0
الأربعاء 6 كانون الأول 2023 ساعة 11:23

طلائع طوفان الأقصى في لبنان.. ما الهدف؟

طلائع طوفان الأقصى في لبنان.. ما الهدف؟
استكمال لطوفان الأقصى

بوضوح تحدثت الحركة أن تأسيس هذه الطلائع يأتي استكمالاً لإنجاح عملية طوفان الأقصى، كمظهر لصمود وتضحيات الشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات المتكررة من قبل القوات الإسرائيلية والمستوطنين، وأطلقت حركة حماس عملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر الماضي ردًا على استمرار اعتداءات القوات الإسرائيلية والمستوطنين على الشعب الفلسطيني ومقدساته، وخاصة المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة، وشهدت الأيام التالية تصاعدًا للتوترات وحربًا مستمرة على قطاع غزة، أسفرت عن خسائر فادحة في الأرواح والبنية التحتية.

وأوضح أحمد عبد الهادي، الممثل الرسمي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في لبنان، أن "طلائع طوفان الأقصى"، التي أعلنت الحركة عن تأسيسها، لا تشكل تشكيلاً عسكرياً يهدف إلى استيعاب وتدريب مقاتلين للمشاركة في المقاومة المسلحة، بل إنها تمثل إطارًا شعبيًا تعبويًا يهدف إلى استيعاب الشباب الفلسطيني وبناء شخصياتهم على مستوى الوطن والدين والقيم والبدن، وأضاف عبد الهادي في تصريحه إن فكرة "طلائع طوفان الأقصى" نشأت بعد معركة "طوفان الأقصى"، حيث لاحظوا انخراط الشباب الفلسطيني في حركة حماس بفعل بطولات المقاومة وكتائب الشهيد عز الدين القسام في غزة، وبناءً على ذلك، اعتبروا أنه من المهم استيعاب هذا الشباب لبناء شخصياتهم على المستويات الوطنية والدينية والقيمية والبدنية.

وإن أهداف "طلائع طوفان الأقصى" تتمثل في جذب الشباب ودمجهم في برامج خدمة المجتمع والمساهمة في الأعمال الخيرية الوطنية، وقد أعرب عن توقعه بأن يفهم الجانب اللبناني هذه الخطوة بشكل غير صحيح، وخاصةً إذا تم ربطها بتجارب سابقة للثورة الفلسطينية، ولكنه أكد أن "حماس" لن تتخذ قرارات تعود بالخلف، مشددًا على احترام الحركة لسيادة وقانون لبنان، كما أوضح أنهم لن يقوموا بأي فعل يضر بأمان لبنان وسلامته، مشيرًا إلى أن تاريخ حماس يشهد على احترامها لذلك، وأرسل أحمد عبد الهادي رسالة إلى الشعبين اللبناني والفلسطيني، مؤكدًا أنه لا داعي للقلق من هذا الإطار الجديد، مشددًا على أنه لن يلحق أي ضرر بلبنان ولن يكون له أي أثر سلبي على الشعب الفلسطيني، وأكد أن هذا الإطار سيكون مفيدًا لخدمة الشعب الفلسطيني، وسيسهم في تفريغ طاقات الشباب ومواهبهم، وزرع حب فلسطين في نفوسهم.

حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في بيان أكدت أن تأسيس "طلائع طوفان الأقصى" يعد تأكيدًا على دور الشعب الفلسطيني في جميع مكوناته في مقاومة الاحتلال باستخدام جميع الوسائل المتاحة والمشروعة، ويأتي هذا القرار كاستمرار لما حققته عملية "طوفان الأقصى"، وذلك بهدف مشاركة رجال الحركة وشبابها في مشروع مقاومة الاحتلال والاستفادة من قدراتهم العلمية والفنية، الحركة دعت أبناء الشعب الفلسطيني وكل الشباب والرجال إلى الانضمام إلى طلائع المقاومين والمشاركة في بناء مستقبل القضية الفلسطينية وتحرير القدس والمسجد الأقصى المبارك.

أثارت الخطوة اعتراض بعض القوى السياسية اللبنانية، حيث أكدوا رفضهم لاستخدام الأراضي اللبنانية في أي عمل مسلح ضد الاحتلال الإسرائيليّ، ويأتي هذا في سياق تصاعد التوترات في المنطقة بعد بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي انطلقت في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في أكتوبر الماضي، ورفض رئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية اللبناني الأسبق، جبران باسيل، بشدة إعلان حركة "حماس" في لبنان تأسيس تشكيل "طلائع طوفان الأقصى"، معتبرًا أن أي عمل مسلح ينطلق من الأراضي اللبنانية يشكل اعتداءً على السيادة الوطنية، وردًّا على هذا الرفض، أشاد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي بـما أسماه "الموقف الرجولي" لجبران باسيل، في وقت ترتكب فيه تل أبيب أبشع المجازر بحق الفلسطينيين.

