دلالات تسريح عناصر الاحتياط في جيش الاحتلال
موقع الوقت , 23 كانون الثاني 2024 09:42
اسلام تايمز (فلسطين المحتلة) - خوفا من انتشار الاحتجاجات ضد استمرار الحرب على غزة، أطلق النظام الصهيوني سراح مجموعة من جنود الاحتياط، ونقلا عن وسائل الإعلام الصهيونية "حدشوت بازمان" فإن الجيش الإسرائيلي يطلق سراح جنود الاحتياط ببطء خوفا من توسيع نطاق الاحتجاجات بين الجنود بسبب إطالة أمد حرب غزة وعدم الوفاء بوعود الجيش الإسرائيلي.
وكذلك القادة السياسيون الذين تم استدعاؤهم سابقاً للمشاركة في معارك غزة، وأعلنت وسائل إعلام العدو أن الجيش أرسل عددا من جنود الاحتياط المشاركين في الحرب في إجازة ترفيهية ولم يعدهم إلى الخدمة، كما خرج أيضاً عدد من جنود الاحتياط المتمركزين على حدود لبنان في إجازة، وسيتم هذا الأسبوع استبدال عشرات الآلاف من جنود الاحتياط المشاركين في المعارك الأخيرة بجنود غير نظاميين، في وقت تعاني فيه تل أبيب بشدة من حرب غزة وآثارها على كل المجالات.
توتر بين ساحة القتال والحياة
في البداية، اعترف الجيش الصهيوني رسميًا بجرح 2300 جندي ومقتل 500 جندي وضابط خلال الحرب على غزة، وحسب تقارير وسائل الإعلام الصهيونية فإن عدد الجرحى الذي يعلن عنه الجيش الإسرائيلي يختلف بشكل كبير عن العدد الذي تقدمه مستشفيات هذا النظام، وبعد أكثر من 107 أيام من حرب النظام الصهيوني على غزة، تزايدت كمية الرقابة الذاتية في جيش النظام الصهيوني بشكل كبير، كما أن عائلات الجنود الصهاينة لا تعرف سوى القليل عن مصير أبنائهم الذين أرسلوا إلى قطاع غزة، وأحيانا يقدم مراسل أو جندي صهيوني إحصائيات، ما يخلق فجوة في الأراضي المحتلة، تماما مثل الإحصائيات التي كشف عنها ضابط صهيوني عن قتلى هذا النظام في قطاع غزة.
وقد دخلت هجمات النظام الصهيوني الشاملة على قطاع غزة يومها الـ 107، فيما بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين ما يقارب 25 ألف شهيد من جهة، ومن جهة أخرى يضرب النظام الإسرائيلي للمرة الأولى منذ عام تاريخها الممتد لـ 75 عاماً في تأسيس هذا النظام المزيف بعد أن حظي بدعم كبير، أربع فصائل مقاومة إسلامية في الوقت نفسه، ولم يحقق أياً من أهدافه المزعومة، وقال رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، إن الجيش حالياً يقوم بتسريح بعض عناصر قوات الاحتياط نظراً للتوتر الحاصل بين ساحة القتال واحتياجات الحياة، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية، وأفاد موقع "والا" بأن هاليفي قد قال لقادة الفرقة 99 في غزة: "ندرك التوتر الذي يعيشه جنود الاحتياط بين ساحة القتال ومحيط منازلهم".
"نتخذ إجراءات وفقًا للخطة المعدة مسبقًا، حيث نقوم بتسريح بعض الأفراد مع العلم أننا سنستدعيهم مرة أخرى في الوقت المناسب"، هذا ما أشار إليه المسؤول الإسرائيليّ في ظل التطورات بعد انسحاب جيش الاحتلال، يوم الاثنين الماضي، للفرقة 36 من قطاع غزة، وهي إحدى الفرق الأربع التي تم نشرها من قبل "إسرائيل" في إطار حربها المستمرة على القطاع لأكثر من 100 يوم، وقبل هذا الانسحاب، قامت "إسرائيل" بسحب بعض قواتها من محاور متعددة في شمال القطاع بعد تكبد خسائر في المواجهات مع المقاومة الفلسطينية.
