QR CodeQR Code

تنشئة جيل جديد من النازيين الصهاينة

15 تشرين الأول 2024 09:49

اسلام تايمز (فلسطين) - - حلم إحياء "إسرائيل الكبرى" كان أحد العوامل المؤثرة على سياسات الكيان الصهيوني منذ تأسيسه، ومع قيام حكومة بنيامين نتنياهو "رئيس الوزراء الصهيوني" المتشددة، أصبحت هذه القضية أولوية لسياسات هذا الكيان أكثر من أي وقت مضى، وقد اتسعت جغرافية هذا الحلم التاريخي مع مرور الوقت، لتشمل أراضي من الأردن وسوريا ولبنان، وقد حاولت التيارات الدينية المتطرفة التي ترى في "إسرائيل" بداية نهضة "إسرائيل" الكبرى، إبراز مشروعها إلى الواجهة الثقافية وتقديم التدابير الأساسية لذلك.


وفي الوقت نفسه الذي يرتكب فيه الجيش الصهيوني جرائمه في غزة ولبنان، لم يقف المجتمع الأكاديمي والعلمي مكتوف الأيدي، بل تماشيا مع سياسات حكومة نتنياهو، وضعوا خططا لتطوير الاحتلال، وفي هذا الصدد صدر مؤخراً في الأراضي المحتلة كتاب للأطفال بعنوان "أيلون ولبنان" لربط أفكار الجيل الجديد بسياسات تل أبيب.

تدور هذه القصة حول صبي اسمه إيلون يعيش في كيبوتس بالقرب من الحدود اللبنانية، يستمتع إيلون بمناظر لبنان التي يراها من نافذة غرفته، في هذا الكتاب، يُظهر "إيلون" الغابة ويخبرنا بمكانها، يقول والده هذا هو لبنان، وقال إيلون: أود أن أذهب إلى لبنان، فهو جميل حقاً هناك، قال والده: لكن الذهاب إلى هناك الآن خطير لأنه لا يزال في أيدي العدو، إنها ليست لنا بعد، فكر إيلون وقال: ولكن في النهاية ستكون لنا، لبنان لنا.

هذا الكتاب من تأليف "عاموس عزاريا" وتدعمه المجموعة اليمينية المتطرفة "أوري تسافون"، تحاول هذه المجموعة المؤمنة بفكرة "إسرائيل الكبرى" غرس فكرة العيش في جنوب لبنان في أذهان الأطفال من خلال هذا الكتاب، تم تصميم قصة الكتاب بطريقة تمكن الأطفال من إنشاء رابط عاطفي مع لبنان كجزء من "إسرائيل" المستقبلية.

إن نشر مثل هذه الكتب يتم في وقت يشعر فيه العالم بالغضب الشديد إزاء جرائم جيش الاحتلال في غزة ولبنان، لكن قادة تل أبيب، بغض النظر عن التحذيرات الدولية، يواصلون دعوتهم للحرب ليس فقط في الوضع الحالي، بل كذلك تدريب جيل المستقبل على الحرب، إن حقيقة ارتكاب نتنياهو للعديد من الجرائم في فلسطين ولبنان ترتبط جزئياً بالأفكار التي أخبره بها والده عن تاريخ "إسرائيل" المزيف عندما كان طفلاً.

ويقال إن والد نتنياهو كان أحد المتطرفين اليهود الذين اعتقدوا أنه يجب تدمير جميع الفلسطينيين واستعادة أرض اليهود المزيفة، وكان يشير إلى هذه الأفكار والأفكار المتطرفة لنتنياهو كل يوم، ولذلك، إذا تمت تربية الجيل الجديد من الصهاينة بأفكار وأوهام أشخاص مثل نتنياهو ووزرائه المتطرفين، فإن مستقبلاً مظلماً ينتظر الأراضي المحتلة.

حقن الصهينة في نفوس الأطفال الفلسطينيين

وفي الواقع، فإن الجهود الثقافية التي يبذلها الكيان الصهيوني لتغيير عقول الأطفال الصهاينة ليست قضية جديدة، فمنذ عام 1967، سرعت حكومة الاحتلال جهودها لفرض الكتب المدرسية على مدارس القدس المحتلة.

