السؤال الذي يطرح نفسه ماذا تريد أمريكا أن تقول للعالم من خلال إرسالها كمية قليلة جداً من المساعدات لآلاف البطون الخاوية؟
من الجدير بالذكر أن مجموع ما ألقاه الأمريكي من مواد غذائية لا تصل إلى حمولة 3 أو 4 شاحنات فقط.
انتقادات منظمة أوكسفام
في ظل الوضع الكارثي الذي يعاني منه أهالي غزة، انتقدت المتحدثة باسم منظمة أوكسفام عدم كفاية المساعدات الجوية الأمريكية في غزة وقالت إن إسقاط المساعدات الجوية الأمريكية ليس الحل لأزمة غزة ودعت إلى ضرورة فتح المعابر وإدخال المساعدات إلى رفح (جنوبا) وكذلك شمال غزة.
وأشارت إلى أن الوضع في غزة خطر بالنسبة لـ90% من المدنيين الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي، لافتة إلى أن استهداف قوافل المساعدات الإنسانية نمط إسرائيلي مستمر وآخرها مجزرة الطحين بشارع الرشيد.
ورأت المتحدثة باسم أوكسفام، أنه لا يمكن فهم ما يحدث من عرقلة في مباحثات وقف إطلاق النار، وأضافت "شاهدنا وقع الأعمال العدائية المتزايدة من الحكومة الإسرائيلية وتهديدا وشيكا لاجتياح رفح".
ونبهت إلى وفاة 16 طفلا بسبب الجوع ومعاناة 300 ألف طفل من سوء التغذية الحاد، قبل أن تختتم حديثها بالقول إن الوضع كارثي، وإن وقف إطلاق النار أمر ملح لاحتواء نذر المجاعة.
وكان المدير الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو) قد ذكر أن 80% من سكان غزة يصنفون بأنهم في وضع الكارثة والمجاعة بسبب الجوع، كما يُصنف سكان غزة بالكامل بأنهم في وضع الطوارئ لتدني مستوى الأمن الغذائي.
ماذا يعني إسقاط كميات غير كافية من المساعدات الأمريكية؟
ماذا يعني إسقاط الحليفة الأولى للكيان الصهيوني المساعدات جواً، السؤال الذي أظهرت إجاباته المتعددة خباثة و قذارة الإدارة الأمريكية. و المثير للسخرية هو ترحيب جيش الاحتلال الإسرائيلي بإسقاط المساعدات جوا، في حين انتقدت منظمات الإغاثة الدولية هذا التكتيك ووصفته بأنه "غير مفهوم وغير كاف على الإطلاق" لتلبية احتياجات 2.2 مليون من سكان غزة، الكثير منهم يواجهون المجاعة.
هل يمكن اعتبارها إهانة للإدارة الأمريكية كما رآها روبرت فورد الدبلوماسي الأميركي المخضرم، الذي سبق له العمل سفيرا في سوريا ومن قبلها الجزائر، حيث عبر عن إحباطه مما آلت إليه طريقة تعامل إدارة الرئيس بايدن مع كيان الاحتلال الاسرائيلي فيما يتعلق بعدوانها المستمر على قطاع غزة.
وعلى منصة "إكس" غرد فورد، "لقد رأيت "إسرائيل" تهين الإدارات الأميركية السابقة، ولكن باستثناء الهجوم الإسرائيلي القاتل عام 1967 ضد مدمرة البحرية الأميركية ليبرتي، يعد إجبار واشنطن الآن على القيام بإسقاط جوي للمساعدات على غزة -كما لو أن أميركا ليست أفضل من مصر والأردن- هو أسوأ إذلال إسرائيلي للولايات المتحدة أراه في حياتي".
أم لضرورات الدعاية و الإعلام؟ تعقيبا على الخطوة الأميركية المبتذلة، قال مدير مجموعة الأزمات الدولية بالأمم المتحدة ريتشارد غوان "يشكو العاملون في المجال الإنساني دائما من أن عمليات الإنزال الجوي فرص جيدة لالتقاط الصور والدعاية، ولكنها طريقة رديئة لتقديم المساعدات".
ففي الوقت الذي طالب الرئيس بايدن الكونغرس بتمويل إسقاط القنابل على المدنيين في غزة. يصر على إسقاط المساعدات على المدنيين في غزة أيضا! لربما أصاب السياسة الخارجية الأمريكية جنون مطلق في التعاطي مع الأمور!
