هزيمة مزلزلة لـ‘‘إسرائيل‘‘ في غزة.. ‘‘الإسرائيليون‘‘ توقعوها
موقع الوقت , 16 كانون الثاني 2024 10:17
اسلام تايمز (فلسطين المحتلة) - في إشارة انتقادية إلى بعض الخبراء والمحللين الإسرائيليين الذين توقعوا هزيمة الجيش الإسرائيلي، تحدثت وسائل الإعلام التابعة للعدو أن أغلب إعلامهم لم يكن واقعيا رغم أن الاحتلال كان يقرع طبول الهزيمة منذ البداية، ورغم أن حنان عميور حاول استخدام النهج النقدي في كتاباته ضد وسائل الإعلام هذه.
إلا أن الأمثلة المذكورة في هذا المقال تثبت أن الخبير الصهيوني الشهير ليس لديه أمل كبير في الجيش الإسرائيلي، مع تأكيد حقيقة أن تل أبيب لن تنتصر في الهجوم البري على قطاع غزة، بالإضافة إلى كتابات ناحوم بارنيا، كبير محللي صحيفة يديعوت أحرانوت، فيما يتعلق بالحرب، ويرى الكاتب منذ البداية أن هذه الحرب ليس مصيرها سوى الفشل، بعد اراقة دماء عشرات الآلاف من الأبرياء جلهم من الأطفال والنساء ناهيك عن الخراب والمصابين والمنكوبين دون تحقيق أي هدف مرتجى.
هزيمة حاسمة منتظرة
بعد أكثر من 3 أشهر من الحرب الإرهابية الإسرائيلية على غزة، بات الإسرائيليون يتقبلون حقيقة أن النصر على حماس غير ممكن، وخاصة أن الرئيس بايدن يدفع أيضاً نحو وقف إطلاق النار، ورغم أن بعض المحللين الإسرائيليين كتبوا منذ البداية: "للأسف، يجب القول إنه لا يوجد احتمال لأي نوع من النصر في الأفق"، إلا أن حكومة نتنياهو لم تصغ، وفي 24 تشرين الثاني/نوفمبر، وفي خضم عملية تبادل الأسرى، كتبوا: "لقد توقفت الحرب وقوات الأمن تتطلع بفارغ الصبر إلى العودة من الحرب"، وفي الخامس من كانون الأول (ديسمبر)، وفي الوقت نفسه الذي استؤنفت فيه الهجمات الإسرائيلية واشتدت الهجمة على خان يونس، كتبوا: "ربما يكون هذا هو التقدم البري الأخير في هذه الحرب، لأن الحرب لا يمكن أن تستمر لأكثر من أسبوعين".
وفي 21 ديسمبر/كانون الأول، أشاروا إلى أنهم يستطيعون أن "يشموا رائحة نهاية الحرب، وهي حرب لن تحقق أياً من أهدافها"، وفي 9 كانون الثاني (يناير)، أضافوا إن "إسرائيل" تعاني من الهزيمة، وكرروا عبارة "قبل الهزيمة الحاسمة في الحرب، فمن الأفضل أن نعلن نهايتها"، وبعد ثلاثة أيام، في 12 كانون الثاني (يناير)، أشار محللون إسرائيليون إلى أن "الإسرائيليين يعيشون مع الفشل"، وتجدر الإشارة إلى أن كل هذه العبارات نشرت في صحيفة يديعوت أحرونوت، أحد أكثر صحف الكيان الصهيوني انتشارا، وقام أحد المواقع المؤيدة لنتنياهو واليمينيين المتطرفين بنشرها كوثيقة لتصرفات الكتاب ويديعوت أحرونوت في إضعاف الجبهة الداخلية المتزعزعة أساسا.
ومن الضروري التذكير بأن صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قدمت تقييمًا حادًا لرئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على النزاع في قطاع غزة، حيث وصفته بأنه "سيد الإخفاق متعدد المجالات"، وأبرزت الصحيفة فشل نتنياهو في مختلف المجالات الأمنية والدبلوماسية والاقتصادية خلال فترة النزاع الطويلة، كما أكدت على ضرورة أن تكون أولوية الحكومة في عودة الأسرى الإسرائيليين من غزة، حتى لو كان ذلك على حساب وقف إطلاق النار، وشددت وسائل الإعلام العبرية على أهمية الإفراج عن الآلاف من الأسرى الفلسطينيين أو "التغلب على حماس"، وذلك في سياق الأهداف الإسرائيلية المعلنة للحرب على غزة، وركزت "هآرتس" على أن الجيش الإسرائيلي لا يزال متواجدًا في غزة، وأن تغيير المصطلحات في وسائل الإعلام لا يغير هذا الواقع، مع استبدال مصطلح "تقويض حماس" بـ "تجريد القطاع من السلاح"، في ظل الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين وخسارة نتنياهو لكل أوراقه الاقتصادية والسياسية والعسكرية والإعلامية.
