يجري حاليًا تحقيق منفصل يقوم به محققون داخليون في الأمم المتحدة لفحص الادعاءات الإسرائيلية ضد الموظفين الاثني عشر، وأكدت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن مكتب خدمات الرقابة الداخلية التابع لها قام بعقد عدد من الاجتماعات وناقش التعاون مع السلطات الإسرائيلية في هذا الصدد، وتقدم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) خدمات تعليمية وصحية ومساعدات لملايين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا.
وتشير المراجعة إلى أن أونروا تستعرض قوائم موظفيها سنويًا مع السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" والأردن ولبنان وسوريا، وورد في المراجعة أن تل أبيب لم تعبر عن مخاوفها لأونروا حيال قوائم موظفيها منذ عام 2011، ثم في مارس (آذار) 2024، بل أصدرت ادعاءات علنية بأن عددًا كبيرًا من موظفي أونروا أعضاء في منظمات إرهابية، وجاء في المراجعة "لكن إسرائيل لم تقدم بعد أدلة داعمة لذلك"، وزادت تل أبيب من ادعاءاتها في مارس (آذار)، قائلة إن أكثر من 450 موظفًا في أونروا هم عناصر مسلحة في جماعات إرهابية في غزة، يعمل لدى الوكالة 32 ألف موظف في منطقة عملياتها، و13 ألفًا منهم في غزة.
ومؤخرا، وجه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، أورين مارمورستين، اتهامات لأكثر من 2135 موظفا في أونروا بالانتماء إلى حماس أو حركة الجهاد الإسلامي، وزعم أن المراجعة التي تقودها كولونا بخصوص حياد الوكالة غير كافية، معتبرًا أنها "محاولة لتجنب المشكلة وعدم معالجتها بصورة مباشرة"، ويرى الكيان أن تقرير كولونا يتجاهل خطورة المشكلة، ويقدم حلولًا صورية لا تتعامل مع النطاق الهائل لتوغل حماس داخل أونروا، مع دعوة الكيان للمانحين بعدم تقديم تمويل للوكالة في غزة، بل بدء تقديم دعم مالي لمنظمات إنسانية أخرى في القطاع.
المنظمة الأممية كان لها علاقات جيدة مع تل أبيب خلال العمل على المراجعة، لكنها لم تفاجأ برد الفعل الإسرائيلي، كما ناشدت كيان الاحتلال أن يأخذ المراجعة على محمل الجد، فكل ما يوصى به -إذا تسنى تنفيذه- سيأتي بمردود جيد، مع تشجيع الدول الأعضاء التي لديها مثل هذه المعلومات على مشاركتها مع التحقيق الجاري بدلاً من وسائل الإعلام، فيما أشار المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إلى أن الأمين العام يقبل التوصيات، داعيًا جميع الدول إلى دعم أونروا بشكل فعال لأنها "شريان حياة للاجئين الفلسطينيين في المنطقة".
وبسبب الادعاءات الإسرائيلية ضد موظفي الوكالة، أعلنت 16 دولة تعليق أو وقف تمويلها بمبلغ يبلغ 450 مليون دولار، ما يشكل ضربة لأونروا في ظل الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة منذ بداية الهجوم الإسرائيلي هناك، وأفادت أونروا بأن 10 من تلك الدول استأنفت تمويلها، لكن الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وهولندا والنمسا وليتوانيا لم تفعل ذلك، وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن الوكالة حالياً تمتلك تمويلًا كافيًا لتمكينها من مواصلة عملياتها حتى حزيران.
وفي أعقاب الادعاءات الإسرائيلية ضد موظفي أونروا، أعلنت الولايات المتحدة وقف التمويل، وعلق الكونغرس المساهمات حتى مارس (آذار) 2025 على الأقل، الولايات المتحدة هي أكبر مانح للوكالة بمبلغ يتراوح بين 300 و400 مليون دولار سنويًا، ومنذ فترة طويلة، تشكو تل أبيب من وكالة الأمم المتحدة التي تأسست عام 1949 لرعاية اللاجئين الفلسطينيين، ودعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إغلاق أونروا، مدعيا أنها تسعى إلى الحفاظ على قضية اللاجئين الفلسطينيين.
ومن الجدير بالذكر أن كيان الاحتلال قام بشن هجومه على غزة ما خلف عشرات الآلاف من الشهداء بعد اقتحام مقاتلي حماس بلدات محتلة في السابع من أكتوبر تشرين الأول، وأسفر ذلك عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 أسيرا، وتقول أونروا إنها أنهت عقود 10 من أصل 12 موظفًا يتهمهم كيان الاحتلال بالتورط في هجمات السابع من أكتوبر، وإن الموظفين الآخرين قتلوا، وأشارت المراجعة إلى أن لدى أونروا "نهجًا متطورًا تجاه الحياد يتفوق" على وكالات الأمم المتحدة الأخرى، ورغم هذا الإطار القوي.
في النهاية، من الطبيعي أن بعض الموظفين يعبرون علنًا عن آرائهم السياسية، والمحتوى الإشكالي في بعض الكتب المدرسية المستخدمة في مدارس أونروا، ونشاطات النقابات بما لا يهدد إدارة الوكالة أو يعيق عملها، وإن أونروا تعمل على وضع خطة عمل للتوصل إلى تنفيذ التوصيات الصادرة عن المراجعة، مع مراعاة التوصيات الموجودة في خلال فترة صعبة في تاريخ الشعب الفلسطيني، ناهيك عن أهمية التوصيات التي تهدف إلى تعزيز معايير أونروا، والتي تعتبر بالفعل متقدمة فيما يتعلق بالحياد والإنسانية، الشيء الذي يجب أن يلزم الدول التي قطعت التمويل عن أونروا إلى إعادة النظر بشكل عاجل في قراراتها والتعاون مع الوكالة لضمان الدعم الضروري وضمان استمراريته وفعاليته.