أمام جلسة الاستماع الأخيرة التي عقدتها محكمة العدل الدولية بمدينة لاهاي الهولندية، بناء على طلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقديم آراء استشارية بخصوص التبعات القانونية الناشئة عن سياسات "إسرائيل" وممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أكد نائب وزير الخارجية التركي أحمد يلدز على ضرورة محاسبة "إسرائيل" على كل ممارساتها التي تنتهك حقوق الإنسان والقانون الدولي، مشددا على أن المسجد الأقصى يعتبر من أكثر الأماكن قدسيةً بالنسبة للمسلمين، وأنه يجب حماية قدسيته لكونه مكاناً للعبادة لهم.
ودعا محكمة العدل الدولية لإعلان تصرفات "إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس بأنها “انتهاك للقانون الدولي”، مشيراً إلى أن تهديدات الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية والتطرف تتزايد في جميع أنحاء العالم، مشدداً على ضرورة أخذ ذلك في الاعتبار.
ولفت يلدز إلى أنه إذا استمرت المظالم وازدواجية المعايير التي يتعرض لها الفلسطينيون منذ عقود، فإن ردود الفعل ستزداد بشكل كبير.
وقال: “قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تقضي بعدم اعتراف الدول بوجود إسرائيل في الأماكن المحتلة خارج حدود عام 1967، وهذا القرار لا يزال ساريا على الرغم من أن بعض الدول لا تأخذه بعين الاعتبار”.
وأوضح أن عام 2023 كان العام الذي ارتُكبت فيه أكبر أعمال العنف ضد الفلسطينيين من قبل إرهابيي المستوطنين في الضفة الغربية.
وأشار إلى أن أصوات الناس هناك ( الضفة الغربية) ستعلو بشكل أكثر بسبب الانتهاكات المرتكبة ضد الفلسطينيين.
وشدد نائب وزير الخارجية التركي على أن أنقرة تولي أهمية كبيرة لحل الدولتين.
وأكد أن الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية غير القانونية تكثفت، بما في ذلك في القدس الشرقية، مضيفاً: “بات من الصعب للغاية الآن الحديث عن سلامة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا الوضع غيّر التركيبة السكانية للأراضي المحتلة”.
وتابع يلدز:”يستمر هدم منازل الفلسطينيين وعمليات الإخلاء القسري تحت حماية قوات الأمن الإسرائيلية، وبالإضافة إلى ذلك، يتزايد العنف ضد الفلسطينيين يوما بعد يوم، وأحد الأبعاد الأساسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتعلق بعدم احترام قدسية الأماكن المقدسة ووضعها التاريخي”.
وأضاف يلدز إنه يجب على "إسرائيل" احترام الوضع التاريخي للأماكن المقدسة في القدس.
وقال أيضا : “مع استمرار الهجمات الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية، تصبح هذه القضية أكثر أهمية مع اقتراب شهر رمضان المبارك هذا العام”، متابعاً: “الأخبار المتعلقة بخطط الحكومة الإسرائيلية لمنع المسلمين من الصلاة في الحرم الشريف خلال شهر رمضان، والتصريحات الاستفزازية لبعض الوزراء الإسرائيليين، تثير القلق، ولهذا السبب، ينبغي على أصحاب الضمير أن يتحركوا دون إضاعة الوقت.
ولفت إلى أن تركيا تعارض تغيير وضع القدس والمسجد الأقصى، وأن أنقرة تدين أيضاً منع المسلمين من الصلاة في الحرم الشريف، وأن هذه العوائق تتعارض مع الوضع التاريخي للقدس، مشيرا إلى أن “حماية مكانة القدس والأماكن المقدسة أمر مهم ليس فقط من أجل سلامة الأشخاص الذين يعيشون هناك، ولكن أيضاً من أجل حساسية مليارات الأشخاص حول العالم”.
وقال إن انتهاكات "إسرائيل" في فلسطين لا تقتصر على القدس وحدها، مضيفاً إن "إسرائيل" هدمت المنازل واستولت على الأراضي وانتهكت حقوق الإنسان الفلسطيني.
وأشار يلدز إلى أن تركيا تدين بشدة الهجمات ضد المدنيين، لافتاً إلى أن 2.3 مليون شخص في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، يكافحون من أجل البقاء في ظل غياب الكهرباء والمياه والغذاء والدواء، “فتصرفات إسرائيل في غزة تحولت إلى عقاب جماعي”.
وذكر يلدز أن ما يقرب من مليوني فلسطيني شُرّدوا قسراً في غزة، وأن “تصرفات إسرائيل (في غزة) تحولت إلى عقاب جماعي”.
وفي هذا السياق صرح المسؤولون الفلسطينيون أن “إسرائيل لم تلتزم بالتدابير المؤقتة التي أقرتها المحكمة، ويستشهدون بمقارنات للأوضاع بين الوقت الحالي وحين صدور هذه التدابير”.
ولا تتوافر إحصائيات محددة حول المنشآت التي تم تدميرها بعد تدابير محكمة العدل، لكن بيانات حكومية فلسطينية تفيد بأن جيش العدو دمر أكثر من 500 مسجد وكنسية وما يزيد على 300 جامعة ومدرسة، وأكثر من 360 ألف وحدة سكنية مدنية، وما يزيد عن 31 مستشفى.
يرى مراقبون أن جميع تلك المبادرات والخطط والاجتماعات والمواقف لا تسمن ولا تغني عن جوع، وما لم تكن هناك خطة شاملة لإنهاء الصراع بقرار أمريكي فإن كل ما يجري هو مضيعة للوقت فالامريكي لم يتخذ قراره بعد، وإن صح التعبير لا يريد، لأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تتكامل بشكل مريع مع رؤى نتنياهو، ولن يكون هناك أفضل من هذه الفرصة للخلاص من غزة.
يذكر أن الجلسات العلنية استمرت لمدة ستة أيام بين الـ19 والـ26 من شباط الجاري، للاستماع إلى إحاطات 52 دولة، إضافة إلى الاتحاد الإفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية.
هذا وعقدت المحكمة الإثنين آخر جلسات الاستماع لإحاطات كل من: تركيا، وزامبيا، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الإفريقي، وإسبانيا، وفيجي، ومالديف، وجزر القمر.
وكانت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي اللجنة الخاصة بالمسائل السياسية، وإنهاء الاستعمار، قد اعتمدت في الحادي عشر من تشرين الثاني لعام 2022، مشروع قرار قدمته دولة فلسطين لطلب فتوى قانونية ورأي استشاري من محكمة العدل الدولية، حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين بما فيها القدس.