وقال الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية(سنتکوم)، إن نشر هذه السفن يهدف إلى منع التهديدات البحرية في المنطقة.
وفي 25 تشرين الثاني(نوفمبر)، أصدرت القيادة المركزية بيانًا حول الهجوم بالطائرات المسيرة على ناقلة النفط قبالة سواحل عمان، قائلةً إن هذا الهجوم يظهر الطبيعة المزعزعة للاستقرار لـ "أنشطة إيران الخبيثة في المنطقة"، حسب زعمها.
وفقًا للأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، شهدت الطائرات دون طيار والغواصات الموجهة عن بعد تقدماً كبيراً، كما تعدّ القوارب السطحية غير المأهولة أيضًا تقنيةً جديدةً ستكون ضروريةً للأمن في المستقبل.
ودون الخوض في تفاصيل هذه السفن، قال الجنرال كوريلا إنه إضافة إلى الطائرات دون طيار، تقوم الولايات المتحدة بتطوير برنامج تجريبي مع شركائها في الشرق الأوسط لهزيمة "الطائرات دون طيار المعادية".
ووصف قائد القيادة المركزية الأمريكية تطوير "طائرات دون طيار معادية"، بأنه أكبر تهديد تكنولوجي لأمن المنطقة. ومن المفترض أن تغطي هذه السفن مياه جنوب إيران حتى البحر الأحمر والمحيط الهندي.
في سبتمبر من العام الماضي، أطلقت أمريكا "الوحدة الخاصة 59" في البحرين، بعد بعض الهجمات بالطائرات دون طيار المنسوبة إلى إيران، والتي هي جزء من الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، لدمج الأنظمة غير المأهولة والموجهة عن بعد والذكاء الاصطناعي.
قدرة السفن غير المأهولة
تستخدم الطائرات الأمريكية دون طيار التي يبلغ طول جناحيها خمسة أمتار، الطاقة الشمسية وطاقة الرياح للتحرك، ويمكنها التحرك بمتوسط سرعة 5.5 كم/ساعة وتنفيذ عمليات طويلة المدى، لجمع البيانات المختلفة في البحار والمحيطات لأكثر من عام، دون الحاجة إلى استخدام الطاقة المتجددة.
کما يتم التحكم في تشغيل هذه السفينة بشكل دائم من قبل مشغل عسكري، يمكنه التحكم فيها وقيادتها باستخدام اتصالات الأقمار الصناعية.
يمكن لأجهزة الاستشعار الموجودة على السفن غير المأهولة، اكتشاف وسائل التدريب في البحر ونقل الصور المرئية إلى مركز القيادة. کذلك، يمكن لهذه السفن جمع مجموعة واسعة من بيانات المحيطات والملاحة والأرصاد الجوية، إضافة إلى المعلومات الاستراتيجية.
هذه السفن تمكِّن البحرية الأمريكية من جمع البيانات البحرية للمنطقة المعنية على مدار 24 ساعة، وتحسين قاعدة بياناتها بشكل جدي. وفي حال النجاح، سيتم نشر العشرات من هذه السفن في أجزاء مختلفة من المنطقة، والتي يصعب مراقبتها والتعامل معها أكثر من الوضع الحالي.
ومع ذلك، ستلعب الطائرات دون طيار دور عيون أمريكا الجديدة في المنطقة، حتى لا يغفل هذا البلد عن أي شيء. لأن الوصول إلى معلومات مكثفة يسمح لواشنطن بتنفيذ أعمالها بخطة دقيقة.
مواجهة القوة البحرية الإيرانية
بمساعدة الأسطول البحري وطائرات التجسس دون طيار والآن مع السفن غير المأهولة، تحاول أمريكا الحصول على مراقبة استخباراتية لمنطقة بحرية واسعة من قناة السويس إلى المحيط الهندي، لاتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء على تهديدات العدو، إذا لزم الأمر.
جميع السيناريوهات التي تتوصل إليها الولايات المتحدة في الخليج الفارسي تتم بهدف مواجهة إيران، وستتولى السفن غير المأهولة أيضًا جزءًا من هذا المشروع. وقبل بضعة أشهر، زعمت أمريكا أيضًا أنها تخطط لنشر أسطول من الطائرات دون طيار بمساعدة شركائها في الخليج الفارسي، من أجل التعامل مع تهديدات الطائرات الإيرانية دون طيار.
وبالنظر إلى تطبيع العلاقات بين الکيان الصهيوني والإمارات والبحرين، والوجود الكبير للصهاينة في الخليج الفارسي، تحاول أمريكا حماية مصالح تل أبيب في البحر الأحمر والمحيط الهندي، ويمكن أن تكون السفن الذكية جزءًا من هذا البرنامج.
يعرف الأمريكيون جيدًا أن إيران لديها قدرات عديدة في مجال الصواريخ والطائرات دون طيار، وتحرز تقدمًا في هذه المجالات يومًا بعد يوم. والمشيخات العربية التي عهدت بأمنها إلى أمريكا، قلقة للغاية من التهديدات المزعومة من إيران، وتحاول استخدام التقنيات الأمريكية الحديثة لمواجهة القوة العسكرية لإيران، باستخدام الدولارات النفطية.
