QR CodeQR Code

قطاع الطرق في طريق الحرير الصيني

موقع الوقت التحليلي الإخباري , 6 نيسان 2024 08:07

اسلام تايمز (الصين) - في عالم اليوم، إن القوى العظمى التي تخشى المواجهة المباشرة مع بعضها البعض، نقلت مستوى المواجهة إلى ساحات أقل تكلفة، وفي هذه الأثناء، يبدو أن الجماعات الإرهابية وجدت مساحة أكبر للعب دور، وكما تحظى إمكانات الإرهاب باهتمام متزايد من جانب الحكومات وبعد أن وجهت روسيا أصابع الاتهام إلى الغرب وكييف فيما يتعلق بهجوم "داعش" على مسرح موسكو، فإن القتل المتكرر للمواطنين الصينيين في باكستان على يد الجماعات الإرهابية التكفيرية هو أحد تلك الأحداث التي غذت مثل هذه التحليلات. وفي الآونة الأخيرة، قُتل خمسة مهندسين صينيين يعملون في مشروع سد في شمال غرب باكستان في هجوم انتحاري يوم الثلاثاء الماضي، وقالت الشرطة الباكستانية إن هذا هو الهجوم الكبير الثالث على المصالح الصينية في جنوب البلاد خلال أسبوع.


ووقع هجومان آخران على قاعدة جوية وميناء إستراتيجي في إقليم بلوشستان جنوب غرب البلاد، حيث استثمرت الصين مليارات الدولارات في مشاريع البنية التحتية في المنطقة، وقال محمد علي غاندابور، قائد شرطة مقاطعة بلوشستان: إن المهندسين الصينيين كانوا في طريقهم من إسلام آباد إلى معسكرهم في موقع بناء السد في داسو بإقليم خيبر بختونخوا عندما تم استهدافهم، وحسب رويترز، صدم مهاجم انتحاري بسيارته قافلة مهندسين صينيين، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص، وأعلن جاندابور مقتل خمسة مواطنين صينيين وسائق باكستاني في هذا الهجوم، وحسب مصدر في مكتب رئيس الوزراء الباكستاني، فإن هذه الهجمات وقعت قبل أسبوع من رحلة رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف إلى بكين.

وأدان وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار الهجوم، وقال إن بلاده ستواصل القتال ضد المسلحين، وحتى الآن لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذا الهجوم، وتستهدف المصالح الصينية بشكل رئيسي المسلحين العرقيين الذين يسعون لطرد بكين من بلوشستان الغنية بالموارد وهم يعملون بشكل عام في جنوب وجنوب غرب البلاد، وجاء هجوم الثلاثاء بعد أقل من أسبوع من قيام قوات الأمن الباكستانية بقتل ثمانية إرهابيين ينتمون إلى ما يسمى جيش تحرير بلوشستان الذين فتحوا النار على قافلة مواطنين صينيين خارج ميناء جوادار، ومنطقة داسو هي موقع سد كبير ومنطقة كانت هدفا لهجمات من قبل.

وفي عام 2021، قُتل 12 شخصًا، بينهم 9 صينيين، عندما انفجرت حافلة في أحد الأودية شمال غرب باكستان، وكانت الحافلة تقل نحو 40 مهندسا ومساحا وعامل صيانة ميكانيكية صينيين يعملون في مشروع بناء سد داسو، وفي إبريل 2022، قُتل 3 علماء صينيين وسائقهم الباكستاني في تفجير انتحاري من جماعة انفصالية باكستانية استهدف سيارتهم بالقرب من معهد صيني تابع لجامعة كراتشي. وتبنى جيش تحرير بلوشستان المسؤولية عن هذه العملية، وبلوشستان هي المنطقة الأقل سكانا في باكستان، لكنها غنية بالمعادن الطبيعية، ويشكو البلوش منذ فترة طويلة من تهميشهم وعدم حصولهم على حصة عادلة من عائدات موارد الإقليم، الأمر الذي أدى إلى ظهور أكثر من 10 جماعات انفصالية مسلحة في الإقليم.

وضع العثرات على طريق الحرير الصيني

يعتقد كثيرون أن الهجمات الإرهابية ضد المهندسين الصينيين في باكستان تهدف إلى ضرب المشاريع الاقتصادية التي استثمرت فيها بكين خلال العقد الماضي، ويعد الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني أحد ركائز مبادرة "الحزام والطريق" الصينية ويهدف إلى ربط منطقة شينجيانغ في غرب الصين بميناء جوادار في جنوب غرب باكستان، ومنذ إطلاق المبادرة في عام 2013، تم توجيه عشرات المليارات من الدولارات عبر الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني لمشاريع كبرى في قطاعات النقل والطاقة والبنية التحتية، وفي السنوات الأخيرة، أصبحت بكين واحدة من الشركاء الأجانب الأكثر موثوقية لإسلام آباد، حيث قدمت المساعدات المالية لجارتها، التي غالبا ما تواجه أزمات نقدية واقتصادية.

