العنصرية الابن غير الشرعي للولايات المتحدة
موقع الوقت , 21 كانون الأول 2023 09:22
اسلام تايمز (أمريكا) - "اليوم أصبح الإرهاب وجعاً مشتركاً بيننا وبينكم، ولكن عليكم أن تعلموا أن حالة انعدام الأمن والقلق التي شعرتم بها في الأحداث الأخيرة، لها اختلافان رئيسيان عن المعاناة التي عاشتها شعوب العراق واليمن وسوريا وأفغانستان لسنوات عديدة، الأول هو أن العالم الإسلامي كان ضحيةً للترهيب والعنف على نطاق أوسع بكثير، وبحجم أكبر، ولفترة زمنية أطول بكثير، والثاني، للأسف كانت أعمال العنف هذه دائمًا مدعومةً بشكل فعال من قبل بعض القوى الكبرى بطرق مختلفة"،(29/11/2015 مقتطفات من الرسالة الثانية للمرشد الإيراني الأعلی السيد خامنئي إلى عامة الشباب في الدول الغربية).
الرسالة الثانية للمرشد الإيراني الأعلی، مثل الرسالة الأولى، كتبت عندما شهدت فرنسا حادثةً إرهابيةً، وكان الغرض من الرسالة الأولى التي وجهها المرشد الإيراني الأعلی إلى الشباب الغربي، هو دعوتهم إلى معرفة الإسلام مباشرةً، لكن يبدو أن الهدف من كتابة الرسالة الثانية كان التذكير بنقطة مهمة، وهي أن الإرهاب هو الألم المشترك للعالم الإسلامي والغرب، وكيف أن نفاق الغرب وازدواجية معاييره تغذي العنف.
حيث يقول السيد خامنئي: "كيف تحولون بلداً إلى خراب، وتحوّلون مدنه وقراه إلى رماد، ثم تقولون لشعبه: أرجوكم لا تعتبروا أنفسكم مظلومين! بدلاً من الدعوة إلى عدم الفهم ونسيان المآسي، أليس من الأفضل الاعتذار بصدق؟ إن المعاناة التي تعرض لها العالم الإسلامي في هذه السنوات بسبب نفاق الغزاة وتلميع صورتهم، لا تقل عن الخسائر المادية".
إن الأحداث التي تقع هذه الأيام في غزة، وجنون الإبادة الجماعية من قبل الصهاينة والدعم السافر من جانب دعاة حقوق الإنسان لهذا الکيان العنصري، تظهر أنه ينبغي على المرء أن يكون حذراً بشأن المحتوى الكاذب لوسائل الإعلام الغربية، ويستعرض مرةً أخرى رسالة المرشد الإيراني الأعلی إلى شباب الدول الغربية:
"طالما تغلبت المعايير المزدوجة على سياسة الغرب، وطالما ظلّ الإرهاب منقسماً إلى أنواع جيدة وسيئة في نظر مؤيديه الأقوياء، وطالما تم فيه تفضيل مصالح الحكومات على القيم الإنسانية والأخلاقية، لا ينبغي البحث عن جذور العنف في مكان آخر".
أجل، إن المشاهد الحزينة التي تشهدها غزة هذه الأيام، تمتد جذورها إلى العنف المؤسسي في الفكر الأمريكي، والذي تغلغل عميقاً في السياسات الثقافية للغرب.
الکيان الصهيوني مثال تام للتمييز العنصري
إن الحرمان من الحق في الحياة والحرية الشخصية، والقتل، والسجن غير القانوني، والتعذيب الجسدي والعقلي، وفرض ظروف معيشية خاصة، والحدود العنصرية، وحرمان الفلسطينيين من حقوق الحياة الأساسية، هي من أهم سمات الفصل العنصري والتمييز العنصري، الذي يجسده حرفياً الکيان الصهيوني اليوم.
يرتكب هذا الکيان جرائمه في ظل الادعاء الوهمي بالتفوق العنصري اليهودي على الأجناس الأخرى؛ إذ "يعتبر الصهاينة أنفسهم عرقًا متفوقًا، ويعتبرون البشر - جميع أنواع الأشخاص غير الصهاينة وغير اليهود - عرقًا أدنى؛ ولهذا السبب عندما يقتلون بضعة آلاف من الأطفال في بضعة أيام، فإنهم لا يشعرون بالذنب، ويبدو الأمر كما لو أنهم قتلوا بضعة آلاف من الحيوانات!" .
إن کيان الفصل العنصري الصهيوني، الذي انتهك الحقوق الأساسية لشعب هذا القطاع لسنوات، عبر تحويل قطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم يضم نحو مليوني أسير، ذهب هذه المرة إلى أبعد من ذلك خلال عدوانه العسكري الأخير، حيث منع المساعدات الإنسانية بما في ذلك الغذاء والدواء والوقود من دخول قطاع غزة، وانتهك قواعد "حقوق النزاع المسلح" من خلال قطع المياه والكهرباء والإنترنت.
خلال 70 عامًا، قام الصهاينة بطرد وتهجير عدة ملايين من الفلسطينيين من منازلهم، إذ تم تدمير أكثر من 531 مدينة وقرية، وتم الاستيلاء على ما يقرب من 774 قرية أخرى من قبل الغزاة، وهذا الكم من الجريمة والوحشية لا يمكن للكيان الصهيوني القيام به دون دعم خارجي.
