دعم أعمى لجانب واحد.. استقالة مسؤول وزارة الخارجية الأمريكية
نشر "جوش بول" أحد مديري مكتب الشؤون السياسية العسكرية بوزارة الخارجية الأمريكية، مذكرة واضحة، أثناء إعلانه استقالته، منتقداً قرار إدارة بايدن زيادة المساعدات العسكرية للكيان الصهيوني.
وكتب جوش بول: "أعتقد أننا نكرر الأخطاء نفسها التي ارتكبناها في العقود الماضية؛ وأنا أرفض أن يكون لي أي مشاركة أخرى في هذا"، وشدد بول على أن "الدعم الأعمى لإدارة بايدن لطرف واحد"، أدى إلى قرارات سياسية "قصيرة النظر، ومدمرة، وغير عادلة، تتعارض مع القيم ذاتها التي ندعمها علناً".
وعلى الرغم من الجرائم الوحشية التي يرتكبها الکيان الصهيوني في قطاع غزة، فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال زيارته لفلسطين المحتلة ولقائه برئيس وزراء هذا الکيان بنيامين نتنياهو، أعطى عملياً "إسرائيل" الضوء الأخضر لتفعل ما تشاء ضد المدنيين في قطاع غزة.
وكان أحد الأمثلة علی دعم بايدن الأعمى للكيان الصهيوني، عندما ادعى، بعد هجوم هذا الکيان على مستشفى المعمداني في قطاع غزة، خلال رحلته إلى الکيان الإسرائيلي، أن الهجوم كان "من عمل الجانب الآخر"، وذلك بناءً على تصريحات السلطات الإسرائيلية.
وأصبح بول، الذي كان مسؤولاً عن صادرات الأسلحة من الولايات المتحدة إلى حلفائها لمدة 11 عاماً، أحد المنتقدين الجادين لدعم بايدن غير المشروط للكيان الصهيوني بعد استقالته، وقد عبّر عن آرائه بوضوح في مقابلات مع مختلف القنوات الإخبارية ووسائل الإعلام الأخرى.
حيث قال في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن استمرار سياسة الولايات المتحدة في إعطاء "شيك على بياض" لـ"إسرائيل" لقتلها جيلاً من الأعداء، لن يؤدي إلا إلى خلق جيل آخر من الأعداء، ولن يخدم مصالح الولايات المتحدة في نهاية المطاف.
كما صرح المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية لصحيفة نيويورك تايمز، أنه منذ أن نشر خطاب استقالته على الإنترنت، تلقى سيلاً من الدعم من زملائه السابقين في وزارة الخارجية، وكذلك من موظفي مكاتب أعضاء الكونغرس، وأضاف: "كثير من الناس يعانون من السياسة الحالية (ويعارضونها) ويعتبرونها إشكالية".
وهذا يدل على أن هناك المزيد من الأشخاص مثل بول في وزارة الخارجية الأمريكية، باعتبارها أهم هيئة لصنع القرار في السياسة الخارجية الأمريكية، الذين يعارضون سياسة إدارة بايدن تجاه الحرب في غزة.
وفي وقت سابق، ذكرت وسائل الإعلام أن المئات من موظفي وزارة الخارجية الأمريكية، وقعوا على رسالة مفتوحة تطالب إدارة بايدن بالضغط على الکيان الصهيوني بهدف تثبيت وقف إطلاق النار.
وقال أحد الدبلوماسيين الأمريكيين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، في مقابلة مع موقع "ميدل إيست آي" الإنجليزي: "على الرغم من احتجاجات مسؤولينا، والتقارير الميدانية، (واعتراضات) المجموعات الدولية، والرأي العام الأمريكي، فإن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إسرائيل لم تتغير سوى في زيادة الدعم والتمويل لمواصلة قتل المدنيين الفلسطينيين الأبرياء".
ورغم أن العديد من التقارير تحذر من التمرد والانقلاب في وزارة الخارجية الأمريكية، إلا أن المشكلة لا تقتصر على وزارة الخارجية.