وتدير الصين ميناء جوادار الباكستاني على المحيط الهندي، الواقع على ممرات الشحن الرئيسية في الخليج الفارسي، في حين تستخدم قاعدة صديق الجوية البحرية القريبة لدعم أعمال الأمن والتنمية التي تقودها بكين في بلوشستان، وتقدر تكلفة الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني بأكثر من 50 مليار دولار، وهو ما سيمكن الصين من الوصول إلى بحر العرب عبر ميناء جوادار، وقد ساعدت استثمارات الصين الضخمة في باكستان على التعجيل ببناء البنية التحتية الحديثة للطاقة والنقل، وبالتالي الحد من نقص الطاقة وزيادة الاتصال، ولقد خلقت مبادرة الحزام والطريق طرقًا وفرصًا تجارية جديدة من شأنها زيادة الناتج المحلي الإجمالي لباكستان.

وفي أبريل 2015، وضعت بكين وإسلام أباد خطة طويلة المدى لبناء مرافق النقل والطاقة على طول الممر، ومن المتوقع أن تؤدي المنشأة إلى إطلاق مشاريع كبرى أخرى في البنية التحتية والطاقة والحفاظ على المياه والمعلومات والاتصالات، بما في ذلك المناطق الصناعية، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من مناطق التجارة الحرة بحلول عام 2030 باستثمارات إجمالية تبلغ 45 مليار دولار. ويتضمن الممر الاقتصادي الباكستاني الصيني تطوير شبكة بنية تحتية واسعة النطاق في باكستان، بما في ذلك افتتاح ميناء بحري رئيسي، ومشروع للسكك الحديدية بقيمة 7.2 مليارات دولار، وشبكة مترو بقيمة 2 مليار دولار في لاهور، ومحطات للطاقة الكهرومائية، وبالإضافة إلى ذلك، فإن كابلات الألياف الضوئية بين البلدين، التي بنتها وتديرها شركة هواوي الصينية العملاقة للاتصالات، ستتضمن أيضًا إنشاء عدد من المناطق الاقتصادية الخالصة.

البصمة الأمريكية في الهجمات الإرهابية ضد الصين

بالنظر إلى أن قوة الصين المتنامية تعتبر تهديدا خطيرا للمصالح العالمية للولايات المتحدة، فإن واشنطن تستخدم كل أداة للتعامل مع هذا العملاق الناشئ، واللجوء إلى الجماعات الإرهابية هو أيضا جزء من هذا اللغز، ووفقا لبعض الخبراء، تم تدريب حركة تحرير بلوشستان المدعومة من الغرب على قطع إمدادات الصين من بحر العرب والخليج الفارسي من ميناء جوادار، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، قال المتحدث باسم جيش تحرير بلوشستان في بيان: "نحن نعتبر الصينيين قاسيين مثل القوات الباكستانية، لأن هاتين الدولتين تدمران مستقبل بلوشستان"، وطلبت المجموعة من الصين إما مغادرة باكستان أو الاستعداد لهجمات مستمرة.

يعرف قادة البيت الأبيض جيدًا أنه في العالم المتغير الحالي، إذا تمكنت الصين من أخذ نبض التجارة البحرية والبرية بين يديها، فإن هيمنة الولايات المتحدة ستنهار بعد بضعة عقود، ولذلك فهي تحاول لعب دور مهم من خلال جعل الدول الواقعة على طريق الحزام والطريق غير آمنة وتلعب دورًا في منع وصول بكين إلى أهدافها العالمية.

ويعتبر الممر الباكستاني الصيني عنصرا أساسيا في مشروع مبادرة الحزام والطريق الصينية، ويعتمد أمن واستقرار المشاريع في هذا الممر على استقرار العلاقات وعدم تدهورها بين واشنطن وبكين، وبدأت الولايات المتحدة الاستعدادات لمواجهة خطة الصين الكبرى منذ العام الماضي، ومع الكشف عن الممر البحري "الهند-الشرق الأوسط-أوروبا" في سبتمبر/أيلول 2023، تحاول استبدال خطتها بمساعدة حلفائها، ونظراً لموقعها الجيوسياسي الخاص، فقد كان الشرق الأوسط دائماً ساحة للتنافس بين القوى الدولية، كما أن باكستان بحكم موقعها الاقتصادي وانتمائها الديني جزء من المواجهة بين القوى العظمى لتصفية الحسابات والسيطرة والنفوذ على الموارد الطبيعية والأسواق العالمية، وبما أن معظم مبادرة الحزام والطريق الصينية تمر عبر دول غير مستقرة وغير آمنة في آسيا الوسطى وأفغانستان وباكستان، فإن انعدام الأمن في باكستان بسبب وجود الجماعات الإرهابية التي تعارض وجود الصين في هذا البلد قد وفر فرصة جيدة لأمريكا، وإن تعزيز النوى المركزية لإرهابيي "داعش" وجيش تحرير بلوشستان سيزيل التنين الأصفر من المنافسة على الممرات البحرية.


رقم: 1127148

رابط العنوان :
https://www.islamtimes.com/ar/article/1127148/قطاع-الطرق-في-طريق-الحرير-الصيني

اسلام تايمز
  https://www.islamtimes.com