وفي هذا السياق تشير القناة العبرية إلى أن “أسرى نخبة حماس يعانون ظروفًا صعبة جدًا، حيث إنهم يرتجفون دائما من شدة البرد، ويجبرون على حني رؤوسهم وهم جالسون أرضًا، كما أن غرف الزنازين صغيرة جدا، والأسِرة غير مرتبة ومن دون أغطية".
وبوتيرة يومية يشغل السجانون أغاني باللغة العبرية بصوت عال، بينها أغنية “شعب إسرائيل حيّ”، داخل الزنازين الصغيرة التي يتكدس فيها أسرى نخبة حماس، وفق التقرير.
ويظهر التقرير وجود كلاب بوليسية ترافق السجانين في كل مرة يتفقدون فيها هؤلاء الأسرى، ووفق التقرير التلفزيوني، فإن “أكثر من 5 سجناء يقبعون في زنزانة واحدة صغيرة جدًا، كما أنّ الطعام المقدم لهم قليل جدًا"، فيما لم يصدر عن السلطات الإسرائيلية أو مؤسسات الأسرى الفلسطينية تعليق على ما بثته القناة العبرية.
يمنعون عنهم وميض الضوء
كان وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير قد أوعز في ديمسبر/كانون الأول الماضي إلى سلطاته باحتجاز أسرى من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في سجن تحت الأرض لم يستخدم منذ سنوات.
وقال بن غفير -وهو زعيم حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف- في تدوينة على تليغرام إنه بعد سنوات من عدم الاستخدام، أوعزت إلى مفوضة السجون (كيتي بيري) بإعادة فتح الجناح الموجود تحت الأرض لمعتقلي القسام.
وأضاف إن هؤلاء الأسرى “لا يستحقون نقطة أو ومضة من ضوء الشمس بينما محتجزونا (في إشارة إلى الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة) يجلسون في أنفاق الجحيم”، على حد زعمه.
دعوات للكشف عن السجون السرية لدى الكيان الغاصب
بعث رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس، بنداء إلى المجتمع الدولي بمؤسساته وتشكيلاته، يحثه فيه على الخروج عن صمته، والتحرك الفوري للكشف عن السجون والمعتقلات السرية، التي أنشئت بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
واعتبر رئيس الهيئة أن التقرير الذي نشرته القناة 13 الإسرائيلية حول صنوف التعذيب، المفروضة على الذين اعتُقلوا في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر أو طوال أيام العدوان الإسرائيلي، يثبت أن دولة الاحتلال تمارس التعذيب والتنكيل المحرم دوليا، وأصبحنا نعيش من جديد واقع سجني (أبو غريب وغوانتانامو)، وربما ما تقوم به "إسرائيل" تجاوز ذلك
وأضاف فارس "ماذا ينتظر المجتمع الدولي؟ ألا يكفي كل هذا العنف والإجرام بحق مناضلي الشعب الفلسطيني في سجون الاحتلال؟ وهل يريد المجتمع الدولي أن نستيقظ على فاجعة غير مسبوقة في تاريخ البشرية؟ للأسف كل هذه التساؤلات وغيرها الكثير أصبحت صرخة غضب نطلقها كل يوم في وجه مدعي العدالة والإنسانية، لقد سقط القناع عن تخاذلكم وجبنكم، وعليكم أن تنقذوا ما تبقى من بقايا إنسانيتكم".
وأدان رئيس هيئة الأسرى والمحررين صنوف التعذيب وأساليبه التي يتعرض لها المعتقلون بشكل عام في السجون والمعتقلات كافة، وعلى وجه الخصوص معتقلو قطاع غزة، الذين تخلت عنهم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي وعدتنا في عدة لقاءات واجتماعات أن تزودنا ببياناتهم وظروف اعتقالهم، وأن تقوم بزيارتهم، ولكن لم تفِ بشيء من ذلك، وكشف فارس أن تقرير القناة الإسرائيلية "13" تحدث بوضوح عن صنوف التعذيب التي تتمثل في: (احتجازهم بأعداد كبيرة في زنازين صغيرة، وتركهم فريسة للجوع وهم يرتجفون من البرد، والأَسِرة من الحديد ودون أغطية، ويتعمد السجانون تشغيل أغانٍ باللغة العبرية داخل الزنازين، وتفتيشات ومضايقات مستمرة، واستخدام الكلاب البوليسية لتنفيذ ذلك، وجميع هذه الإجراءات تأتي تلبية لتعليمات من يسمى وزير الأمن القومي الإسرائيلي العنصري المتطرف إيتمار بن غفير، الذي طالب باحتجاز "المقاومين" في سجن تحت الأرض لم يستخدم منذ سنوات طويلة، ووقاحته وتطرفه وصلا إلى المطالبة بذلك من خلال تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي "أن هؤلاء المعتقلين لا يستحقون أن يروا ومضة من أشعة الشمس".
تعذيب وحشي
سبق أن أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنه تلقى شهادات جديدة عن تعرض معتقلين فلسطينيين من قطاع غزة -بمن فيهم نساء وأطفال- لعمليات تعذيب قاسية ومعاملة تحط بالكرامة الإنسانية، بما في ذلك التعرية والتحرش الجنسي أو التهديد به، مطالبا بتحرك دولي عاجل لوقف تلك الانتهاكات.
