وضع معقد لـ"إسرائيل"
ترى حماس أن "الحل السياسي لم ينجح وأن عملية اقتحام الأقصى تمت لا محالة"، وقالت: "لسنا مستعدين للذهاب إلى الحياة المهينة قبل السابع من أكتوبر"، ومع الشهداء الذين قدموا حتى الآن نأمل ونمضي نحو النصر والشروق"، وعلى الرغم من مرور أكثر من 100 يوم على الحرب في غزة وعدم تحقيق النظام الصهيوني لأهدافه، إلا أن نتنياهو ما زال يدعي أنه حتى "يتم تدمير حماس، وإعادة الأسرى، ونزع سلاح غزة، لن يتم تحقيق النصر الكامل"، وبينما لا يزال نتنياهو يشير إلى مسألة تدمير حماس، فإنه لم يتمكن من تنفيذ مزاعمه بعد مرور ثلاثة أشهر، ويبدو أن الضغوط الداخلية للنظام والمجتمع الدولي جعلته في موقف يسمح له بالتشديد على هذه القضية، من أجل تبرير وإقناع الرأي العام.
وحول تصريحات نتنياهو وادعاءاته بشأن تدمير حماس، إن الوضع الحالي للكيان الصهيوني معقد للغاية؛ والآن نحن أمام حكومة متطرفة وفاسدة وإجرامية، النخب الصهيونية على المستوى الحكومي تفسر التوراة في القضية الفلسطينية، ما يعني أن الشعب الفلسطيني ليس له الحق في الحياة، ومن يفعل شيئا مخالفا لما يقولون فهو قد فعل شيئا في حق الله، وعليهم أن يعلموا أنهم لا يستطيعون الوصول إلى أي مكان بهذه التفسيرات، وحتى مع وجهة النظر والتفكير هذه التي يحملها بايدن، الذي أيدهم، فقد أدلى مؤخراً بتصريحات مفادها بأن نتنياهو يجب أن يغير الحكومة، وأن هذه الأحداث هي منجزات مقاومة ومكانة شعب فلسطين، والأهداف التي أعلنها العدو، على حد تعبير محللين أمريكيين وحتى شخصيات إسرائيلية، لا يمكن تحقيقها وتنفيذها بشكل رسمي أو غير رسمي.
وحماس اليوم ليست حركة، إنها خارج الإطار الحزبي والسياسي، إنها فكرة لا يمكنهم كسرها، وقد أكد ممثل حركة حماس في طهران: "اليوم حماس لم تعد حركة، نجاح حماس هو أنها خارج الإطار الحزبي والسياسي والحركي، الآن كل الفلسطينيين يقولون إننا أعضاء في حماس، حماس ليست حركة سياسية، بل هي فكرة، ولا يمكنهم كسر هذه الفكرة، إن شاء الله ستنتصر"، وإنهم يتحدثون عن تدمير غزة، فكيف سيتم تحقيقه؟ لقد وقف هؤلاء من النساء والأطفال والشباب، وضحوا بحوالي 30 ألف شخص، وشعب غزة صامد ولن يعود إلى ما كان عليه قبل 7 أكتوبر، ولن يتحقق خراب غزة.
وفي ظل التهجير القسري للفلسطينيين، تقول حماس: "ذهب شعبنا وسكن في بيوت حتى دمرت، الشعب الفلسطيني وقف بمقاومته وحقق إنجازات غير مسبوقة ولكن للأسف ليس معبر رفح لأن الإغاثة فتحت ولم تتوقف هذه الإبادة الجماعية"، وإن أهداف النظام الصهيوني من قتل الأطفال لم تكن حقيقية، وفي الوضع الحالي، بالإضافة إلى الفجوة بين حكومة نتنياهو، نشهد فجوة بين "إسرائيل" وحكومة بايدن، وحتى بلينكن وبايدن المذنبان توصلا اليوم إلى استنتاج مفاده بأن هدف تدمير حماس لن يتحقق وأن هذا القتل الجماعي للمدنيين لا يمكن التسامح معه ويجب إيقافه.
وفي الأسابيع الأخيرة، وبعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المنطقة، اشتدت التوترات والصراعات، ففي الزيارة السابقة فشلت قضية وقف إطلاق النار، وفي الزيارة الأخيرة هاجمت الولايات المتحدة وإنجلترا اليمن في وقت واحد، هذا فيما تتبع أمريكا سلوكاً متناقضاً تجاه ما تزعم أنه لا يسعى إلى التوتر، كما قال وزير الخارجية الأمريكي بلينكن إن واشنطن وحلفاءها في غرب آسيا مستعدون للعمل من أجل السلام!، وقال حسين أمير عبد اللهيان، وزير خارجية جمهورية إيران الإسلامية، مؤخرًا: "أقول بصوت عالٍ للسيد بلينكن؛ سيد بلينكن قلنا لك مرات عديدة أن الحل ليس في الحرب، ومنذ 100 يوم وبعد عملية اقتحام الأقصى قلنا لك لا تلطخ يديك بدماء أهالي غزة الأبرياء ولا لربط مصيركم بمصير نتنياهو، نتنياهو يواجه قضايا مختلفة وتاريخها وصل إلى نهايته، ولا ينبغي للبيت الأبيض أن يربط مصالحه الوطنية بنظام الفصل العنصري هذا".
