بعد مرور بعض الوقت على جريمة الاحتلال النكراء أو ما تعرف بمجزرة الطحين حيث قتل الاحتلال الإسرائيلي الجياع الذين كانوا ينتظرون الحصول على الطحين في شارع الرشيد بغزة، نفذ الجيش الصهيوني مجزرة جديدة ليلة الخميس والجمعة في ساحة الكويت بمدينة غزة، استشهد خلالها أكثر من 80 شخصا كانوا ينتظرون استلام المساعدات الغذائية، وأصيب أكثر من 200 آخرين.
لكن في هذه المرة وبسبب قساوة المجزرة حاول كيان الاحتلال التنصل من مسؤولية الجريمة التي انكشفت للعالم أجمع بادعاءات كاذبة، تماما مثل حادثة مجزرة شارع الرشيد، وفي ظل صمت المجتمع الدولي وعدم اتخاذ أي إجراء عملي لملاحقة المحتلين بعد كل الجرائم البشعة التي يرتكبونها بحق المدنيين، يحاول الكيان الصهيوني من خلال استراتيجية دعائية مضللة مثل نشر مقاطع فيديو مقطعة ومفبركة لمجزرة ساحة الكويت، صرف انتباه العالم عن الجريمة الجديدة التي ترتكب بحق أهل غزة الجائعين.
وفي هذا السياق نشر الجيش الصهيوني مقطعاً لمسلح وادعى أن الأهالي في ساحة الكويت الذين كانوا ينتظرون المساعدات الغذائية استشهدوا برصاص مسلح فلسطيني!
ارتفاع فاتورة الطحين في غزة والثمن دماء الأبرياء
عند دوار الكويت كانت المجزرة الثانية للعدو الصهيوني من اجل الطحين مجزرة ارتقى على اثرها شهداء بالعشرات وجرح آخرون.
وفي ظل هذه الاعداد الكبيرة من الاصابات نقل شهداء وجرحى المجزرة إلى 4 مستشفيات في مدينة غزة وشمال القطاع، وهي: المعمداني - غزة والشفاء - غزة وكمال عدوان - شمال ومستشفى العودة - شمال القطاع/ وحتى من حاول انتشال الجرحى والجثث لم يسلم من القصف الإسرائيلي.
وفي حصيلة أولية أعلنت وزارة الصحة في غزة استشهاد 20 فلسطينيا وإصابة 155 آخرين على الأقل مرشحة ارتفاع أعداد الشهداء نظرا لخطورة الإصابات التي تصل إلى المستشفيات، وأضاف بيان الوزارة إن ما حدث عند دوار الكويت يشير إلى نوايا مبيتة لدى الاحتلال لارتكاب مجزرة جديدة مروعة.
ولليوم العشرين على التوالي تستهدف قوات العدو الصهيوني منتظري المساعدات، ورغم ادراك الفلسطينين لخطورة الذهاب يخرجون طمعا باسكات جوع اطفالهم ..وصرخات جوعهم .. في حين يعجز العالم تماما عن إيقاف اجرام العدو الإسرائيلي ويقف متفرجا في شهر الصيام وشهر الله على إراقة دماء المسلمين.
أدلة حقيقية على الدور المباشر لجيش الاحتلال في جريمة ساحة الكويت
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فنّد محاولة جيش الاحتلال التملص من مجزرة الدقيق الأخيرة ضد مدنيين فلسطينيين تجمعوا للحصول على إمدادات إنسانية.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان له تلقى “المركز الفلسطيني للإعلام نسخة منه: إنه تابع نشر جيش الاحتلال مقطع فيديو يظهر شخصا مسلحا ومحاولة الادعاء بأن ضحايا المجزرة الجديدة قضوا بإطلاق نار من مسلحين فلسطينيين.
وأوضح الأورومتوسطي أن مقطع الفيديو المذكور، ومع عدم التسليم بصحته، لا يثبت صحة ادعاء جيش الاحتلال، بل على العكس، يؤكد أن ضحايا هذه المجزرة من الشهداء والجرحى لم تكن إصابتهم بسبب إطلاق النار الذي يظهر في هذا المقطع المصور.
