وجاءت حملة "فجر الأوديسا" رداً على تصاعد العنف والمواجهات التي وقعت في البلاد بين الثوار الليبيين وقوات النظام آنذاك ومعها لم تشرق حياة الليبيين بل إنغمست بشكل أعمق في الظلام. فقد جعلت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة من ليبيا دولة غير مستقرة تمزقها النزاعات المسلحة، بعدما كانت ذات يوم دولة غنية بموارد نفط وغاز وفيرة، فيما كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في 2010 أكثر من 12 ألف دولار.
ولايزال التدخل الأمريكي السافر في الشأن الداخلي الليبي مستمر حتى يومنا هذا، ويزداد نشاطاً كلما إقتربت الأطراف الليبية من وضع حد للإنقسام والأزمة السياسية التي تمر بها البلاد بسبب فشل إجراء الإنتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة موحدة قادرة على تحقيق رغبات ومطالب الشعب الليبي.
ولفتت تقارير صحفية إلى أنه بعدما نجحت واشنطن في إفشال إنتخابات 2021 بعرقلتها المسار السياسي الدبلوماسي عن طريق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عادة تعمل من جديد وبنشاط اليوم خوفاً من توافق الأطراف وإجراء إنتخابات رئاسية حرة ونزيهة تأتي برئيساً للبلاد لا يخدم مصالح واشنطن في ليبيا، وقررت هذه المرة أن تفتعل حرب أهلية في البلاد على يد الفصائل المسلحة المتواجدة غرب البلاد والتابعة لحكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة.
وحسب مصادر مطلعة في طرابلس، قرر الدبيبة وبالتعاون مع شركة أمينتوم الأمنية الأمريكية الشروع في تنفيذ خطة لتوحيد وتقوية صفوف الفصائل المسلحة والاستعداد لبث الفوضى الأمنية في جميع ربوع البلاد وصولاً حتى الشرق الليبي.
وأكدت مصادر صحفية أنه في ديسمبر العام الماضي، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن تخصيص 15 مليون دولار تحت غطاء نزع سلاح وحل وإعادة دمج الفصائل في ليبيا، وستتولى شركة "امينتوم" الأمنية مهام تنفيذ المخطط الأمريكي في طرابلس وتقديم الدعم اللوجستي والعسكري اللازم للدبيبة وحكومته لضمان توحيد صفوف الفصائل بهدف بسط سيطرت حكومة الدبيبة على جميع ربوع البلاد بما فيها الشرق حيث يتواجد المترشح الأقوى لرئاسة البلاد المشير خليفة حفتر.
والجدير بالذكر أن تواجد شركة أمينتوم في ليبيا بتوجيهات من واشنطن في القارة السمراء ليس الاول من نوعه، ففي آواخر العام الماضي أعلنت الشركة عن تحصلها على مبلغ 165 مليون دولار من الولايات المتحدة لتدريب القوات المسلحة في دولة بنين وبناء قواعد عسكرية للجيش الوطني الصومالي.
وبحسب خبراء ، فإن التمويل الذي تقدمه الولايات المتحدة لشركة امينتوم الهدف منه توسيع نطاق التواجد الأمريكي في القارة السمراء، فالهدف من بناء تدريب القوات المسلحة في بنين هو الإستعداد للهجوم على النيجر التي شهدت إنقلاباً عسكرياً أدى لقطع النفوذ الفرنسي والأمريكي على إحتياطي اليورانيوم في البلاد.
ويشار إلى أن بناء قواعد عسكرية في الصومال فالهدف منه تحقيق مصالح واشنطن ولندن وإنشاء قاعدة عسكرية جديدة تمكنهم من شن هجمات جوية وبحرية على الحوثيين في اليمن ولتأمين القوافل العسكرية البحرية الأمريكية المتجهة نحو إسرائيل.