نتنياهو ونية مهاجمة رفح.. ماذا عن الموقف الأمريكي؟
موقع الوقت , 16 آذار 2024 08:26
اسلام تايمز (فلسطين المحتلة) - في الوقت الذي تصر فيه حكومة نتنياهو على شن عملية عسكرية برية في مدينة رفح، تتواصل التصريحات الأمريكية والأوروبية الرافضة لهذه الخطوة، محذرة من قتل المدنيين، ويرى مراقبون أن التحذيرات الأمريكية والأوروبية تفتقر إلى المصداقية، لكنها لم تمنع القوات الإسرائيلية من ارتكاب "مجازر" في قطاع غزة منذ خمسة أشهر، وفي الوقت نفسه، لم يتوقف الدعم الغربي لحكومة نتنياهو في هذه الحرب، سواء على المستوى السياسي أو اللوجستي، وقد تساءل البعض عن تحركات "إسرائيل" في رفح، وعن سياستها الجديدة والمختلفة عن الرأي العام الغربي تجاه "إسرائيل"، وعن إمكانية أن تولد دعماً مطلقاً لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، في ظل الرفض العربي والأوروبي والأمريكي للعملية الإسرائيلية لاجتياح مدينة رفح.
رغبة إسرائيلية باجتياح رفح
حكومة الكيان تؤيد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لتنفيذ عملية اجتياح رفح ويبدو أنهم متحدون على ما يبدو في دعمهم لرئيس الوزراء نتنياهو لتنفيذ اجتياح رفح، ويتضح ذلك من التصريحات الجديدة لوزير الجيش بيني غانتس التي وافق فيها على اجتياح رفح، وكذلك ضرورة استعادة المختطفين الإسرائيليين من غزة وإبرام صفقة تبادل، وحقيقة أن وزير الجيش غانتس يتحدث في التصريحات نفسها عن تقديم مساعدات إنسانية لسكان القطاع هذا في ضوء التناقض الواضح بين التصريحين.
وفي ضوء نية الحكومة الإسرائيلية اجتياح ودخول مدينة رفح التي تضم أكثر من مليون نازح من كل محافظات قطاع غزة، حيث إن هناك عدد هائل من النازحين - يجعل الوضع صعب وحرج أصلا - قبل دخول القوات الإسرائيلية إلى مدينة رفح والقيام بعملية عسكرية، ما يعني أن آلاف النازحين وخاصة الأطفال والنساء سيقتلون أو يصابون بجروح، ما يجعل الوضع كارثيًا بالفعل.
وجميع سكان قطاع غزة رغم دخول شهر رمضان المبارك دون غذاء ودواء وماء ومقومات الحياة الأساسية، في وضع كارثي لا يتصوره إنسان، في ظل واقع إنساني صعب ومؤلم، ولا تلوح في الأفق أي مبادرة حقيقية لوقف إطلاق النار أو حتى وقف مؤقت لإطلاق النار في ظل الحرب، مع ضرورة وجود موقف دولي وعربي جاد وحقيقي يلزم "إسرائيل" بعدم اجتياح مدينة رفح والانسحاب النهائي، وعلى دور الدول العربية وخاصة مصر التحرك إقليميا مع الأردن والإمارات والسعودية وقطر، والتحرك على مستوى الجامعة العربية لعقد اجتماع طارئ لمنع قرار الحكومة الإسرائيلية دخول مدينة رفح.
ومن جهة أخرى الدعوة لمؤتمر طارئ لمنع الوضع الإنساني، وتفعيل الوساطة الدبلوماسية للتوصل إلى رؤية عاجلة تفتح باب الأمل لوقف الحرب على غزة، وتفعيل المشاورات والمفاوضات مع كل الأطراف المعنية لإيجاد حل جدي وواقعي على الأرض يضمن التوصل إلى صفقة تبادل توقف الحرب وإطلاق النار بشكل نهائي، مع ضرورة التمهيد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في غزة من خلال تفعيل وزيادة حجم المساعدات، وهو مسار سياسي يفتح آفاقا وآمالا جديدة لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وأن يسود السلام الشامل والعادل في كل المنطقة وفق ما نصت عليه المواثيق والقوانين الدولية.
