل أيضاً على عدم رغبة "إسرائيل" في توسيع نطاق الحرب، بسبب عدم قدرتها على ذلك، خلافاً لما يتم ترويجه.
اجتياح رفح كشفٌ للإخفاق
مع كل مرحلة جديدة يدخلها الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على غزة، كان الإخفاق في تحقيق الأهداف يتكشَّف أكثر، وقد استوعبت الإدارة الأمريكية والغربية جيداً أن ما لم تغيّره المعادلات العسكرية والأمنية والسياسية في محافظات غزة لن تغيّره في رفح، وبالتالي يدرك الغرب أن معركة رفح ستكون بمثابة آخر مغامرات نتنياهو الفاشلة في الحرب، ومعها سيصبح الموقف الإسرائيلي في أي مفاوضات مقبلة ضعيفاً جداً مع استنزاف كامل "نقاط القوة" التي هدد بها، وبما أن الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، يُدير الإبادة الجماعية على نحو يضمن المصالح الإسرائيلية التي تتداخل مع مصالحه، فإن الخشية من انكشاف الإخفاق الإسرائيلي هي ذاتها الخشية من تضرر نفوذه على صعيد المواجهة في المنطقة ضد محور المقاومة، ولا سيما أن واشنطن تحديداً تبنّت، بصورة كاملة، الأهداف التي أعلنتها حكومة الاحتلال في بداية الحرب، ودفعت أساطيلها وحاملات طائراتها في محاولة لطمأنة "إسرائيل" وردع أعدائها وإعطاء مساحة تحرّك لحكومة نتنياهو في الاستفراد بغزة.
بناءً على ذلك، تعيد الحرب على غزة، في مراحلها كافة، ولا سيما تلك المتعلقة برفح، فرضَ قواعد ومسارات جديدة في المنطقة تتعلق بالخطط الأمريكية، لكنها، في الوقت ذاته، تثير عاصفة من المخاوف لدى الغرب، مفادها بأن اجتياح رفح قد يوسّع نطاق المواجهة بصورة أكبر لدى جبهات الإسناد في لبنان واليمن والعراق وسوريا، والبحرين أخيراً، والنقطة المركزية لا تتعلق فقط بقوة حضور جبهة الإسناد وما ستشكله من ضرر على المصالح الغربية (اليمن مثلاً الذي هدد بمراحل جديدة في حال دخول رفح)، بل بأن قوة الحضور تلك تتزامن مع تراجع حلفاء الغرب وترددهم، وعدم قدرتهم على تغطية أي فعل إسرائيلي، أو السير بمخطط أمريكي واسع، الأمر الذي سيؤدي إلى خلل في موازين القوى إقليمياً، ويؤسس مرحلة جديدة تتشكل فيها تحالفات وتفاهمات، بعيداً عما تريده واشنطن.
المقاطعة الاقتصادية
جاءت أخبار المقاطعة الاقتصادية إلى جانب الضغوطات السياسية لتعمق المأزق الذي وقع فيه نتنياهو وحكومته ومن يدعمه حيث أجمعت تقديرات المحللين الاقتصاديين في كيان الاحتلال الإسرائيلي على أن وقف تركيا جميع أشكال التجارة مع تل أبيب سيلحق أضرارا جسيمة بالصناعة والتجارة في كيان الاحتلال، فيما يصل حجم واردات المواد الخام والبضائع من تركيا إلى ما يقرب من 5 مليارات دولار سنويا.
واتفقت التقديرات على أن الأمر يتعلق بوقف استيراد المعادن والآلات والسيارات ومنتجات الطاقة والمطاط والبلاستيك والمنتجات الصحية والزراعية، بعدما تم بالفعل وقف صادرات تركيا من المواد الخام للبناء، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ومن المتوقع أن تتوقف عشرات المصانع الإسرائيلية عن التصدير إلى تركيا بما يصل إلى 1.5 مليار دولار سنويا، حيث يصل إجمالي صادرات "إسرائيل" من البضائع إلى تركيا 2.6%، وهي خسارة إضافية أيضا لرجال الأعمال الإسرائيليين، وفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي.