الأزمة الأمريكية وانعكاساتها على لبنان
اسلام تایمز , 4 تشرين الأول 2013 00:26
المراسل : ابراهيم بنوت
اسلام تايمز - دخلت الولايات المتحدة الأمريكية يومها الثالث في عجز حكومتها الجزئي وذلك على أثر الخلافات القائمة بين الحزبين الحاكمين، الديمقراطي صاحب السلطة حالياً والحزب الجمهوري المعارض للسياسات القائمة والمعتمدة من قبل إدارة أوباما الديمقراطية، ويأتي الشلل الجزئي للمؤسسات الفدرالية بعيد التحذيرات التي أطلقها وزير الخزانة الأمريكية الذي حدد السابع عشر من الشهر الجاري موعداً نهائياً لإعلان إفلاس الولايات المتحدة، وذلك للمرة الأولى في تاريخها إذا لم يقم طرفي الخلاف بإقرار قانون في الكونغرس يرفع سقف الإستدانة الموجود حالياً.
حال العجز التي ضربت أكبر دولة مهيمنة في العالم يبدو أنها أثارت مخاوف الكثيرين من أن تمتد إليهم بعض من الآثار التي قد تنجم، أو يصيبهم شيء من ارتدادات هكذا زلزال فيما لو وقع، أمرٌ حذا بدول دائنة للحكومة الأمريكية عبر سندات خزينتها بالتأهب أمام إمكانية أن تقوم وكالات التصنيف الإئتماني بتخفيض تصنيف سندات الدين للولايات المتحدة الأمريكية، ما سيؤدي مباشرة لخسارة تلك الدول للمليارات من الدولارات كنتيجة لهذا التخفيض.
للوقوف على ماهية الوضع المستجد كان لنا في موقعنا "إسلام تايمز" لقاءاً خاصاً بالخبير الإقتصادي الدكتور غالب أبو مصلح، الذي أطلعنا على حقيقة الأمر موضحاً لنا المنحى الذي يمكن أن تسلكه الأمور.
أبو مصلح أوضح بأن ما جرى هو عبارة عن "إغلاق جزئي لبعض المؤسسات الثانوية في الحكومة الأمريكية مثل إغلاق لبعض المرافق كالحدائق العامة والمتاحف بشكل مؤقت"، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات لم تطل أي من الدوائر الحكومية، وذلك كخطوة "تهدف لتقليص حجم الإنفاق العام بعد فشل الكونغرس في رفع سقف الدين اثر خلافات بين الحزبين الحاكمين، فتعجز الجبايات والضرائب والرسوم عن تلبية حاجات الإقتصاد وبالتالي لا تملك الحكومة إلا أن تقلص من حجم إنفاقها".
ويشرح أبو مصلح بأن المشكلة الأساسية هي في "الخلاف المزمن بين الحزبين على سياسات أساسية داخلية تمنع تنفيذ الكثير من المخططات الحكومية، فالخلاف الآن حول مشروع "أوباما كير" حيث يرفض الحزب الجمهوري هذا الحل كما يدعو لعدم رفع الضرائب ويطالب بتقليص الإنفاق الإجتماعي الذي تستفيد منه بشكل مباشر الطبقة الفقيرة والمتوسطة، بينما يرفض الحزب الديمقراطي هذا الأمر ويصر على تلبية بعض الحاجات الأساسية لتلك الطبقة كي يكسب تأييد جمهوره من الفقراء، ليتوجه بالمقابل للمطالبة بتخفيض الإنفاق غير المجدي مثل الدفاع".
هذا الواقع -يضيف أبو مصلح- "يدل على وهن الوضع الأمريكي وبالتالي يكون الخوف من وكالات التصنيف الإئتماني من أن تخفض تصنيفها لسندات الدين الأمريكية من AAA إلى ما دون السماح لها بالتوظيف، مما سيحتم على الولايات المتحدة الأمريكية أن ترفع الفائدة على سندات الدين، خطوة من شأنها أن تزيد في العجز وفي الإنفاق الغير مجدي، وهو الأمر الذي يحاول كِلا الحزبين نكرانه، فيصران على أن أميركا لا تزال قوية وقادرة وهو عكس الواقع"، لافتاً لوجود محاولات مستميتة لتغطية تنامي العجز الأمريكي الذي يفضحه هذا الخلاف بل ويسرع فيه".
وعن الآثار الناجمة عن الواقع المستجد، يلفت أبو مصلح إلى المبالغة الحاصلة في تقدير الأثار الناجمة عن الأزمة الأمريكية فيما خص اقتصاد العالم، ففي حقيقة الأمر سينخفض الطلب الأمريكي على السلع المستوردة وقد يكون هنا التأثير الأكبر، فعودة أمريكا بشكل سريع إلى الإنكماش الإقتصادي يترك آثاره على سوق النفط، حيث أنها المستورد الأكبر له وبالتالي سينخفض سعر النفط العالمي، مما سيضر ببعض الدول ولكنه سيفيد غيرها الكثير؛ معتبراً أن تخفيض التصنيف الإئتماني لا يؤثر على الإقتصاد العالمي كتأثيره على موقع أميركا في هذا الإقتصاد، وأيضاً سيكون له الأثر على موقع الدولار، أمر من شأنه أن يرفع من الطلب على عملات أخرى لتصبح هي الأساس في التعاملات الدولية مثل الين واليورو والعملة الصينية ( اليوان ) وهذا الأمر سيكون إيجابياً ينفع الإقتصاد الدولي.
ولكن! ماذا عن تأثيرات ارتباط الليرة اللبنانية وتثبيت سعر صرفها بالدولار الأمريكي؟!
يجيب أبو مصلح بتصحيحه للخطأ في مقولة تثبيت سعر صرف الليرة، فيوضح أن "تثبيت سعر صرف الليرة هو ليس ربط الليرة بالدولار، فالأمريكيون يرفعون سعر صرف الدولار ويخفضونه بحسب مصالحهم، وعلى سبيل المثال عمد الأمريكيون لرفع سعر صرف الدولار ليجتذبوا ودائع الى أسواقهم، فأصبحنا نحن غير قادرين على التصدير وزادت نسب استيرادنا وبالتالي بات لدينا مشكلة كبيرة؛ وعادة التثبيت يحدث لسلة من العملات مثقلة حسب نسب الإستيراد والتصدير مع البلدان الأخرى الأمر الذي لم يحدث لدينا حيث كان التثبيت فقط بالعملة الأمريكية".
أما عن ربط صرف الليرة اللبنانية بالدولار الأمريكي فيشير إلى أن هذا الفعل كان من "الأخطاء الأساسية في السياسات النقدية اللبنانية، الأمر الذي ألحق أضراراً كبيرة بها، إذ أن سعر الصرف الحقيقي يصبح غير مرتبط بالإرادة والسياسة اللبنانية بل بالمصالح والسياسات الأمريكية، فمثلاً لو انهار سعر صرف الدولار وانخفض سعره وبقي هذا الربط عندها سينخفض سعر صرف الليرة اللبنانية الحقيقي، مما سيكون له الأثر السلبي على أصحاب الدخل المحدود الذين يحصلون على رواتبهم بالليرة –كون هذا النظام لا يربط الأجور بالتضخم- ولكنه سيفيد قطاعات الإنتاج من الزراعة والصناعة وحتى الخدمات لأن الإقتصاد اللبناني وقطاعاته الإقتصادية تصبح أكثر قدرة على التنافس".
/ انتهت المقابلة /
رقم: 307989