وتحرص حماس على تحقيق نتائج ترضي الفلسطينيين، وقد جرى الحديث أن وفدًا قياديًا من الحركة سيتوجه إلى القاهرة مساء السبت القادم لإجراء محادثات جديدة حول الهدنة في قطاع غزة، ومن المتوقع لقاء المسؤولين المصريين المشرفين على مفاوضات وقف النار ومتابعة تطورات المفاوضات الساعية لوقف العدوان وصفقة تبادل الأسرى، في ظل المأساة الإنسانية في غزة والحملة العسكرية الإسرائيليّة المدمرة.
اتفاقات وشيكة لوقف الحرب
مصر تتحدث أنها تبذل جهودًا حثيثة للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة قبل شهر رمضان المبارك، وسيتم استئناف مفاوضات التهدئة بالقاهرة يوم الأحد المقبل، حيث نسعى للوصول إلى اتفاق عادل للتهدئة، وتشير التقارير إلى وجود تقدم ملحوظ في المفاوضات، ووصلت وفود من حركة حماس وقطر والولايات المتحدة إلى القاهرة، استعدادًا لاستئناف مفاوضات التهدئة في قطاع غزة، ويترأس نائب رئيس حماس في غزة، خليل الحية، وفد الحركة.
بالمقابل، كيان الاحتلال الإسرائيليّ لن يرسل أي وفد إلى القاهرة إلا بعد تلقيها قائمة كاملة بأسماء الأسرى الإسرائيليين الذين ما زالوا على قيد الحياة في غزة خاصة أنّ قصفها الهمجي قد تسبب بمقتل الكثيرين، ومن المتوقع أن يعقد الوسطاء اجتماعًا في القاهرة لمناقشة صيغة مقبولة لكل من "إسرائيل" وحركة حماس، بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وذلك في ظل تصاعد الضغوط قبيل حلول شهر رمضان لوقف القتال.
وفي الأيام الأخيرة، زادت الآمال في تحقيق أول وقف للقتال منذ نوفمبر، عقب جولة من المحادثات التي جرت في الدوحة بوساطة قطر ومصر، وإشارات إيجابية من الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن اقتراب التوصل إلى اتفاق، مع الحديث أن الحركة لم تتراجع عن موقفها، مشيرين إلى أن الهدنة المؤقتة يجب أن تكون بداية لعملية تهدف إلى إنهاء الحرب تمامًا، وقد تم تقديم ضمانات لحماس بأن شروط وقف دائم لإطلاق النار سيتم وضعها في المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق، كما تم الاتفاق على مدة التوقف الأولية عن القتال، والتي من المتوقع أن تستمر لمدة نحو 6 أسابيع.
ومنذ أشهر، يسعى المحتلون إلى تحميل حماس مسؤولية أي فشل محتمل في المفاوضات، مما قد يفتح الباب أمام هجوم على رفح، وقد أوضح ممثل حماس أن الأخبار الكاذبة حول الموضوع تتماهى مع الأفكار التي تم طرحها في لقاء "باريس 2"، والذي تم بمبادرة أميركية، وتعتبر حماس أن المحتلين يسعون لنشر انطباع بأنها تقبل هذه الأفكار، وذكرت صحيفة رويترز الأميركية، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي كبير، بأن حماس قد وافقت على الاقتراح الذي تضمن ضمانات مثل دخول 500 شاحنة مساعدات إنسانية يوميًا، إصلاح المخابز والمستشفيات في قطاع غزة، ومبادلة الأسرى الفلسطينيين بالأسرى الإسرائيليين بنسبة 10 إلى 1، مع إطلاق سراح الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 19 عامًا والمسنين.
وتلقت حركة حماس مسودة مقترح من محادثات باريس بخصوص الهدنة في قطاع غزة، حيث يتضمن المقترح وقفًا لجميع العمليات العسكرية لمدة 40 يومًا، ومبادلة أسرى فلسطينيين بإسرائيليين بنسبة عشرة إلى واحد، وإصلاح المستشفيات والمخابز في قطاع غزة، ودخول 500 شاحنة مساعدات يوميًا، بالإضافة إلى توفير آلاف الخيام والمساكن المتنقلة لإيواء النازحين.
ولا شك أنّ محادثات الهدنة في قطاع غزة تمثل أكثر المساعي جدية منذ أسابيع لوقف القتال في هذا القطاع الفلسطيني المنكوب، وتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وزاد الوسطاء جهودهم للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، بهدف تجنب هجوم إسرائيلي على مدينة رفح في القطاع، حيث يعيش أكثر من مليون نازح على الطرف الجنوبي من القطاع، وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن "إسرائيل" وافقت على عدم الانخراط في عمليات عسكرية خلال شهر رمضان في قطاع غزة، مع حديثه عن تمكين الفلسطينيين من مغادرة رفح في جنوب قطاع غزة قبل تكثيف حملتها هناك.
