QR CodeQR Code

ماذا تخفي صفقة رأس الحكمة بين مصر و الإمارات؟

موقع الوقت التحليلي الإخباري , 28 شباط 2024 07:55

اسلام تايمز (مصر) - بقيمة 150 مليار دولار وفي أضخم صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر توقع الأخيرة مع الإمارات عقود مشروع تطوير وتنمية منطقة رأس الحكمة المصرية، حيث تتسلم مصر الدفعة الأولى منها، بقيمة 35 مليار دولار خلال الشهرين القادمين، منها 24 مليار دولار تأتي في صورة سيولة جديدة تأتي من الإمارات، فيما يتم تحويل 11 مليار دولار من ودائع الإمارات لدى البنك المركزي المصري إلى استثمارات في المشروع، بعد تحويلها للجنيه المصري، وتحتفظ مصر بأحقيتها في حصة من أرباح المشروع تبلغ 35%.


تأتي هذه الصفقة في ظل انهيار كبير في الجنيه المصري ما دفع مسؤولون مصريون للتنبؤ بأن هذه الصفقة ستساهم بشكل كبير في حل أزمة النقد الأجنبي التي تواجهها مصر منذ مدة. لكن بطبيعة الحال هناك العديد من التساؤلات التي قد تطرح في الشارع المصري حول الصفقة من بينها، المقابل وراء تلك الصفقة ولماذا الآن و هل فعلا ستقود الاقتصاد المصري إلى طريق التعافي

هل تضع الصفقة مصر على طريق التعافي الاقتصادي

السؤال الأهم الذي يؤرق الشارع المصري هو هل يمكن أن تضع صفقة رأس الحكمة  مصر على طريق التعافي الاقتصادي وإنهاء أزمة الدولار والتضخم وارتفاع الأسعار في المدى القصير، وما مردود الصفقة المستقبلي على الوضع بشكل عام؟

من الممكن أن يكون لهذه الصفقة التاريخية دور كبير في وضع مصر على طريق التعافي وحل مشاكلها الاقتصادية والمالية لبضعة سنوات، وهي المشاكل التي برزت نتيجة لارتفاع الدين العام، وانخفاض المداخيل السياحية، وانخفاض مداخيل قناة السويس من العملات الصعبة، بالإضافة إلى ضغوطات صندوق النقد الدولي الذي أوقف قرضا من 3 مليارات دولار، كان قد منحه لمصر منذ ديسمبر/كانون الأول 2022، كل هذه العوامل أدت إلى انهيار الجنية المصري وارتفاع الفائدة على الدين المصري.

لكن ليس معنى وضع الاقتصاد على طريق التعافي أن تنهي الأزمات الحادة فيما يتعلق بالدولار فورا، لأن ذلك يحتاج إلى إجراءات واضحة وسريعة من الحكومة المصرية، ومنها استغلال أو توجيه هذه الأموال إلى دعم استيراد السلع الأساسية والاستراتيجية وتأخر السلع الأخرى كالسيارات والسلع الترفيهية، فضلا عن دعم الصناعة الوطنية ورفع الصادرات.

وفي هذا السياق قالت الخبيرة الاقتصادية المصرية، حنان رمسيس: "قد تضع صفقة رأس الحكمة مصر على طريق التعافي الاقتصادي وتنهي الأزمة الحادة فيما يتعلق بالدولار إذا تم الكشف عن مواعيد دخول الدولار إلى احتياطي البنك المركزي، والإفصاح عن كل بنود هذه الصفقة، طبعا في حالة من عدم اليقين عند الجمهور، الذي يرى أن الحكومة كان لديها في السابق فائض من المتحصلات الدولارية ولم يتم الاستخدام الأمثل له لتحقيق الأهداف، بل استخدمت الأموال الساخنة في تمويل المشاريع طويلة الأجل، الأمر الذي أثر بالسلب على الاقتصاد بشكل عام ومهد لظهور أزمة الدولار وظهور السوق السوداء وما ترتب عليها من تداعيات".

وأضافت في حديثها إن "الانطباعات الأولى في السوق السوداء بعد توقيع الصفقة المصرية -الإماراتية، أن هناك بوادر لانخفاض سعر الصرف للدولار مقابل الجنيه وإن كانت التعاملات شبه متوقفة، إلا أن المؤشرات تشير إلى أن هناك انخفاضات لكن لا تعاملات بسبب الملاحقة القضائية بعد منح الضبطية القضائية لرجال الجيش

تفاؤل يشوبه الحذر

طوال الفترة السابقة كان غالبية المستثمرين يرفضون أي استثمار في مصر إلا بعد تحرير سعر الصرف مقابل الدولار أو عمل تعويم، حتى يتم التعامل بالقيمة الحقيقية أو الفعلية للجنيه، وقد يتساءل البعض أن تقديم مثل تلك الصفقات الكبرى في الوقت الراهن قد يضع العديد من علامات الاستفهام من قبل المتعاملين.

