كارثة في غزة و فيتو أمريكي ضد مشروع قرار جزائري لوقف إطلاق النار يلوح في الأفق
موقع الوقت التحليلي الإخباري , 20 شباط 2024 08:47
اسلام تايمز (فلسطين) - إثر القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في نهاية يناير/ كانون الثاني، والذي دعت فيه الاحتلال الإسرائيلي إلى منع أيّ عمل محتمل من أعمال "الإبادة الجماعية" في غزة، أطلقت الجزائر مشاورات في مجلس الأمن حول مشروع قرار جديد يدعو إلى إرساء هدنة في القطاع الفلسطيني، ولكن في المقابل عاودت الولايات المتحدة التهديد باستخدام حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار الجزائري الذي يرجح أن يصوت عليه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الثلاثاء ويطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في الحرب التي يشنها كيان الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، ويرفض مشروع القرار "التهجير القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين" ويدعو إلى وضع حد لهذا "الانتهاك للقانون الدولي" وكذلك إلى إطلاق سراح كل الرهائنظ حيث تواصل واشنطن علناً دعم مجازر كيان الاحتلال الصهيوني في غزة من أي تحرك في الأمم المتحدة وكانت قد استخدمت حق النقض الفيتو مرتين بالفعل ضد مشروع قرار يقضي بوقف إطلاق النار في غزة.
وفي الوقت الذي يستشهد فيه عشرات الفلسطينيين يومياً و كما هو معتاد في التصويت على مثل هذه القرارات، سارعت ليندا توماس جرينفيلد سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة إلى القول إن النص قد يعرض المفاوضات الحساسة بين حماس و كيان الاحتلال الإسرائيلي للخطر و التي تقوم بوساطة أمريكية قطرية مصرية وتهدف إلى التوصل إلى وقف مؤقت للحرب، وأضاف البيان الأمريكي "لهذا السبب، فإنّ الولايات المتحدة لا تدعم" التصويت على هذا النصّ، وفي تهديد واضح باللجوء إلى الفيتو لوأد النصّ، قالت توماس غرينفيلد في بيانها إنّه "إذا وصلنا إلى تصويت على المسوّدة الحالية، فلن يتمّ اعتمادها".
يشار إلى أن الجزائر كانت قد وزعت المسوَّدة الأولى قبل قرابة أسبوعين على الدول الأعضاء في المجلس للتشاور بشأن النص وأخذ ملاحظاتها بالاعتبار، في محاولة لحشد الأصوات الكافية للتصويت لصالحه، ورأت الجزائر أنّ قرار المحكمة بشأن القضية، التي رفعتها جنوب أفريقيا ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، "يعلن بداية نهاية حقبة الإفلات من العقاب، والتي استفاد منها الاحتلال الإسرائيلي طويلاً، ليطلق العنان لقمعه الشعب الفلسطيني وكل حقوقه المشروعة".
يُذكر أنّ الجمعية العامة للأمم المتحدة، انتخبت الجزائر، في حزيران/ يونيو 2023، عضواً غير دائم في مجلس الأمن الدولي، لولاية مدّتها عامان.
افتقار مجلس الأمن لوحدة القرار
يعد الوضع الحالي في قطاع غزة، إدانة مروعة للجمود الذي وصلت إليه العلاقات العالمية، وخاصة في علاقات الدول الأعضاء في مجلس الأمن، حيث بات واضحا افتقار مجلس الأمن إلى الوحدة في القرار، وهو ما أعاق قدرة المجلس على اتخاذ القرارات المناسبة لتحسين الأوضاع في جميع أنحاء العالم.. والدليل على ذلك ليس ببعيد، ففي منتصف أكتوبر، ثم في بداية ديسمبر، ضربت واشنطن عرض الحائط كل الضغوط التي مارسها المجتمع الدولي واستخدمت حق النقض لإحباط مشاريع قرارات تدعو لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وفي تحد سافر لكل الأصوات المطالبة بوقف فوري للحرب في قطاع غزة، أكد بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي أن "إسرائيل" ستشن هجوما عسكريا في رفح بجنوب قطاع غزة، وذلك رغم التحذيرات الدولية، وأنه لن يذعن للضغوط الدولية في هذا الشأن.. إذ قال "كل من يريد أن يمنعنا من تنفيذ عمليات في رفح يقول لنا في النهاية اخسروا الحرب، لن نسمح بحدوث هذا الأمر.. الأطراف الدولية لن تملي شروط أي تسوية سلمية مستقبلية مع الفلسطينيين، ولا يمكن التوصل إلى تسوية إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين دون شروط مسبقة".
