حرب واسعة النطاق
بشدة، حذر أمير عبد اللهيان، في مقابلة مع شبكة ABC الإخبارية، من تزايد خطر نشوب حرب واسعة النطاق في غرب آسيا، وبينما قدم أمريكا باعتبارها السبب الرئيسي لتصعيد التوترات في منطقة غرب آسيا، وإنه إذا أوقفت واشنطن دعمها لحرب النظام الصهيوني ضد غزة، فإن نتنياهو لن يصمد حتى 10 دقائق، وعلى الرغم من دعمه العلني الكبير للحكومة الإسرائيلية، إلا أن الرئيس جو بايدن يُظهر جهوداً خلف الكواليس لحث "إسرائيل" على كبح هجماتها المدمرة –خوفا على مستقبله- دون نتائج ملموسة حتى الآن، في الوقت نفسه، إن دعم بايدن القوي ل"إسرائيل" خلال عمليتها العسكرية ضد حماس بعد أحداث طوفان الأقصى في أكتوبر الماضي، أثار احتجاجات عامة وغضباً داخل صفوف الحزب الديمقراطي.
ومنذ بداية شهر أكتوبر 2023، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة عسكرية مدمرة على قطاع غزة، أسفرت عن وفاة وإصابة عشرات الآلاف، معظمهم من الأطفال والنساء، وتسببت في دمار هائل للبنية التحتية وتفاقم كارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقًا لتقارير مصادر رسمية فلسطينية وأممية، وعلى الرغم من معارضة العالم لهذه المجازر والعمليات التدميرية، أعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، أن الولايات المتحدة لا تؤيد حاليًا فكرة وقف إطلاق النار في غزة، في مؤتمر صحفي، وأوضح كيربي أن موقف الولايات المتحدة لم يتغير، مشيرًا إلى عدم دعمهم لوقف إطلاق النار في الوقت الحالي، ومؤكدًا أنهم لا يروّجون لذلك، معتبرًا أن وقف النار لن يستفيد منه أحد سوى حماس، وأن الرئيس بايدن لم يعط أي إشارات تخالف هذا الموقف.
من جانب آخر، فإن تصريح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في تل أبيب حول طموح الولايات المتحدة في إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن يعتبر مجرد كذبة، وهذا ما أكده خلال مؤتمر صحفي بعد محادثات مع قادة إسرائيليين في تل أبيب، بشكل وقح، زعم بلينكن أن دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" "بلا أساس"، ولكنه اعترف بأن العدد اليومي للقتلى المدنيين في غزة مرتفع للغاية، وأثناء زيارته لتل أبيب، أكد أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، رفض الولايات المتحدة أي اقتراحات تؤيد فكرة تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة، وشدد على أن السلطة الفلسطينية تتحمل مسؤولية إجراء إصلاحات في هيكلها.
ويبدو أن البيت الأبيض يولي اهتمامه الأول لمصالح الكيان الإرهابي في المنطقة، فعلى الرغم من تصريحاته بوجود دول مستعدة للاستثمار في مستقبل غزة، إلا أن ذلك يعتمد على وجود مسار واضح نحو إقامة دولة فلسطينية، ويُذكر أن أكثر من 26 ألف شهيد وما يقرب من 100 ألف جريح هم نتيجة استخدام الأسلحة الأمريكية التي قُدمت للكيان، وقد عبر البيت الأبيض مرارا عن دعمه المتواصل للعمليات العسكرية الهمجية التي يشنها الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة، وفي بيان أدلى به منسق الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، أُكد مراراً وتكراراً رفض الولايات المتحدة فكرة وقف إطلاق النار النهائي في قطاع غزة، بحجة أن ذلك سيؤدي إلى استمرار سيطرة حركة حماس على القطاع، وعلى الرغم من ذلك، فإنهم يعربون عن دعمهم لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية دون اتخاذ إجراءات فعلية لمساعدة المتضررين في غزة، أو إجراء محادثات مع الشركاء في المنطقة لتحقيق وقف إطلاق نار دائم، وبما أنه لم يحدث أي تطور جديد حتى الآن، فإن الولايات المتحدة تدعو إلى تحقيق وقف إطلاق نار مؤقت جديد بهدف تحرير الأسرى.
