حياة الأسرى آخر ما يهم "إسرائيل".. نتائج ذلك؟
موقع الوقت التحليلي الإخباري , 23 شباط 2024 09:10
اسلام تايمز (فلسطين) - بكل وضوح، اعترف أحد وزراء الحكومة الإسرائيلية بأن دخول الجيش الإسرائيلي إلى رفح يمكن أن يعرض حياة السجناء الإسرائيليين للخطر الشديد، وقد بين ميكي زوهار، وزير الثقافة والرياضة في الكيان الصهيوني، أنه واثق من أن الهجوم على رفح يمكن أن يعرض حياة الأسرى هناك للخطر، ولكنه زعم في الوقت نفسه أنه لا سبيل لإقناع حماس بالإفراج عنهم، فلا يوجد أسرى إلا تحت ضغط عسكري أقصى، وأجاب زوهار، الذي كان متحدثا في لجنة الهجرة بالكنيست للكيان الصهيوني، على سؤال أحد الحاضرين: "هل يعرض الهجوم على قطاع غزة حياة المختطفين للخطر؟"، فأجاب نعم بالتأكيد، في وقت تتعرض فيه حكومة نتنياهو لضغوط داخلية وخارجية لإنهاء الحرب لكن سياسة نتنياهو الفاشلة لا تأبه بالنتائج الكارثية لذلك.
وصمة عار على نتنياهو
خلال كلمة هذا الوزير الصهيوني، رفع بعض المتظاهرين ملاحظات مكتوبة بخط اليد، وأعلنوا أن النصر المطلق (لنتنياهو) يساوي بقاء 134 شخصًا في الأسر، فيما قالت بتسيليل سموتريتش، عضو آخر في حكومة النظام الصهيوني وأحد أهم حلفاء بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع القناة الثانية التابعة للنظام الصهيوني: من وجهة نظره، عودة الأسرى ليست أولوية ولكن قبل كل شيء، نحن بحاجة إلى تدمير حماس، وهذا الموضوع مهم للغاية، ويجب أن يتم ذلك بأي ثمن، ولاقى هذا التصريح لوزير مالية النظام الصهيوني ردود فعل من يائير لابيد، زعيم المعارضة في الكنيست، واعتبره وصمة عار على ائتلاف نتنياهو تجاه عائلات الأسرى.
ويقول الإسرائيليون: "خلال وزارتك ورئاسة نتنياهو، قُتل 1200 إسرائيلي في يوم واحد، واختطف إسرائيليون خلال فترة ولايتك، ولن تنتصر إسرائيل دون عودتهم"، وعقب التصريحات المثيرة للجدل لوزير المالية المتطرف في الكيان الصهيوني بشأن الأسرى الصهاينة في قطاع غزة، أعرب أهالي هؤلاء الأسرى وأنصارهم عن غضبهم من هذه التصريحات من خلال تنظيم مظاهرات، كما أن أهالي الأسرى الصهاينة تظاهروا أمام مقر وزارة الحرب في نظام الاحتلال في قاعدة "كرياه" في تل أبيب.
وجرت هذه التظاهرة أثناء انعقاد مجلس وزراء الحرب الصهيوني في قاعدة كرياح، وقام المتظاهرون بإغلاق طريق "بيجان" في نفس وقت انعقاد هذا الاجتماع، وإن المتظاهرين غضبوا فور سماعهم تصريحات "بتسليل سموتريش" وزيرة مالية الكيان الصهيوني، ورددوا هتافات ضد هذه الوزيرة المتطرفة، وفي هذا الصدد، قال كوبي بن عامي، شقيق أحد الأسرى الصهاينة في غزة، ردا على تصريح سموتريتش: أريد دعوة سموتريش لمحادثة خاصة وأطلب منه تبديل الأماكن لبضع دقائق، إذا لم يكن ذلك كافيا بالنسبة له، فإننا نطلب منه أن يأخذ مكان أخي في نفق غزة وسأجلس في الاستوديوهات وأدلي بهذه التصريحات لعائلته.
وتحدث إيلي إلباغ، والد ليري، المجندة التي تم أسرها في غزة، بكلمات أكثر قسوة عبر مكبرات الصوت وقال: "عزيزي السيد سموتريش، يجب أن تخجل من نفسك، من العار أن يكون لدي مثل هذا القائد في الجيش الإسرائيلي"، يا مجلس الوزراء، أنت شخص صغير ومكروه، وتابع: أقول لكل الوزراء: إذا لم تقولوا لسموتريتش إن تدمير حماس ليس هو الأهم، فعار عليكم، وجاءت التظاهرة بعد أن قال سموتريش، في تصريح مثير للجدل، إن الأهم ليس إعادة الشعب "المختطف" (الأسرى الصهاينة في غزة)، بل الأهم هو هزيمة حماس.
وردا على طلب أهالي الأسرى الصهاينة بوقف الحرب وإعادتهم من قطاع غزة، قال: من غير الصحيح وغير المسؤول الحديث عن عودة الأسرى بأي ثمن، وأثارت تصريحات الوزير المتشدد نتنياهو احتجاجا شديدا من "يائير لابيد"، زعيم المعارضة في النظام الصهيوني، حيث إن موقف وزير المالية من عودة "الرهائن" هو وصمة عار أخلاقية، ولا يمكن لأصحاب القلوب القاسية أن يجروا الكيان إلى الهاوية، كما تقول المعارضة.