وبيّن أنه وصل إلى هذه النتيجة حسب أربعة أدلة تبينت خلال التحقيقات الأولية التي أجراها في الجريمة ومقطع الفيديو الذي نشره الاحتلال.
وهذه الأدلة هي:
أولا- في الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي يظهر أن المكان الذي وقع فيه إطلاق النار من الشخص المسلح كان في مكان مختلف عن مكان المجزرة، حيث إن الشخص المسلح كان يطلق النار في محيط دوار (دولة) جنوب شرق مدينة غزة، والذي يُبعد نحو 2 كيلو متر عن دوار (الكويت) جنوب شرق مدينة غزة موقع ارتكاب المجزرة.
ثانيا- إن معاينة عدد من الشهداء والجرحى في مجزرة الدقيق الأخيرة يظهر أنهم تعرضوا للاستهداف المباشر برصاص 5.56×45)مم ناتو( والذي يطلق من أسلحة يستخدمها الجيش الإسرائيلي، وقد سبق أن تمت معاينة مجموعة من نفس الرصاصات في أجساد شهداء ومصابين وفي مكان وقوع مجزرة الدقيق الأولى يوم 29 كانون شباط/فبراير الماضي والتي خلفت مئات الشهداء والإصابات في حينه.
ثالثا- يظهر بشكل واضح في الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي بأن إطلاق النار من شخص واحد فقط وكان في الهواء -في محاولة على ما يبدو للحيلولة دون توجه المدنيين إلى محيط تمركز منطقة الآليات العسكرية للجيش الإسرائيلي، بدلالة أنه رغم إطلاق النار القريب لم يسقط أي أحد بقربه، ولم يظهر أي جثث على الأرض أو مصابين من حوله، وهذا يتضح خلال الثانية (21) من الفيديو حين أطلق المسلح النار في الهواء قرب رجل واقف أمامه مباشرة، ولم يصب ذلك الرجل بأذى واضح وواصل مسيره دون أي ارتباك أو ذعر وسط الحشود.
رابعا- إن مقاطع الفيديو التي نشرتها وسائل الاعلام وشهود العيّان بعد المجزرة تظهر حجم الدمار والضرر الكبيرين اللذين خلفتهما النيران التي أطلقت على المدنيين المتجمعين المنتظرين للمساعدات، وهذا لا يتناسب مع الضرر أو الدمار الذي يسببه السلاح الناري الذي كان يستخدمه الشخص الذي ظهر بالفيديو.
وأبرز الأورومتوسطي أن هذه الأدلة تأتي بالإضافة إلى ما وثقه من شهادات لمصابين وشهود عيان كانوا في منطقة دوار (الكويت) أو محيطه لحظة ارتكاب المجزرة الجديدة، تؤكد تعرضهم لإطلاق نار بالأسلحة الرشاشة من الطيران المروحي والمسيرات من نوع (كوادكابتر)، إضافة إلى قذائف مدفعية من الدبابات، في استهداف متعمد جماعي بهدف قتل أكبر عدد منهم.
وقال “زياد سعيد مدوخ” أحد الجرحى في المجزرة: إن الجيش الإسرائيلي بدأ بإطلاق الرصاص الحي بشكل كثيف فور قرب وصول شاحنات المساعدات إلى دوار “الكويت” باتجاه حشود المدنيين، وتمت مواصلة إطلاق النار باتجاههم حتى بعد استلام بعض المساعدات بغرض القتل العمد.
