صعوبات مالية خانقة
وفقًا للمحلل العسكري يوسي يهوشع، أكّد جنود الاحتياط الإسرائيليين الذين يواجهون صعوبات مالية بسبب الحرب أنّ "الجيش" الإسرائيلي لا يقوم بما يكفي لمساعدتهم، ويشكون من تقاعس البنوك في تقديم الدعم، وقد طالب الصحفي الإسرائيلي رئيس أركان الاحتلال، هرتسي هليفي، ووزير أمن الكيان، يوآف غالانت، بالتعاون مع وزارة المالية والبنوك، مشددًا على ضرورة التصدي لهذه الصعوبات المالية إذا أرادوا جذب المزيد من الجنود للمشاركة في المعارك في المستقبل.
وأشير إلى أنّ صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية كانت قد كشفت في وقت سابق من شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عن إجراءات قام بها "جيش" الاحتلال الإسرائيلي لإطلاق سراح جنود احتياط على نطاق واسع، دون أي إعلان رسمي، وأوضحت الصحيفة أنّ هذا القرار تم اتخاذه بعد دراسة من قبل المؤسسة الأمنية في الكيان حول إمكانية تقليص عدد جنود الاحتياط وتسريح البعض منهم.
وفي أعقاب ذلك، ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذا القرار جاء "نتيجة الضرر الذي لحق بالسوق بسبب غياب هؤلاء الجنود عن منازلهم وأماكن عملهم"، وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قد أشارت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى إمكانية أن يؤدي نشوب حرب طويلة الأمد إلى حدوث فوضى اقتصادية شاملة في الكيان، إلى جانب وقوع خسائر بشرية مدمرة.
وكانت تل أبيب قد أعلنت في بداية الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي استدعاء 360 ألف جندي من قوات الاحتياط، وحتى الآن، تم حشد أكثر من 200 ألف جندي من هذه القوات، ووفقًا للهيئة، تبلغ التكلفة المباشرة لمرتبات جنود الاحتياط حوالي 5 مليارات شيكل (1،3 مليار دولار) شهريًا، مع إضافة تكلفة فقدان أيام العمل لهؤلاء الجنود التي تقدر بنحو 1،6 مليار شيكل (427 مليون دولار).
أيضاً، تتم دراسة إمكانية تطبيق المرونة في خدمة جنود الاحتياط، ما قد يسمح لهم بالعودة إلى مزاولة أعمالهم لفترات طويلة، وأوضحت الهيئة الرسمية أن هذا الأمر "ما زال قيد الدراسة ويرتبط بالاحتياجات الأمنية والوضع الميداني المتغير"، ورغم تصريحات مسؤولين إسرائيليين بأن الحرب على غزة ستكون طويلة، فإن بعضهم أشار إلى أنها قد تكون أطول مما توقعوا بناءً على المقاومة الشرسة التي تواجهها قوات الاحتلال خلال توغلها البري، يشير الجيش الإسرائيلي أيضًا إلى تعزيز قواته عند الحدود الشمالية مع لبنان استعدادًا لحرب محتملة مع حزب الله، ويظل قلقًا من تصاعد الأوضاع في الضفة الغربية.
وتوضح الأرقام أن مايسمى "اقتصاد الرفاه" الذي روّجت له "إسرائيل" على مدى العقود الماضية يمكن أن يصبح جزءًا من الماضي، وتكشف الإحصائيات عن تكبد تل أبيب خسائر اقتصادية كبيرة جراء الحرب على قطاع غزة، وشهدت مؤشرات متعددة تراجعًا، من البورصة والعقارات والمصارف، ما أدى إلى تراجع قيمة الشيكل وسوق العمل، بالإضافة إلى أداء هزيل لشركات التكنولوجيا، ومنذ 42 يومًا، يشن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على غزة، خلّفت أكثر من 16 ألف شهيد، أغلبهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى نحو 50 ألف مصاب ودمار هائل في البنية التحتية والمستشفيات.
الصحة النفسية ليست أفضل!
بكل دقة، تم تصنيف نحو 2000 جندي من جيش الاحتلال الإسرائيلي كمصابين ومتأثرين نتيجة المعارك الدائرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، خلال عملية "طوفان الأقصى" والحرب البرية في قطاع غزة، وأوضحت هيئة البث الإسرائيلية "كان" عبر موقعها الإلكتروني الاثنين أن نحو 200 جندي ومجندة تم تصنيفهم في هذه الفئة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من العملية البرية، مع عودة نسبة تتراوح بين 75% و80% منهم إلى وحداتهم في وقت لاحق، وقد أجري تصنيفهم بالتعاون مع ضابط صحة نفسية.
وأوضحت "كان" أن المصابين في هذه الفئة هم الذين تأثروا نتيجة لمرورهم بأحداث مثل إطلاق نار أو مشاركتهم في معركة أو تعرضهم لإصابة، ما أثر على أدائهم الوظيفي بشكل سلبي، وأفاد التقرير بأن الآثار الوظيفية للجندي قد تظهر من خلال تجاوبه بصور مختلفة، مثل الخوف، والصمت، والانعزال، والضغط النفسي، أو شعور عام صعب يرافق الجندي أو الجندية، وفي إطار بروتوكولات العلاج النفسي التي وضعها الفريق الطبي العسكري الإسرائيلي، يُفضل إعادة الجندي المتضرر إلى النشاط اليومي والعمل، وقد نجح الفريق الطبي في إعادة غالبية الجنود إلى الخدمة الفعلية في جيش الاحتلال.
وأشارت المعلومات إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد افتتح مركزين للصحة النفسية في منطقة الجنوب منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إلى جانب مركز توجيه هاتفي، بهدف تعيين اختصاصيين وأطباء نفسيين من قوات الاحتياط، يعمل المركزان على مدار 24 ساعة يومياً، ويبرز أهمية تقديم العلاج الفوري لتقليل مخاطر تطور أعراض ما بعد الصدمة فيما بعد، وأوضحت الهيئة أن بعض ضباط الصحة النفسية يتواجدون في ميدان المعركة لتزويد الضباط بالأدوات اللازمة للتحدث مع الجنود حول مشاعرهم.