تخطط القيادة المركزية الأمريكية لاستخدام الرادارات المعلوماتية المثبتة على السفن غير المأهولة، للحصول على معلومات حول التحركات المحتملة ضد الأساطيل التجارية الإسرائيلية والغربية، حتى تتمكن من التعامل معها قبل تنفيذ العمليات.
أيضًا، حاول البيت الأبيض الحد من إمكانية التحايل على عقوباته غير القانونية، من خلال منع بيع النفط الإيراني وإغلاق طريق التجارة البحرية الإيرانية بزوارق الدورية في مياه الخليج الفارسي. ولذلك، يتم تنفيذ جزء من أهداف نشر السفن غير المأهولة لهذا الغرض.
قامت أمريكا من قبل باستعدادات لنشر 100 سفينة دون طيار. ففي تشرين الأول(أكتوبر)، تم إجراء تدريب فرقة عمل بحرية متعددة الجنسيات بقيادة البحرين، شاركت فيه السفن غير المأهولة والذكاء الاصطناعي وسبع سفن خدماتية.
وفي هذا الصدد، قال قائد البحرية البحرينية، إن "كيفية تعاون قواتنا من مختلف البلدان مع أنظمة سفن دون طيار هي قيمة للغاية، وتساعدنا على فهم أفضل للتعاون مع بعضنا البعض لتعزيز أمن المنطقة."
ومع ذلك، تحاول واشنطن تعريف حلفائها العرب بهذه الأنظمة الذكية، حتى يتمكنوا في المستقبل من استخدام هذه السفن لرصد ومراقبة المعلومات في الخليج الفارسي.
من ناحية أخرى، يقال إن البحرية الأمريكية تخطط لبناء سفينة دون طيار منخفضة التكلفة، قادرة على حمل وإطلاق عدة سفن دون طيار في بيئات متنازع عليها. واقترحت الحكومة الأمريكية على الشركات العسكرية إنتاج هذا النوع من السفن في المستقبل القريب، ومن المحتمل أن يتم الانتهاء من بنائه بحلول عام 2026.
وبالنظر إلى أن القوات الأمريكية لا تستطيع بسهولة دخول الأراضي البحرية للدول غير المتحالفة معها، فإنها تحاول إطلاق هذه السفن من بعيد إلى المياه الإقليمية للدول المعادية والحصول على المعلومات التي تحتاجها.
في الماضي، اعتقلت القوات الإيرانية بشكل متكرر البحارة الأمريكيين الذين اقتربوا من المياه الساحلية الإيرانية، ولهذا السبب تخطط واشنطن لإرسال هذه الزوارق إلى المناطق المرغوبة دون قوات عسكرية وبأقل تكلفة، لتكون قادرةً على مراقبة التحركات البحرية الإيرانية.
تقليص الالتزامات في غرب آسيا والتركيز على الصين
إن نشر السفن والمقاتلات الأمريكية في المنطقة، فرض الكثير من التكاليف على كاهل هذا البلد في العقود الأخيرة، ومن أجل تقليل هذا العبء الإضافي، يحاول الأمريکيون تقليل هذه التكاليف قدر الإمكان.
قبل بضع سنوات، عندما أعلن باراك أوباما، الرئيس الأسبق للولايات المتحدة، عن السياسة الخارجية لإدارته باعتبارها "سياسة تتمحور حول آسيا" وأنه ينبغي عليها التركيز أكثر على شرق آسيا، وضعت أمريكا علی جدول أعمالها تقليص الالتزامات في الشرق الأوسط والتوجه نحو الصين.
في استراتيجيتها للأمن القومي، وصفت أمريكا الصين بأنها أكبر تهديد لمصالحها العالمية، وزاد مستوى التوتر بين البلدين في العام الماضي. ويعتقد الاستراتيجيون الأمريكيون أن الصين تسعى لتحدي هيمنة هذا البلد، وتركت الآن الوضع الدفاعي واتخذت وضع الهجوم. لذلك، يحاولون نقل جزء من قوتهم العسكرية من الخليج الفارسي إلى الشرق، حتى يتمكنوا من السيطرة على الصين.
وبالنظر إلى أن الرئيس الصيني قد أصدر مؤخرًا أمرًا لتحديث وتطوير القوة العسكرية للبلاد، فإن هذه المسألة تثير قلق واشنطن. لأن تعزيز القوة العسكرية للصين، إلى جانب قوتها الاقتصادية المتنامية، يمكن أن ينهي الهيمنة الأمريكية التي استمرت ثمانية عقود.
كان جزء من هدف الأسطول العسكري الأمريكي في الدول العربية في المنطقة، هو مراقبة التحركات في البحر والبر، وإذا تمكنت السفن الذكية من القيام بهذه المهمة، فلا داعي لنشر سفن كبيرة وآلاف القوات العسكرية، ويمكن لجزء من هذه القوات مواصلة مهمتها في شرق آسيا.
ومع ذلك، تشعر الولايات المتحدة بقلق عميق من تزايد عملية تراجع الثقة بهذا البلد بين مشيخات الخليج الفارسي، وبالتالي بإعلانها عن خطة تشكيل وحدة الزوارق المسيرة، فإنها تسعى إلى معالجة المخاوف الأمنية للدول العربية، لتخبرهم أنها ستستخدم جميع أدواتها للدفاع عن حلفائها في الخليج الفارسي.