ومؤخراً، لم يتم تقديم أي ضمانات لوصول المساعدات الكافية إلى غزة وإعادة إعمار المنشآت الحيوية مثل المستشفيات والمخابز، ولم يجد النازحون مأوى، ويرفض نظام الاحتلال الصهيوني أي من هذه الإجراءات، ولذلك، يبقى السؤال حول ما يجب التوصل إليه بالضبط، وتحاول السلطات الصهيونية تشويه الحقائق من خلال ادعائها بأن مطالب حركة حماس هي مبالغ فيها، ولكن الواقع يظهر أن هذه المطالب ضرورية ومشروعة، وفي الوقت نفسه، فإن التهديدات الصهيونية بمواصلة الحرب وتوسيعها إلى رفح إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين تعتبر تهديدات فارغة وليس لها قيمة، تظهر هذه التهديدات الفشل الكبير للكيان الصهيوني في إعادة أسراه من غزة.
وقبل ذلك، أعلن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء نظام الاحتلال، علنًا أنه سيهاجم رفح في كل الأحوال، حتى لو تمت صفقة تبادل الأسرى، يرجع ذلك إلى سياسة الوحشية والقتل والإبادة الجماعية التي اتبعها المحتلون منذ بداية غزو غزة، ويظل استهداف المدنيين، بما في ذلك الموجودين في رفح، مستمرًا بشكل يومي، وفيما يتعلق بالمناقشات المتعلقة باليوم التالي لحرب غزة وادعاءات الأمريكيين والصهاينة بشأن إدارة غزة، فإن نظام الاحتلال لا يستطيع الحديث عن إدارة غزة بشكل فعّال، وذلك بسبب الفشل الكبير في تحقيق أهدافه.
نفاق الإسرائيليين ووضوح موقف حماس
الحديث عن الحرب يعاني المحتلون اليوم من تناقضات واختلافات كبيرة فيما بينهم، حيث يهددون بتدمير حماس من جهة، ومن جهة أخرى يطالبون بالتفاوض مع هذه الحركة، وفيما يتعلق بالموقف النهائي لحركة حماس من مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، يتم توجيه هذه المفاوضات نحو مصالح الشعب الفلسطيني، ولا تتأثر بالتصريحات والتهديدات، فرغبات حماس وأهدافها واضحة ومتفق عليها وطنيًا، وتشمل الوقف الكامل لعدوان العدو والوصول الفوري للمساعدات اللازمة إلى قطاع غزة ورفع الحصار عنها وإعادة إعمارها كشروط أساسية.
وفيما يتعلق بالمباحثات المتعلقة بالإدارة المدنية لقطاع غزة، فإن حماس تحتفظ بحقها في تسيير شؤونها واختيار قادتها، وهذه قضية فلسطينية تمامًا ولا يحق لأي طرف آخر أن يفرض رغباته عليها، وأعلنت حركة "حماس" أنها تشترط الموافقة على صفقة تبادل الأسرى مع "تل أبيب" مقابل وقف الحرب على قطاع غزة، وتمكين دخول المساعدات الإنسانية، وتحرير المعتقلين الفلسطينيين في سجون الكيان، وباختصار، لم تتخذ "إسرائيل" أي قرارات حاسمة خلال الأشهر الماضية، حيث تسير الحرب وفقًا لإنجازات تكتيكية لحركة حماس، دون تحركات كبيرة من جانب "إسرائيل" لتحقيق إنجازات استراتيجية.
النتيجة، في حال توفي الضمانات التي ترغب بها حماس يمكن أن تصل المفاوضات إلى نتيجة، فقد اضطر العالم إلى احترام الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة، فالدفاع عن مواقفها هو حق لها. والآن، أصبحت الحرب التي سقط فيها العديد من الشهداء الأبرياء في غزة على عتبة النصر الفلسطيني، وإذا أصر الفلسطينيون على مطالبهم المشروعة، فسيتعين على النظام الصهيوني أن يقبلها، والآن هي اللحظة الحاسمة، والنصر بات قريبا لهم، ويجب على مجلس الحرب اتخاذ قرارات تنهي أزمته في غزة، بما في ذلك العمل على تنفيذ صفقة لتبادل الأسرى قبل حلول شهر رمضان المقبل، واتخاذ إجراءات لمنع تصعيد الوضع في الضفة الغربية خلال هذه الفترة، وعودة السكان الإسرائيليين إلى مستوطناتهم في الشمال والجنوب بعد النزوح جراء اندلاع الحرب، قبل أن تقلب الطاولة على رؤوس مسؤولي حكومة العدو.