"إن مفتاح سد الفجوات في القدس الشرقية يبدأ بالتعليم وينتهي بالمناهج الإسرائيلية، لقد أقامت إسرائيل تعاونا كبيرا بين وزارة التربية والتعليم من جهة وبلدية القدس من جهة أخرى، وهذا يسمح لنا بإحداث ثورة حقيقية في المجتمع العربي في القدس الشرقية"، هذه تصريحات "ناثانيل إسحاق" المدير العام السابق لوزارة القدس المحتلة وتراث الكيان الصهيوني، والتي تظهر أن قادة الاحتلال لا يركزون على الخيار العسكري، بل على البعد الثقافي للتنمية الإقليمية في المستقبل.

وفي مدارس القدس المحتلة تظهر على خلفية الأطفال شعارات باللغة العبرية تحمل هذا الموضوع: "السعادة لا تعني أن تحصل على ما تريد، بل تعني أن تكون راضيا عما لديك"، وفي العقود الأخيرة، خصصت وزارة التربية والتعليم الصهيونية أموالاً ضخمة لتغيير عقلية الأطفال الفلسطينيين في القدس من أجل قيادتهم في الاتجاه الذي يتماشى مع أفكار وتعاليم الشعب اليهودي.

وبغض النظر عن القوانين الدولية التي تضمن حق الشعب الواقع تحت الاحتلال في تلقي التعليم وفقا لمعتقداته وحماية ثقافته وتراثه، فقد بدأ الكيان الصهيوني باتخاذ خطوات عملية لتشويه تاريخ الفلسطينيين، وتسارعت وتيرة التغييرات في المناهج الدراسية للفلسطينيين الذين يعيشون في القدس المحتلة منذ عام 2011، ما أدى إلى إزالة العلم الفلسطيني من الكتب المدرسية وتشويه الدروس التي تركز على فلسطين وحق العودة.

بل إن الكيان الصهيوني أزال شعار السلطة الفلسطينية من غلاف الكتب المدرسية في الضفة الغربية حتى لا يفهم الجيل الجديد المنظمات الفلسطينية، وحرمت هذه المناهج نحو 98 ألف طالب وطالبة في القدس من القدرة على دراسة تاريخ القضية الفلسطينية واكتساب المعرفة الكافية لبناء الهوية الفلسطينية في المدارس التابعة للأوقاف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

أخطر تصرفات "إسرائيل" ضد التعليم في القدس المحتلة حدثت عام 2014، وبالفعل فقد وافق مجلس الوزراء الصهيوني آنذاك على خطة قدرت ميزانيتها بـ 86.5 مليون دولار، بدأت بموجبها وزارة التربية والتعليم تقديم حوافز مالية للمدارس في القدس لتدريس المنهاج الصهيوني، اعتبارًا من عام 2017، كانت 23 مدرسة من أصل 180 مدرسة تعمل بالمنهاج الإسرائيلي، بعد حصولها على تمويل كبير وزيادة رواتب المعلمين والموظفين.

وسرعان ما حاولت "إسرائيل" زرع الرواية الصهيونية في نفوس الفلسطينيين، وفرض مناهجها بالكامل على طلاب القدس، وخصصت في هذه الخطة نحو 200 مليون دولار كحوافز مالية للضغط على مدارس القدس لتدريس مناهج الكيان الصهيوني.

لقد أوضح الإسرائيليون أن أي مدرسة عربية في القدس المحتلة تتحول إلى المنهاج الإسرائيلي ستحصل على تمويل سخي على الفور، ومن أجل توسيع نطاق استخدام المنهج الصهيوني في القدس، خصصت تل أبيب أموالاً إضافية للمدارس التي قررت إجراء التغيير ومنحت ما يقرب من 120 مليون دولار للتعليم في القدس.

