بعد إعلان مسؤولين إسرائيليين وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار في قطاع غزة وتحقيق تقدم في محادثات تبادل الأسرى، وبين طاهر النونو، المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، أن وقف إطلاق النار في غزة يمثل الخطوة الأولى والأساسية لأي تطور آخر في الاتفاق، بما في ذلك تبادل الأسرى، مع الحديث عن تحقيق تقدم في المفاوضات المتعلقة بتبادل الأسرى الفلسطينيين والإسرائيليين، ويسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تحرير الأسرى الذين تحتجزهم حماس دون الالتزام بوقف دائم وشامل لإطلاق النار، لكن الجانب الفلسطيني أكد أن وقف النار الدائم والشامل هو شرط أساسي لأي اتفاق، مشيراً إلى أن تبادل الأسرى وإعادة إعمار غزة سيأتيان في المرحلة التالية بعد تحقيق وقف إطلاق النار.
وقف إطلاق النار خطوة أولى
كما تريد حماس، أولا وقف إطلاق النار، وبعدها يتحول التركيز إلى وقف الهجمات على قطاع غزة كنقطة أساسية، وعند تحقيق هذا الهدف، يمكن البدء في مناقشة التفاصيل الأخرى، وقد أفاد التلفزيون الإسرائيلي بانتهاء اللقاء، مع التأكيد على تحقيق تقدم في المفاوضات، خلال اللقاء، تم استعراض خطة لإطلاق سراح السجناء على مراحل متعددة، ووصف مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المحادثات بأنها "بناءة"، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى وجود "فجوات كبيرة" تتطلب التغلب عليها.
ومرارا، أعلن أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أن أولوية المقاومة في غزة هي "وقف العدوان على شعبنا"، مشدداً على أن أي أولوية أخرى لا تتفق مع هذا الهدف الرئيسي، ورغم تأكيده على ذلك، أكد أنه لن يتم التراجع عن مواصلة المقاومة حتى يتم تحقيق وقف كامل للعدوان على الشعب الفلسطيني، وأشار إلى أنه لا يمكن قبول أي صفقة أو تسوية إلا بعد تحقيق هذا الهدف الأساسي، مؤكداً على استمرار صمود الشعب الفلسطيني وقوات المقاومة في مواجهة الاحتلال، أضاف إن معركة طوفان الأقصى وضعت "الكيان الصهيوني على طريق الزوال"، مشيراً إلى استمرار المقاومة في النضال لعقود، وخاصة في إطار معركة طوفان الأقصى، باعتبارها جزءًا من التضحيات من أجل الشعب الفلسطيني.
وأكدت المقاومة على استمرارها في القتال والاستعداد، معتبرة أن الحقوق لا يمكن تحقيقها إلا من خلال النضال المستمر، وفيما يتعلق بمواقف المجتمع الدولي، أشارت إلى تقسيمه بين مجرم ظالم ومتفرج عاجز تجاه المجازر الإسرائيلية في غزة، مؤكدة على ضرورة أن يتحمل العالم المسؤولية في مواجهة هذا الوضع الإنساني الصعب، وقد اشتعلت منذ مدة المظاهرات التي شارك فيها آلاف الإسرائيليين، للمطالبة بإجراء صفقة لتبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية واستعادة المحتجزين في قطاع غزة على وجه السرعة، وشارك الآلاف من الإسرائيليين في هذه المسيرة، حيث قاموا برفع لافتات تحمل صور وأسماء المحتجزين، ورددوا شعار "جميعاً الآن، الآن"، معبرين عن ضرورة تحرك الحكومة فورًا للعمل على إطلاق سراح المحتجزين بشكل جماعي.
وتأتي هذه المظاهرات في سياق الحشود الإسرائيلية التي تطالب بإجراء تبادل للأسرى مع المقاومة الفلسطينية، وتعكس مستوى الاهتمام والتوتر الذي يسود الوضع في المنطقة نتيجة التطورات الحالية، وقد أفادت وسائل إعلام عربية بأن المتظاهرين يطالبون بإبرام صفقة تبادل تشمل جميع المحتجزين، مع تنامي القلق من أن يتعرض المحتجزون الآخرون للضرر، ويأتي ذلك منذ حادثة مؤلمة وقعت مؤخرًا حيث قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة من المحتجزين في حي الشجاعية بمدينة غزة، ووفقًا للتصريحات الرسمية الإسرائيلية، يبقى نحو 130 إسرائيليًا محتجزًا لدى المقاومة الفلسطينية، ما يزيد من التوتر والضغوط لدى المطالبين بإطلاق سراحهم، وفي هذا السياق، تهدد حكومة بنيامين نتنياهو بتصعيد الضغط العسكري بهدف الحصول على تنازلات في قضية المحتجزين، في حين أكدت المقاومة أنها لن تشارك في أي مفاوضات ما لم يتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بشكل نهائي.