تصريحات أمريكية مخادعة
تظهر التصريحات المقدمة من أمريكا توترًا مزعومًا بين الإدارة الأمريكية وسياسات "إسرائيل" فيما يتعلق بالهجمات على قطاع غزة، ويعبر الرئيس الأمريكي جو بايدن عن قلقه بشأن الضحايا المدنيين ويحث "إسرائيل" على التحلي بالحذر، ومع ذلك، فإن "إسرائيل" تستمر في تلقي الدعم الأمريكي، حيث تم الإعلان عن بيع كميات كبيرة من القذائف إليها، وفي هذا السياق، تظهر محاولات بايدن للتأثير الإعلامي على "إسرائيل" من دون اتخاذ إجراءات قاطعة، بهدف تقليل الخسائر المدنية دون المزيد من التدخل، ويُفسر ذلك على أنه من الواضح أن هناك تصاعداً في الضغوط الدولية والانتقادات تجاه سياسات "إسرائيل"، وفي الوقت نفسه، يسعى الرئيس الأمريكي للحفاظ على توازن بين دعم حليفه الإستراتيجي والتعبير عن قلقه إزاء الخسائر المدنية الكبيرة في قطاع غزة، وتشير التصريحات الأمريكية إلى استمرار التوتر في غزة والقصف الإرهابي للكيان، حيث يزداد عدد الشهداء نتيجة للهجمات الجوية الإسرائيلية باستخدام الأسلحة الأمريكية.
وتظهر استراتيجية الولايات المتحدة الرعناء في مواجهة الأزمة، حيث تستبعد فرض حظر على تسليم الأسلحة إلى "إسرائيل" وتفضل التفاوض الهادئ والكاذب كطريقة إعلامية غير فعالة، كما تشير التصريحات الأمريكية إلى عدم تغيير في موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بخصوص الحرب على فلسطين وشعبها، بالإضافة إلى عرقلة دخول المساعدات إلى غزة، وتركز واشنطن على محاولة خداع شعبها بالتصريحات الجوفاء، بينما تظهر الواقعية البالغة في عدم تبني إجراءات فعّالة لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.
ومن جهة أخرى، لا تظهر المساعدات المقدمة لغزة قدرة الولايات المتحدة على التأثير في قرارات "إسرائيل"، بل تستمر الولايات المتحدة في دعم "إسرائيل" وتعتمد استراتيجية التفاوض كوسيلة رئيسية، وذلك رغم استمرار الحكومة الإسرائيلية في تنفيذ سياساتها دون تأثر كبير بالضغوط الدولية، مستشار نتنياهو أكد عدم وجود ضغط كبير على رئيس الوزراء، وأن "إسرائيل" ستواصل جهودها العسكرية، ويبدو أن الدعم العسكري الأمريكي لـ "إسرائيل" مستمر، حيث تشير التصريحات إلى محاولات الإدارة الأمريكية لتحقيق أهداف الاحتلال الإسرائيلي في القضاء على السكان الفلسطينيين وتهجيرهم.
النتيجة، تظهر المؤشرات على أن هناك هزيمة قريبة لـ "إسرائيل"، ولكن لأن الولايات المتحدة لا تصدق ذلك، فإنها تخطئ في سياساتها أكثر فأكثر، فالواقع الميداني يعكس أهمية الدعم الأمريكي لـ "إسرائيل"، حيث يظهر تأثير هذه العلاقة على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، والدعم الشديد الذي تحظى به "إسرائيل" من الولايات المتحدة على الصعيدين السياسي والعسكري يثير استياءً دوليًا وانتقادات بسبب الآثار السلبية على الحقوق الفلسطينية والعدالة الاجتماعية، وتظل العلاقة بين الولايات المتحدة و "إسرائيل" محورًا للشر في المنطقة.