المبادرة الروسية والسلام في الشرق الأوسط
اسلام تایمز , 10 أيلول 2013 18:13
المراسل : ابراهيم بنوت
اسلام تايمز - هدأت النفوس وبدأ زخم الحشود العسكرية في البحر الأبيض المتوسط يتراجع مع انسحاب طلائع القوة البحرية التابعة للأسطول البحري البريطاني، تحرك جاء بُعيد ساعات على الطرح الروسي الذي يقضي بوضع المخزون السوري من الأسلحة الكيميائية تحت الرقابة الدولية كحل للوضع المتأزم دولياً، مبادرة لاقت استحسان الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول التي كانت تدعو لتوجيه ضربة عسكرية للدولة السورية.
هذا التطور الإيجابي فتح الباب على جملة أسئلة مستحقة، فكيف قبلت دمشق بهذا المقترح بشكل مباشر ودون أي تحفظ؟ّ هل نضجت التسوية في المنطقة وما هي أحرفها الأولى؟ وأي مستقبل للصراع السوري الإسرائيلي الذي يعيش حال هدوء أرسته ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية، أو ما يعرف بسلاح الردع في وجه التسلط والهيمنة الإسرائيلية على قرار السلم الحرب؟
هذه الأسئلة وغيرها حملناها في موقعنا "إسلام تايمز" لمدير عام الإستشارية للدراسات الاستراتيجية الدكتور عماد رزق، الذي وضعنا بصورة هذا التحول المفاجىء.
رزق اعتبر ان ما جرى كان " المخرج الوحيد الذي كان متوفراً لتخفيف الدمار والإحتقان الذي يمكن ان يلحق بمنطقة الشرق الأوسط وان يوقف حمام الدم في سوريا، لقد جاءت هذه المبادرة بحجم المستوى الدولي"، مرجعاً هذه المبادرة لخطوط عريضة كان يعمل عليها منذ زمن، ارتبطت بالحوار بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بغية الحد من رقعة انتشار سلاح الدمار الشامل في العالم والمنطقة خصوصاً، رزق أشار إلى أن " المخزون الكيماوي او الإستراتيجي لسوريا وضمنه الصواريخ الأستراتيجية بعيدة المدى والأرض أرض حتى منظومة الدفاع الجوي، تأتي كلها من باب التوازن بين الأمريكي والروسي، لذلك يمكن اعتبار هذه المبادرة كجزء من تقدم الحوار الروسي الأمريكي من جهة لكون سوريا جزء من منظومة التوازن الإستراتيجي مع الولايات المتحدة بالنسبة إلى روسيا، وعليه كان التنسيق الذي يخفف الإحتقان من جهة ويؤدي لتسريع العمل السياسي داخل سوريا؛ وهو مقدمة لما سيأتي لاحقاً وسنراه في الأيام القادمة كعملية الحسم الميداني من جهة ثانية".
وفنَّد رزق هذه التسوية بنقاط أربع تبدأ:
" - اولاً، أن تدخل سوريا في الإتفاقية الدولية للحد من الأسلحة الكيميائية وأسلحة الدمار الشامل والتي وقعت عليها أكثر من 180 دولة.
- ثانياً، تسليم الأسلحة الكيميائية وفقا للمعايير ووفق المنظمة الدولية للحد من انتشار الأسلحة الكيميائية في العالم وتحت اشرافها.
- ثالثاً، تعهد الدول العربية بإيقاف تدفق المسلحين إلى الداخل السوري.
- رابعا، القضاء على المجموعات الإرهابية."
وعن القبول الأمريكي بهذه المبادرة وما جنته من أهداف يوضح رزق بأن "الولايات المتحدة ستنال من هذا الإتفاق هدفين اثنين: الأول حماية "اسرائيل" من امكانية قصفها بالسلاح الكيميائي، بعد أن يسحب هذا السلاح من يد السوريين، ومن جهة ثانية تضمن ان لا يتمدد المسلحين الذين يقاتلون في سوريا داخل المنطقة ككل في ظل الفوضى القائمة في الشرق الأوسط، وبالتالي تحجيم هذه القوى، وتحديداً تنظيم القاعة".