أم هي محاولات للتنلص من المسؤولية عن جرائم الإبادة الجماعية و حرب التجويع بحق أهالي القطاع، كما اعتبره سكوت بول من منظمة أوكسفام فكتب على موقع "إكس" مهاجماً بادين و إدارته "إن إسقاط المساعدات يعمل في الغالب على إراحة الضمائر المذنبة لكبار المسؤولين الأميركيين الذين تساهم سياساتهم في الفظائع المستمرة وخطر المجاعة في غزة".
وأضاف "في حين تم دفع الفلسطينيين في غزة إلى حافة الهاوية المطلقة، فإن إسقاط كمية رمزية تافهة من المساعدات دون خطة لتوزيعها الآمن لن يساعد الفلسطينيين، بل يهينهم بشدة. وبدلا من عمليات الإسقاط الجوي العشوائي في غزة، على الولايات المتحدة قطع تدفق الأسلحة إلى إسرائيل التي تستخدم في الهجمات العشوائية، والضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن، والإصرار على أن تفي إسرائيل بواجبها في توفير المساعدات الإنسانية، وغيرها من الخدمات الأساسية".
طريقة غير مجدية
بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست إن إنزال المساعدات الغذائية جوا على قطاع غزة أمر مكلّف وبلا جدوى في الوقت ذاته، وأوضحت الصحيفة أن الإنزال الجويّ مفيد في بعض الحالات مثل الطوارئ وتلبية مستلزمات المستشفيات، إلا أن خبراء في الدعم الإنساني لا ينتظرون منه الكثير في ظروف قطاع غزة الحالية. غير أنه قد شارك مواطنون عينات من المساعدات الأمريكية، مؤكدين أن هذه المساعدات تحتوي على مواد غير صالحة للاستهلاك البشري وأن رائحتها كريهة جدا.
و يرى محللون إن القائمون على إنزال المساعدات جوا لا يهمهم إن وصلت أم لم تصل لإنهم يمهدون ويؤسسون بهذه البدعة الاستعراضية الى تكريس الحصار على قطاع غزة وشرعنته عربيا ودولياً وصولا لما يخططون له وبما قد يصل الى اتفاق لإلغاء معبر رفح.
محاولات للتغطية على الشهامة اليمنية
بداية القصة كانت من الأردن، فنظامه كان أول من فاجأ الجميع باستخدام هده الطريقة البدعة وصورها الإعلام المستخف بعقول الناس، على أنها عملية بطولية قام بها فرسان جو. بيمنا الأمر لم يكن أكثر من استعراض في العلن و اتفاق في الخفاء سمح بموجبه الكيان الصهيوني للمملكة الأردنية أن تلعب هذا الدور لتبييض وجهها على خلفية الصمت المطبق دون ردة فعل عملية واحدة على مذابح جيش الإحتلال، ولمساعدته للتغطية اليائسة على ما يرسله ويمرره الى الكيان من مواد استراتيجية على رأسها الغذائية، والتي يحتاجها الكيان نتيجة تسخير كل طاقاته وموارده نحو الحرب الابادية التي يشنها على غزة، ولتعزيز صموده الحربي .
وبعد أن أثبتت اليمن عروبتها بقوة خصوصا بعد دخولها القوي على خط المواجهة والضغط على إمدادات وموارد الكيان الغاصب . فإن أمر الإغاثة الاستعراضية بالنسبة للأردن أصبح حتميا و تطور الأمر بانضمام مصر والولايات المتحدة إليه، وأصبح الأمر مختلفاً جداً وجدا .
إذ ما معنى أن تتجاهل او تتخلى هذه الدول عن استخدام الطرق والمعابر الشرعية لإيصال مواد الاغاثة سيما وهي قادرة على ذلك ؟ بل أنها جهات قادرة إما على فك الحصار أو ادخال ما تريد بما تملكه من وسائل ضغط مشروعة كالولايات المتحدة والأردن، وإما قادرة على إفشال هذا الحصار من أساسه كمصر لأنها مشاركة به، بل هي من تفرضه على غزة بإغلاقها معبر رفح كمعبر لها مع غزة وتحت سيادتها، حيث لو فتحت مصر معبرها فلن يكون هناك حصار على غزة مهما اغلقت اسرائيل من معابر داخلية او حتى البحر