السيناريو ذاته يتكرر ..لماذا يرعب إعلام المقاومة "إسرائيل" ؟
3 تشرين الأول 2024 09:08
اسلام تايمز (فلسطين) - جاء قصف جيش الاحتلال لقناة الصراط اللبنانية استمراراً لنهج العدو الصهيوني الهمجي ذاته في إسكات صوت الحق وطمس الحقيقة الذي يتّبعه في غزة على مدار عام من الإبادة الجماعية، ليُسَجل له سجلاً أسود حافلاً بانتهاك الصحفيين ومقار عملهم في أخطر ما تعرض له الإعلام والإعلامون من دموية وفتك خلال الحروب على مر التاريخ دون رادع ودون اكتراث للقوانين والمواثيق الدولية مدعوماً بذلك من الإدارة الأمريكية والغربية، يأتي كل ذلك في سياق الخوف والقلق الكبير من الدور الفعال الذي لعبته قنوات الإعلام الحر والصحفيين المقاومين في نشر مظلومية وحق الشعب الفلسطيني واللبناني في الدفاع عن أرضه وشعبه.
في هذا السياق، طالبت دائرة العلاقات الإعلامية في حزب الله جميع المؤسسات الإعلامية والتجمعات المهنية والنقابية والقانونية، الدولية والعربية، بإدانة هذا العدوان الصهيوني الصارخ وفضح الممارسات الإجرامية التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق وسائل الإعلام والإعلاميين.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد بدأت باستهداف الصحفيين اللبنانيين منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حين وجهت ضربة لمجموعة من الصحفيين كانت تغطي الاشتباكات جنوب البلاد، فقتلت المصور في وكالة رويترز عصام العبدالله، وأصابت آخرين، بينهم المصورة في وكالة فرانس برس كريستينا عاصي التي بترت ساقها اليمنى جراء إصابتها، وذلك في الـ 13 من أكتوبر.
وخلصت تحقيقات أجرتها منظمتا العفو الدولية (أمنستي)، وهيومن رايتس ووتش، ووكالة فرانس برس، ووكالة رويترز، إلى أن قذيفة دبابة إسرائيلية قتلت المصور الصحفي اللبناني عصام العبدالله وجرحت آخرين في الـ 13 من أكتوبر، ودعت المنظمتان الدوليتان إلى التحقيق في "جريمة حرب"، وذلك في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
من الجدير بالذكر أن عدد الصحفيين الذين استشهدوا منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة حسب وزارة الصحة الفلسطينية وصل إلى 173 صحفياً وصحفيةً.
إدانات واسعة
أدان اتحاد الإعلاميين اليمنيين في بيان له استهداف العدو الإسرائيلي مبنى قناة الصراط الدينية الثقافية في لبنان بقصف جوي مباشر، وطالب البيان كل الفعاليات الدولية المعنية بحرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان والقانونيين بإدانة الجريمة التي طالت قناة الصراط، وإدانة كل الجرائم غير الإنسانية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي بحق المدنيين في فلسطين ولبنان والضغط على مجلسي الأمن وحقوق الإنسان لإدراج العدو الإسرائيلي في قائمة مرتكبي جرائم الحرب ومحاكمته عبر المحاكم الدولية وفق المواثيق والقوانين الدولية، ودعا كل المؤسسات الإعلامية والصحفية والمؤسسات الحقوقية العربية والدولية الحرة إلى فضح الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها العدو الإسرائيلي بحق وسائل الإعلام والإعلاميين والمدنيين في فلسطين ولبنان.
من جانبها عبرت مؤسسة الأمل الإعلامية اللبنانية، في بيان لها، عن” شديد استنكارها لهذا القصف الهمجي الذي يعد انتهاكًا صارخًا لكل المواثيق والأعراف الدولية، وتعلن تضامنها الكامل مع قناة الصراط الفضائية وكل العاملين بها، وتؤكد أن استهداف الإعلاميين والمنصات الإعلامية هو جريمة لا يمكن تبريرها، إلا بالقول بأنها محاولات إسكات صوت الحق، والتغطية على الجرائم الوحشية المرتكبة ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني”.