لا يمكن الرهان على الغرب
رغم التقارير التي تتحدث عن رفض الولايات المتحدة وأوروبا للعمليات الإسرائيلية في رفح، إلا أن هذه المواقف لن تتحول إلى أفعال إذا ما قامت حكومة نتنياهو بعملية برية في رفح، كما أن "إسرائيل" تدرس حاليًا حلًا لإجلاء السكان من رفح إلى مستوطنات جديدة على طول بحر غزة، وبعد ذلك سيتم تنفيذ عملية برية في رفح، ولا يمكن أن نراهن على موقف الغرب الذي يتراجع دائماً عندما يتعلق الأمر بالاحتلال الإسرائيلي، فالاجتياح الإسرائيلي لرفح لا يحقق أهدافه ويزيد من صعوبة العملية لأنه ليس من السهل الانسحاب من قطاع غزة، وبعد فشل نتنياهو، أصبحت الدول الغربية تقول إن اجتياح رفح عملية لا قيمة لها قتلت فيها "إسرائيل" الأبرياء ودمرت المزيد من المنازل والمنشآت، ويعتقدون أنهم سيجدون تصريحًا يؤكد أنها كانت عملية لا قيمة لها.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن "إسرائيل" لم تطلع إدارة بايدن على خطة موثوقة وقابلة للتطبيق لحماية مواطني مدينة رفح الفلسطينية، كما أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يدرس فرض شروط على المساعدات العسكرية إذا ما مضت "إسرائيل" في اجتياحها لرفح، مضيفين إنه 'إذا قرر رئيس الوزراء نتنياهو شن عملية عسكرية في رفح، سنعتبرها مواجهة مع السيد بايدن، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن "إسرائيل" ستشن عملية عسكرية ضد رفح جنوب قطاع غزة وسط ضغوط دولية متزايدة.
وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي يخطط فيه الاتحاد الأوروبي لمطالبة الحكومة الإسرائيلية بالامتناع عن شن عملية برية في رفح، حيث يبحث أكثر من مليون فلسطيني عن ملاذ آمن من القتال والمساعدات الإنسانية، وتتسم العلاقات بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتوتر منذ سنوات، ولكنها كانت متوترة بشكل خاص في الأشهر الأخيرة، فواشنطن تشعر بإحباط متزايد من استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث يتزايد الاعتقاد بأن رئيس الوزراء نتنياهو لا يعالج المشكلة بشكل كافٍ.
وقد أسفرت العمليات الإسرائيلية ضد "إسرائيل" رداً على عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حماس على غزة حتى الآن عن مقتل أكثر من 31,000 فلسطيني وإصابة أكثر من 73,000 من سكان غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وحذرت سامانثا باور، كبيرة مستشاري الرئيس الأمريكي جو بايدن ومديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، من أن الهجمات العسكرية الإسرائيلية على مدينة رفح الفلسطينية من شأنها أن تقوض سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في بناء رصيف بحري لتفريغ المساعدات من البحر المتوسط إلى غزة انطلاقاً من قبرص.
وتحت اسم "مبادرة أملثيا"، أطلقت قبرص خطة لإنشاء ممر إنساني بحري إلى ساحل غزة، تشمل خمس مراحل، حيث يتم جمع المساعدات وتفتيشها وتخزينها في لارنكا قبل إرسالها يومياً إلى غزة عبر طرق بحرية آمنة، وستقوم لجنة مشتركة، بما فيها "إسرائيل"، بتفتيش جميع الشحنات قبل نقلها أو بعد نقلها، بينما ستقود الولايات المتحدة التخطيط والعمل على التنفيذ، كما أن باور دعت رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال زيارته للكيان أواخر الشهر الماضي إلى تحسين الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، مشيرة إلى أن الحرب مع حماس لا تعفي الجنود من التمسك بالمبادئ الإنسانية في تعاملهم مع المدنيين.