ضغوط شديدة
المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس قد شنت فجر يوم 7 أكتوبر عملية فريدة من نوعها بمهاجمة المستوطنات الصهيونية في قطاع غزة وأسرت العشرات من الصهاينة، ويعتبر الخبراء هذه العملية فشلا إستراتيجيا للكيان الصهيوني وجيشه "الأسطوري" المزعوم، وكانت هذه العملية بداية العدوان الغاشم الذي يشنه جيش نظام الاحتلال على المناطق السكنية في قطاع غزة، واستمرت هذه الاعتداءات في الفترة من 7 أكتوبر وحتى 24 نوفمبر، وبعد انقطاع دام أسبوعًا استؤنفت يوم الجمعة 1 ديسمبر.
وتتزايد الضغوط داخل "إسرائيل" للمطالبة بإعادة الأسرى الذين تحتجزهم فصائل في قطاع غزة، حيث خرجت عشرات الآلاف في تل أبيب للمطالبة بالإفراج عنهم، وتقدر "إسرائيل" عدد الأسرى المتبقين بعد عملية التبادل في قطاع غزة بنحو 137 شخصًا، وفقًا لتقارير إعلامية وتصريحات مسؤولين إسرائيليين، حيث تربط حماس شروطها للتفاوض حول الإسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها بوقف كامل للحرب على قطاع غزة، شرطًا يرفضه الجزار الإسرائيلي، فيما أدى التعنت الإسرائيلي إلى تعقيد المسار المحتمل للمفاوضات.
ومرارًا وتكرارًا، حذرت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس"، عائلات الجنود الإسرائيليين المحتجزين لديها من أن "الوقت يمضي ويتلاشى" على حياة أبنائهم في قطاع غزة، وأشارت الكتائب إلى عدم اكتراث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجاه عودتهم، متهمة إياه بـ "قتلهم"، هذه التحذيرات جاءت في سياق رسائل مصورة نُشِرَتْ على منصة "تلغرام"، وذلك في إطار حملة نفسية تهدف إلى تحريض الرأي العام وعائلات الأسرى ضد الحكومة والجيش الإسرائيليين.
ويستخدم الجناح العسكري لحركة "حماس" هذه الرسائل كجزء من إستراتيجيتهم المهمة لتحقيق الهدنة، وفي هذا السياق، تظهر حماس منفتحة على كل المبادرات وتسعى لوقف العدوان على شعب غزة، وتشير إلى أن الاحتلال لن يتمكن من إخراج أسراه أحياء قبل وقف العدوان ودفع الثمن، منذ ديسمبر الماضي، فيما تركز وسائل الإعلام الإسرائيلية على وجود محادثات غير مباشرة بين "إسرائيل" وحماس، برعاية مصر وقطر، بهدف العمل على إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة.
وإن الرسائل الكثيرة التي وجهتها كتائب القسام، لأهالي الجنود الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة تُظهر وضوحًا عمق التأثير النفسي المرتبط بالموقف، وأن لها صدى كبيرا في المجتمع الإسرائيلي، هذه الرسالة ستكون أقسى وأكثر إيلامًا على ذوي الجنود المحتجزين من مشاهد تدمير الآليات التي يظهرها الجيش الإسرائيلي، ويتعمق ذلك في النفسية الشخصية لرئيس الوزراء نتنياهو، حيث إنه يفضل الهروب إلى الأمام بسبب مشكلاته الخاصة، وأنه يضع مصالحه الشخصية فوق كل اعتبار.
وبالنظر إلى التأثير المحتمل للرسالة في المجتمع الإسرائيلي، يُظهر الواقع عدم اهتمام نتنياهو بحياة الجنود المحتجزين، ويرتبط ذلك بتحميله للآخرين تجربة مأساة مقتل شقيقه يوناتان في عام 1976، يعكس هذا النوع من الرسائل تشدد حماس في استراتيجيتها الإعلامية والنفسية القوية للتأثير في الرأي الرأي العام الإسرائيلي، وتبدو الإستراتيجية الجديدة التي يعتمدها جيش الاحتلال الإسرائيلي كتغيير استراتيجي في إدارة المعركة.
ونتيجة لهذا، إن الإستراتيجية الجديدة، أصبحت إخفاقات الكيان الصهيوني وحكومة الحرب الآن فاضحة لدرجة أن وزراء يعبرون عن اشمئزازهم منها، ويبدو أن تل أبيب ستتحرك نحو الاتفاق رغمًا عنها، ولن تقوم قائمة لنتياهو بعد حرب غزة بكل تشعباتها، وسيفهم الإسرائيليون بعد تجاربهم أنها أكبر عقبة في طريقهم، وتظهر المعلومات أن الأحداث والفيديوهات التي يقدمها الجانب الفلسطيني، وخاصةً الفصائل المقاومة، تلقى تفاعلًا كبيرًا من قبل الجمهور الإسرائيلي، مشاهد الجنود الإسرائيليين المحتجزين وتصريحاتهم يُمكن أن تقلب الرأي العام بمجمله وتشكل عاملًا مهمًا في تشكيل الرأي الإسرائيلي بشأن الحرب في قطاع غزة.
ومن الواضح أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورًا كبيرًا في نقل هذه الرسائل وتأثيرها، حيث يمكن للمعلومات والفيديوهات التي يتم نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن تصل إلى الجماهير بسرعة ودون تصفية من خلال وسائل الإعلام التقليدية، هذا يمكن أن يتسبب في تأزم الوضع السياسي والعسكري في "إسرائيل" بأضعاف، وخاصة في ظل الفشل الذريع لحكومة الحرب الإسرائيلية.
رقم: 1118015