وقال المرصد إن فرقه تلقت شهادات من مجموعة من المعتقلين المفرج عنهم خلال الأيام الماضية، بعد أن أمضوا مددا مختلفة من الاعتقال تحدثوا فيها عن تعرضهم لممارسات قاسية، شملت ضربهم بشكل “وحشي وانتقامي”، وإطلاق الكلاب تجاههم، وشبحهم لساعات طويلة، وتعريتهم من ملابسهم بشكل كامل، وحرمانهم من الطعام والذهاب لدورات المياه.
وضجت وسائل الإعلام في الأيام القليلة الماضية في كشف شهادات صادمة لمحتجزين من غزة لدى جيش الاحتلال تحكي تحويل هذا الجيش النازي لممارسات التعذيب ضد المعتقلين الفلسطينيين إلى فقرات لترفيه المستوطنين وكشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن إحضار جيش الاحتلال “الإسرائيلي” مجموعات من “المدنيين الإسرائيليين” (المستوطنين) إلى المراكز والسجون التي يستخدمها لاحتجاز المعتقلين من قطاع غزة بغرض تمكينهم من مشاهدة جرائم التعذيب التي تُمارس ضدهم ومتابعتها، فيما سُمح للعديد منهم بتصويرها على هواتفهم الخاصة، وقال المعتقلون المفرج عنهم للأورومتوسطي إن الجنود الإسرائيليين تعمدوا عرضهم أمام المدنيين الإسرائيليين والادعاء بأنهم مقاتلين يتبعون لفصائل فلسطينية، وشاركوا في الهجوم على البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة في السابع من تشرين أول/أكتوبر عام 2023.
والمثير للاستغراب هو تضارب ادعاءات جيش الاحتلال الاسرائيلي بأن من اعتقلهم وعذبهم من المدنيين الفلسطينيين بحضور مجموعات “مدنية” إسرائيلية كانوا مقاتلين شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر الماضي، مع الإفراج عنهم لاحقًا، ما يؤكد بأن الرواية الإسرائيلية مغلوطة وغير صحيحة، واستخدمت للانتقام من المدنيين الفلسطينيين والاعتداء على كرامتهم بكل الوسائل، ما يشير اليوم أن من تدّعي القنوات العبرية أنهم مقاتلو النخبة في حماس ما هم سوى مدنيون تم اعتقالهم في ظروف تعسفية.
تجسيد للنازية بأبشع صورها
جرائم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية التي يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تفوقت على النازية، وفقًا لنظام روما الأساسي تضاف إليها مسلسل الانتهاكات والتدمير والقتل وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويمثل سلوك جيش الاحتلال الإسرائيلي بتحويل هذه الممارسات إلى فقرات استمتاع “لمدنيين” إسرائيليين، وتصويرهم، اعتداء خطير على كرامة هؤلاء الأشخاص، ومعاملتهم معاملة مهينة وحاطة بالكرامة، ما يشكل بحد ذاته جريمة حرب".
كما أن إقحام “المدنيين” الإسرائيليين في مراكز الاعتقال والاحتجاز وعرض المعتقلين الفلسطينيين أمامهم خلال التعذيب وتركهم يستخدمون هواتفهم الشخصية في توثيق تلك الممارسات اللاإنسانية باعتباره نهجًا انتقاميًا، يندرج في إطار ترويج النازية ويكرس من حالة التطرف ويغذي الكراهية ويؤجج الرأي الإسرائيلي الداخلي باتجاه ارتكاب مزيد من الجرائم والانتهاكات ضد الفلسطينيين.
شهادات صادمة
قال أحد المعتقلين مفضلا عدم الإفصاح عن اسمه: "اعتقلوني من منزلي في حي الأمل غرب خان يونس"، مشيراً إلى أنه أبلغهم بمرضه وأنه لا يستطيع التحرك "لكن لم يهتموا"، وأضاف: "أجبروني على خلع ملابسي، نقلوني إلى بيت مهدوم، شعرت بأنني أُستخدم درعاً بشرية، لاحقاً اعتقلوا المزيد ونقلونا في رحلة عذاب قاسية إلى معتقل عبارة عن قفص من الحديد".
فيما أضاف صاحب الـ(70 عاماً) أنه تعرض مع المعتقلين للضرب والسب يومياً، مضيفاً: "لم نشرب الماء داخل السجن لمدة 4 أيام، كانوا يصبون المياه على الأرض أمامنا، حتى يعذبونا ونحن عطشى، طوال الوقت نجلس على ركبنا، أكل قليل، والذهاب للحمام مرة واحدة".
وتكلم آخر: "اعتقلوني عند الحاجز وأجبروني على خلع ملابسي، وتعرضت للضرب الشديد.. كنا نتغطى ببطانيات ممتلئة بالمياه، عشنا برداً غير طبيعي، ولم نشرب الماء"، وأضاف: "هددوا باغتصاب عائلتي، وطلبوا معلومات لا أعلمها، كانوا يجبروننا على شتم فصائل وشخصيات معينة وأن نهتف لإسرائيل، ونقول عن الكلب الذي يُسمح له بنهشنا إنه تاج رأسنا".
فيما أشارت معتقلة سابقة إلى اعتقالها على حاجز طريق صلاح الدين خلال نزوحها وتابعت: "طلبوا مني التوجه نحو ساتر رملي، هناك وضعوا عصبة على عيني، وفتشوني بأيديهم، وسألوني عن حماس والأنفاق، ثم نقلوني إلى مكان مفتوح، ثم أخذوني إلى معتقل، أجبروني على خلع ملابسي، كان هناك جنود ينظرون ويعلقون تعليقات خادشة"، ولفتت إلى أنهم أعطوها ملابس منزلية فقط دون ملابس داخلية لترتديها.