ويأتي جهد توسيع مناهج تل أبيب في عملية واسعة ومستمرة سعيا لمحو الهوية الفلسطينية ونشر التطبيع والتعايش بين الأطفال العرب والصهيونيين إلى جانب الرحلات المشتركة وزيارة رئيس بلدية القدس المحتلة للمدارس، كما أنه في بعض المدارس يتواجد ضباط عسكريون بشكل دائم لتحقيق الردع وإنهاء النضال من أجل التحرير والتحذير من اعتقال الفلسطينيين.

بالإضافة إلى ذلك، خصص كيان الاحتلال مبالغ ضخمة لهذه العملية، وتبلغ موازنة دائرة التربية والتعليم العربية في بلدية القدس المحتلة 444 مليون شيكل دون رواتب المدارس الابتدائية التي تحصل على تمويل مباشر من وزارة التربية والتعليم.

وقال فؤاد أبو حامد، الناشط الأكاديمي والشؤون الاجتماعية، في حديث لموقع "بيرزيت أونلاين": "تبلغ تكلفة الطالب العربي في القدس المحتلة نحو 11 ألف شيكل سنوياً، لكن وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية منذ عام 2018، وضعت خطة لتطوير التعليم بتكلفة 500 مليون شيكل، بالإضافة إلى أنه تم وضع الموازنة السابقة على جدول الأعمال، ويقول أبو حامد "هذا يدل على أن المحتلين يحاولون جاهدين فرض مناهجهم على سكان القدس، فحتى الآن نسبة المشاركة منخفضة ويدرس هناك نحو 8000 طالب، وحسب المحتلين فإن هذه النسبة منخفضة".

وفي الوقت نفسه الذي تقوم فيه الحركات الثقافية التي يقوم بها القادة الصهاينة بتغيير الكتب المدرسية للفلسطينيين، فإن الزعماء الدينيين الإسلاميين يحذرون أيضًا من هذه الحركات الخطيرة، وكان رئيس الهيئة الإسلامية العليا إكرام صبري أعلن في كلمة سابقة حظر التدريس والتعامل مع المناهج الصهيونية في القدس المحتلة واعتبرها خطيئة لتعارضها مع التعاليم الدينية والتاريخية ومساهمتها في تحقيق أهداف المحتل.

ومن خلال سيطرتها السياسية والعسكرية على مدينة القدس، فإن حكومة الاحتلال، ونظرا لضعف منظمات الحكم الذاتي وتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي للفلسطينيين، تكثف جهودها لحل القضية الفلسطينية من مصدرها عبر الحدود، إلا أن المناهج التعليمية لا تتطابق مع الواقع على الأرض، حيث يرى الفلسطينيون كل يوم وحشية الاحتلال وفصله العنصري وعنفه، ويتعاملون مع تاريخ لم يعد من الممكن إخفاؤه في عصر التكنولوجيا، فكم من دولة أنشأت مناهج دراسية تعتمد على خيالها لمحو التاريخ أو تزييفه، لكنها بعد القراءة ومعرفة التاريخ الحقيقي لبلادها، سرعان ما أصبحت مصدر ضحك للأجيال الجديدة.

لذلك، وعلى الرغم من الجهود المضاعفة التي تبذلها تل أبيب لتنفيذ مشروع ثقافي في مدارس القدس، فإن محو الهوية الفلسطينية بشكل عام يبقى هدفا بعيد المنال، لقد أظهرت تجربة عرب 1948 الذين يعيشون في الأراضي المحتلة والذين حصلوا على جنسية الكيان الصهيوني أن هويتهم لن تمحى وأن الفلسطينيين لن يندمجوا في المجتمع الصهيوني أينما كانوا، لأن الهوية تتشكل في البيوت قبل التلاعب بالمناهج المدرسية، ومنذ الطفولة يتعرف الفلسطينيون على قصص الاحتلال وجرائمه من آبائهم وأمهاتهم، والنضال من أجل تحرير الأراضي المفقودة ينمو ويترعرع في داخلهم.


رقم: 1166569

رابط العنوان :
https://www.islamtimes.com/ar/news/1166569/تنشئة-جيل-جديد-النازيين-الصهاينة

اسلام تايمز
  https://www.islamtimes.com