انتهاك لحرية التعبير
أعربت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحرية الرأي والتعبير أيرين خان عربتِ وخبراء أمميون آخرون عن قلقكهم من أن الصحفيين ووسائل الإعلام في كيان الاحتلال الإسرائيلي والدول الغربية الذين ينشرون تقارير تنتقد السياسات والعمليات الإسرائيلية في الأرض المحتلة أو يعبرون عن آراء مؤيدة للفلسطينيين، كانوا هدفا للتهديدات والترهيب والانتقام ويتم استهداف مختلف الأصوات الناقدة أو المدافعين عن حقوق الإنسان أو حتى وسائل الإعلام الإسرائيلية، وتم مؤخرا اعتماد قانون يسمح بالحظر حيث عملت السلطات الإسرائيلية على حظر قناة الجزيرة الآن، وهي وسيلة الإعلام الدولية الوحيدة التي تعمل في غزة.
وفي الوقت نفسه، لم تسمح قوات الاحتلال لأي وسيلة إعلام دولية بالدخول إلى غزة، ويعد هذا انتهاكاً لحرية التعبير وحق وسائل الإعلام في حالات الحرب.
واعتبرت المقررة الأممية أن الأمر المروع للغاية أنه في هذا اليوم وهذا العصر، لدينا هذا المستوى العالي من انتهاكات القانون الدولي الإنساني، وقضايا يمكن أن ترقى في الواقع إلى مستوى الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، ووسائل الإعلام الدولية محظورة، وصحفيون محليون يخاطرون بحياتهم ويتعرضون للقتل، بينما لا يوجد ضغط كاف على حكومة الاحتلال الصهيوني لدفعها إلى الاهتمام بالتزاماتها الدولية.
الهاسبارا ودورها في الخداع الإعلامي
عبارة عن آلة الدعاية التي تعتمدها الحكومة الإسرائيلية في أرجاء العالم لتبييض مجازرها وانتهاكها حقوق الإنسان والقانون الدولي خلال الحروب التي تخوضها ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، حيث شكلت رأس حربة الدعاية الإسرائيلية لتوجيه الرأي العام العالمي وضرب الإعلام المقاوم، فتحت مظلة "هاسبارا"، وأنشئت هياكل دائمة في الولايات المتحدة وكيان الاحتلال للتأثير على كيفية تفكير العالم، وخصوصا الأمريكيين، بشأن "إسرائيل" والشرق الأوسط في المستقبل.
وطُورت مجموعة نقاط بهدف التركيز عليها في مخاطبة الرأي العام، من بينها: أهمية "إسرائيل" الإستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة، وقيمها الثقافية المشتركة مع الغرب، ورغبتها في السلام، ومن أساليب التضليل تحريف الحقائق وتزويرها وجعل المجرم والضحيّة متساويين، إضافة للترويج لكيان الاحتلال الصهيوني باعتباره "دولة ديمقراطية" تتعرّض لحملات الكراهية من جيرانها من دون سبب.
باتت المؤسسات الإخبارية والصحفيون والأكاديميون والسياسيون والفنانون يتوقعون الضغط إذا خرجوا عن مستوى الخطاب المقبول الذي أنشأته "إسرائيل" ومؤيدوها، وترفض الروايات البديلة التي تكشف انتهاكات "إسرائيل" باعتبارها معادية للسامية.
وفي كل مرة كانت ترتكب فيها قوات الاحتلال الصهيوني جرائم حرب في حق الفلسطينيين، تلعب "الهاسبارا" دورا مهما في خداع الرأي العام الدولي بهدف الإفلات من العقاب، إذ تدرك الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أنها لا تستطيع أن تفعل ذلك إلا إذا كانت هناك آلة دعاية قوية بما فيه الكفاية يمكنها مواجهة الإدانة العامة الحتمية والتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني.
ختام القول
هذا الاعتداء وكل الاعتداءات النازية التي سجلها الكيان الغاصب بحق الإعلام والإعلاميين على مدى عام من الهمجية والوحشية لم ولن يثني المؤسسات الإعلامية الحرة إن كان في فلسطين أو في لبنان أو في أي رقعة من الأرض عن مواصلة دورها في نقل الحقائق ومواجهة كل أشكال الظلم والاعتداء، الأمر الذي نراه فعلا والذي كان له دور كبير في كشف النازية الصهيونية وتجريدها أمام أعين العالم أجمع وتوسيع الحاضنة الشعبية للمقاومة وحق الشعوب في دحر الغاصب الصهيوني من أرضهم فكانت الكلمة والصورة أشد فتكاً بالعدو الصهيوني من أسلحته الأمريكية المتطورة.
رقم: 1164073