من جهته قال “إبراهيم النجار” الذي أصيب بعيار ناري في إحدى يديه: إنه حاول الحصول على كيس دقيق لأطفاله من دوار “الكويت” لكنه تعرض مع الآخرين لإطلاق الرصاص الحي والقذائف المدفعية رغم تجمعهم في منطقة مسموح بها مسبقا.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أنه لا يمكن للجيش الإسرائيلي التهرب والتملص من الجريمة المروعة التي ارتكبها في مجزرة الدقيق التي وقعت ليلة الخميس وغيرها من المجازر التي تتكرر بشكل شبه يومي ضد المدنيين الفلسطينيين منذ أسابيع لدى محاولتهم الحصول على مساعدات إنسانية، وذلك بالقول إن قواته “لم تطلق أي نيران باتجاه قافلة المساعدات على دوار الكويت”، فيما في الوقت ذاته يعلن أنه يواصل تحقيقاته فيما جرى.
وذكر أن التحقيقات الأولية وإفادات المصابين والشهود والمعطيات الميدانية تؤكد في مجملها تعمد الجيش الإسرائيلي مواصلة ارتكاب مجازره ضد المدنيين الفلسطينيين في مدينة غزة وشمالها أثناء محاولتهم الحصول على أي إمدادات إنسانية في خضم ظروف مجاعة لا مفر منها يتسبب بها في القطاع المحاصر.
مجاعة ودم
بعد 48 ساعة من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، قراره بمنع دخول "الغذاء والماء والوقود إلى القطاع"، ليشكل هذا القرار اللحظة الفعلية التي بدأ فيها الاحتلال فرض حصاره التجويعي على قطاع غزة.
أغلقت "إسرائيل" جميع المعابر مع قطاع غزة الذي كان يدخله يوميا 600 شاحنة عبر معبر كرم أبو سالم، وظلت المساعدات الإنسانية التي تدفقت إلى مطار العريش المصري محتجزة لـ 15 يوما كاملة، قبل التوصل إلى اتفاق أمريكي مصري إسرائيلي لإدخالها بكميات لا تلبي 1٪ من احتياجات القطاع في الوضع الطبيعي.
بدأ الجيش الإسرائيلي اجتياحه البري لشمال قطاع غزة في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد أيام من السماح بالدخول المقنّن للمساعدات، واقتصارها على خان يونس جنوبي قطاع غزة.
بدأ الاحتلال بفصل محافظات غزة وشمال غزة عن المحافظة الوسطى عبر قطع شارع صلاح الدين، والتقدم باتجاه شارع الرشيد الساحلي غربا لإطباق الحصار على مدينة غزة ومدن شمال القطاع، التي واجهت تقدما بريا مماثلا.
سارعت المنظمات الدولية للانسحاب من شمال قطاع غزة، وتركت أكثر من مليون مواطن تحت سطوة آلة الحرب الإسرائيلية.
بدأت المواد الغذائية بالنفاد التدريجي مع محاصرة الشمال من أركانه الأربعة، واستمرار منع دخول أي نوع من المساعدات إليه، والتدمير الممنهج للأحياء السكنية والأسواق والمتاجر والمخابز، وواجه المواطنون صعوبات جمّة في تعويض ما ينقص من إمدادات.
في الأسابيع الأولى، استنفد شمال القطاع مخزون بيوته ومحاله التجارية من المواد الغذائية، ولجأ المواطنون إلى البحث في البيوت المدمرة أو الخالية من السكان عن المعلبات أو المجمدات، ويروي بعض السكان كيف أنهم اضطروا إلى خلع أبواب المحال التجارية التي هجرها أصحابها بحثا عما يسدّ جوعهم وأفراد أسرهم، بعد نفاد مخزون الطعام لديهم.
بدأت ملامح المجاعة تظهر على من تبقى من سكان شمال القطاع مع الإصرار الإسرائيلي على منع دخول أي مساعدات غذائية، في ظل موجات من القصف الجوي العنيف، ومواجهات برية شرسة مع المقاومة.
والآن وبعد 160 يوما من العدوان على قطاع غزة بات أهالي غزة يدفعون الدم والأرواح ثمنا لكيس طحين ويتوجهون لسيارات المساعدات على الرغم من علمهم المسبق بأنها باتت هدفا لكيان الاحتلال.