وتسلط الأضواء أيضًا على استمرار وجود الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، حيث عزت هذا الوجود إلى أداء رئيس الأركان ومرؤوسيه، ووصفتهم الصحيفة بأنهم "عالقون بين كماشتين، إحداهما مستوى سياسي قدراته فاشلة والثانية خط ائتمان دولي متراجع"، وأشارت إلى أن نتنياهو يتعامل مع "عصابة الائتلاف" بشكل مختلف في الخارج مقارنة بداخل "إسرائيل"، وخاصة في ظل غياب الدعم الجماهيري الداخلي والدعم الدبلوماسي الدولي، وأكدت أن أهداف الحرب لا يمكن تحقيقها بشكل كامل في ظل وجود "حكومة عاجزة ورئيس فاشل ومحتال".
وعندما تتسارع دوائر الحروب، يتزايد اليأس، مع تشديد الارتباط بين فشل الحكومة والأوضاع الغامضة في الجوانب العسكرية والسياسية، ويعزى ذلك إلى استمرار فترة الحرب الحالية بشكل غير مسبوق، حيث فاقت مدتها بضعف مدة حرب عام 2014، وكانت خمس مرات أطول من حرب تشرين أو "يوم الغفران" في عام 1973، وترى الصحيفة أن جرح حرب أكتوبر 1973 لا يزال يلقي ظلالًا قاتمة على السنوات الخمسين المقبلة، وخاصةً مع تأثير صدمة السابع من أكتوبر 2023 التي ستكون ملموسة وطويلة الأمد، بالإضافة إلى تداعيات حرب عام 2023 والأوضاع في الشمال.
وفيما يتعلق بالتأثير الاقتصادي لحرب 2023، تُظهر الأخبار الاقتصادية الأخيرة أزمة خطيرة في "إسرائيل"، مع وصفها بأنها "مرعبة"، وتشدد على ضعف كفاءة نتنياهو في إدارة الأوضاع في هذه الفترة الصعبة، متوقعة أن يتجنب اتخاذ إجراءات ضرورية مثل رفع ضريبة القيمة المضافة أو خفض نقاط الائتمان، خوفًا من تفكك الدعم الذي حاز عليه بعد عام واحد فقط من الانتخابات، وإن نتنياهو سيعمل على تعزيز سيطرته والاستمرار في التهرب من القانون عبر تصعيد التوتر الحربي وتفجير أزمة اقتصادية، وتعلق "هآرتس" بقولها: "سيّد الأمن، المسؤول عن أكبر فشل أمني لنا، سيّد آخر سيُحال إلى المحكمة الدولية في لاهاي بعد إدارته معركة دبلوماسية فاشلة"، وتضيف: "سيّد الاقتصاد، الذي من أجل صون اتحاد الـ 64، مستعد لتدمير حياتنا جميعًا واستعباد الأجيال القادمة من أجل بقائه".
ومن الجدير بالذكر أن استطلاع رأي كشف عن أن 9% فقط من المستوطنين يرون أن "إسرائيل" ستحقق إنجازًا أو ستفوز في حربها ضد غزة، كما أظهر استطلاع آخر أن الثقة في حكومة نتنياهو قد تدهورت، مع زيادة الانتقادات والخلافات الداخلية، ويعتقد الكثيرون أن الدعاية الإسرائيلية ضد حماس خلال الحرب كانت "سيئة جدًا"، وفقًا لنتائج الاستطلاع، ويؤيد 69% من المستوطنين إجراء انتخابات جديدة فور انتهاء الحرب على غزة.
حرب إرهابية ليست في مصلحة الكيان
مر أكثر من ثلاثة أشهر على اندلاع الحرب بين "إسرائيل" وحركة "حماس"، حيث تحول قطاع غزة إلى خراب، مع أحياء كاملة تحولت إلى أنقاض وانهيار النظام الصحي، المشارح مليئة بالعائلات الثكلى والمواطنين المنهكين، ويسود الرعب بينهم، في مدينة رفح جنوب القطاع، ويشير البعض إلى أنها "مئة يوم فقط، ولكن يبدو وكأنها مئة سنة"، خلّفت الحرب بصمات أثرت تمامًا على شكل القطاع الساحلي الصغير، حيث تحولت أحياؤه إلى مشهد من الدمار، بعدما كانت تعج بالحياة والحركة.