الدفاع عن فلسطين على أعلى مستوى في وكالة المخابرات المركزية
ومن حالات دعم المسؤولين الأمريكيين لفلسطين، والتي كان لها تأثير واسع على شبكات التواصل الاجتماعي، محاولة مسؤولة كبيرة في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) نشر فيديو على فيسبوك دعماً لفلسطين.
وهذه المسؤولة الكبيرة، التي لم يذكر اسمها في البداية، هي إيمي مكفادين، مساعدة نائب مدير الاستخبارات في شؤون التحليل، حيث نشرت مكفادين، على صفحتها الشخصية على موقع فيسبوك، صورة لرجل يلوح بالعلم الفلسطيني.
وكانت هذه الحادثة مهمةً لأنها كانت المرة الأولى التي يتخذ فيها مسؤول في المخابرات الأمريكية موقفاً مؤيداً للفلسطينيين، إذ تحدد وكالة المخابرات المركزية إحدى نقاط قوتها بأنها غير سياسية، وتوفر معلومات غير متحيزة للرئيس.
ودفع نشر هذه الصورة وكالة المخابرات المركزية إلى إصدار تعليمات لعملائها، للتأكيد على الامتناع عن اتخاذ مواقف والكشف عن مواقفهم السياسية الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي.
وبعد أن اتصلت بها وسائل الإعلام، قامت مكفادين بإزالة الصورة وصورة أخرى كانت قد شاركتها سابقًا، والتي تحمل عبارة "فلسطين حرة" من حسابها على فيسبوك.
ورداً على أسئلة وسائل الإعلام حول هذا الموضوع، رفضت وكالة المخابرات المركزية الإفصاح عما إذا كانت ستوبخ مكفادين أو تطردها، مع التأكيد على أنه لا يُسمح لعملاء الوكالة بإدخال آرائهم السياسية الشخصية في التحليل الاستخباراتي، وفي الوقت نفسه، قالت بعض المصادر المجهولة أيضًا إن مكفادين لم تقصد اتخاذ موقف سياسي، ولن يتم توبيخها.
ومع ذلك، وبعد تصرف مكفادين، حذرت وسائل الإعلام مرةً أخرى من وجود "انقسامات عميقة" في إدارة بايدن، بشأن رد واشنطن على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
حيث وقع الآن أكثر من 500 عضو سابق في طاقم حملة بايدن، الذين ساعدوه في الفوز بالانتخابات الرئاسية، على رسالة مفتوحة إلى بايدن، يطلبون منه استخدام نفوذه لتحقيق وقف لإطلاق النار بين الکيان الإسرائيلي وحماس.
ورغم أن التقارير تشير إلى أن المتظاهرين ضد سياسة بايدن الخارجية ودفاعه عن "إسرائيل"، رغم جرائم الحرب التي يرتكبها الکيان في قطاع غزة، يشكلون غالبية الموظفين الحكوميين، لكن ليس لدی كل المسؤولين الحاليين والسابقين في الحكومة الأمريكية مثل هذا الموقف.
وعلى رأس هؤلاء جو بايدن، الذي أدان حماس مراراً وتكراراً بتهمة "بدء الحرب"، وأعرب عن استيائه من کون الإسرائيليين ضحيةً في الصراعات الأخيرة، لكنه لم يذكر قط المذبحة التي راح ضحيتها آلاف الفلسطينيين، بما في ذلك عدة آلاف من الأطفال، على يد الصهاينة، ولم يدن الكيان الإسرائيلي ولو مرةً واحدة لارتكابه جرائم حرب بشكل متكرر.
وبالتزامن مع استمرار الحرب في قطاع غزة، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر مسؤولاً حكومياً أمريكياً سابقاً وهو يتحرش ببائع "طعام حلال" في نيويورك.
هذا المسؤول السابق، وهو "ستيوارت سيلدويتز"، الموظف السابق في وزارة الخارجية والمسؤول السابق في وكالة الأمن القومي في إدارة باراك أوباما، يطلق على هذا البائع المتجول لقب "الإرهابي"، ويقول: "إذا قتلنا 4000 طفل فلسطيني، فهذا لا يزال غير كافٍ".