مالذي أجبر ‘‘اسرائيل ‘‘ على الموافقة على مبدأ إرسال بعثة أممية لشمال غزة
موقع الوقت , 13 كانون الثاني 2024 10:25
اسلام تايمز (فلسطين) - بعد مضي أكثر من ثلاث أشهر على العدوان على غزة أعلن وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن أن كيان الاحتلال الاسرائيلي وافق على مبدأ إرسال بعثة للأمم المتحدة لتقييم الأوضاع في شمال قطاع غزة، تمهيدا لعودة الفلسطينيين الذين نزحوا بسبب الحرب. السؤال الذي يطرح نفسه، مالذي غيّر الموقف الأمريكي المتزمت و المؤيد للعدوان على غزة بشكل مفاجىء ومالضغوطات التي يواجهها كيان الاحتلال الاسرائيلي ؟
وكانت مصادر صحفية إسرائيلية أشارت إلى أن بلينكن طرح خلال لقاءه بمجلس الحرب الإسرائيلي، قلق الأمم المتحدة بشأن الجوع في قطاع غزة وعدم تمكن الكثيرين من الحصول على الغذاء هناك.
كما قال بلينكن إنه أجرى مناقشات موسعة مع المسؤولين الإسرائيليين حول تجنب توسع الصراع إقليميا خاصة فيما يتعلق بالوضع في شمال إسرائيل، وقال إن واشنطن وتل أبيب تعتقدان أن المسار الدبلوماسي هو أفضل سبيل لتحقيق الأمنوعن الوضع في غزة بعد الحرب، قال وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن إن العديد من دول الشرق الأوسط مستعدة للاستثمار في مستقبل غزة، لكنهم سيفعلون ذلك فقط في ظل وجود مسار واضح لإقامة دولة فلسطينية .
تراجع واضح في حدة الخطاب الأمريكي
خلال مؤتمر صحفي تم عقده في تل أبيب ، عقب مباحثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال بلينكن للصحفيين "اتفقنا اليوم على خطة تتيح للأمم المتحدة إرسال بعثة تقييم، ستحدد ما ينبغي القيام به من أجل السماح للفلسطينيين النازحين بالعودة إلى منازلهم بشكل آمن تماما في شمال غزة".
وأكد أن على السلطة الفلسطينية مسؤولية إصلاح نفسها كما أن على إسرائيل التوقف عن اتخاذ خطوات تقوّض السلطة الفلسطينية، خاصة ما يتعلق بالاستيطان.
وبحث بلينكن في وقت سابق هاتفيا مع منسقة الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة سيغريد كاغ، مسألة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى شمال قطاع غزة، فيما غابت أي مؤشّرات إلى تحديد جدول زمني لإنهاء الحرب في غزة أو أقلّه انتقال الحرب إلى مرحلة جديدة أقلّ حدّية.
ضغوطات أمريكية على كيان الاحتلال الاسرائيلي
أشار مسؤولون إسرائيليون بأن اجتماعات بلينكن في فلسطين المحتلة مع القادة في كيان الاسرائيلي كانت متوترة حيث نقلت القناة 13 الإسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن بعض اجتماعات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن التي عقدها خلال زيارته الأخيرة إلى كيان الاحتلال الاسرائيلي كانت "متوترة".
وذكر المسؤولون -وفق القناة- أن بلينكن قال في اجتماع مع مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي إن لدى الفلسطينيين طموحات ويجب تقبّلها، كما قال إنه يستحيل القضاء على حركة "حماس" بشكل كامل، الأمر الذي يتعارض مع مواقف القادة الإسرائيليين
ضغوطات من كل حدب و صوب
ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن توترا نشب بين بريطانيا وإسرائيل بعد بدء الشرطة البريطانية (سكوتلاند يارد) تحقيقا بجرائم حرب إسرائيلية على خلفية العدوان على قطاع غزة.