وكما لعب البريطانيون الدور الرئيسي في إقامة أنظمة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وفلسطين المحتلة، فإن أمريكا هي المدافع الرئيسي عن الکيان الإسرائيلي في الجرائم ضد الإنسانية، لدرجة أنها من خلال استغلالها لأداة حق النقض (الفيتو) غير العادلة، تقف وحيدةً ضد القرارات الإنسانية.
يقول المرشد الإيراني الأعلی في هذا الصدد: "إن الکيان الصهيوني هو مظهر التمييز العنصري... والرئيس الأمريكي والمستشار الألماني والرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني يدافعون ويساعدون مثل هذا الكائن وهذه الهوية؛ ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أن قضية التمييز العنصري، وهي من أهم القضايا في العالم اليوم، قد فتحت أعين الناس، والتمييز العنصري من أشد الأفكار والاتجاهات كراهيةً، (ولكن) كل هؤلاء الرجال المشهورين يؤمنون بالتمييز العنصري، وليس لديهم أي معارضة للتمييز العنصري؛ ولو كانوا ضد ذلك لكان ينبغي أن يظهر ذلك في تصرفاتهم فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وغزة".
الغرب يدعم العنصرية
الأحداث التي تشهدها غزة اليوم هي أمام أعين شعوب العالم كافة، وتظهر ذروة العنف الوحشي والمنظم الذي يمارسه الصهاينة ضد الرجال والنساء الأبرياء، من قصف المناطق السكنية، والهجمات الصاروخية على المستشفيات، والهجمات على المدارس، إلی إصابة الناس مباشرةً بالرصاص العسكري، وما إلى ذلك.
إنها إبادة جماعية واسعة النطاق أدمت قلوب الأحرار في العالم، وعكست، أكثر من أي يوم آخر، المعاملة المزدوجة للغرب مع حقوق الإنسان، وكشفت التناقضات في السياسات الغربية، وخاصةً في قضية الإرهاب.
وهذه الإزدواجية في القيم الغربية وسوء استخدام مفردات "الإرهاب" و"مکافحة العنف" و"الحرية" و... هي بالضبط النقطة التي ذكرها المرشد الإيراني الأعلی في رسالته إلى شباب الدول الغربية: "يمكن رؤية الوجه الآخر لهذا الصراع في دعم إرهاب الدولة الإسرائيلي، إن شعب فلسطين المظلوم يعيش أبشع أنواع الإرهاب منذ أكثر من 60 عاماً".
ويضيف: "منذ عقود لم تنج العائلة الفلسطينية حتى في بيتها من القتل والدمار الذي ارتكبه الکيان الصهيوني... يقوم هذا الکيان بتدمير منازل الفلسطينيين وحدائقهم ومزارعهم كل يوم، دون أن يتعرض لتوبيخ جدي وفعال من قبل حلفائه ذوي النفوذ، أو على الأقل من قبل المؤسسات الدولية التي تبدو مستقلةً في الظاهر، هل تعرفون في عالم اليوم فظاعةً أخرى بهذا الحجم والأبعاد وبهذه الاستمرارية الزمنية؟ ألا ينبغي تسمية هذه الهمجية بالتطرف لأنها تنفذها القوات العسكرية التابعة لحكومة الاحتلال؟".
إن الدعم العلني والسري لقادة عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة للتمييز العنصري واسع النطاق والإبادة الجماعية الرهيبة للصهاينة في غزة، هو عمل لا ينبغي أن يقابل بصمت وتقاعس شعوب العالم، لأنه "يجب على شعوب أوروبا، وشعوب أمريكا، والأمم أن توضح واجبها في هذا الموقف، وأن تعرف ما إذا كانوا حقاً يؤيدون التمييز العنصري مثل قادتهم (أم لا)؛ وإذا ليسوا کذلك، فعليهم أن يوضحوا موقفهم".
الانهيار هو المصير الحتمي للأنظمة العنصرية والإبادة الجماعية
على الرغم من الدعم الشامل الذي يقدمه الغرب للکيان الصهيوني، إلا أن التجربة التاريخية تثبت أن الانهيار هو المصير الحتمي لهذا الکيان.
لقد كانت إساءة استخدام الدين، وتكوين السكان من خلال المهاجرين، والتحدي المتمثل في توفير الأمن للمستوطنين، من السمات المشتركة لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، الذي أنشأته بريطانيا في الوقت نفسه الذي أنشأت فيه "إسرائيل" عام 1948.
وأخيراً، بعد سنوات من النضال الدموي لشعب جنوب أفريقيا ضد العنصرية، اضطرت حكومة هذا البلد إلى إجراء استفتاء عام 1992، وعلى الرغم من أن السود لم يكن لهم الحق في المشاركة في هذا الاستفتاء، لكن البيض في هذا البلد صوتوا أيضًا لإلغاء نظام الفصل العنصري.
وكما لم يستمر نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا أكثر من بضعة عقود، فإن "إسرائيل" تقترب أيضًا من نهايتها، وقد ساهمت هذه الجرائم الوحشية في تسريع سقوط الکيان الصهيوني.
يقول المرشد الإيراني الأعلی في هذا الصدد: "إن طوفان الأقصى هذا.. قرّب الأهداف، وجعل الطريق إلى هذه الأهداف أقرب، وسهّل الأمر، لقد أنجز عمل عظيم.. والكيان الصهيوني لم يحقق أياً من أهدافه.. وهذا العمل القاسي الذي قام به، لم يذهب بسمعة الکيان الصهيوني فحسب، بل ذهب أيضًا بسمعة أمريكا... وبسمعة الحضارة والثقافة الغربية أيضًا".
رقم: 1103823