ويشير رزق بأن الأمر ذاته ستعمد إليه "إسرائيل" في المستقبل، "حيث ستتكفل الولايات المتحدة الأمريكية بأن يلتزم "الإسرائيلي" بالإتفاقية الموقعة بين روسيا والولايات المتحدة على مستوى تخفيض السلاح الإستراتيجي، لتشمل المرحلة القادمة "إسرائيل" بقدراتها الكيماوية والنووية".
ويعتقد رزق بأن المبادرة ستمتد لتشمل أكثر من ملف، "حيث ستشكل خطوة متقدمة في إطار تحريك عجلة عملية السلام في الشرق الأوسط، وستدفع باتجاه تسريع التفاوض بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، ومن جهة ثانية ستكون بداية لإعادة احياء المفاوضات في اللجنة السداسية التي كانت تجتمع سابقاً لحل الملف الكوري، يحدث ذلك بالتزامن مع الوصول الى تسوية للملف النووي الإيراني والذي كان مرجحاً ان يكون الهدف القادم بعد الإنتهاء من سوريا، مع العلم بأن المفاوضات ستكون صعبة جدا".
أما عن الأخبار التي أشيعت عن إمكانية تهريب بعض من الترسانة الكيميائية لحزب الله، وتحميل إسرائيل للدولة اللبنانية مسؤولية هذا الأمر، فقد قلل رزق من احتمال القيام بهذا الأمر حيث أن التعامل مع السلاح الكيميائي ليس بالسهولة التي قد نعتبرها، وقال" إن هذا الكلام يأتي ضمن ربط الملفات بين سوريا وحزب الله والجانب الإيراني، كل هذا التهويل يأتي من ضمن البروباغاندا والحرب البسيكولوجية، فلو كان حزب الله يريد الحصول على التكنولوجيا او التقنية الكيميائية او البيولوجية لكان بإمكانه ذلك عبر إيران التي تمتلك هذه القدرات، وفي الوقت عينه لقد أثبت حزب الله من خلال التجربة في السنوات السابقة بوجود حرمة عقائدية لديه تمنعه من استخدام أسلحة الدمار الشامل".
هذا فيما يتعلق بالشق الديني ولكن ماذا على المستوى الآخر والمتمثل بضمان توازن الرعب والمحافظة عليه؟
يجيب رزق قاطعاً: " لا اعتقد ان حزب الله بحاجة لسلاح كيماوي ليضمن توازن الرعب، فحفظ هذا السلاح واستخدامه يأتي من باب التوازنات الدولية، ولا يستطيع حزب او منظمة على مستوى صغير أن يتكفل بهكذا أمر هو على مستوى دولة ويدخل في المعادلة السورية الروسية، إن وجوده مع حزب الله هو شيء من المبالغات الإعلامية فقط، ما يمتلكه الحزب هو السلاح الصاروخي الذي يستطيع عبره خلق توازن الرعب مع الجانب الإسرائيلي، وهذه القدرة التي يمتلكها أي صواريخ ارض ارض هي التي توجد هذا التوازن، ولا اعتقد انه بحاجة لسلاح دمار شامل لأن معادلة الأرض والمساحة الجغرافية التي يحميها حزب الله في جنوب لبنان والبقاع الغربي، منطقة ضيقة وأي استخدام لهكذا سلاح سيكون مدمر للجانب اللبناني كما للإسرائيلي، وأكرر بأن ما يشاع يأتي من ضمن سياسة التهويل والحرب الإعلامية".
وختم رزق بخلاصة أجملت الوضع والمرحلة الجديدة التي دخلناها مع المبادرة الروسية فقال: " أعتقد اننا نتجه إلى التسوية الكبرى بعد ان كنا على شفير الحرب الكبرى".
/ انتهت المقابلة /
رقم: 300547