وبوجود بلينكن، هذه البومة الشريرة في المنطقة لم يتحقق سوى القتل الجماعي، المهم بالنسبة لهم إنقاذ المشروع الغربي الصهيوني، حتى هو نفسه اعترف بالقول "أنا لست وزير خارجية الولايات المتحدة، أنا يهودي"، وكلما جاء إلى فلسطين أو الأراضي المحتلة، كان يطرح موقفين مزدوجين في واشنطن في لقاء إعلامي؛ لقد تحدث عن وقف مؤقت لإطلاق النار هناك، ولكن عندما سافر إلى تل أبيب، شاهدنا عمليات قتل جماعية، وإن وجود هذه البومة المشؤومة في المنطقة لم يحقق سوى القتل الجماعي، فهو لا يهتم بنا، وعلى الرغم من الخلافات الخطيرة بين إدارة بايدن ونتنياهو، إلا أنه من المهم بالنسبة لهما إنقاذ المشروع الغربي الصهيوني الذي خلقاه ودعماه منذ بداية القرن.
الكيان نظام قتل وليس سلام
لا شك أنّ "إسرائيل" غير إنسانية وارتكبت جرائم حرب وإبادة جماعية بدعم من حكومة بايدن، وبالطبع، العديد من اليهود في العالم ليسوا مع نظام قتل الأطفال هذا، ورأينا أن الملايين من الناس خرجوا إلى الشوارع في أمريكا ولندن لدعم فلسطين، والمساعدات الأمريكية للكيان الصهيوني غير مسبوقة، وحسب بعض التقارير فإنهم يرسلون يوميا 50 طائرة إلى "إسرائيل"، فما الذي لم يفعله الأمريكيون لدعم "إسرائيل"؟ ولذلك فإن السبب الرئيسي لاستمرار الحرب حتى يومنا هذا هو دعم حكومة بايدن للقادة الإسرائيليين الفاسدين.
ومؤخراً، أعلن النظام الصهيوني أنه سحب جنوده من بعض أحياء مدينة غزة من خلال تغيير تكتيكاته الحربية، وفي هذا الصدد، زعم المتحدث باسم الجيش الصهيوني أن انسحاب قوات الجيش تم بهدف ضمان استمرار العملية عام 2024، وقد تراجعت كتيبتان رئيسيتان على الأقل من النظام الصهيوني، لكنهما جلبتا أيضًا في نحو 295 ألف جندي مساند، بينما أعلنوا انسحابنا إلى الشمال، إلا أنهم يواصلون هجماتهم بكثافة أكبر، وهذه هي طبيعة خداع "إسرائيل"، وفي الوقت الذي اغتيل فيه الشهيد "صالح العاروري" (نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) في بيروت، في الليلة نفسها التي كانت حماس تتفاوض فيها مع المصريين، أي نيابة عن أمريكا والكيان كانت المحادثات تجري بدلاً من التفاوض، وبعد توقف الحرب قاموا باغتيال الشهيد العاروري ورفاقه، "إسرائيل" كذبة وخداع، إنهم رجال حرب وليسوا رجال سلام.
وفي إطار اتفاق تبادل الأسرى بين حماس و"إسرائيل"، أطلق الجانبان سراح عدد من الأسرى، لكن تم تعليق هذه القضية بعد ذلك بسبب انتهاك وقف إطلاق النار واستمرار هجمات النظام الصهيوني، ومؤخراً، تحدثت مصادر مصرية عن عرض القاهرة على حماس والكيان الصهيوني التوقيع على اتفاق لتبادل الأسرى، وإن نتنياهو الفاسد سيدخل السجون حتى لو توقفت الحرب، ففي تاريخ نظام قتل الأطفال هذا، تم تفضيل المصالح الشخصية على المصالح الوطنية، نتنياهو لا يفعل شيئاً لمصلحة أبناء طائفته، لكنه لا يوقف الحرب من أجل مصالحه الشخصية والهروب من المحكمة.
