والملفت أن حاكم الإمارات أثار هذا المطلب عام 2022 في لقاء مع مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، لكن صحيفة بوليتيكو تنشر الخبر اليوم، وهو أمر من المؤکد أنه ممكن بإذن سياسي من الحكومة الأمريكية، لماذا؟
الحقيقة هي أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد تتمتع بالمصداقية والاحترام اللذين كانت تتمتع بهما لدى الدول الخليجية، فلسنوات طويلة، كانت الدول العربية في المنطقة بقرةً حلوب لأمريکا، علی أمل أن توفر هذه الدولة أمنها ضد إيران وحلفائها، لكنها اليوم غير قادرة على توفير أمنها بنفسها.
ويمكن للجميع أن يروا أن أمريكا غير قادرة على الاهتمام بقواعدها، فسفنها ليست آمنةً في المنطقة، ومشاة البحرية التابعة لها يتحدثون اللغة الفارسية مضطرين في مواجهة الجيش الإيراني في الخليج الفارسي.
وبطبيعة الحال، فإن أمريكا هذه، التي لا تستطيع حتى توفير الأمن لنفسها، لن تتمكن من أن تكون سنداً جيداً لدول المنطقة، والحقيقة أنه إذا حدث صراع بين العرب وإيران، فإن أمريكا لن تكون مستعدةً للوقوف إلى جانبهم والدفاع عنهم، ولذلك، فإن الخيار الأفضل لدول مثل الإمارات، هو الصداقة مع إيران وليس المواجهة معها!
بالإضافة إلى ذلك، حذرت إيران مراراً وتكراراً من أنه إذا استخدمت أمريكا أراضي دولة ما لمهاجمة مصالحنا، فلن تتم معاقبة الجيش الأمريكي فحسب، بل الدولة المضيفة أيضًا.
لكن النقطة المهمة في هذه القصة، هي توقيت نشر هذا الخبر في مجلة بوليتيكو الأمريكية، ولو أرادت أمريكا تجاهل طلب الإمارات، لما سمحت بنشر أخبارها بالتأكيد! کما أنها قد أخفت هذا الخبر حتى قبل أيام قليلة.
لكن بايدن يواجه هذه الأيام ضغوط قوى المقاومة في غرب آسيا، ومن ناحية أخرى، عليه أن يجيب على المنتقدين المحليين، حول سبب تصرفه بشكل سلبي ضد الجماعات المرتبطة بإيران، وبما أنه غير قادر على التغلب على هذه الظروف، فمن المحتمل أنه يبحث عن عذر لتبرير عجزه.
ومع نشر هذا الخبر في بوليتيكو، الآن كلما تعرض بايدن لضغوط من المنتقدين، يستطيع أن يقول بسهولة إن دول المنطقة لن تسمح لنا باستخدام أراضيها لمهاجمة حلفاء إيران في حين أن الواقع شيء آخر!
ربما تكون الإمارات قد قدمت هذا الطلب للأسباب المذكورة آنفاً، لكن من المؤکد أنه إذا لم تكن الولايات المتحدة تريد ذلك، لما تمكنت من فرضه، لكن نشر الخبر المتعلق بعام 2022 في هذه الظروف الخاصة وعلى أيدي الأمريكيين، يدل على أن أمريكا قد تراجعت عن وعي.