وقالت الصحيفة إن شرطة العاصمة البريطانية فتحت تحقيقا في جرائم حرب ارتكبت خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والتي اندلعت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وأسفرت عن استشهاد أكثر من 23 ألف فلسطيني، فيما يزيد عدد المصابين على 59 ألفا.وبحسب الصحيفة، أصدرت شرطة لندن نداء إلى الشهود الذين يمرون عبر مطارات المملكة المتحدة للإبلاغ عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في غزة، مضيفة أن هذه القضية تسببت في توترات دبلوماسية بين كيان الاحتلال الاسرائيلي و بريطانيا.
وعلقت الشرطة البريطانية لافتات باللغات الإنجليزية والعبرية والعربية في المطارات بالمملكة المتحدة مخصصة للمسافرين كُتب فيها "إذا كنت في إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية وشاهدت أو كنت ضحية إرهاب أو جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية يمكنك إبلاغ الشرطة البريطانية بذلك".
وكتبت أيضا "تدعم الشرطة في المملكة المتحدة عمل المحكمة الجنائية الدولية التي تحقق في جرائم الحرب في إسرائيل وفلسطين اعتبارا من يونيو/حزيران 2014، ويمكن مشاركة أي أدلة يتم جمعها مع المحكمة الجنائية الدولية لدعم تحقيقاتها".
ووفق الصحيفة، قالت سكوتلاند يارد (المقر الرئيسي لدائرة شرطة العاصمة) إن على الشرطة البريطانية أن تدعم المحكمة الجنائية الدولية، وإلى جانب حقيقة أن أعدادا أكبر من المواطنين البريطانيين قد عادوا إلى المملكة المتحدة منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس فإنها تتوقع أن يأتي عدد أكبر من الشهود المحتملين وضحايا جرائم الحرب من المنطقة.
جرائم كيان الاحتلال تجره إلى لاهاي
وكانت جنوب إفريقيا قدمت طلباً في 29 من ديسمبر/كانون الأول لفتح دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد كيان الاحتلال الاسرائيلي على خلفية تورطه في "أعمال إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين بقطاع غزة، وفق بيان للمحكمة ذاتها.
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، علّقت جنوب إفريقيا علاقاتها مع كيان الاحتلال، احتجاجاً على العدوان الغاشم على غزة، وسبق ذلك استدعاؤها سفيرها لدى تل أبيب للتشاور بشأن الهجمات على القطاع الذي يشهد كارثة إنسانية غير مسبوقة.
وتكمن أهمية هذه الخطوة النادرة في أنّها قُدِّمت من دولة ضدّ أخرى وليس من منظّمة، كما أنّها فُتحت في محكمة العدل الدولية.
وعلى مدار السنوات الماضية قدّمت منظمات إنسانية وحقوقية عديدة لوائح طلبات إلى محكمتي الجنايات والعدل الدوليتين للتحقيق بجرائم الاحتلال، لكن لم تصدر أي نتائج عنها.
وعلى عكس المحكمة الجنائية الدولية التي لا تلتزم تل أبيب باختصاصاتها وأحكامها، تعدّ حكومة الاحتلال من من ضمن الموقعون على معاهدة مناهضة الإبادة الجماعية، التي تستمدّ محكمة العدل الدولية بموجبها سلطتها للنظر في الشكوى المرفوعة ضدها؛ ولذلك، قررت تل أبيب في خطوة استثنائية المثول أمام المحكمة.
وعن أهميّة الخطوة، يقول أستاذ مساعد للقانون في كلية ترينيتي في دبلن، مايكل بيكر، إنّ حجم الرد الإسرائيلي على عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول التي نفّذتها حركة حماس "يثير قلقاً عميقاً، وخاصة أنّ إسرائيل تنتهك قواعد القانون الإنساني الدولي على نحو فاضح".
ويضيف بيكر في حديثه أنّ "الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي في غزة، ليس بالضرورة أن تفي بالتعريف القانوني المعقّد للإبادة الجماعية، لكنّ جنوب إفريقيا فعلت ما يكفي لإثبات أنّ سلوك إسرائيل يثير تساؤلات جدّية تتعلق بالامتثال بالتزاماتها بموجب الاتفاقية الموقعة عام 1948"، وفق قوله.