حماس في الواجهة

تُعد حركة حماس، التي أُسست على أسس إسلامية وفلسطينية، تنظيمًا يعنى بالقضية الفلسطينية والتحرير من الاحتلال الإسرائيلي، تشدد حماس على طابعها الإسلامي والوطني، حيث تعتبر القضية الفلسطينية أساسًا لفهمها وتحديد هويتها السياسية، يتمثل التوجه الإسلامي في رؤيتها للإسلام كمصدر رئيسي للتشريع والتوجيه السياسي، وتؤكد حماس على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وتحقيق حقوقه الوطنية، تُعتبر المقاومة خيارًا مشروعًا وحقًا للشعوب المحتلة للدفاع عن حريتها وكرامتها، يظهر هذا التوجه بشكل واضح في مشاركة حماس في المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.

ومن الجدير بالذكر أن وجود حماس يعتبر قوة فاعلة في الساحة الفلسطينية، وأثرها لا يقتصر فقط على الجانب العسكري بل يتعداه إلى النطاق السياسي والاجتماعي، تحمل الحركة رؤية إسلامية للمجتمع وتسعى لتحقيق أهدافها بشكل شامل ومستدام، داعية إلى تحقيق التحرير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعادلة، ومن الناحية العسكرية، أسست "حماس" جناحها العسكري المسلح المعروف بـ "كتائب عز الدين القسّام" عام 1992، أُعلن عن اسم الكتائب في أول بيان صدر في يناير من ذلك العام، ورغم أن بذور هذه الكتائب تشكلت قبيل الإعلان عنها في عام 1986، إلا أنها أدت عمليات مختلفة تحت عناوين مختلفة قبل تأسيسها الرسمي، وكان الجناح العسكري يعمل سابقًا باسم "المجاهدون الفلسطينيون" بقيادة الشيخ صلاح شحادة، وقد تم تفكيك هذا الجناح نتيجة للحملات الإسرائيلية، ليتم بعد ذلك تشكيل كتائب القسام التي أعادت ترتيب معادلة المقاومة ضد الاحتلال.

وعلى الصعيد السياسي، شاركت حماس في العملية السياسية للمرة الأولى عام 2006، عندما شاركت في الانتخابات التشريعية وفازت بأغلبية المقاعد في المجلس التشريعي، ورغم نجاحها السياسي، إلا أن هذا الفوز واجه رفضًا قويًا من الاحتلال والولايات المتحدة وأوروبا، ورفضت حركة "فتح" وبقية الفصائل الفلسطينية الأخرى المشاركة في الحكومة برئاسة إسماعيل هنية بحجة "عدم التوصل إلى اتفاق على البرنامج السياسي"، وفي هذا السياق، شهدت تلك الفترة خلافات ومشاكل داخلية بين حركتي "حماس" و"فتح" حول الحكومة وشرعيتها، وتطورت تلك الخلافات إلى اشتباكات مسلحة في عام 2007، انتهت بسيطرة حماس على قطاع غزة، تلك الأحداث كانت بداية رسمية للانقسام الفلسطيني الداخلي بين الحركتين، والذي استمر حتى اليوم، رغم جهود متعثرة لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وتعرض قيادات حماس وكتائب القسام لملاحقة إسرائيلية، وصلت إلى حد تنفيذ عمليات اغتيال.

في النهاية، القلق الصهيوني مستمر من انتصار حماس سياسياً وعسكريّاً، لأن تعزيز وجودها يشكل تحدياً حقيقياً للكيان الذي ذاق الأمرين بعد طوفان الأقصى، وخاصة أن حماس تُعتبر "العدو اللدود" لتل أبيب، وفوز حماس في أي معركة أو ساحة ضمن فلسطين أو خارجها سيجعلها صاحبة "قرارات مصيرية" بناءً على ثقلها الشعبي، الذي اكتسبته بفضل التجارب الصعبة في جميع المجالات، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي واجهتها في الساحات الاقتصادية والمؤسساتية والسياسية والعسكرية، حققت حماس نضوجًا واستمرارية، جعلت قادة العدو مصدومين باعترافهم.
رقم : 1100725
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم