-الغضب الذي يسود العاصمة الامريكية واشنطن بسبب قرار المحكمة، كان اكبر واوسع من الغضب الذي ساد تل ابيب، الامر الذي اثار العديد من التساؤلات حول السر وراء هذا الغضب الامريكي اللافت، ازاء قرار اتخذته مؤسسة دولية، ساهمت امريكا ببنائها، ضد اشخاص متهمون بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.
-وصل الغضب الامريكي حدا، هدد فيه مايكل والتز، الذي اختاره الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب، مستشارا للأمن القومي في إدارته الجديدة، المحكمة الجنائية الدولية، وتوعد قادتها وقادة الأمم المتحدة كذلك، وقال في تغريدة على منصة إكس، ان المحكمة الجنائية الدولية ليس لها مصداقية، وعليهم ان يتوقعوا ردا قويا على التحيز المعادي للسامية من قبل المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني المقبل، موعد وصول ترامب الى البيت الابيض.
-وفي ذات السياق، سياق الغضب الامريكي الهستيري من قرار المحكمة، هدد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام من ان واشنطن يمكن أن تنظر في فرض عواقب على الدول التي تتعاون مع الحكم. وقال ما نصه:"إذا لم نتحرك بقوة ضد الجنائية الدولية بعد قرارها الشائن، نحن نرتكب خطأ فادحا". ورأت صحيفة "وول ستريت جورنال" الامريكية، أن "عزل الجنائية الدولية وكبار مسؤوليها، البالغ عددهم 100، عن النظام المصرفي الأميركي عن طريق العقوبات، سيؤثر على حساباتها المصرفية الأوروبية، وهو ما يمكن أن يشلها".
-تشير كل المؤشرات إلى أن الكونغرس ذا الأغلبية الجمهورية، والذي تبدأ دورته الجديدة في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل، سيقوم بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية. فقد استبق السيناتور جون ثون، الذي سيصبح زعيم الأغلبية الجديد في مجلس الشيوخ، قرار المحكمة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ودعا مجلس الشيوخ لتمرير عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية على الفور، واستكمال خطوات مشروع قانون عقوبات المحكمة الجنائية الدولية الذي أقره مجلس النواب في يونيو/ حزيران الماضي.
-السر وراء الغضب الامريكي اللافت من قرار المحكمة ضد مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت، كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" في افتتاحيتها، والتي وصفت فيه القرار بانه بمنزلة "الهجوم على الولايات المتحدة". وقالت "إن مذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت "سيضرّان بقدرة جميع الديمقراطيات على الدفاع عن نفسها ضد الجماعات أو الدول الإرهابية.. وان هذه السابقة ستستخدم ضد الولايات المتحدة التي هي مثل إسرائيل لم تنضم أبدا إلى المحكمة الجنائية الدولية"!!.
-الباحث والمسؤول السابق بإدارة دونالد ترامب، ريتشارد غولبرغ، كان اكثر وضوحا وشفافية من افتتاحية "وول ستريت جورنال"، عندما كتب يقول "إنهم إسرائيليون اليوم، لكنهم سيكونون أميركيين غدا". واضاف في غطرسة امريكية واضحة:"نحن بحاجة إلى التفكير بشكل أكبر من حظر التأشيرات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية؛ نحن بحاجة إلى تشويه المحكمة الجنائية الدولية نفسها وقطع وصولها إلى المال والخدمات. يجب أن نطلب من جميع حلفائنا الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية أن يعلنوا أنهم لا يعترفون بأوامر الاعتقال على أنها شرعية ولن ينفذوها، يجب على كل حليف أن يسجل الآن".
-بات واضحا للعالم اجمع، ان زعماء الكيان الاسرائيلي، ليسوا سوى ادوات بيد امريكا، التي تتحكم بالكيان باعتباره قاعدة امريكية متقدمة في العالم الاسلامي، كما تتحكم بالمحافل الدولية كادوات لخدمة مصالحها غير المشروعة، فهذه الادوات تتحول الى محافل "مقدسة" لا يمكن المساس بها اذا كانت تستهدف من تراهم امريكا اعداءها، وذلك عندما دعت الى تنفيذ مذكرات اعتقال اصدرتها الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوداني السابق عمر البشير، لكن عندما تتجرأ هذه المحكمة على اصدار مذكرة اعتقال بحق ادوات امريكا مثل نتنياهو وغالانت، تتبخر قدسيتها وتتحول الى هدف مشروع لامريكا.
-المريب ان امريكا تنتهك حتى قوانينها الخاصة لو تعارضت مع مصلحة قاعدتها العسكرية (اسرائيل)، فقبل ايام صوت الكونغرس الامريكي ضد مشروع قانون يحظر تصدير السلاح الى الكيان الاسرائيلي في حال استخدمت ضد المدنيين!!. كما استخدمت الفيتو، في مجلس الامن قبل يومين ضد قرار لوقف الابادة الجماعية في غزة، وهو قرار اجمعت جميع الدول الاعضاء في مجلس الامن دون استثناء على تأييده. تُرى بعد كل هذا من الذي يجب ان يُعتقل اولا بايدن ام نتنياهو؟!.