صفقة للانتصار فقط
لا شك أنّ التصعيد الصهيوني الأخير يبرز توتر الوضع وتصاعد التحديات الإسرائيلية، حيث تتجاوز الخلافات الحالية إلى مسائل أوسع تتعلق بحقوق الأسرى واستمرار العنف في المنطقة، ووفقًا لتصريحات المقاومة، يبدو أن وقف العدوان الإسرائيلي يُعتبر شرطًا أساسيًا للمشاركة في أي جهود تفاوضية، على سبيل المثال، كما أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تظهر الثقة الكافية حاليًا لرفض أي صفقة لا تؤدي إلى تحقيق النصر المباشر في النزاع الحالي، ناهيك عن التحولات التي طرأت على الموقف منذ وقت الهدنة في نوفمبر/تشرين الثاني، حيث استعرض محللون الرفض الذي أبدته حماس لعروض الهدنة وتبادل الأسرى، مشددين على تمسكها بعدم التفاوض إلا بعد تحقيق وقف كامل لإطلاق النار.
ومع تزايد صعوبات الظروف التي يواجهها جيش الحرب الإسرائيلي، فإن الأوضاع تتحسن بالنسبة لمقاتلي حماس، إضافة إلى تعقيدات وصعوبات تواجه القوات الإسرائيلية في التعامل مع التحديات المستمرة وتحسن مستوى التنظيم والكفاءة لدى مقاتلي حماس، وفي ظل ضغوط إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، باتت تل أبيب تستخدم "قوة نارية أقل" كجزء من استعداداتها لتوغلات برية محتملة في قطاع غزة، ما يُظهر أن "إسرائيل" قد تقوم بتحضيراتها باستخدام تكتيكات أنجح لحفظ ماء وجهها، ما يعطي حركة حماس فرصًا أكبر لإنجاح شرطها على الشروط الإسرائيلية.
ولا شك أن قيادة الحركة تسعى جاهدة لوقف العدوان بشكل كامل وليس مؤقتًا، ناهيك عن رغبة الشعب الفلسطيني في وقف العدوان بشكل فوري وعدم الاكتفاء بتهدئة مؤقتة، ويسعى الشعب إلى التحرك نحو وقف العدوان والإرهاب بشكل دائم، ولا يمكن البدء في أي مفاوضات إلا بوقف شامل للعدوان على قطاع غزة، مع التأكيد على موقف حماس الثابت بضرورة وقف التصعيد العسكري الإسرائيلي قبل البدء في أي محادثات، وكانت حركتا حماس والجهاد الإسلامي رفضتا اقتراحًا مصريًا يتعلق بترك السيطرة على قطاع غزة مقابل وقف دائم لإطلاق النار، وهذا التطور يعني عدم التوافق بين الأطراف المعنية حتى اللحظة بشأن شروط وقف التصعيد والشروط المرتبطة بالمفاوضات، وفي الوقت نفسه، تتزايد الضغوط على حكومة بنيامين نتنياهو من قبل عائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، وتواجه انتقادات واسعة بعد الأحداث الأخيرة التي أدت إلى مقتل عدد من المحتجزين.
وتشير المعلومات إلى وجود توتر في أعلى المستويات السياسية والأمنية داخل الكيان الإسرائيلي بشأن قضية المحتجزين، ويُفيد البعض بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يعرقل مباحثات فردية بين وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس جهاز الموساد حول هذا الموضوع، هذا يشير إلى اختلاف وتوتر داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن كيفية التعامل مع قضية المحتجزين وسبل التفاوض حولها، وتجدر الإشارة إلى أن حماس سبق وأن توصلت إلى هدنة مع "إسرائيل" في وقت سابق، وقد استفادت منها لإطلاق سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين والأجانب في قطاع غزة، وتم التوصل إلى هذه الصفقة بوساطة دولة قطر وبالتنسيق مع مصر والولايات المتحدة.