إما لمصلحة الكيان الصهيوني أو يسقطها الفيتو الأمريكي
غالباً ما تصطدم قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، مع قرارات مجلس الأمن، فالأولى غالبا أن تتبنى قرارات ذات فاعلية من شأنها إصلاح الخلل في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فيما تعارض الثانية دائما أي قرارات ترى أنها لا تصب في المصلحة الإسرائيلية بشكل كامل.
وعلى سبيل المثال اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، نهاية ديسمبر الماضي بأغلبية ساحقة مشروع القرار المعنون بـ"السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية".
وهو القرار الذي يؤكد على مجموعة من المبادئ والأسس المتعلقة بالموارد الطبيعية الفلسطينية واتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب على الأرض الفلسطينية المحتلة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما يستذكر فتوى محكمة العدل الدولية بشأن جدار الفصل والتوسع العنصري، كما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، ممثلة بلجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار "اللجنة الرابعة"، منتصف نوفمبر الماضي على أربعة قرارات لمصلحة فلسطين، من بينها تمديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا" لثلاث سنوات، وعدم قانونية المستوطنات.
وصوتت 164 دولة لمصلحة قرار يتعلق بعمليات الأونروا، و165 دولة لمصلحة قرار "تقديم المساعدة إلى اللاجئين الفلسطينيين"، و160 دولة لمصلحة قرار "ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين وإيراداتها".
وبشأن ملف المستوطنات، صوتت 150 دولة لمصلحة قرار حول "المستوطنات والممارسات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية والجولان السوري المحتل"، في حين امتنعت 14 دولة أخرى عن التصويت. أضف إلى ذلك جهود الأمم المتحدة فيما يتعلق بمحكمة العدل الدولية، التي تبدأ اعتبارا من اليوم الإثنين عقد جلسات علنية بشأن التبعات القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات الكيان الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وعلى مدار ستة أيام، وهي الجلسات التي تأتي في سياق طلب الجمعية العامة الحصول على رأي استشاري قانوني من المحكمة حول آثار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من 57 عاما، حيث من المقرر أن تستمع المحكمة خلال الجلسات إلى إحاطات من 52 دولة، وهو رقم غير مسبوق في تاريخها، بالإضافة إلى الاتحاد الإفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، بخصوص التداعيات القانونية المترتبة على الاحتلال للأراضي الفلسطينية.
ويعتبر رفض الولايات المتحدة لقرارات مجلس الأمن، الخاصة بكيان الاحتلال الإسرائيلي، يتماشى مع استخدامها التاريخي لحق النقض (الفيتو) لمنع أي قرارات قد تنتقد كيان الاحتلال الإسرائيلي أو تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية.
وحول مشاريع القرارات التي قدمت لمجلس الأمن تتعلق بفلسطين و كيان الاحتلال الإسرائيلي، من قبل أحد الأعضاء الخمسة الدائمين، جرى استخدام حق النقض ضد 36 مشروع قرار لمجلس الأمن منذ عام 1945، ومن بين هذه القرارات، اعترضت الولايات المتحدة على 34 قراراً، بينما اعترضت روسيا والصين على قرارين اثنين فقط، واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرارات تدين كيان الاحتلال الاسرائيلي 46 مرة، بما في ذلك الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان وكذلك ضم كيان الاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان السورية، التي لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي، واعترفت واشنطن رسمياً بالسيادة الإسرائيلية في عام 2019 على مرتفعات الجولان، وتعد المرة الوحيدة، التي لم تستخدم فيها الولايات المتحدة حق النقض، بخصوص مشروع قرار يتعلق بكيان الاحتلال الاسرائيلي كانت في عام 1972، إذ دعا مشروع القرار جميع الأطراف إلى الوقف الفوري لكل العمليات العسكرية وممارسة أكبر قدر من ضبط النفس لمصلحة السلام والأمن الدوليين.
رقم: 1117359