كشفت وحشية الشرطة الأمريكية ضد الطلاب، والتي دعمها مسؤولون في الحكومة الفيدرالية، عن الوجه الحقيقي للدول الغربية، والآن علينا أن نسأل: "أين حرية التعبير والديمقراطية التي كنتم تتحدثون عنها"؟
باختصار، صحوة الأمم ستدمر نظام الهيمنة الذي تقوده أمريكا و"إسرائيل"، فبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، يواصل الکيان الإسرائيلي عمليات القتل الوحشية في قطاع غزة، وقد وصل الوضع إلى حد لم تعد فيه عبارة الإبادة الجماعية كافيةً للتعبير عن الجرائم التي تحدث.
كل يوم نستيقظ على جرائم جديدة هي وصمة عار على جبين الإنسانية، ومن بينها اكتشاف مقابر جماعية بالقرب من مستشفى ناصر في خان يونس؛ حيث تم التعرف على جثث الفلسطينيين الذين تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب والجرائم، وتبيّن فيما بعد أن بعض الشهداء دفنوا أحياءً بعد تعرضهم للتعذيب.
إن القوى الخاضعة لهيمنة الدول الإمبريالية الغربية، تدعم علناً الأعمال الهمجية التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية؛ في حين أن بعض الدول الجبانة التي لا تملك الشجاعة للتفكير في استخدام القوة لوقف المجازر، تفشل حتى في اتخاذ موقف واضح ضدها، وبالتالي، نكتشف أن قادتها ليس لديهم رغبة في إدانة الفظائع والجرائم، لكن الضمير العالمي استيقظ واشتعلت الانتفاضة العالمية.
لقد كُشف للجميع أن "العالم الوردي" الذي دغدغ مشاعر شعوب العالم هو في الواقع سخيف، والبنية العالمية التي وُصفت بأنها "النموذج الأمثل للإنسانية" بعد قيام الحرب العالمية الثانية، ليست إلا نظاماً يطبق معايير مزدوجة.
والشعارات التي على شكل القيم الغربية المزعومة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، ما هي إلا أدوات للدعاية، لكن عندما يتعلق الأمر بالمسلمين والعالم الثالث، فلا وجود لها في واقع الأمر.
وأظهرت الدول الإمبريالية أن شعاراتها ما هي إلا وسيلة لتحقيق مصالحها، ومن هنا انكشف الوجه الحقيقي للدول الغربية التي دعمتها، ومن الواضح أيضًا أن المفاهيم الخاطئة التي خلقها الغرب لم تكن للإنسانية، بل كانت منذ البداية أداةً لخدمة مصالح الغرب.
لقد أصبح من الواضح للعالم أن الکلمة هي أداة تستخدمها الدول الإمبريالية في الأوقات المناسبة، والآن ينكشف الوجه الحقيقي للدول الغربية ومن يواليها، ويتضح أن الأفكار الخاطئة التي اخترعها الغرب كانت في الحقيقة لأنفسهم ولمصالحهم، وليست للإنسانية.
إن "نار الانتفاضة العالمية" نشأت من دماء راشيل كوري، التي قُتلت في الـ16 من مارس/آذار 2003 في مدينة رفح الواقعة جنوب قطاع غزة، على يد قوات الاحتلال بجرافة، ونشهد مظاهرات في الجامعات الأمريكية تنديداً بعمليات الإبادة الجماعية، والقتل التي تقوم بها "إسرائيل" في قطاع غزة.
المظاهرات الأمريكية المناهضة لـ "إسرائيل" ودعماً لفلسطين وغزة، والتي انطلقت من جامعة كولومبيا في نيويورك، امتدت إلى عشرات الجامعات في ولايات أمريكية مختلفة، ثم إلى كندا وعدد من الدول التي تدعم "إسرائيل" بشكل علني، مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا.
ويأتي كل هذا على الرغم من الإجراءات التعسفية والقمعية التي تمارسها القوات الأمنية والشرطة ضد المتظاهرين، الذين يعتقلون الطلاب والأساتذة على نطاق واسع.
ورغم أن دعم فلسطين والاحتجاج ضد "إسرائيل" أمر محظور ويعاقب عليه بشدة في هذه البلدان، إلا أن طلاب الجامعات الأمريكية مصممون على إشعال الانتفاضة العالمية، ومواصلة احتجاجاتهم.
ويشهد العالم كيف يتم طرد الأكاديميين من الجامعة بطريقة وحشية، وتقييد أيديهم خلف ظهورهم، بغض النظر عن وجود النساء وكبار السن بينهم؛ فقط لأن الطلاب انتقدوا العنف ضد زملائهم بسبب إدانتهم للکيان الإسرائيلي.
ألم تكن الولايات المتحدة الأمريكية "أرض الحريات"؟ أين حرية التعبير والديمقراطية التي كانوا يتبجحون بها؟ أين حقوق الإنسان؟ أين حقوق المرأة؟ أين حرية التعبير والفكر؟
وبالطبع، يساء استخدام كل هذه المفاهيم للضغط على الدول الإسلامية والعالم الثالث، ولكن عندما يتعلق الأمر بـ "إسرائيل" أو النظام العالمي، فإن كل هذه الحقوق يتم تجاهلها ولا محل لها من الإعراب.
سرعان ما ستنتشر الانتفاضة الجديدة التي بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية إلى جميع أنحاء العالم، وستتحول صحوة الأمم والشعوب والاحتجاجات المستمرة منذ أشهر في جميع أنحاء العالم، إلى انتفاضة عالمية ستدمر عرش الصهاينة والقوى العظمى التي تدعمهم، وتتسبب في انهيار نظام القمع الذي تقوده الولايات المتحدة والکيان الإسرائيلي.