وقبل شهرين تقريبًا، أعلن المتحدث العسكري الإسرائيلي أن الجيش يسعى إلى تقليل عدد جنود الاحتياط في بعض تشكيلاته الخلفية، بهدف الحفاظ على قدراته للمشاركة في مواجهات طويلة الأمد، وقد سبق للجيش الإسرائيلي أن استدعى ما بين 300 و360 ألف جندي وضابط من قوات الاحتياط في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول 2023، ومع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لمدة 106 أيام حتى الآن، وعدم تحقيق الأهداف المعلنة لها، وزيادة الخسائر في صفوف الجيش، بالإضافة إلى التكاليف الاقتصادية المتزايدة، فإن هذا يفرض ضغوطًا على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وضع نحو الانفجار
يتجه الوضع في الضفة الغربية نحو حافة الانفجار، وفي حال عدم اتخاذ القادة السياسيين قرارات جادة بشأن المستقبل الاقتصادي لهذه المنطقة، يزداد خطر تصاعد التوتر والنزاع بها بشكل كبير، فيما يعترف الإسرائيليون بأن انسحاب وحدات النخبة من الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة سيؤدي إلى تقليل كبير في القوة العسكرية المتاحة في هذه المنطقة، وخلال اليومين الأخيرين، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بنقل جنود وحدة "دوفدفان" القتالية من قطاع غزة إلى الضفة الغربية المحتلة، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، نتيجة لتصاعد التوتر في الضفة الغربية، ويعتبر الانسحاب من هذه الوحدة خطوة تنازلية، حيث تم سحب هذه الوحدة القتالية من غزة على الرغم من مشاركتها في معارك عنيفة في منطقة خانيونس، التي تشهد مواجهات عنيفة بين الجيش الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية.
وحدة "دوفدفان" من أهم الوحدات في الاحتلال الإسرائيلي، وتشكل جزءًا من القوات الخاصة التابعة للجيش الإسرائيلي، وتتولى مهامًا خاصة في مكافحة ما يُسمى "الإرهاب"، يقوم أفراد هذه الوحدة بتنفيذ مهام عسكرية وأمنية خاصة، من بينها المداهمات والاعتقالات والاغتيالات، وأُسست هذه الوحدة في عام 1987 على يد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، وخلال فترة توليه منصب قائد اللواء الأوسط في جيش الاحتلال، يُعتبر أفراد وحدة "دوفدفان" خبراء في التسلل والتنكر، حيث يُعتمدون في بعض الأحيان على هوية ملثمين يرتدون الكوفية الفلسطينية ويتحدثون بالعربية، ما يمكنهم من التسلل والمشاركة في المواجهات بين الجيش الإسرائيلي والمتظاهرين.
وظلت وحدة "دوفدفان" سرية حتى عام 1988، عندما كشف صحفيون عن وجودها ووصفوها بأنها وحدة الاغتيالات التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وتبرز من بين العمليات التي نفذتها هذه الوحدة محاولة اغتيال قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام، محمود أبو هنود، التابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في شمال الضفة الغربية في آب 2000، وعلى الرغم من فشلها في هذه المهمة ومقتل ثلاثة جنود من "دوفدفان"، نجا أبو هنود، كما تُعد وحدة "دوفدفان" ركيزة رئيسية في المهام القتالية، ولكنها تكبدت خسائر فادحة خلال الحرب مع قطاع غزة، فقد فقدت عشرة من أفرادها، بما في ذلك أربعة ضباط من رتب مرموقة.
وبالتالي، إنّ تسريح الجيش الإسرائيلي وحدات الاحتياط خسارة كبيرة في الجهود الحربية المستمرة في قطاع غزة منذ بداية العدوان، وتأتي عمليات نقل وحدات أُخرى إلى الضفة الغربية في سياق متسارع، وسط تزايد المخاوف والتحذيرات من احتمالية تفاقم الوضع في الضفة الغربية، ويُضاف إلى ذلك تأثير أزمة البطالة ومنع العمال الفلسطينيين من العودة إلى أماكن عملهم داخل الخط الأخضر، بالإضافة إلى أزمة أموال المقاصة، حيث يرفض وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش تحويل هذه الأموال بالكامل إلى السلطة الفلسطينية منذ السابع من تشرين الأول الماضي، وبعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على اندلاع الحرب، لا تظهر إرادة قوية لدى الجمهور الإسرائيلي للاستمرار في القتال، كما ينتاب الناس قلقًا متزايدًا نتيجة عدم تحقيق الأهداف الرئيسية للحرب، حيث لم يتم القضاء على حماس ولم تتم إعادة الأسرى الإسرائيليين إلى بيوتهم، في الوقت نفسه، يتوقع الناس تطورًا تدريجيًا نحو واقع غامض، ما يرافقه تصور غير مفهوم على الصعيدين السياسي والعسكري لدى غالبية الجمهور، وحكومة نتنياهو في ورطة كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي.
وقد يكون هذا التطور كارثيًا، إذ يمكن أن يتحول إلى حرب استنزاف مستمرة، حيث تظل حماس المنتصرة، ويمكن أن يؤدي هذا السيناريو إلى تزايد اليأس بين الإسرائيليين وتعميق الارتباك والإحباط، وخاصةً مع توسع الفجوة بين أهداف الحرب المعلنة والواقع الحالي، فيما يتعاظم القلق أيضًا نتيجة لهشاشة حكومة نتنياهو، ووجود خلافات بين أعضاء الحكومة، ما يضيف بعدًا إضافيًا من عدم اليقين إلى المشهد السياسي والعسكري في تل أبيب.
رقم: 1110976