يمكن أن تكون هناك حالة من التفاؤل ولكنه تفاؤل حذر، فلا يمكن القول إن الدولار سوف يستقر سعره في الأجل القصير أو سوف تنتهي السوق الموازية، إلا عندما تكون لدى البنوك قدرة على تلبية الطلبات على الدولار حسب الاحتياج وفي أي وقت وبالسعر الرسمي المعلن، علاوة على توفير احتياجات المستوردين والمصدرين من الدولار حتى يستكملوا عمليات الاستيراد والتصدير، لكي يعود الإنتاج في الشركات الكيماوية وشركات الأدوية مرة أخرى، وإذا تحقق ما سبق يمكننا القول إن مصر على طريق اجتياز الأزمة وبدأت في حصد ثمار البنية التحتية والتي تم بناؤها وصُرف عليها المليارات.

الصفقة من وجهة نظر معارضة

فيما يرى المتفائلون أن مردود هذه الصفقة هو إيجابي دون أي شك وخطوة مهمة للغاية تستهدف رفع معدلات الاستثمارات والسياحة، وبالتالي توفير عملة صعبة للاقتصاد المصري ما يقلل الضغط على الدولار وينعش الجنيه ويزيد الدخل القومي ويوفر فرص عمل، وعند انتعاش الجنيه مقابل الدولار سينعكس ذلك بالسلب على أسعار الذهب وبالتالي تبدأ بالانخفاض، وقد ارتفعت سندات مصر الدولارية قبيل الإعلان عن استثمارات جديدة وبعدها.

على الجانب الآخر يرى المعارضون أن الحكومة التي تعتبر الصفقة هي الأكبر من نوعها في تاريخ الاستثمار بالدولة، تتجاهل حجم النفقات الهائلة التي وجهتها للعاصمة الجديدة، والتي فاقت 100 مليار دولار خلال 8 سنوات، وهناك خشية كبيرة غموضها واعتبارها صفقة موازية لـ"صفقة القرن" مدعومة من الولايات المتحدة ومؤسسات مالية لإنقاذ النظام من أزمة مالية خانقة.

وفي هذا السياق يشير اقتصاديون إلى أن تراجع سعر الدولار في السوق الموازية إلى أقل من 50 جنيها، من مستوى 63 جنيها، قبل الإعلان عن الصفقة، جاء نتيجة الضغوط الأمنية الشديدة على كبار التجار والموردين والصاغة، وتوقف حركة البيع والشراء بين المتعاملين على العملات الصعبة، انتظارا لما سيترتب على تنفيذ تلك الصفقة من التحويلات المالية الهائلة التي أعلنت عنها الحكومة.

من جانب آخر يتهرب رئيس الوزراء المصري مدبولي من تحديد طبيعة الصفقة، هل هي بيع للأصول؟ أم مجرد شراكة لفترة زمنية محددة؟ معلنا في بيانه أن نجاح الاقتصاد يقاس بقدرته على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعظيم الشراكة مع القطاع الخاص وتقليل الفجوة بين الإيرادات والمصروفات، مستدركا بأنه نجاح في العمل على تعظيم الاستثمارات في مشروع قائم على فكرة الشراكة مقابل حصة من الأرباح وليس بيعا للأصول.

ومن المثير للتساؤل أن الصفقة ولدت مع "فرقعة إعلامية" فجأة دون اقترانها ببيانات تامة عن أطراف الصفقة، وجميع محتويات العقود التي يجب أن تعلن في مثل هذه الصفقات، حيث إن ارتباطها ببيع أو تخصيص أرض لأجانب يشترط أن تعرض على البرلمان.

في حين يشبهها الكثير من المحللون الاقتصاديون والسياسيون ب"صفقة القرن" التي تروج لها الولايات المتحدة لدفع الدول العربية إلى الشراكة والتطبيع الكامل مع كيان الاحتلال الاسرائيلي، في غموضها وتسريب معلومات بسيطة حول بنودها، لتظل الاتفاقات الكاملة ضمن إطار محدود من الأشخاص، دون أن تمر على المجالس التشريعية والأجهزة الرقابية أو مناقشة نصوصها كاملة في الصحف أمام الرأي العام.


رقم: 1119022

رابط العنوان :
https://www.islamtimes.com/ar/article/1119022/ماذا-تخفي-صفقة-رأس-الحكمة-بين-مصر-الإمارات

اسلام تايمز
  https://www.islamtimes.com