حماس قالت منذ اليوم الأول أننا لسنا جاهزين دون شروط مسبقة؛ وبما أن نتنياهو نفسه لم يحقق أي إنجازات بارزة ضد المقاومة حتى الآن، فهو لم يتمكن من وقف الحرب، وحسب قادة الصهاينة المجرمين فإن الحل السياسي هو إراقة دماء الفلسطينيين والقتل الجماعي لهم، لكننا لن نسمح أبداً بذلك، ولن نتفاوض قبل وقف الحرب، فالأدوات القانونية والسياسية والدبلوماسية هي العمود الفقري لتدمير نظام قتل الأطفال، وقدمت جنوب أفريقيا طلب شكوى ضد النظام الصهيوني إلى محكمة لاهاي وأكدت أن "تصرفات إسرائيل وتقصيرها يحملان خصائص الإبادة الجماعية، "لديهم نية محددة لتدمير الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة كجزء من مجموعة عرقية وعنصرية وقومية فلسطينية".
ومع شكوى جنوب أفريقيا ضد النظام الصهيوني، فهذه هي المرة الأولى التي يتعين فيها محاسبة "إسرائيل" على جرائمها المستمرة منذ 74 عاما، وإن دولة جنوب أفريقيا غير المسلمة وغير العربية ظهرت على الساحة، ولأن هذا البلد نفسه عانى من نظام الفصل العنصري، فقد أوصل هذه القضية إلى فهمه جيداً، ويتشابه شعب وحكومة هذا البلد من حيث الخبرة الفكرية والتاريخية، وقد ضحوا بأنفسهم في حرب الحرية ضد الفصل العنصري، واليوم مفهوم محور المقاومة تم تسليط الضوء عليه بشكل بارز لأول مرة، وتصدت قوات حزب الله من جنوب لبنان للجيش الصهيوني، وإن وجود 200 ألف مستوطن صهيوني في الفنادق يفرض ضغوطا اقتصادية كبيرة على هذا النظام، ويمكن القول إن قضية المقاومة الأساسية اليوم قد استلهمت جدياً وأصبحت قضية إنسانية؛ وكما فعلت جنوب أفريقيا في الشكوى من جريمة الكيان الصهيوني، فإن هذه المدرسة الفكرية الإنسانية انطلقت من المقاومة ومن صوت الحق ضد الباطل.
تل أبيب غير مستعدة لوقف الحرب
مع قيام النظام الصهيوني بتوسيع نطاق الحرب لأنه لم يحقق أهدافه، حيث إن النظام الصهيوني لم يستطع تدمير غزة وحماس؛ ولا يعتقد أنه سيفعل هذه الغباء، لأن الفاسد والمجرم نتنياهو توصل إلى نتيجة مفادها بأنه بعد الحرب لا بد أن يحاسب والسجن ينتظره، فإذا ارتكب هذا الغباء فإن العالم كله سيفعل ذلك، وقد ادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الحرب ضد حماس ستستمر حتى يتم القضاء على حماس، وإعادة جميع الرهائن، ولم تعد غزة تشكل تهديدا للكيان، وفيما يتعلق بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع حماس بشأن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وقال بنيامين نتنياهو: "لن نوافق على أي اتفاق بأي ثمن".
وعلى هذا الأساس، ادعى بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال، في بداية الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء، أن هدفه الرئيسي هو تدمير حماس، مع الحديث أن تحقيق هذا الهدف يعتمد على ثلاثة شروط: تدمير ما تبقى من كتائب حماس، ومواصلة عملية التطهير، وتحييد شبكة الأنفاق التابعة لهذه المجموعة المقاومة، وفيما يتعلق بالشرط الأول، ادعى أن 17 كتيبة من أصل 24 كتيبة تابعة لحماس قد هُزمت حتى الآن، وفيما يتعلق بالشرط الثاني، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن عملية التطهير مستمرة من خلال الغارات الجوية في المناطق الشمالية والوسطى من غزة، وأخيرًا، فإن تحييد شبكة أنفاق حماس، حسب بنيامين نتنياهو، يحتاج إلى مزيد من الوقت.
وفي ظل حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الحرب ضد حماس ستستمر حتى يتم القضاء على حماس، وإعادة جميع الرهائن، وأن غزة لم تعد تشكل تهديدا للكيان، يتأكد أن تل أبيب غير مستعدة أبدا للتفاوض ولا يهمها أرواح أسراها المهددين من قبل جيشها نفسه، وفيما يتعلق بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع حماس بشأن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، قال بنيامين نتنياهو: "لن نوافق على أي اتفاق بأي ثمن"، ونفى بعض التقارير التي تحدثت عن موافقة "إسرائيل" على إطلاق سراح عدد كبير من سجناء حماس ووصفها بأنها كاذبة.