أيضا، كرر كبير مستشاري بايدن في تصريحاته موقفه بأنه لا ينبغي لـ"إسرائيل" أن تهاجم مدينة رفح في قطاع غزة، وذكر أن المدينة تعتبر خط إمداد مهم للمساعدات الإنسانية والطبية وأن الهجوم على المدينة من شأنه أن يقوض خطط الولايات المتحدة لبناء رصيف بحري لتوجيه مساعدات إضافية إلى قطاع غزة، وكانت مدينة رفح الفلسطينية ملجأً لأكثر من مليون فلسطيني هاربين من القصف الإسرائيلي لشمال قطاع غزة الذي دمر 70% من مبانيها وبنيتها التحتية، وقد هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي باستمرار بمهاجمة المدينة متذرعًا بوجود مقاتلين من حركة حماس، إلا أن هذه المحاولات قوبلت بمعارضة دولية شديدة، ولا سيما من الرئيس الأمريكي الذي وصف هذا العمل بأنه خط أحمر.
تهديدات إنسانية
حسب مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فإن الفلسطينيين يواجهون تهديدات طبية وغذائية وصحية، وتركز تصريحاتها على إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح وتوسيع الجهود الإنسانية، لكن ذلك برأيها غير كافٍ والفلسطينيون بحاجة إلى المزيد من المساعدات، ولقد أدت الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة إلى نزوح ما يقرب من 80% من 2،5 مليون فلسطيني يعيشون في 20% فقط من أراضي غزة إلى المخيمات والملاجئ في مدينة رفح الفلسطينية المكتظة بالسكان أصلاً، حيث استشهد ما يقرب من 31,000 شخص معظمهم من النساء والأطفال، وأصيب 71,000 جريح،" ومن المتوقع أن تكون مبادرة أملثيا بمثابة شريان الحياة، حيث من المتوقع أن تحمل السفينة الواحدة 500 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية.
ولم يتم اتخاذ أي قرار بشأن كيفية رد الولايات المتحدة على عملية إسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية، ولكن وفقًا لمسؤولين أمريكيين فإن أحد الخيارات التي تجري مناقشتها داخل البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون هو فرض قيود على استخدام الأسلحة الأمريكية في غزة، وقال مسؤول أمريكي إن العملية الإسرائيلية في رفح قد تؤدي إلى "موافقة الولايات المتحدة على قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار".
ومنذ بدء التوغل الإسرائيلي في قطاع غزة، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد ثلاثة مشاريع قرارات قدمت إلى مجلس الأمن، كما قال أحد المسؤولين الأمريكيين: "إذا تحدى رئيس الوزراء نتنياهو بايدن وقرر تنفيذ مثل هذه العملية، فستكون مواجهة"، وعلى الرغم من أن بايدن لم يتخذ بعد قرارًا نهائيًا بتقييد صادرات الأسلحة إلى "إسرائيل"، إلا أن الموقع يقول إن مسؤولين أمريكيين أكدوا أن بايدن قد يلجأ إلى هذا الإجراء الجذري إذا ما شن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية جديدة تعرض حياة المدنيين الفلسطينيين للخطر.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أكد مؤخرا أن العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح بقطاع غزة لن تكون ممكنة دون حماية المدنيين الفلسطينيين، فيما أكد رئيس الوزراء نتنياهو، أن خطة اجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة ستمضي قدماً، مشدداً على أن "الخط الأحمر هو عدم تكرار هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر"، وقال رئيس الوزراء نتنياهو إن 'إسرائيل' تحاول إنهاء الجزء الأخير من الحرب، وتوقع أن الحرب لن تستغرق أكثر من شهرين، وربما ستة أو أربعة أسابيع، في ظل السخط الدولي من الإجرام الإسرائيلي الذي فاق كل الحدود.
رقم: 1122876