ويعيش بعض الأشخاص في المدارس، وآخرون يجدون مأوى في الشوارع، نائمين على الأرض أو على المقاعد، لم توفر الحرب أي شيء لهؤلاء الأشخاص، حيث نزح نحو 1،9 مليون شخص، وهم يمثلون 85% من سكان القطاع المحاصر، عن منازلهم وفقًا لأرقام الأمم المتحدة، وقد وصف منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، قطاع غزة بأنه بات "بكل بساطة غير صالح للسكن، مكاناً للموت واليأس"، يسعى السكان في غزة للبقاء قدر الإمكان، إذ نجحت بضع مئات فقط منهم في الخروج من القطاع الذي يعاني من حصار إسرائيلي تم فرضه منذ عام 2007 بعد سيطرة "حماس" عليه، وتشديد هذا الحصار بعد اندلاع الحرب.
وعلى وعدٍ سابق، كانت "إسرائيل" قد تعهدت بـ"القضاء" على "حماس" بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته الحركة على جنوب "إسرائيل" في السابع من أكتوبر، حيث شهد الهجوم مقتل نحو 1140 شخصًا، واختطاف نحو 250 رهينة، حيث يظل 132 منهم محتجزين في القطاع، وفقًا للجيش الإسرائيلي، وردت "إسرائيل" بقصف جوي ومدفعي عنيف، وشنت في 27 أكتوبر عمليات برية في القطاع، ما أدى إلى مقتل نحو 24 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة نحو 60 ألفًا بجروح، ويظل الآلاف مدفونين تحت الأنقاض وفقًا لآخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لـ"حماس".
أيضا، القصف أحدث حفرًا في مخيمات اللاجئين وتضررت الطرق، وتأثرت المدارس والجامعات والمساجد والمرافق العامة، وأظهرت استنتاجات أستاذين جامعيين أمريكيين، خامون فان دين هوك وكوري شير، استنادًا إلى صور الأقمار الاصطناعية، أن 45 إلى 56 في المئة من مباني قطاع غزة تعرضت للتدمير أو التضرر حتى الخامس من يناير (كانون الثاني)، التحليلات أشارت إلى أن الدمار كان واسعًا للغاية وقويًا، مشيرة إلى أن حجم الأضرار كان "مماثلًا للدمار في المناطق الأكثر عرضة للقصف في أوكرانيا"، وحتى بعد انتهاء القتال، فإن هذا لا يعني أن سكان القطاع سيعودون إلى منازلهم بسهولة، حيث تتطلب عملية إعادة الإعمار جهدًا هائلًا، تضررت المعالم الأثرية والمواقع المهمة في قطاع غزة، وخاصة في وسط مدينة غزة التاريخي، حيث دُمر المسجد العمري، الذي يُعتبر أقدم مسجد في القطاع، كما ازدادت المقابر بالقتلى، حيث دُفِنوا في مقابر جماعية تم حفرها في البساتين وساحات المستشفيات وحتى في ملعب لكرة القدم.
وتظهر الحالة في المستشفيات المتبقية تحديات كبيرة، حيث يشهد القطاع نقصًا حادًا في الموارد والأدوية، ما يجعلها غير قادرة على تلبية الطلب المتزايد على الرعاية الصحية، الواقع الإنساني الصعب في قطاع غزة يعكس التحديات الهائلة التي يواجهها السكان في سعيهم للنجاة والعيش بكرامة، ويعاني السكان في ظل النزاع المستمر من تداولات مستمرة من الحروب والتصعيد العسكري، والدمار الذي خلفته الحروب في البنية التحتية والمرافق العامة، مع نقص الإمدادات الطبية والإغاثية، ما يجعل الحياة يوميًا أكثر صعوبة.
في النهاية، لا يمكن لحكومة نتنياهو أن تجد مفرا من جرائمها التاريخية التي أحيتها في هذه الهجمة الإرهابية، والدليل الانتقادات الحادة لفشل نتنياهو داخليًا وخارجيًا، وتبرز الأوضاع الإنسانية الصعبة في ظل النزاع المستمر، وتعتبر الصحف الإسرائيلية نتنياهو "سيد الإخفاق متعدد المجالات" وتنتقد الأداء السياسي والعسكري والاقتصادي في ظل التصاعد العنيف، ويتسبب التدمير الشامل للمباني والبنية التحتية في تأثير سلبي على حياة الناس، ويصعب الوصول إلى الخدمات الأساسية، مع نقص الإمدادات الطبية والإغاثة، ويظهر النازحون صعوبات حياتية جسيمة، مع النقص الحاد في المؤن الأساسية، مثل الطعام والوقود، ما يؤثر سلبًا على حياة السكان، ويتسبب نقص الوقود في إغلاق بعض المخابز، ما يجعل الحصول على الخبز أمرًا صعبًا، يُظهر الفهم المتزايد حول تأثير النزاع على القطاع الزراعي والإنتاج الغذائي الحاجة الملحة للمساعدات الإنسانية، وكل هذا سيدفع ثمنه كل من رغب باستمرار هذه الحرب، والأيام ستثبت ذلك.
رقم: 1109392