ويعتقد أنّ التوصل إلى أنّ الفلسطينيين في غزة يواجهون خطراً حقيقياً يتعلق بالإبادة الجماعية قد يدفع الدول الأخرى إلى إعادة التفكير في نهجها تجاه الصراع أو علاقاتها مع كيان الاحتلال الاسرائيلي.
ومع ذلك، بينما سيكون من السهل نسبياً على جنوب إفريقيا إثبات تورّط إسرائيل في أعمال يمكن أن تشكّل إبادة جماعية، فإنّه من الضروري أيضاً إثبات أنّ أقوال تل أبيب وأفعالها تظهر نيّة التدمير الجسدي للسكان الفلسطينيين في غزة، بحسب تقديره.
المرصد الأورومتوسطي يتعاون مع جنوب أفريقيا بشأن مقاضاة إسرائيل
من جهة أخرى أشار المرصد المرصد الأورومتوسطي إلى تعاونه مع جنوب أفريقيا فيما يتعلق بمقاضاة بجرائم كيان الاحتلال الاسرائيلي في غزة موضحاً "قدمنا لفريق جنوب أفريقيا مذكرات معلوماتية حول قيام كيان الاحتلال الاسرائيلي بعمليات قتل جماعي، واستهداف القطاع الصحي في غزة. و قدمنا لفريق جنوب أفريقيا القانوني ومكتب المفوض السامي مذكرة بأبرز المقابر الجماعية في غزة.
وكان الأورومتوسطي قدّم للفريق القانوني لجنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية مذكرات معلوماتية حول عمليات القتل الجماعي واستهداف القطاع الصحي ونتائج جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة منذ تقدمت جنوب إفريقيا بدعوى لدى محكمة العدل ضد الاحتلال، بخصوص الوضع في غزة.
كما قدّم المرصد مذكرة إضافية توثيق حصاد جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي بما في ذلك قتله 2.124 فلسطينيًا وإصابة 3.463 آخرين منذ رفع دولة جنوب أفريقيا الدعوى أمام المحكمة الدولية حتى التاسع من الشهر الجاري.
وتضمنت مذكرة الأورومتوسطي بشأن المقابر الجماعية، "رصدًا أوليًا موثقًا بالتواريخ والأرقام والمعلومات لعشرات المقابر التي تم إقامتها في قطاع غزة على مدار الأشهر الثلاثة الماضية بفعل سقوط الأعداد الضخمة من الضحايا في هجمات الاحتلال".
واستعرضت المذكرة مقابر جماعية تم استحداثها في مناطق متفرقة من قطاع غزة بغرض "دفن العشرات من الشهداء مجهولي الهوية بعد تكدسهم لأيام في ساحات مستشفيات ومراكز إيواء، وأخرى لجأ الأهالي لإقامتها بسبب عدم تمكنهم من الوصول إلى المقابر الرئيسية".
إلى ذلك تضمنت مذكرة الأورومتوسطي توثيقًا "لاعتداء جيش الاحتلال على 12 مقبرة على الأقل في قطاع غزة، منها أربع مقابر جماعية على الأقل كان تم إقامتها حديثًا، عبر تعمّد تجريفها ونبش وتخريب القبور فيها وسلب عشرات الجثامين منها".
يذكر أنّ المرصد الأورومتوسطي وثّق إنشاء أكثر من 120 مقبرة جماعية عشوائية في الأحياء السكنية وأفنية المنازل والطرقات وصالات الأفراح والملاعب الرياضية في محافظات قطاع غزة المختلفة، دفن فيها 3 أفراد فأكثر من أبناء العوائل المستهدفة.
"ورقة ضغط ضعيفة"
من ناحية أخرى، دفاع كيان الاحتلال الاسرائيلي أمام محكمة لاهاي سيكون ضعيفا جدا، لأنه سيستند على أمرين أساسيين، الأول هو "لعب دور الضحية" فيما جرى يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وجنوب أفريقيا أكدت أنه مهما كانت حدة الهجوم فهذا لا يمكن أن يُقابل بإبادة جماعية. أما الثاني، فسيركز على قضية "معاداة السامية"، في وقت أعرب فيه نحو 660 إسرائيليا عن دعمهم للدعوى في خطوة غير مسبوقة.
رقم: 1108774